صفحات التواصل الاجتماعي, فيسبوك وتويتر, تحولت إلى ساحة ثانية موازية لساحة المعترك السياسي والجدل الدائر في اليمن حاليا مع وصول الحوار الوطني إلى الربع الساعة الأخير دون نضوج نتائج واضحة تبدد القلق والغموض وتخفف من التوتر السياسي والتحفز الجماعي كحالة عامة في اليمن . صور الراية الوطنية بألوانها الثلاثة (الأحمر والأبيض والاسود) أغرقت الصفحات وانتشرت مؤخرا بصورة لافتة, كصور شخصية وضعها مئات الناشطين والمدونين على صفحاتهم بدلا عن صورهم الخاصة بالتزامن مع تصاعد السجال السياسي الحاد حول رؤية قدمها المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر لحل القضية الجنوبية وتقترح تقسيم اليمن غلى ستة أقليم, 2 في الجنوب و4 في الشمال, الأمر الذي اعتبره قطاع عريض من اليمنيين محاولة لإعادة التقسيم والتفتيت لليمن وإذكاءً للنزعات الانفصالية والتمييز بين محليات وفئيات صغيرة وداخلية على أسس جهوية ومناطقية تثخن في الجسد اليمني. العودة إلى رمزية الراية والعلم, مرفقا, أحيانا, بصورة النسر السبأي (شعار الدولة) "هو تعبير عن موقف سياسي أكثر منه عفوي" كما يرى الناشط المستقل اليمني عبدالقوي السباي في تعليق للمنتصف نت. ويضيف: "في المقابل نجد عشرات ومئات الصفحات ترفع صورا بألوان ورايات شطرية أو تستعيد رمزيات سابقة على وحدة 1990, ما يعني أن التوجه السياسي هو الفاعل في مناشط التواصل الاجتماعي على النت بدرجة تعكس قوة سيطرة الصراع السياسي على اللحظة اليمنية الراهنة". بطريقة أخرى وخاصة ينظر الخبير في التنمية السياسية ورئيس منظمة مدنية تحمل نفس الإسم وعضو الحوار الوطني, علي سيف حسن, إلى القضية من زاوية تحليلية مختلفة حيث يؤكد "لم أجد تفسيراً منطقيا لهذا الهلع الوحدوي سوى ضعف اليقين, لدى المصابين بهذا الهلع, بعمق ورسوخ الهوية اليمنية والشك بصوابية الوحده ذاتها." ويضيف حسن في تدوين على موقعه بالشبكة: "يا قوم الفكرة الصائبة مثل الوحدة تمتلك المقدرة الذاتية على البقاء ولا تحتاج لصراخ هلعكم هذا." حسن يعتبر استدعاء الرمزيات كجزء من هلع مواجه لوثائق وأطروحات تعتمد صيغة الأقلمة المختلف حولها كخيار لليمن هو تعبير عن "ضعف يقين تجاه الوحدة ذاتها" المتطير بها هنا. ويكتب في هذا: " ثقوا بعمق وترسخ الهوية اليمنية وثقوا بصوابية خيار الوحدة فصارخكم وهلعكم هذا يدفعكم لاقتراف أفعال تسيء للوحدة وتضعف مقوماتها". يختار أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة صنعاء الكاتب والمحلل نجيب غلاب أن ينظر إلى المسألة بخصوص وثيقة وجدل رؤية بن عمر من زاوية مختلفة وتوصيفية بالمقام الأول مرورا إلى أو بالتفاصيل, يبدا الأمر بالتسمية اصلاً: "يسمونها وثيقة بن عمر لصياغة مستقبل اليمن!! عجيب امرنا .. ضياع يتخبط روحنا الوطنية ... تاريخ اقدم حضارة في العالم يراد لها ان تنتقل الى المستقبل باسم شخص كان مغمورا ويريد ان يبني تاريخه على حسب الامة اليمنية!! انها تفخيخ متقن وصاعق لحرب اهلية!!". لكن وإزاء المستقبل اليمني الذي تضعه رؤية التفصيل الجديد والجغرافي على خارطة يمن تتنازعه الأهواء والمشاريع المتضاربة, هل يمثل الاعتصام الرمزي بالراية مثلا في حدود واقع افتراضي على فيسبوك, موقفا كاملا؟ وهل يغير هذا في النتيجة؟ "بما انه عالم افتراضي فلا يتوقع منه أن يطال الواقع بتغيير مباشر, لكن الدلالة الرمزية هنا لها خصوصيتها باتجاه بلورة راي عام وموقف يمتلك قابلية التغيير الفعلي على الواقع" يجيب مجددا الناشط والمحلل عبدالقوي السبأي.