بالأمس كانت أول جمعة في السنة الهجرية الجديدة.. تحدث خطيب الجمعة عن خروج النبي من بيته، وعن مرافقة أبي بكر الصديق له في رحلته إلى الغار.. ونسي- كالعادة- أن يتحدث عن المغزى الذي أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إيصاله للناس.. وتحدث عن ذكاء أسماء بنت أبي بكر حين شقّت نطاقها لتجعل نصفه حجاباً ونصفه زوَّادة تضع فيها الأكل للنبي ولأبيها الذي لم يكن يعرف أين سيذهب أصلاً.. وتحدث عن زيارات أسماء لهما، وكأنها كانت تذهب بنصف نطاقها لعيادة مريض أو زيارة سجين.. وكنتُ أثناء دراستي أتساءل أيضاً: طالما أنهما خرجا ليلاً ولم يكونا يعلمان أين سيذهبان، ولا أي طريق سيسلكان، فما أدرى أسماء بأنهما في الغار؟ الغرابة هي في كيف يمكن أن تكون أسماء في مكانين يبعد كل منهما عن الآخر آلاف الأميال في الوقت نفسه؟! فبعض كتب التاريخ تقول إن أسماء بنت أبي بكر كانت في تلك الفترة مع زوجها الزبير بن العوام في الحبشة!! (الثقات لابن حبان: ج 3 ص 23(. وحين لا يكون هناك مكان لاجتهاد مقابل النص، فقد ذكرت كتب التاريخ أن حمامتين قد باضتا، وأن عنكبوتاً قد نسج شباكه على باب الغار.. ولا شك أن الله تبارك وتعالى قال: وأيّده بجنود لم تروها. الهجرة النبوية على صاحبها أزكى الصلاة السلام لها مدلولات كبيرة، لا بد أن نتمثَّلها في حياتنا ونستفيد من رموزها التي أراد النبي الأعظم إيصالها إلينا، لا أن نتحدث عن الهجرة لمجرد أن النبي تعرَّض لملاحقات قريش فخرج من بيته لينجو بنفسه فقط.. فللهجرة النبوية دروس ومعانٍ ورموز عظيمة، يجب علينا أن نتعلم منها..