عندما يصمت الكل، يبدأ المسرحيون حديثهم. ولأن المسرح حياة، فإنني عند سماعي قرار تعيين العزيز / عبدالله عوبل منذوق، وزيرا للثقافة، طرت من الفرح. وقلت في خلدي: الآن سيبدأ المسرح بالكلام، فهذا الوزير المثقف بوسعه أن يحيي عظام المسرح اليمني وهي رميم. تحمست للرجل مقتنعا تماماً أنه جاء من خلفية منفتحة على الحياة ويدرك جيداً ما معنى "مسرح". من كثرة حماسي له "نبعت" في ثاني يوم من تعيينه وزيراً إلى المقوات واشتريت قات ب 10 آلاف، قلت ولو، الموضوع يستحق الاحتفاء، ويومها – من الفرح - غنيت ودندنت وسهرت إلى أن طلع الضوء عاكفا فوق جهازي اللابتوب أكتب للوزير المثقف تصورا لتقديم عروض مسرحية مستمرة في تعز باعتبار تعز عاصمة للثقافة. انتهيت من وضع التصور، وبعد يومين حملت نفسي على جناح من التفاؤل وهرولت مسرعاً من تعز إلى مكتب الوزير في العاصمة صنعاء. وفي مكتبه رحت – بصحبة أحد الأصدقاء الذين أحبهم - أشق الزحام وأنا أردد في خلدي: باعدوا من طريقنا.. مسرح الحب حقنا، إلخ. وأخيراً دلفت إلى مكتبه وبعد انتظار جلست إلى جواره بصحبة ذاك الصديق العزيز الذي راح يعرفه. قبل الوزارة كان الوزير – كما خيل لي - يعرفني جيداً، بعد الوزارة بدا كما لو أنه يعرفني "طشاش"، ربما أنها دوشة المسؤولية: - مرحبا معالي الوزير، أنا فكري قاسم وعندي هذا التصور. لقد تذكرني والحمد لله.. سلمت إليه الملف الخاص بالتصور، وهو يقلبه في يديه سألني: - ليش ما تكتبش في صحيفة التجمع؟ - التجمع صحيفة محترمة معالي الوزير، ولكنني في هذه الفترة اشتقت إلى المسرح، وهذا التصور بين يديك. قلب الأوراق ثانية وأحال التصور والنص إلى لجنة قراءة النصوص. كان ذلك في منتصف شهر مارس 2012.انتهى مارس، وانتهت مناسبة العيد الوطني للوحدة اليمنية المباركة، وانتهت مناسبة عيد الفطر ومناسبة عيد الأم وعيد المعلم، والآن ستنتهي مناسبة عيد الثورة اليمنية المجيدة (سبتمبر وأكتوبر) وسيأتي العيد الكبير وعيد الشجرة، وعيد أم الجن، ولجنة النصوص - أعانها الله - لازالت حتى اللحظة تقرأ النص، مع أني أخبرت الوزير المثقف يومها أن النص المسرحي المقدم إليه فاز في سنة 2003 بجائزة مؤسسة العفيف الثقافية للنص المسرحي، كما فاز أيضاً لمرتين على التوالي بجائزة منتدى الشقائق العربي في مجال النص المسرحي. ربما أنه لم ينتبه، ولا أعرف للأمانة متى ستنتهي لجنة اللصوص هذه من قراءة النص !؟ من المحتمل أن يكون معالي الوزير قد فكر – مثلا- بأن يدرج مشروع العروض المسرحية الذي قدمته اليه ضمن نقاط المبادرة الخليجية ، وفي هذه الحالة ليس أمامي ألا أن أناشد جمال بن عمر أن يضيف - إلى جوار قائمة العقوبات التي ستطال معرقلي تنفيذ المبادرة – عقوبة أخرى تطال معرقلي تنفيذ مبادرة تنشيط نشاط المسرح في تعز . على أي حال ، الله يسهل على لجنة قراءة النصوص مهمتها الصعبة تلك ، ولكنني بصراحة لست حزينا على شيء بقدر حزني الشديد على غزارة التفاؤل الذي أمطرت روحي به يوم سماعي بقرار تعيين "عوبل " وزيرا للثقافة . وزعلان أكثر بصراحة على حقي ال 10 الآلاف ريال اللي خزنت بها مبتهجا بمجيئه . زعلان على حماسي الكبير تجاهه ، ولكنني أدركت الآن بأن الحماس الزائد ، مثل الدلع الزائد ، كلاهما يقودان المرء الى نهايات صادمة . [email protected]