فشلت جماعة الإخوان المسلمين في مخططها الرامي إلى استغلال فعاليات الذكرى الثانية لأحداث شارع محمد محمود لشق وحدة الصف بين الجيش والشعب المصري. وكان الناشطون المصريون أحيوا، أمس، الذكرى الثانية لأحداث شارع محمد محمود التي أوقعت عديد القتلى والجرحى قبل عامين. ونقلت عديد المصادر معلومات عن مخطط لتنظيم جماعة الإخوان يقضي بالاندساس في صفوف القوى الشبابية لإثارة الشغب والفوضى، الأمر الذي دفع بمنظمي الفعاليات إلى أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع أنصار الجماعة من دخول ميدان التحرير، في حين ألغت عديد القوى الثورية الأخرى مشاركتها في الفعاليات خشية قيام مجموعات محسوبة على الجماعة بأعمال عنف ضد القوات الأمنية والعسكرية. وشهد الميدان، منذ مساء أول أمس، توافد مئات من المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة، قادمين من مختلف المحافظات المصرية لإحياء ذكرى «عيون الحرية» كما يحلوا «للثوار» تسميتها. وتعود أحداث شارع محمد محمود إلى 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 خلال الحملة الانتخابية لأول انتخابات تشريعية تشهدها مصر بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث نظمت تظاهرات في شارع محمد محمود في ميدان التحرير مناوئة للمجلس العسكري الذي كان يتولى السلطة حينها. وأفضت المظاهرات آنذاك إلى اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية على مدى أربعة أيام، أدت إلى وقوع أكثر من 43 قتيلا وعشرات الجرحى أغلب إصاباتهم على مستوى العين ومن هناك أطلقت تسمية «عيون الحرية». ورغم أهمية الحدث «الثوري» امتنع عديد القوى الفاعلة في الثورة المصرية الأولى والثانية عن المشاركة في فعالياته، خشية استغلاله من طرف جماعة الإخوان المسلمين لبث الفوضى وسموم التفرقة في البلاد. وفي هذا الإطار أعلنت حركة تمرد في بيان لها، أمس، عن إلغاء مشاركتها في الفعاليات التي كانت تعد لها في وقت سابق، لبلوغها معلومات تفيد بقيام مجموعات تابعة لجماعة الإخوان بالاندساس في الجموع المشاركة، للتحريض على قوى الأمن والجيش وإحداث الفتنة بينها والشعب. وقالت تمرد في نص بيانها «تؤكد حركة تمرد على مستوى الجمهورية وجميع محافظاتها إلغاء فعاليات اليوم ونناشد جموع الشعب المصري بعدم النزول غدا حتى لا نعطي لفصيل خائن للثورة المصرية والوطن مثل جماعة الإخوان الإرهابية فرصة لتوريط الثورة المصرية مرة أخرى في معارك هو المستفيد منها لخدمة قوى الظلام والإرهاب، كما نرجو من جميع الشباب التزام السلمية حرصا على استكمال مشوار الثورة المصرية السلمية». وعزت قرارها إلى «الأحداث المؤسفة التي حدثت من تحطيم للنصب التذكاري لشهداء 25 يناير و30 يونيو ومعلومات مؤكدة من القواعد عن نزول عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية مسلحين إلى ميدان التحرير بداعي أنهم من شباب الثورة ويريدون جر الثورة وشبابها إلى أحداث عنف واشتباكات لسقوط ضحايا من شباب مصر والمتاجرة بدمائهم الزكية». هذا ويرى نشطاء أن مشاركة الإخوان في هذه الفعاليات هي نوع من العبثية والمتاجرة بدماء «الشهداء»، خدمة لأغراض سياسية ضيقة، معتبرين أن القوى الوطنية متنبهة إلى محاولات التنظيم، وكان المنظمون لفعاليات ذكرى محمد محمود دعوا في وقت سابق إلى منع دخول أنصار جماعة الإخوان المسلمين إلى ميدان التحرير. ودعت جماعة الإخوان، أول أمس، ما أسمتهم «الثوار الأحرار» إلى استغلال رمزية الحدث والنزول إلى الشارع لتجييش الشعب ضد ما أسمتهم «الانقلابيين». وفي هذا السياق يقول تنظيم الإخوان في بيانه الأخير «هناك مخططات عديدة في مسار ثورة 25 يناير 2011 يقف الناس أمامها يستفيدوا من دروسها، من هذه المحطات المهمة أحداث شارع محمد محمود في 19 نوفمبر 2011، هذه الأحداث التي أسف لها كل الثوريين والوطنيين المخلصين، والتي استغلها طرف – لم يكن يريد التنازل عن السلطة للشعب – في الوقيعة بين شركاء الثورة». إن موقف الجماعة الداعي إلى استغلال دماء العشرات الذين سقطوا في محمد محمود يعبر، حسب قول نشطاء مصريين، عن إفلاس سياسي و»أخلاقي للجماعة» التي كانت الوحيدة التي ساندت آنذاك هجوم قوات الأمن على المتظاهرين، بل إن هناك من نواب الجماعة في مجلس الشعب من جاهر بالقول إن قتلى ومصابي شارع محمد محمود هم مجرد «بلطجية» و»فوضويين» على غرار الإخواني سعيد كنتاكي. ويرى نشطاء أن الجماعة تسعى إلى توظيف هذه الذكرى في محاولة منها لضرب شعبية المؤسسة العسكرية وعلى رأسها الفريق الأول عبد الفتاح السيسي المحاط بدعم وتأييد آلاف المصريين إثر قراره بالانزياح إلى مطالب الشعب وإسقاط «حكم الإخوان» في ال30 من يوليو الماضي. وفي سياق متصل حذرت أحزاب جبهة الإنقاذ، القوى الثورية من استغلال تنظيم الإخوان للحدث لشق الصف وإشاعة الفوضى وإحداث الوقيعة بين الشعب والجيش. في هذا الجانب قال السفير سيد قاسم رئيس حزب الدستور، في رسالة له: «لنكن على حذر من أولئك الذين يريدون تفجير الأوضاع في ذكرى محمد محمود لتحقيق مكاسبهم السياسية، التي هي أبعد ما تكون عن صالح الوطن والثورة، ويجب ألا نعطي فرصة لاستغلال المناسبة في المعارك السياسية والمصالح الحزبية، وليكن الوطن وسلامته وأمنه هدفنا ومقصدنا»، وطالب قاسم بضرورة التصدي لكل المحاولات التي تهدف إلى التفرقة بين الشعب وجيشه، من خلال الالتزام بالسلمية.