يتصاعد الجدل في الأوساط الرسمية والشعبية الأميركية حول اقتناء السلاح الشخصي لأغراض الحماية الذاتية ومدى خطورة الاستمرار في إصدار التراخيص بشرائه وحمله ومحاذير استخدامه، كما يتسع النقاش ليشمل مخاطر التساهل في الاستخدام وما نجم عن ذلك من مجازر وكذلك في المقابل ما ترتب على التشدد في إصدار الأذون والرخص. واستناداً الى تقارير صحافية فإنه ورغم تفاقم الازمة المالية العالمية تشهد الولاياتالمتحدة إقبالاً متزايدًا على شراء الأسلحة لأغراض الامن الشخصي نتيجة قلق الأميركيين المتزايد من احتمال ارتفاع نسبة الجرائم ذات الصلة بزيادة معدلات البطالة. وتقول صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إن شركة «سميث أند ويسون» التي تنتج الأسلحة النارية تتوقع مضاعفة مبيعاتها في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، بعد أن حققت بالفعل زيادة قدرها 13٪ العام الماضي بينما قفزت مبيعات شركة أخرى هي «ستروم أند روغر» بنسبة 70٪ مقارنة بما كانت عليه عام .2008 وتضيف أن من بين أولئك الذين حصلوا على سلاح جديد خلال العامين الاخيرين الكثير من الأميركيين الذين يشترون أسلحة للمرة الأولى في حياتهم، وكذلك عدد كبير من النساء وهي الشريحة الاكثر تعرضاً للاعتداءات. وترجع الصحيفة هذا التوجه إلى الحاجة المتزايدة إلى الحماية بعد أن تجاوزت نسبة البطالة 10٪، وهو رقم قياسي، ما عزز اعتقاد الكثيرين بجدية المثل القائل «العاطل عن العمل يساوي قوة قاتلة»، في خطورته. جاء الارتفاع في نسبة شراء الأسلحة الشخصية بعد سلسلة أحداث اجرامية وقعت أخيراً، منها ما قام به مهندس تم الاستغناء عنه في السادس من نوفمبر الماضي بقتل شخص وإصابة خمسة آخرين في مكان عمله السابق فى أورلاندو بولاية فلوريدا. وهناك تفسير آخر لارتفاع نسبة مبيعات الأسلحة، وهو الشائعات التي يروج لها البعض عن أن الرئيس الاميركي باراك أوباما يعتزم إغلاق محال الأسلحة النارية باعتباره معارضاً للتعديل الثاني في الدستور الأميركي الذي يقضي بحرية حمل السلاح، الأمر الذي جعل عشاق امتلاك الأسلحة يهرعون أخيراً لشراء الكثير منها خوفاً من عدم التمكن من ذلك في المستقبل القريب. جاءت مجزرة جامعة فيرجينيا تيك التي راح ضحيتها 33 من طلاب وأساتذة الجامعة، والتي قام بها طالب كوري جنوبي يقيم في الولاياتالمتحدة لتسلط الضوء من جديد على قضية من له حق حمل السلاح في أميركا، وخلفية هذا الحق دستورياً وتداعياته السياسية بين مؤيديه ومعارضيه. وعبر كثير ممن هم خارج الولاياتالمتحدة من أميركيين وغيرهم عن صدمتهم من موقف الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عندما عبر عن أسفه لسقوط الضحايا نتيجة استخدام السلاح الشخصي، لكنه بادر الى التأكيد على حق المواطن الاميركي دستورياً في اقتناء السلاح، وفي الوقت الراهن تتركز الأغلبية الساحقة من مؤيدي تقييد حق حمل السلاح في أتباع الحزب الديمقراطي الذين يتمركزون في المدن الكبيرة وعلى الساحلين الغربي والشرقي للولايات المتحدة، بينما يوجد أنصار ممارسة حق حمل السلاح وهم غالباً من اليمين المتطرف أو أعضاء في الحزب الجمهوري في الولايات الداخلية. وحتى التسعينات ظلت قضية حق حمل السلاح إحدى القضايا الرئيسة، لكنها تراجعت على سلم الأولويات في السنوات الأخيرة بسبب عدم تمتعها بشعبية كافية بين الناخبين الأميركيين المحافظين. وتعتبر منظمة «اتحاد الأسلحة الخفيفة» الأميركي أقوى لوبي (جماعة ضغط) في هذا الشأن، وتضم 4.3 ملايين عضو، وتبرعت بنحو 15 مليون دولار بصورة مباشرة لحملات سياسية ولجان حزبية منذ عام ،1989 وذهب 84٪ من هذه الأموال لمصلحة الحزب الجمهوري، والدليل على النفوذ المتزايد لهذه المنظمة في السياسة الأميركية ما ذكرته مجلة «فورتشن». وتعد الولاياتالمتحدة الدولة الأكثر تعاملا بالسلاح في العالم، وطبقا لاستطلاع أجري قبل عامين حول الأسلحة الخفيفة فإن هناك ما لا يقل عن 84 بندقية أو مسدساً لكل 100 شخص في أميركا، ثم تأتي اليمن في المرتبة الثانية، حيث إن هناك 50 سلاحاً لكل 100 شخص، ثم بلدان الاتحاد الأوروبي بفارق كبير وهو 17 بندقية لكل 100 شخص. وتؤيد 56٪ من الاميركيين استمرار ممارستهم الحق الدستوري في حمل السلاح حتى خارج البيت، لكن نسبة المعارضين تتجلى بوضوح في الحزب الديمقراطي.