في بلدان العالم التي فيها عقول تعمل وتنتج وتبدع فإن كل مواطن وكل شخص يجد فرصته ويخلق بقرته التي يحلبها بعرقه وجهده ويعيش منها. في البلاد التي فيها عجول مُكدّسة مثل بلادنا فإن كل عجل من عجولنا يتطلع إلى بقرة السلطة، وتراه على استعداد أن يعمل المستحيل من أجل الوصول إلى ضرع البقرة. لذلك عندما نقرأ تاريخ اليمن نجد أن الصراع بين الأئمة تمحور حول بقرة السلطة. كل إمام يدَّعي أن البقرة بقرته وأنه الوحيد الذي من حقه أن يمسك بضرعها وينفرد بحلبها ويمص ضرعها إلى آخر قطرة حليب. وفي بعض مراحل التاريخ كان يظهر أئمة بعدد قبائل اليمن كل قبيلة ترشح وتناصر إماماً عِجْلاَ تعِدُهُ بأنها سوف تمكّنه من ضرع البقرة. وكانت كل قبيلة تحلب الإمام العجل حتى إذا أفلس وصرف كل الذي في جيبه تركته وذهبت تبحث عن إمام عجل - آخر- تناصرهُ وتحلبهُ وتعِدهُ بضرع بقرة السلطة. وكان الأئمة العجول في صراع دائم على السلطة وهات ياحروب. إمام يحلُب. وإمام يخطُب. وإمام يشغُب. وإمام يهرُب. وإمام ويكتُب يطلُب مبايعته. وإمام يلعن ويسب ويحسُب خسارته. وكل إمام ينطح إمام.