قبل أن يهبط الصحابي الجليل معاذ بن جبل إلى تعز280كم جنوب العاصمة صنعاء, ويبني فيها أول مسجد عرف حتى اللحظة باسم (جامع الجند) ليرتفع عبر مئذنته الطينية, أول أذان للصلاة في اليمن العام 6 للهجرة تقريبا. كانت ديانة اليمنيين – إلى ما قبل تلك اللحظة من التاريخ - موزعة بين المسيحية واليهودية. رويدا رويدا لم يعد لأجراس الكنائس وللشمعدان غير الذكرى, وبضعة آثار في غير مكان من اليمن . لكنه – بالتأكيد- أثر مهمل في الغالب.. سنذهب في مقال اليوم إلى أبناء الطائفة اليهودية الذين سكنوا تعز .. ثم سنعرج تاليا إلى أصولهم في صعدة وفي عدن وفي عمران . على مقربة من قلعة القاهرة الشهيرة في تعز، سكن اليهود حياً، لم يزل حتى اللحظة يعرف باسم "المغربة". الموقع استراتيجي, فوق تل أسفل جبل صبر, ويطل على معْلمين مهمين: قبر الحاخام "الشبزي" وكذا على ساقية (عين مياه جارية )هي بالنسبة إلى يهود اليمن، بمثابة مياه زمزم لدى المُسلمين. وحسب الحاج "أحمد فرحان" أحد المعمرين في المنطقة فإن عين المياه تلك هي الوحيدة- بين قريناتها- التي لم تجف منذ500سنة إلى الآن. قديماً كان - يهود ومسلمون معاً- يلجأون إلى الحاخام اليهودي الأكبر "الشبزي" طلباً للتداوي من أمراض عديدة. وكان هناك اعتقاد بأن ماء تلك الساقية علاج ناجع لكثير من الأمراض. ويذكر(محمد الشرجبي) أحد أبناء حي المغربة، أن الزيارات إلى الساقية لم تكن تنقطع، إذ كان يقام من قبل أبناء الطائفة اليهودية حج سنوي إلى الساقية، حيث تحدث الكثير من المعجزات هناك حسب اعتقادهم. لكن ذلك الحج انتهى قبل سنوات ولم يعد يحدث الآن غير زيارات – يهودية قليلة جدا، عللها بسبب انحسار أبناء الطائفة ومغادرة غالبيتهم إلى إسرائيل . تذكر الأدبيات البحثية أن كثيراً من كنائس يهود اليمن كانت متواجدة في مدينتي تعزوعدن أيام الدولة الرسولية، إذ لقوا قبولاً سياسياً آنذاك, كما خفت العزلة المحيطة بهم واندمجوا مع المجتمع المُسلم، لكن الغبن الذي لاقوه يأتي تاليا . يصف باحثون اجتماعيون المعاملة التي كان يُعامل بها الإمام (يحيى حميدالدين) الأقلية اليهودية بأنها كانت شاذة وغريبة، إلاَّ أنها كانت شبيهة بقسوة ما يعانيه بقية السُكان. إذ فرضت الدولة المتوكلية على "اليهود" أثناء مخاطبتهم لبقية أفراد المجتمع المسلم أن يبدأوا حديثهم بكلمة "سيدي" كما أن على اليهودي الذي يمتطي حماراً أن ينزل من فوقه حال مروره من جوار أي مسلم؟! لكنهم في عهد الإمام (أحمد بن يحيى حميد الدين) لقوا معاملة أفضل، وكانوا أيامها قبل تهجيرهم عبر عملية ما عرف ب" البساط السحري" يسكنون نفس حي (المغربة) في تعز . [email protected]