سجلت التيارات السلفية نموا ملحوظا في الفترة الاخيرة في لبنان وتحديدا في مدينة طرابلس في شمال لبنان. وظهر هذا النمو بشكل واضح في الارتفاع المضطرد في عدد الذين يشاركون في صلوات الجمعة في المساجد في المدينة ولاسيما تلك التي يؤم الصلاة فيها مشايخ من التيارات السلفية. بين هؤلاء وربما ابرزهم هو الشيخ سالم الرافعي الذي فسر نمو تلك الظاهرة بشعور الشباب المسلم ان السياسيين لا امل فيهم كذلك شعور "اهل السنة" بانهم مضطهدون. الرافعي عرف السلفية بانها دعوة الى تصحيح المفاهيم ودعوة الى الرجوع الى الكتاب لكنه قال ان ليس في لبنان تيار سلفي واحد رغم ان هؤلاء متفقون على الفكر والمفاهيم. اما الكلام عن امارة سلفية في طرابلس في شمال لبنان فهدفه الاساءة الى تلك التيارات كما قال. وكذلك نفى الكلام عن توجه لدى هذه التيارات للتلسح في سياق تشكيلات عسكرية لكنه قال ان "التسلح في حال وجوده هو فردي ويتم بهدف الدفاع عن النفس" . الدفاع عن النفس ممن؟ يقول الشيخ الرافعي من الذي يضطهد اهل السنة وهو اليوم المشروع الايراني السوري كما قال. لقد شكلت الانتفاضة في سوريا نقطة التحول في خروج هذه التيارات الى العلن مجددا. فقد خرج مناصرو تلك التيارات الى شوارع مدينة طرابلس دعما "لتحرك اخوانهم" في سوريا كما يقولون. وشكلت تلك التظاهرات اشارة الى احتمال عودة بروز الاحتقان المذهبي في المدينة من خلال المناوشات التى سجلت بين المشاركين في هذه التظاهرات والحزب العربي الديمقراطي العلوي الذي يتمركز في منطقة جبل محسن في المدينة. هذه المناوشات تطورت فيما بعد الى اشتباكات اعادت معها خطوط التماس السابقة الى المدينة بين منطقة باب التبانة ذات الاغلبية السنية ومنطقة جبل محسن ذات الاغلبية العلوية. وهي اشتباكات باتت جاهزة للاشتعال في اي وقت مع بقاء كل اسباب اشتعالها قائمة وعلى رأسها الاحتقان المذهبي في لبنان الذي تسببه احداث سوريا. لا تنفي التيارات السلفية في المدينة وجود سلفية جهادية في لبنان ويقول الشيخ نبيل رحيم احد وجوه هذه التيارات ان التعبير الوحيد عن السلفية الجهادية يشكله حاليا حسام الصباغ، الذي يرفض الحديث للاعلام ولا معلومات دقيقة عن حجمه. الا ان بعض ما يجري تداوله هو ان الصباغ شكل مؤخرا تشكيلا عسكريا، اما عدد اتباعه فهو بالعشرات وربما المئات ولكن ليس من رقم دقيق. وينفي رحيم ارتباط السلفيين في لبنان بتنظيم القاعدة وان كانوا تأثروا بفكر ابن لادن. وقال رحيم ان اخر صلة مع هذا التنظيم تمت عام 2007 عندما جاء اعضاء من هذا التنظيم من سعوديي الجنسية الى لبنان وبحثوا في امكانية انشاء تشكيل للقاعدة في لبنان، لكن الامر لم يتم حسب رحيم. ويقول رحيم انه هو نفسه سجن لاكثر من ثلاث سنوات ونصف بتهمة تشكيل تنظيم مسلح ثم افرج عنه. وهو حاليا مدير العلاقات العامة في الاذاعة السلفية التى تبث في المدينة. اما عن مشاركة شباب تلك التيارات الى جانب جبهة النصرة في سوريا فينفي رحيم وجود اي صلة مع جبهة النصرة، لكنه يقر "ان الشباب الذين ذهبوا للقتال في سوريا وعادوا او ما زالوا هنالك انما يقاتلون الى جانب كتيبة الفاروق". لا يريح نمو تلك التيارات اكان في طرابلس او غيرها من المناطق الزعامات الاخرى لدى الطائفة السنية واقواهم حضورا تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري الموجود في الخارج منذ ما يقارب العامين. الا ان مخاوف تيار المستقبل والزعامات السنية الاخرى تتراجع كلما ظهر ان السلفيين لا يتجهون لخوض الانتخابات النيابية مع العلم ان النقاش حول هذه المسالة ما يزال قائما.