سلطت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الضوء على أزمة سد النهضة الإثيوبى، وقالت إن مصر تشعر بقلق من هذا السد الضخم الذى لا يزال قيد الإنشاء، وهو القلق الذى يعكس اعتماد مصر الكاسح على أطول نهر فى العالم. وتقول إثيوبيا إنها لن تستخدم سد النهضة الذى يقع على بعد 20 ميلا من الحدود السودانية فى أغراض الرى، وهذا يعنى أنها بمجرد الانتهاء من بناء محطة الطاقة الكهرومائية وقدرتها على التوليد الكامل، فإنه لن يؤثر على المياه المتدفقة لمصر. إلا أن قرار إثيوبيا بشأن مدى سرعة، أو بطء ملء الخزان بمياه النيل المتدفقة لمصر، إلى جانب معدلات التبخر المحتملة، يمثل مصادر محتملة للخلاف بين البلدين. وتتابع الصحيفة قائلة إنه بعد الخطاب الساخن الذى ألقاه الرئيس محمد مرسى فى هذا الصدد والتهديدات العسكرية من قبل مصر والرد القوى من جانب إثيوبيا، التقى وزيرا خارجية البلدين الأسبوع الماضى، واتفقا على دراسة التأثيرات المحتملة لبناء السد، لكن مع استمرار البناء. وتهدف إثيوبيا إلى ملء الخزان بسرعة، فى خلال خمس سنوات، للبدء فى توليد الكهرباء، يقول الخبراء "إن خمس سنوات "طموحة"، ويشيرون إلى أن مستوى هطول الأمطار فى حوض النيل الأزرق متفاونة بشدة، بما يتطلب نهجا مرنا وقد يستغرق هذا الأمر 20 عاما، وفقا لهذه الرؤية. ويقولون إن تحويل مياه النيل إلى الخزان الجديد بسرعة، لاسيما فى السنوات التى تقل فيها الأمطار، ربما يلحق ضررا بدول المصب. إلا أنه على المدى الطويل، يمكن الحفاظ على مياه النيل من خلال نقل التخزين بعيدا عن السدود غير الفعالة، حسبما تقول الصحيفة، مثل السد العالى فى أسوان الذى يوجد قرب الحدود بين مصر والسودان المرتفعة الحرارة، إلى إثيوبيا حيث معدل التبخر أقل. وعندما يتم ملئه، فإن خزان إثيوبيا الجديد أو البحيرة الصناعية ستكون فى حجم نصف ولاية رود أيلاند الأمريكية، وعملية الملء ربما تبدأ بنهاية العام القادم، وتبتلع معها تلالا وغابات وطرقا وجسورا وقرى فى هذة الزاوية النائية فى غرب إثيوبيا. ولملء السد فى فرة ست سنوات، فإن هذا يعنى أنه سيقلل ما بين 14 إلى 18% من مياه النيل التى تصل لمصر فى كل عام طوال هذه المدة، لو كانت الأمطار فى المعدل المتوسط، وتم امتلاء السد بالتساوى، وهذه هى الرؤية فى أديس أبابا. غير أن الخبراء يقولون "إن الفكرة ربما لا تكون بهذه البساطة، فمن غير المحتمل أن المياه يمكن الاحتفاظ بها فى منطقة حيث تختلف معدلات هطول الأمطار ومستويات النهر بشكل كبير، حسبما يقول سيمون لانجان، مدير دراسات حوض النيل والدراسات الشرق أفريقية فى المعهد الدولى لإدارة المياه". وملء السد فقط خلال المواسم الممطرة فى السنوات الرطبة قد يعنى أن تأثيره على دول المصب سيكون أقل، حسبما يرى أنوند كيلين جفريت، أستاذ الهندسة البيئية فى الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا. ولكن هذا النهج يمكن أن يستغرق عقودا، كما يقول بول بلوك الجبير بجامعة دريكسيل فى فيلادليفيا، الذى تناول أثر ملء الخزان فى ضوء التقلبات المناخية. ويؤكد لانجان على ضرورة أن يكون نهج الحصول على المياه مرن فى الاعتماد على كمية الأمطار التى ستسقط على النيل الأزرق، ويتفق بلوك قائلا "إنه لو كانت السنوات الأولى من ملء الخزان سنوات جافة، فقد كون به أثار جذرية". غير أن الصحيفة تقول "إن مستقبل الأمطار الذى لا يمكن التنبؤ به يعقد من السيناريو حيث ترغب إثيوبيا فى ملء السد بأقصى سرعة ممكنة لتوليد الطاقة الكهربائية من أجل تصديرها". ويقول الخبراء، إنه لو ملأت إثيوبيا السد ب 25% من تدفق النيل الأزرق فى العام، فإن السد سيمتلئ فى غضون 11 عاما، ولو حولت 10% فقط، فإن الوقت قد يستغرق حوالى عقدين. من جانبهن، يقول مايكل هاموند، أستاذ علوم الهيدرولوجيا فى جامعة إكستير البريطانية "إن مثل هذه الأرقام صحيحة، لكن حتى مع وجود مياه أقل فى خزان أسوان الذى يجود به 150 مليار متر مكعب، فإن مصر لا تخسر". ويتابع هاموند قائلا "إن ما يفهمه هو أنه لو تم إدارة وتشغيل عملية تخزين الماء بشكل جيد، فإن مصر ستطمئن بشأن إمدادتها من المياه التى تقدر ب 55 مليار متر مكعب فى العام".