تسبّبت الحرب على اليمن في القضاء على مئات المهن التي كانت تشكّل مصدر رزق لآلاف الأسر، لكنَّها في المقابل أنعشت مهناً أخرى، منها بيع الثلج. وبسبب الانقطاع المتواصل في التيار الكهربائي منذ ما يزيد على شهر، بعد تعرّض خطوط النقل في محافظة مأرب شرق اليمن لأضرار كبيرة بسبب الاشتباكات المسلحة والغارات الجوية، وجد اليمنيون أنفسهم يتوقون لمياه باردة لا تستطيع ثلاجات منازلهم، الخارجة عن الخدمة، توفيرها لهم. وتضرب موجة حر شديدة المحافظاتاليمنية حيث تتجاوز درجة الحرارة في المحافظات الساحلية والجنوبية ال40 درجة مئوية، ما يجعل مهمَّة البحث عن مياه باردة من أولويات المواطنين صباح كل يوم. ومع مطلع كل صباح، يقف مئات الباعة المتجولين والمواطنين في طوابير طويلة أمام مصنع لبيع الثلج في شارع التحرير الأعلى في مدينة تعز (وسط جنوب)، في انتظار ناقلات تفرغ حمولتها من قوالب الثلج. ولجأ كثير ممَّن فقدوا وظائفهم بسبب الحرب إلى امتهان بيع الثلج في المدينة التي تصل درجة الحرارة فيها نهاراً إلى 38 درجة مئوية، وبيعه للمواطنين بأسعار مضاعفة. وقال محمد الهاشمي، بائع قطع ثلج على متن عربة دفع متحركة في شارع جمال في تعز، إنّ «الحرب قضت على مهنتي السابقة في بيع الملابس حيث قُصف حانوتي الصغير، لكنّي وجدت في بيع الثلج ما يعول أسرتي حالياً». وأضاف «نشتري قوالب الثلج الكبيرة من المصنع بأسعار تصل إلى ثلاثة آلاف ريال (15 دولاراً) ونقوم بتكسيرها وبيعها في أكياس على هيئة قطع صغيرة، سعر القطعة مئتا ريال (ما يعادل دولاراً واحداً). وتنفد قطع الثلج بشكل قياسي من الباعة المتجولين الذين ينتشرون في أحياء المدينة، ويقومون ببيعها بأسعار عالية. وبحسب موظف حكومي يدعى عبد الملك البعداني فإنّ «الحصول على الثلج بات أولوية في حياتنا منذ أكثر من شهر بسبب انقطاع الكهرباء، ويتقدم على الخبز، في هذا الصيف اللاهب لا نتخيل عدم وجود مياه باردة». وأضاف أنّ «المياه الباردة شكّلت عبئاً جديداً على الأسر، فقطعة الثلج التي نضعها في ثلاجة تبريد صغيرة ونخلطها مع مياه غير باردة لتذوب فيها، بالكاد تصمد فترة الظهيرة نظراً لإقبال كل الأطفال عليها». وإلى جانب استخدام الثلج في تبريد مياه الشرب، بدأ ملّاك المحلات بالإقبال على شراء قطع الثلج الكبيرة من أجل وضعها في ثلاجات بيع المياه والمشروبات المعدنية، حتى تصبح باردة إلى حدٍّ ما. وارتفعت أسعار المياه المعدنية التي يتم تبريدها بقطع الثلج إلى الضعف، حيث بات سعر قارورة المياه (ليتر ونصف الليتر) 200 ريال (دولاراً واحداً)، بعدما كانت تباع في السابق بمئة ريال يمني.