حكيمي ينافس صلاح وأوسيمين على جائزة أفضل لاعب أفريقي عام 2025    شباب القطن يجدد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة لأندية حضرموت    الأكاديميون في مرمى الارهاب الحوثي... موجة جديدة من الاستهداف الممنهج للنخب العلمية    كرواتيا تؤكد التأهل بالفوز السابع.. والتشيك تقسو على جبل طارق    مساء اليوم.. المنتخب الوطني الأول يواجه بوتان في التصفيات الآسيوية    اليوم.. أوروبا تكشف عن آخر المتأهلين إلى المونديال    صفقة إف 35 للسعودية .. التذكير بصفقة "أواكس معصوبة العينين"    اتفاق "تاريخي" بين زيلينسكي وماكرون لشراء 100 طائرة رافال    صحيفة دولية: التوتر في حضرموت ينعكس خلافا داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني    العراق يواجه الإمارات بالأرض والجمهور    عاجل.. مقاوم يمني ضد الحوثي يعيش على بُعد 600 كيلومتر يتعرض لانفجار عبوة في تريم    5 متهمين في واقعة القتل وإطلاق النار على منزل الحجاجي بصنعاء    حجز قضية سفاح الفليحي للنطق في الحكم    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    وصاية دولية على غزة تخدم أهداف الاحتلال..أبرز بنود الاتفاق    نجاة قائد مقاومة الجوف من محاولة اغتيال في حضرموت    بلومبيرغ: تأخر مد كابلات الإنترنت عبر البحر الأحمر نتيجة التهديدات الأمنية والتوترات السياسية (ترجمة خاصة)    رئيس مجلس القيادة يعود الى العاصمة المؤقتة عدن    37وفاة و203 إصابات بحوادث سير خلال الأسبوعين الماضيين    ضبط قارب تهريب محمّل بكميات كبيرة من المخدرات قبالة سواحل لحج    الهجرة الدولية: استمرار النزوح الداخلي في اليمن وأكثر من 50 أسرة نزحت خلال أسبوع من 4 محافظات    قراءة تحليلية لنص "عدول عن الانتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    المقالح: بعض المؤمنين في صنعاء لم يستوعبوا بعد تغيّر السياسة الإيرانية تجاه محيطها العربي    بيان توضيحي صادر عن المحامي رالف شربل الوكيل القانوني للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشأن التسريب غير القانوني لمستندات محكمة التحكيم الرياضية (كاس)    إضراب شامل لتجار الملابس في صنعاء    وزارة الشؤون الاجتماعية تدشّن الخطة الوطنية لحماية الطفل 2026–2029    جبايات حوثية جديدة تشعل موجة غلاء واسعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي    الحكومة تشيد بيقظة الأجهزة الأمنية في مأرب وتؤكد أنها خط الدفاع الوطني الأول    نقابة الصرافين الجنوبيين تطالب البنك الدولي بالتدخل لإصلاح البنك المركزي بعدن    الأحزاب المناهضة للعدوان تُدين قرار مجلس الأمن بتمديد العقوبات على اليمن    دفعتان من الدعم السعودي تدخلان حسابات المركزي بعدن    مقتل حارس ملعب الكبسي في إب    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    محور تعز يتمرد على الدستور ورئيس الوزراء يصدر اوامره بالتحقيق؟!    الجزائية تستكمل محاكمة شبكة التجسس وتعلن موعد النطق بالحكم    القائم بأعمال رئيس الوزراء يتفقد عدداً من المشاريع في أمانة العاصمة    انخفاض نسبة الدين الخارجي لروسيا إلى مستوى قياسي    تدهور صحة رئيس جمعية الأقصى في سجون المليشيا ومطالبات بسرعة إنقاذه    تكريم الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب في دورتها ال14 بلندن    ماذا بعد بيان اللواء فرج البحسني؟    المرشحين لجائزة أفضل لاعب إفريقي لعام 2025    وادي زبيد: الشريان الحيوي ومنارة الأوقاف (4)    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الماجستير للباحث النعماني من كلية التجارة بجامعة المستقبل    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعي والثورة الخضراء
نشر في براقش نت يوم 18 - 01 - 2010

انتهينا من خلال استعراضنا للحراك السياسي المصري الذي تولد نتيجة استدعاء الجماهير المصرية د. محمد البرادعي لدخول الحلبة السياسية المصرية مرشحاً لرئاسة الجمهورية في 2011، ورده الإيجابي واستعداده للعمل مع الجماهير لتغيير الحالة السياسية والاجتماعية والثقافية المصرية، إلى أن المطلوب منه ومنَّا لمصر، أكبر من مسألة ترشيحه أو حتى وصوله إلى كرسي رئاسة الجمهورية. . وسنحاول في هذه السطور تلمس معالم الطريق الممتد أمامنا حتى الوصول إلى غايتنا. . ربما يصلح ما سوف نتوصل إليه لأن يكون مؤشرات أو خطوطاً عريضة قابلة للنقاش والتطوير. . فما دام العمل والمهمة المطلوبة مهمة جماعية، فلابد أن يكون التخطيط لها أيضاً جماعياً ما أمكن ذلك، فلا أحد فينا يمتلك الحكمة المطلقة التي لا حكمة قبلها ولا بعدها، كما أن تعقد المطلوب وتعدد مجالاته، لا يتيح لشخص واحد مهما كان علمه أن يلم بكافة عناصره، فالمسيرة المرتجاة ينبغي أن تكون مسيرة علمية، وليست هَبَّة حماسية توجهها الشعارات الديماجوجية البراقة، على النمط الذي عرفناه في المرحلة الناصرية مثلاً، أو تلك الشعارات التي تتلاعب بالمشاعر الدينية للبسطاء، دون أن تقدم لهم حلولاً أو أساليب عملية لحل مشكلاتهم. . فخير ما تبدأ به مسيرة جماعية، هي دعوتها للنقاش المجتمعي، على أن نراعي بقدر الإمكان أن يتخذ الحوار صيغة حوار حقيقي، يقبل الأخذ والرد والتفاعل، ولا يتصادم أو يتطاحن، أو حتى يسير على نهج "مقارعة الحجة بالحجة"، ذلك الذي اعتدنا أن نوصى به بعضنا البعض في أغلب الأحوال، لنخرج في النهاية ونحن جرحى وصرعى المقارعة، دون جدل حقيقي بناء. . فالاختلاف ثروة لمن ينجحون في استغلالها، ونقمة على المجتمع الذي يفشل في إقامة جدل مبدع وخلاق، بين مختلف مكوناته باختلاف رؤاهم وتوجهاتهم
.
يحتاج الأمر لبدء المسيرة، التحديد الدقيق والحاسم لتوجهاتها وأهدافها، وهي ما يجب أن يتم على أساسه الحوار بين مختلف فصائل المجتمع. . وليس من قبيل محاولة فرض رؤية فرد أو فريق واحد من أبناء هذه الوطن، أن نحدد خطوطاً عريضة يتحتم أن تكون محل إجماع، وأن يقتصر النقاش على الأساليب والخطط العملية لتحقيقها، هذا إن أردنا أن نلتحق بمسيرة الحضارة العالمية التي فاتنا منها الكثير، وأن يكون انطلاقنا من قاعدة ثابتة، وليست ضياعاً في ضباب لا يفضي إلا إلى الفوضى. . فربما كان المصريون متفقين على ما يرفضون، وهو الحالة الحالية الراكدة والمتردية، لكنهم إما لا يعرفون ماذا يريدون تحديداً، وإما مختلفون ومتباينو المواقف، بدرجة تجعل منهم شراذم متباعدة متنافرة، أكثر منهم شعباً يتطلع لمستقبل أفضل. . وفيما يلي بعض الخطوط العامة، التي تعطي صورة عن المستقبل، الذي يليق بشعب بنَّاء ومُحِب للحياة، هو صاحب أقدم حضارة في تاريخ البشرية:
مصر أولاً وأخيراً: يعني هذا أن تتركز جهودنا داخلياً على الارتقاء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بمصر وشعبها، كما يعني أن علاقاتنا الخارجية بالعالم من حولنا، ينبغي أيضاً أن تكون موجهة لخدمة مصر الداخل. . فالاهتمام بأي قضية مفارقة لمصالح الشعب المصري الحقيقية، والدخول في علاقات وارتباطات على أسس غير مصلحية، انسياقاً لأيديولوجيا عنصرية، علمانية كانت أو دينية، بما قد ينعكس سلباً على هذه المصالح، إن لم يُعَد خيانة للوطن، فهو خيانة وتفريط في هدفنا المشترك.
ينتمي المصريون إلى مصر الوطن كدائرة أولى، وإلى القبيلة البشرية كدائرة نهائية، وأي انتماءات جزئية لأفراد أو جماعات بين هذه وتلك، لا ينبغي أن تؤثر بالسلب أو تعلو على هذين الانتماءين الأساسيين، وعلى ما يفرضانه على الفرد والمجموع من التزامات وحقوق، وإن كان هذا لا يمنع بل يدفع إلى التلاقي الإيجابي والبناء بين سائر البشر، داخل دوائر انتماءات إنسانية، تسعى لدفع مسيرة الحضارة إلى الأمام.
الانفتاح على العالم أجمع، وبناء شبكة علاقات مصرية تقوم على المصالح المشتركة، بمنأى عن مفاهيم العداء الأبدي ونظرية المؤامرة وما شابه من جدران عازلة، نقيمها بيننا وبين مراكز الحضارة العالمية، والمساهمة الفعالة في المجهودات العالمية لمكافحة الإرهاب، والسعي لالتزام جميع الشعوب بمعايير حقوق الإنسان وفق المواثيق العالمية، التي يجب أن تلتزم بها مصر كاملة، دون تحفظات أو استثناءات.
السلام في منطقتنا حيوي لتقدم ورخاء جميع شعوب الشرق الأوسط، والسعي الجاد والمستقيم لتحقيقه هدف وطني جوهري، لا ينبغي أن تعترضه ميول أيدولوجية أو دوجماطيقية تجعل تحقيق هذا السلام مستحيلاً عملياً، بما تضعه من شروط، أو تروجه من عداوات أبدية بين شعوب المنطقة.
مصالح الشعب المصري الحياتية والمادية هي المرجعية الوحيدة، التي تقاس عليها نتائج كل سياسة وتوجه عملي، والعلم هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى تحقيقها، ولتأسيس مختلف أنواع العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
النظام الاقتصادي المصري لا يمكن أن يكون متفرداً أو منعزلاً عن النظام الاقتصادي العالمي في مرحلته الراهنة، والتي تتشابك وتترابط فيها مصالح جميع الشعوب، على أساس حرية التجارة وحركة رؤوس الأموال وانتقال الأفراد والسلع، وتوفيق الاقتصاد المصري مع هذا النظام مهمة وطنية حيوية لتحقيق التقدم والرخاء الذي يتطلع إليه شعبنا.
المساواة التامة -الشاملة لجميع مجالات الحياة- بين جميع المصريين قضية مقدسة، لا تقبل استثناءات بناء على الجنس أو الدين أو أي تصنيف يفرق بين مصري وآخر. . والمساس بهذه المساواة خط أحمر لا يجوز تجاوزه، كما أنه ليس محلاً للنقاش أو الجدل. . وتفعيل هذه المساواة دستورياً وقانونياً واجتماعياً مهمة عاجلة، ولها الأولوية في الخطوات التنفيذية في المسيرة القادمة، لتوفير البيئة الكفيلة بالاستغلال الأمثل للطاقات البناءة لجميع أبناء هذا الوطن.
نرى أن عجز المسيرة عن الالتزام الجاد والواضح الصريح بالخطوط العريضة السابقة، واللجوء إلى ما يعرف بالموائمات والمواقف التلفيقية، يجهضها وهي مازالت جنيناً. . فالنظام الحالي يعمل بالفعل على التقدم بالبلاد، لكنه يعجز عن تحقيق نوعية ومعدل التقدم المطلوب، لأنه غير راغب أو قادر على حسم التوجه الجاد باتجاه هذه الخطوط، وإن كان لا يكف عن ترديد شعارات مستمدة من أغلبها، وترك الأمور مائعة وراكدة، ليكون مسيرنا نحو التطور كمن يخوض في أوحال، تسمح له بالتقدم خطوات، لينزلق في أخرى. . كما ورد في مقالنا السابق "سنوات اللاحسم".
يتبقى لنا أن نبحث الخطوات العملية المطلوبة من المسيرة المنتظرة، وهي المرتبطة بتصرفات وردود أفعال جهات أخرى، أولها النظام الحاكم، ثم الصفوة من سياسيين وعلماء ومفكرين وكتاب وإعلاميين ونشطاء في المجتمع، وأخيراً الجماهير المتوقع إسهامها في الحركة، سواء معها أم ضدها. . بالتالي فإن علينا تخيل عدة سيناريوهات محتملة، والاستعداد للتصرف الأمثل في حالة حدوث كل منها. . هذا ما سوف نناقشه في الجزء الثاني من هذا المقال.
مصر- الإسكندرية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.