هل كتب نصر طه مصطفى كتابا ،في تبجيل علي عبد الله صالح ،وهل كان فارس السقاف "من بطانة ودعاة التوريث"لأحمد علي عبد الله صالح"، وهل رشحت صحيفة الشارع ،الكاتب المبدع "محمود ياسين "صاحب اللغة المميزة ،والتأمل الفلسفي ،والريفي القريب إلى قلبي، لكتابة السيرة الذاتية للرئيس الحاذق، وهل كان سمير اليوسفي اكثر تحيزا لعلي عبد الله صالح من صالح لنفسه...إذا كانت الاجابة بنعم ،وقد انقلبوا فجأةعلى أعقابهم ،فسوف أكتب مقالة بعنوان "في مديح رئيس في نزعه الأخير "أعلم أنه شق طريقه عبر الخيانة والقتل ،ابتداء من عام 1963م ،حين كان سائقا لأحد الضباط الاحرار وقد قام بقتله لصالح قوى منظمة مستفيدة من تصفية الضباط الحالمين ،ولعلّ في مذكرات الشيخ الأحمر ،حين تحدث عن دور علي عبد الله صالح سائق الدبابة الهمام ،في مواجهة الملكيين في جبهةسنحان ،خلال حرب السبعين يوما ،وقوله ان معرفتهم بصالح تعود إلى سنوات ،ما يشير إلى هوية تلك القوة المنظمة !- وطبعا ليس آخر تلك العلاقة اغتيال ابراهيم الحمدي ،ثم الغشمي ...لكني أرى أن سيرته جديرة بالكتابة المحايدة ،لشخص شق طريقه بذاكرة قوية ،وذكاء لا يأبه لقيم من صنع المنتصريين ،فأراد أن يصبح صانع قيم ،ونجح لفترة غير قصيرة ،في أن يكون نجما للمتزلفين ،...وها هو الآن كشأن الإمام يحي يجذبني لكتابة مقالة عنه ،فهل سأنفذها بمقالة ،أم بعودات متكررة لشخص شغل الناس عقودا ...فإذا كان يحي قد تصدر بعلمه وذكائه ومحافظته ،لإنشاء يمن ودولة مركزية حديثة ،فإن صالح عبر حكمه لتوازنات رؤوس الثعابين ،أراد حلما أكبر ليمن أكبر بذكاء فطري وذاكرة قوية ،ووسائل متناقضة مع شرف الغاية التي أرادها ،فهل استعان بنصيحة مكيافللي ،وفصل بين الوسائل والغايات ،أم أنه سار في طريق يتناسب مع وسائله ...؟ اشرت سابقا إلى أن علي عبد الله صالح كان سائقا لأحد الضباط الأحرار عام 1963م،وقد كان ذلك الضابط هو "مثنى الحضيري"وهذا ما لم أذكره سابقا ،والذي قتل في ظروف غامضة ،ضمن الظروف التي قتل فيها الكثيرون من الضباط الاحرار !وبعدها كان علي عبد الله صالح جنديا يتبع المدرعات ،وكان وقتها الضابط عبد الرحمن السوسوة مسؤلا عليه ،وعبد الرحمن السوسوة هذا ،تم إحالته إلى التقاعد المبكر ضمن الصراع بين تكتل المشايخ من جهة والسلال من جهة أخرى ،عام 1966،،أي ضمن تكتل جمهورية ما ستسمى فيما بعد بجمهورية 5 نوفمبر... ،وعبد الرحمن السوسوة على المستوى الشخصي شاعر ،وذو نكتة ذمارية ،ويقرأ الأحداث الماضية ،والتي كان جزءا من اصطفافها ،وخاصة أحداث اغسطس ومار س 1968،بأنهالم تكن لأسباب مناطقية ،او طائفية ،وانما لأسباب "منحاصية "يقصد الاكثار من الشراب بين الفرقاء!هذامن وجهة نظره ،حتى أنه روى لي حكايته مع الغشمي ،وكيف انه حين كان الغشمي يدرس في معهد الثلايا بتعز ،انهما ذهبا للشراب عند بائعة للخمور ،وبعد ان انتهوا من الشراب لم يجد السوسوة ثمنا للشراب سوى ان يرهن صديقه الغشمي ،مقابل استيفاء المبلغ المطلوب!وهي قصة حقيقية بل نستطيع أن نقول عنها بأنها واقعية ساخرة ...ولعلي عبد الله صالح الكثير من القصص في حارة الجحملية وباب المندب ،وفي المدرعات وحرب السبعين ...واستقصاءها يحتاج إلى عودات متعددة،لكن دور علي عبد الله صالح عام 1794م بعد حركة 13يونيو التصحيحية ،حين بلّغ القائد ابرهيم الحمدي بتحركات آل ابو لحوم ،ونيتهم للانقلاب ،ثم قيامه باعتقالهم ،وتولى قيادة معسكر خالد ،ثم قيادة لواء تعز ،وطبعا لم يتول أمن تعز كما توهم بعض الصحفيين !وكان يحلو لابراهيم الحمدي وصف علي عبد الله صالح بأنه "تيس الضباط" ،لما بذله من دور مهم في تمكين الحمدي من السيطرة ،والتخلص من آل ابو لحوم ... لقد كتب نصر طه مصطفى من المقالات في تمجيد "صالح"كغيره من رؤساء المؤسسات الاعلامية الرسمية ،موازيا بذلك كتابات سمير اليوسفي وعلي ناجي الرعوي ،والحبيشي ،وفارس السقاف...الاّ أنه لم يؤخذ عليه أنه اختلس وكالة سبأ بطريقة سافرة ،كما صنع فارس السقاف "حين حول "الهيئة العامة للكتاب "إلى غنيمة خاصة به ،وعطلها عن دورها في صناعة وتشجيع الكتّاب ...وإن كان نصر طه قد استخدم وكالة سبأ ضمن تحيزاته الحزبية وتعاطفاته الشخصية ،لكنه بالتأكيد لم يسقط إلى الدرك الأسفل الذي سقط به فارس السقاف ... لقد كتب نصر طه مصطفى عن علي عبد الله صالح كتابا اسماه "علي عبد الله صالح التجربة وآفاق المستقبل "وهو كتاب صادر عام 1999م،ومن اصدارات المركز اليمني للدراسات... وفي هذا الكتاب يصف نصر ،"علي عبد الله صالح "بأنه "قد جاء الى الحكم من خارج الفئات الاجتماعية التي كانت تعطى من امتيازات متوارثة منذ عهود ما قبل الثورة –يقصد فئتي القضاة والمشايخ-واذا فهو جاء من صفوف المواطنين العاديين الذين كانوا على هامش الحياة بلا حقوق ولا امتيازات .وكان رصيده الذي بناه بجهوده وعصاميته هو الذي دفع به إلى واجهة الأحداث ...فقد كان لا شك الأكثر تأهيلا لسد الفراغ في موقع القيادة والزعامة "ص6،ويستطرد نصر في سرد صفات صالح المتمثلة بالتواضع وسعة الصدر والمرونة وحب الحوار والابتعاد عن العنف ،ويصف سنواته من عام 1982-1990بالذهبية ،وهي فعلا ذهبية لكل حلفاء النظام ومراكز قواه ،وهيمنتهم فيها!ويتحدث عن التنازلات الكثيرة التي قدمها علي صالح للحزب الاشتراكي حسب رأيه ،في سبيل ما أمسماه "تحقيق الانجاز التاريخي الكبير"ص47،ويتحدث في كتابه هذا عن سعة صدر الرئيس ونفسه الطويل في مواجهة ضغوطات "علي سالم البيض "التي يراها نصر "أن إدراك البيض لتلك الخصائص الموجودة لدى الرئيس قد دفعه للمزيد من الضغوطات والاستمرار فيها حتى النهاية ،إما بسقوط علي عبد الله صالح ،أو الانفصال ..."ص61،وعن علاقة الرئيس بالحزب الاشتراكي يقول "وهكذا كلما قدم الرئيس تنازلا للحزب زاد هذا الأخير في تشدده ومطالبه "65ص،ولا يكتفي بذلك لكنه يستمر في القول بخاتمة كتابه ،وهو الذي صدر بعد فك الارتباط بين صالح وحزبه "التجمع اليمني للاصلاح ":وقتها كان عضوا في مجلس شورى الاصلاح "لا شك أن كل متابع ومحلل لمسار الاحداث اليمنية خلال الأعوام العشرين (1982-1998)من حكم الرئيس علي عبد الله صالح ،يدرك أنه لم يتجاوز كل العواصف والمآزق التي تعرض لها بالمصادفة أو حسن الحظ-رغم ان ذلك ممكن-لكنه تجاوزها بالحكمة والحنكة اللتان اكتسبهما على مر الايام ،وبقدرته على اتخاذ الحليف المناسب في الوقت المناسب ،واتخاذ الخطوة المناسبة في الوقت المناسب ،والتقاط الفرص السانحة في اللحظات التاريخية ..."83ص... ويختتم كتابه قائلا "من المؤكد أنه ليس المطلوب حاليا ضرب هذه القوى والمراكز ،بسبب ما قد يشكله ذلك من مخاطر ،لكن المطلوب هو وضع سقف لمطامحها غير المشروعة ،وتوجيه طموحاتها فيما يصب في مصلحة اليمن،وامنه واستقراره وتطوره وتماسكه السياسي والاجتماعي ،ولا يمكن لأحد أن يقوم بهذه المهمة سوى علي عبد الله صالح بخبرته وحنكته ،وفهمه العميق للواقع ..."ص90،ويتابع قائلا""لا أجد شكافي أنه الأكثر قدرة على تشخيص الداء ،والأكثر قدرة على وضع العربة في مسارها الصحيح ،بكل ما يمتلكه من عوامل الخبرة والسن والتجربة والمميزات الشخصية الايجابية "ص91...فهل سار صالح في طريق المواجهة مع مراكز القوى ،وهل وضع العربة في مسار آخر غير مسار حلفائه ،أي هل ضاق ذرعا بكونه مجرد سائق للعربة ؟!