أكدت مصادر خاصة ل”لعرب” أن سلطات الدوحة تقدّمت بطلب لجماعة أنصار الله لإعادة فتح السفارة القطرية في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة المتمرّدين الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقالت المصادر إن الحوثيين وافقوا من حيث المبدأ، لكنهم اشترطوا اعتذار قطر أولا عن مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية، وهو الأمر الذي عطّل النقاش حول هذه الخطوة، قبل أن تُقدم الدوحة في الأيام الأخيرة على العديد من الخطوات التي تصب في هذا الاتجاه من خلال إطلاق تصريحات رسمية لمسؤولين قطريين تهدف إلى توفير غطاء إعلامي للخطوة التي تنوي الدوحة الإقدام عليها والمتمثلة في تطبيع العلاقات من حكومة الانقلاب في صنعاء، في سياق المكايدة التي انتهجتها منذ قرار الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة مقاطعتها بسبب دعمها للإرهاب.
وعمدت وسائل الإعلام القطرية خلال الفترة الماضية إلى تغيير خطابها الإعلامي في ما يتعلق بالملف اليمني، وهو الأمر الذي تطور إلى إطلاق مسؤولين رفيعين في الحكومة القطرية لتصريحات مثيرة للجدل، يتبرأون فيها من التحالف العربي.
وفي آخر تصريح من هذا النوع اعتبر وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، الاثنين، خلال حوار مع قناة فضائية تركية، أن بلاده وجدت نفسها ملزمة بالانضمام إلى التحالف العربي في اليمن.
وقرأ متابعون للشأن اليمني في هذا التصريح اعتذارا قطريا مبطّنا، وتبريرا لمشاركة الدوحة ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية دعما للسلطة الشرعية في اليمن، قبل أن تطرد منه بعد اتضاح دورها المزدوج وتعاونها سرّا مع المتمرّدين.
ووفق هؤلاء فإن “الاعتذار” القطري ليس موجّها للحوثيين بقدر ما هو موجّه لمشغّلتهم الأصلية إيران.
وقال العطية في معرض رده على سؤال حول خلفيات انضمام بلاده للتحالف العربي في مارس 2015 “نحن جزء من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونملك أيضا رؤيتنا الخاصة لمعالجة الوضع في اليمن، ونؤمن بالحوار وبالتنمية كأقصر سبيل لحل المشكلات مثل تلك التي في اليمن، عندما يجد الناس الأمل، سينسون التطرف”، مضيفا “لكن للأسف وجدنا أنفسنا ملزمين بالانضمام إلى التحالف”.
كما ذكّر العطية بأن قوات بلاده لم تدخل إلى اليمن واقتصر مجال نشاطها على منطقة الحدود الجنوبية للسعودية.
واستغرب مراقبون من تصريحات العطية التي قالوا إنها تخالف الواقع تماما حيث تم إنهاء مشاركة بلاده في التحالف العربي في 5 يونيو الماضي بسبب “ممارساتها التي تعزز الإرهاب ودعمها تنظيماته في اليمن، ومنها القاعدة وداعش، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية، مما يتناقض مع أهداف التحالف التي من أهمها محاربة الإرهاب”، بحسب البيان الصادر عن قيادة التحالف آنذاك. ولم تقرر الدوحة الانسحاب بمحض إرادتها.
وكانت صحيفة “العرب” قد كشفت في وقت سابق عن طلب القائمين على الإعلام القطري من الحوثيين السماح باستئناف عمل مكتب قناة الجزيرة في صنعاء وهو الأمر الذي كشف عنه لاحقا محمد علي الحوثي رئيس ما يُعرف باللجنة الثورية العليا، الذي أكد على تلقيه مثل هذا الطلب.
وترافقت التسريبات حول مساعي قطر إلى إعادة افتتاح مكتبها في صنعاء مع تغير ملحوظ في سياسة وسائل الإعلام القطرية وفي مقدمتها الجزيرة، والتي شرعت في مهاجمة التحالف العربي الذي كانت الدوحة جزءا منه، ووصل الأمر إلى درجة مغازلة الحوثيين بشكل صريح من خلال تغطية فعالياتهم، كما حدث عندما نقلت القناة المسيرات التي قام بها الحوثيون بمناسبة “يوم القدس العالمي” الذي احتفل به للمرة الأولى الخميني في إيران بعد سقوط نظام الشاه.
وظلت قطر تحتفظ بعلاقات دافئة مع الحوثيين في الخفاء، بالرغم من انخراطها في التحالف العربي وقد انكشفت هذه العلاقة عقب مقاطعة الدول العربية الأربع للدوحة، حيث أعلن قادة بارزون في الجماعة الحوثية صراحة انحيازهم لقطر مؤكدين على ما يحملونه لها من معروف، نظير ما قدمته لهم في حروبهم الست السابقة والوساطة التي قامت بها وساهمت- وفقا لخبراء- في انتشالهم من هزيمة وشيكة أمام الجيش اليمني في العام 2007.
وتشير العديد من التطورات إلى أنّ قرارا قطريا اتخذ بالفعل بالمراهنة على التحالف مع الحوثيين واللعب بهذه الورقة في مواجهة الدول المقاطعة، ولكنّ الدوحة ما تزال تعمل على تهيئة جماعة الإخوان الممثلة في اليمن بحزب الإصلاح لتقبل القرار وهو الأمر الذي تسعى إليه عبر تحوير خطابها الإعلامي وتوجيه كتابات ناشطين وإعلاميين يمنيين موالين لها دأبوا في الفترة الأخيرة على التحدث عن “عبثية حرب التحالف” وعن “حرمة الدم اليمني” و”ضرورة وقف الحرب” ووصف جهود التحالف العربي بقيادة السعودية بأنها تأتي لتحقيق “مصالح خاصة” على حساب اليمنيين وبالتالي وجوب قيام تحالف داخلي جديد بين الإخوان والحوثيين، لمواجهة التحالف العربي وهو الخطاب الذي بدأ صداه يتردد بين صفوف بعض المتعصبين من إخوان اليمن وخصوصا الجناح التركي الذي أعلن صراحة اصطفافه مع السياسة القطرية تجاه الملف اليمني.