- لا يمكن لي لا من الناحية الأخلاقية ولا من الناحية السياسية أن أشارك في المؤتمر قبل أن يتم -وبقرار من الرئيس والحكومة- رفع العساكر والمسلحين من شوارع العاصمة ومنشآتها التعليمية ،وعلى وجه التحديد إخلاء جامعة صنعاء ومحيطها من الجنود والثكنات العسكرية التابعة للفرقة الأولى مدرع والتي لا يوجد أي مبرر أخلاقي أو إنساني أو أمني أو عسكري لاحتلال الفرقة للجامعة وتدنيس حرمها وعسكرة العملية التعليمية فيها سوى أن قائد الفرقة ومن يقف خلفه من القوى السياسية يريدون من البقاء في الجامعة ومحيطها أن يفرضوا أمراً واقعا على الدولة وعلى مؤسساتها وبما يضعف قرارها وهيبتها أولاً، ويجعل من هذا الوجود العسكري في الستين وهائل والجامعة ومحيطها رافعة للضغط على رئيس الجمهورية والحكومة والقوى السياسية الأخرى وبقية المتحاورين في مؤتمر الحوار وبما يحد من حرية تصرفاتهم ويخفض من سقف قضاياهم ويجعلهم تحت رحمة التهديد والوعيد في أي لحظة فضلا عن علاقة ذلك بتدمير العملية التعليمية والسيطرة على إدارتها وطلابها وما يجعل حركتهم ،وقراراتهم محكومة بسقف العسكر وأولوياتهم وشروطهم. الأمر نفسه ينطبق على بقية المليشيات المسلحة في الحصبة وطريق المطار وغيرها من أحياء العاصمة ،فعدم إخراج العساكر من الجامعة والمليشيات المسلحة من الحصبة وبقية أحياء العاصمة لا يعني لي سوى أنه اختبار جدي وواضح لإمكانية أن تتحقق مخرجات الحوار الوطني على الأرض أم أن كل ما يقال عبارة عن كلام في الهواء ،وعند هذا المطلب المحدود والعملي يظهر الخيط الأبيض من الأسود من الفجر ؛فإما أنّ رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة موافقاً على احتلال الشوارع والجامعات والأحياء من قبل العساكر والمليشيات وهي كارثة ،أو أنه غير قادر على اتخاذ هذا القرار الذي أصبح مطلبا عاما للمواطنين في العاصمة وفي تلك الأحياء تحديدا والذين ضاقوا ذرعا من وجود العساكر والثكنات في أحيائهم وأسواقهم وعلى مداخل منازلهم وبما عطل حياتهم ودمر مصالحهم وضيّق على حرياتهم وفي هذه الحالة يكون ضعف الرئيس كارثة أكبر من الأولى ،وعلى المؤتمر أن يتوقف أمامها بمسئولية إذ كيف يمكن - في هذه الحالة - أن نتوقع تنفيذ مخرجات الحوار على الأرض وهي أكبر وأكثر تأثيرا على هذه القوى من مجرد وجود عساكر في جامعة صنعاء ومليشيات مسلحة في أحياء الحصبة وشارع المطار الدولي . بقي أن أقول إن تحقيق هذا المطلب هو أيضاً جزء من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وفي بندها الأول ..فكيف يكون لي أن أقبل الحوار وفقا للمبادرة ،والمبادرة نفسها تشترط قبل ذلك وفي بندها الأول ضرورة إنهاء حالة الانشقاق وفتح الطرقات ورفع المسلحين من الساحات. إن رفع العساكر من جامعة صنعاء والمليشيات المسلحة من أحياء الحصبة وغيرها له علاقة أيضاً بإنهاء حالة الانقسام في صفوف القوات المسلحة وفي قيادة الدولة عموما ،وهو ما سنتحدث عنه في مقال آخر وشرط آخر من شروط إنجاح الحوار الوطني. *تغريدة ثمة ثورات شعبية وسلمية خرجت في الأساس ضد الأنظمة العميلة للسعودية والولايات المتحدة، وهناك ثورات أخرى مسلحة فجرها عملاء لأمريكا والسعودية ضد أنظمتهم الوطنية من خارج الحدود.