التقى بولنت أرينج نائب رئيس الوزراء التركي بمحتجين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني الذين نظموا الاحتجاجات الأولى في متنزه جيزي ضد خطط بناء نموذج ثكنة تعود إلى العصر العثماني في ميدان تقسيم. واستخدمت قوات الأمن مدافع المياه وقنابل الدخان في وقت مبكر من صباح الأربعاء لإزالة الحواجز التي أقامها المحتجون لمنع الشرطة من معاودة دخول متنزه جيزي. ورشت الشرطة المياه على المحتجين الذين لا يزالون متمركزين وراء الحاجز في جوموسويو قرب حي بشكطاش حيث يقع مكتب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. واعتذر أرينج عن استخدام الشرطة «العنف المفرط» ضد مظاهرة ميدان تقسيم وهي تصريحات تتناقض بشدة مع رفض أردوغان للمحتجين بوصفهم «لصوصا» وتعليقات ربطت البعض «بالإرهاب». وفي ظل وجود أردوغان في الخارج ومع استمرار الإضرابات والمظاهرات سعى أرينج إلى تهدئة بعض الغضب من الاستجابة المتشددة للحكومة في بادئ الأمر لما بدأ كاعتصام ضد خطط للبناء في متنزه جيزي. وتعتزم الجماعات المناوئة للحكومة التركية مواصلة الاحتجاجات في البلاد حتى بعد اللقاء الذي عقده ممثلون عن هذه الجماعات مؤخرا مع نائب رئيس الحكومة. ويطالب الناشطون الحكومة بعدة أمور منها الإبقاء على منتزه جيزي الواقع في ساحة تقسيم بالإضافة إلى حظر استخدام رذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين وكذلك عزل كل القيادات المسؤولة عن استخدام العنف ضد المتظاهرين بالإضافة إلى استقالة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حيث يصفون أسلوب حكمه «بالمستبد». وأعلن اتحاد نقابات القطاع العام واتحاد نقابات العمال الثوريين اليساريان عن مسيرات احتجاج ظهرا وإضرابات في كبرى مدن البلاد. وتشير أرقام اتحاد الأطباء الأتراك إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة أكثر من 4 آلاف بجروح في الاحتجاجات. وفي أزمير أوقفت الشرطة ما لا يقل عن 25 شخصا بتهمة بث تغريدات على موقع تويتر تتضمن «معلومات مضللة وكاذبة»، على ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية. ومن جهة أخرى، اعتقلت القوات الأمنية التركية في أنقرة مواطنًا إيرانيا بتهمة تحريض المواطنين على القيام بأعمال تخريبية في التظاهرات. وذكرت وسائل إعلام تركية أن الإيراني، لديه علاقة بالاستخبارات الإيرانية. ونفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سيد عباس عراقجي التدخل في الاضطرابات الجارية في تركيا، وأعلن أن طهران طلبت رسمياً من أنقرة تقديم إيضاحات حول مدى صحة ما تردد عن اعتقال شخص إيراني في أنقرة. من جهتها رحبت الولاياتالمتحدة باعتذار نائب رئيس الوزراء بعدما أبدت قلقها من الاستخدام «المفرط» للقوة، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «نرحب بتصريحات نائب رئيس الوزراء الذي قدم اعتذارا على الاستخدام المفرط للقوة ونحن نواصل الترحيب بالدعوات إلى إجراء تحقيق في هذه الأحداث». ويتهم المعارضون أردوغان بقمع منتقديه من صحافيين وأفراد الأقلية التركية والجيش، وبفرض سياسات إسلامية محافظة، فيما دعا رئيس الوزراء المحتجين إلى التعبير عن اعتراضاتهم في صناديق الاقتراع السنة المقبلة. وانضمت الأممالمتحدة إلى الولاياتالمتحدة وشركائها الغربيين الآخرين للتعبير عن قلقها من المعلومات الواردة بشأن أعمال عنف ترتكبها الشرطة، ودعت إلى تحقيق مستقل في هذه المسألة. وتتطلع تركيا إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يفرض على الدول المرشحة لعضويته الالتزام بمعايير صارمة في ما يتعلق بحقوق الإنسان. وكانت الدول الغربية التي فوجئت بحجم التظاهرات في تركيا، دانت استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة فيما شددت بحذر على ضرورة عودة الهدوء وإجراء حوار في بلد تعتبرها حليفا إقليميا أساسيا. وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي الذي يضم 28 دولة ومرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة. وبالتالي من غير المفاجىء أنه بعد مرور أيام على اندلاع موجة الغضب ضد حكومة أردوغان وخروج المتظاهرين إلى الشوارع، بقيت الحكومات الأوروبية تعتمد موقفا حذرا وكذلك فعلت واشنطن. وقالت وزيرة خارجية إيطاليا ايما بونينو «نحن واثقون أن تركيا ستتجاوز هذه الأوقات العصيبة وتثبت أنها ديمقراطية ناضجة»، وأضافت أن «إيطاليا لا تزال تؤمن بشدة بآفاق تركيا الأوروبية» في إشارة إلى ترشيح تركيا المتعثر للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.