في موضوع الاحتقان التوتر والاحتقان اللذان تستشعرهما في مفردات ولهجة تصريحات الأطراف السياسية هذه الأيام ابتداء من رئيس الجمهورية وانتهاء بقائد الفرقة، سبقهم إلى ذلك تقرير الأممالمتحدة الأخير والذي يشير لأول مرة إلى تحديات وجهات بعينها تجابه التسوية السياسية في اليمن. ورغم تبوء المواطنين/ت الأقدمية في التعبير عن غضبهم واحتجاجهم في مواجهة الانفلات الأمني الجامح ونزيف الدم، إلا أن الجدية في التعامل مع هكذا وضع لم ولن يتبلور إلى شيء إلا إذا مس شخوص نخبوية أو قيادية. فهل حان الوقت؟ خاصة وأن سياسة مد الحبلين ومراعاة العيش والملح والتغاضي لم تُفض إلا إلى المزيد من التردي وللصبر حدود.
في موضوع العدالة الانتقالية
إشكالية العدالة الانتقالية في اليمن تكمن في أنها جاءت مكملة لقانون الحصانة الذي حصن الرئيس السابق ومن عمل معه من الملاحقة القضائية مقابل تنازله عن السلطة ولأن أحزاب المعارضة حينذاك كانت مضطرة للموافقة على منح الحصانة للرئيس السابق مقابل تسليم صالح السلطة التزاماً بالمبادرة الخليجية فقد استدعى ذلك، ونتيجة لغضب شباب الثورة من الأحزاب إلى إضافة البند 3 من قانون الحصانة والذي يلزم حكومة الوفاق بتقديم مشروع أو مشاريع لقوانين معنية بالمصالحة والإنصاف. رغم ما ذكر أعلاه لا يجب النظر إلى ذلك كنقيصة وإلا إذا غابت المضامين الشاملة والمبادئ الأساسية لتحقيق العدالة والإنصاف من القانون. وأما في تفسير الاستعجال في استصدار قانون العدالة الانتقالية منذ ذلك الحين فقد يكون مرده أيضاً امتصاص غضب الشباب أو ضغوط دولية والتي لا ادري إن كانت واعية إلى احتياج مشروع القانون لمزيد من التوافقات.
ورغم الجهود الحثيثة لوزارة الشؤون القانونية للوصول إلى صيغة توافقية لهذا القانون بأسرع وقت ممكن وكما هو مطلوب إلا أن مواقف الأحزاب تجاه الصياغة الأخيرة له قد اختلفت وتباينت وفضل مجلس الوزراء رفعه إلى رئيس الجمهورية للبت فيه.
واليوم وبسبب الانتقادات التي وجهت لمشروع القانون يرى العديد من الحقوقيين خاصة المستقلين ضرورة التمهل في إصداره خاصة وأن مسببات العجلة قد انتفت وتحولت مواقف الشباب الغاضبة والمحرجة للأحزاب إلى مواقف تتبنى تطبيق المبادئ الأربعة الأساسية للعدالة الانتقالية وهي كشف الحقيقة، والمساءلة القانونية، وبرامج جبر الضرر وإصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية. ولان مشروع القانون قد أغفل وعن قصد المساءلة القانونية وتسمية المنتهكين لصالح قيم العفو والمصالحة الوطنية خاصة في هذه الفترة الحرجة والتي ستؤدي فيها المساءلة القانونية للمزيد من المواجهات الدامية التي اليمن في غنى عنها. لذلك ومن أجل ألا تسقط حقوق الضحايا فالأحرى أن يتحول مشروع قانون العدالة الانتقالية إلى مشروع قانون لتشكيل لجنة أو مفوضية الحقيقة كمرحلة أولى على أن تليها بعد ذلك قانون آخر لجبر الضرر شريطة ألا يلغي حق الضحايا في الملاحقة القضائية مستقبلا مع ضرورة التركيز على إصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية.
ومنعا لاستمرار حدوث انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن ملابسات الوضع الأمني وتقاسم السلطة فإن البعض يدعو إلى سرعة الموافقة على مشروع قانون إنشاء هيئة مستقلة لحقوق الإنسان أو ما يسمى بمعهد حقوق الإنسان في وقت متزامن مع لجنة الحقيقة للنظر في شكاوى المواطنين/ت أو الفئات أو المجموعات ومعالجتها.
في موضوع مؤتمر حقوق الإنسان
بعيداً عن الانتقادات غير البناءة كان أجدى بوزارة حقوق الإنسان والجهات المانحة أن تحتفي باليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان بطريقة عملية يشعر بها ضحايا الانتهاكات من الشباب /ت والمواطنين /ت في هذه الفترة التي تزايدت فيها الشكاوى والمرارة والإحباط من خلال - مثلاً- متابعة قرارات صرف رواتب اسر الشهداء، من خلال الضغط لتشكيل لجنة التحقيق التي صدر بحقها قرار سابق ومن خلال اقتصار الفعالية على حلقات عمل محددة و صغيرة تضم الجهات الأمنية والنيابية والعسكرية لحل قضايا المسجونين والمخفيين قسرياً أخرى تضم وزارة الصحة والسفارة القطرية والتركية لمتابعة علاج جرحي و مصابي الثورة. من ثم الوصول إلى مخرجات صغيرة قابلة للتنفيذ في وقت قصير. عدا ذلك ما هو إلا بهرجة إعلامية.