تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    أول تعليق أمريكي على إعلان الحوثيين استهداف وإصابة حاملة الطائرات آيزنهاور    تغاريد حرة .. الحقيقة احيانا بطعم العلقم    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    بحضور كامل أعضائه.. اجتماع "استثنائي" لمجلس القيادة الرئاسي بعد قرارات البنك المركزي اليمني    اربيلوا: ريال مدريد هو ملك دوري ابطال اوروبا    انشيلوتي: نحن مستعدون لتحقيق الحلم    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    هل يتجه البنك المركزي بعدن لوقف التعامل بالطبعة القديمة من العملة الوطنية..؟    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    لن تكون كسابقاتها.. حرب وشيكة في اليمن بدعم دولي.. ومحلل سياسي يدق ناقوس الخطر    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    حرب واسعة تلوح بالأفق..مراسل الجزيرة يوجه تحذيرا لليمنيين    المناضلة العدنية "نجوى مكاوي".. عبدالفتاح إسماعيل عدو عدن رقم 1    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    "الحوثيون يبتزون التجار بميزان جبايات جديد في صنعاء ويغلقون محلات في ذمار"    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    بعد إيقاف البنوك ...مليشيا الحوثي تهاجم محافظة جنوبية وتسعى للسيطرة عليها واندلاع معارك طاحنة    وكالة أمريكية: سفينة "لاكس" التي هاجمها الحوثيون مؤخراً كانت تحمل شحنة حبوب متجهة إلى إيران مميز    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    اختتام دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    تراجع أسعار الذهب إلى 2330.44 دولاراً للأوقية    الجامعة العربية تدعو الصين لدور أكبر في تعزيز الإجماع الدولي لإنشاء الدولة الفلسطينية    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    لماذا نقف ضد الإسلام السياسي؟    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    رونالدو يتسلم جائزة هداف الدوري السعودي    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع لإحياء اليمن ..رؤية للإصلاح السياسي
نشر في براقش نت يوم 03 - 08 - 2010


ليسمح لي القارئ الكريم أن أتقدم برؤية
نجيب غلاب
متواضعه بنيتها من خلال مراقبتي لواقعنا اليمني وقد استفدت من نظريات التحول الديمقراطي التي انتجها العقل الانساني وهو يراقب التجارب المختلفة ومن خلال الاطروحات المختلفة للإصلاح السياسي في المنطقة العربية، وفي هذه الرؤية سأحاول أن أضع الخطوط العريضة للإصلاح القادم بما يتوائم مع الواقع اليمني.
والهدف الأساسي من الرؤية هو محاولة الإسهام في تقديم رؤية كلية لتدعيم الإصلاح السياسي وأيضا إثارة نقاش حول الموضوع مع المهتمين حتى نتمكن من تقديم المقترحات الكفيلة بحل المعضلة اليمنية، وهذه المساهمة من جانب آخر تمثل دعوة لمنظمات المجتمع المدني ولجميع المهتمين ببناء يمن ديمقراطي حر لفتح باب النقاش والحوار حول قضية محورية سوف يتحدد مستقبلنا من خلالها، وهنا نؤكد أنه لابد أن يكون الجميع شركاء في أي تغيير قادم، فالحوار الوطني بين الاحزاب وشركائهم لا يعبر عن كل القوى الاجتماعية لذا لابد من حوار موازي تقوده منظمات المجتمع المدني ليساعد تكوينات لجنة الحوار الوطني في استيعاب كافة الاطروحات المعبرة عن الإرادة الشعبية.
أصبح الجميع على ما يبدو لي مقتنعا أن الإصلاح السياسي لم يعد خيارا بل أنه أصبح ضرورة ترقى إلى مستوى الحتمية، فاليمن أصبحت تشكل معضلة ليس لابنائه بل ولدول الإقليم وللمنظومة الدولية، فقد تراكمت الإشكاليات وهي بحاجة إلى تفكيك ويمثل مدخل الإصلاح السياسي المقدمة الضرورية لتفكيك بقية الإشكاليات المعقدة وحلها، والوضع اليمني بحاجة إلى إرادة حقيقية وتصميم من الجميع فإحياء اليمن مسئولية مشتركة، فقد أثبتت التجربة الماضية أنه لا يمكن لأي طرف أن ينفرد بمصير الشعب، وأي محاولات للانسياق باتجاهات الهيمنة أصبحت مضرة بالجميع، فالازمة قد بلغت درجتها القصوى فأما أن يموت اليمن وإما أن يبعث بروح جديدة والخيار بين أيدينا فأي الطريق سوف نسلك في ظل تحديات تتعاظم كل يوم.
وقبل أن أعرض الرؤية لابد أن أؤكد هنا أن المصالحة الوطنية الشاملة أصبحت من المسائل المهمة والأكثر إلحاحا وليس الحوار والسعي في الوقت نفسه لمعالجة كافة المشاكل التي انتجتها الصراعات السابقة إلا البداية في مسار طويل نحتاجه حتى يتمكن اليمن من صناعة التقدم، والأمر بحاجة إلى صدق النوايا والاخلاص لليمن قبل كل شيء وإرادة حاسمة من كافة القوى الوطنية، وعلى الجميع أن يشارك في أنتاج الافكار وتحويلها إلى آليات للعمل حتى نتمكن من الخروج من واقع نجره في الراهن ويجرنا معه كل يوم إلى هاوية سحيقة سيكون الجميع فيها خاسر، أن التفكير بالمستقبل بحاجة إلى تفكير جديد والتفكير الجماعي سوف يساعدنا كثيرنا في التفسير وتخليق الحلول الواقعية، وليست هذه الرؤية إلا بداية لنقاش طويل أتمنى أن يشارك فيه الجميع خصوصا اصحاب العقول النيرة.
وحتى لا ندخل في تفاصيل وتتداخل المواضيع سوف أقسم هذه الرؤية إلى أربع مسائل مهمة كالتالي:
المسألة الأولى: المقدمات الضرورية لإي إصلاح سياسي.
بناء الهوية اليمنية وتحقيق الوحدة الوطنية، فالهوية المشتركة المتفق عليها بين الناس تساعد على تبلور الوحدة الوطنية باعتبارها المدخل الأساسي لإدارة الصراع السياسية من داخلها وفي إطارها، أن التشكيك بالوحدة الوطنية يعيق عملية التحول الديمقراطية فلا ديمقراطية بلا وحدة وطنية وهوية سياسية مشتركة متفق عليها، فالصراع المشكك بالهوية والوحدة الوطنية يضعف القيم الأساسية للتحديث ويولد حالة من الانقسام والتشتت والتجزئة وتصبح الصراعات بشتى انواعها عامل مدمر لأي تحول ديمقراطي، وهي في الغالب تؤسس لفوضى لا تساعد الانظمة االناشئة ديمقراطيا على تطوير نفسها وأي صراع لن يقود إلا إلى التخريب والدمار.
إعادة بناء القيم الأساسية التي يرتكز عليها المشروع الوطني للجمهورية اليمنية والتوافق على أهداف المشروع الوطني بوضوح والتأسيس لهذه القيم في الوعي الجمعي. ومن الضروري في هذا السياق تحديد التوجهات العامة المسيرة للنظام السياسي.
أن يكون الاعتقاد الديني والفكري والفلسفي مصان واحترام ثوابت الأمة التي يجمع عليها الناس كالاسلام والوحدة والجمهورية والديمقراطية. والعمل على بناء الإنسان الملتزم بالاخلاقيات الاسلامية والمدنية والقيم الانسانية النافعة والمهمة لتقدم ورقي الفرد.
إستكمال بناء الدولة ومواجهة نقائضها، فالدولة الوطنية هي الكائن السياسي الأسمى المنبثق من المجتمع ليتمكن من تحقيق العيش المشترك، و"تشكل الدولة مدرسة سياسية بامتياز، يتعلم الأفراد في كنفها أبجديات التنظيم، والتعايش المشترك والبناء الجماعي، ويتشبعون في نطاقها بقيم الحوار والاختلاف والتسامح، ويؤصلون في إطارها مبدأ المواطنة، ويعقلون مضمونه ويتمثلون أبعاده السياسية والحضارية" ولا يمكن مراكمة الخبرات السياسية إلا من خلالها، لذا فإن تكوين الدولة الوطنية هي المدخل لصناعة التحولات السياسية وفق أنساق متقدمة مع الوقت، فالتركيز على بنائها ودعم قوتها والدفع في تعمير أدائها لحماية وجودها في مواجهة نقائضها يسهم في بناء قوتها واستمرارها، وبدون الدولة وطنية متماسكة ومأسسة فإن الحديث عن الانتقال الديمقراطي يصبح بلا معنى.
تحويل الدولة إلى قوة محايدة لخدمة التحولات الاقتصادية، بحيث تصبح السياسة أداة لخدمة التقدم الاقتصادي، ومن الضروري إجراء الاصلاحات الاقتصادية الضرورية لمحاصرة الفساد وحتى يتمكن القطاع الخاص من القيام بدوره الطبيعي، وإشراكة في إحداث التنمية المستدامة.
تحديث البنية الاجتماعية من خلال تكثيف السياسات المحققة للمساواة بين الجنسين والتركيز على التعليم وتوسيع شبكات الرعاية الصحية وشبكات الطرق والكهرباء والتوسع في بناء الجامعات المتخصصة في العلوم التقنية والتركيز على تنمية وتطوير التكوينات الحديثة على المستوى الاجتماعي ومنح القيادات والزعامات المدنية دور أساسي في إدارة الدولة ومساعدتها على مواجهة التحديات.
تأسيس ثقافي جديد يمكننا من تجاوز واقع التخلف، ويمثل إصلاح التعليم مقدمة ضرورية لذلك، وتمثل الثقافة الديمقراطية محورية في هذا التأسيس لأن الآليات الديمقراطية عندما تعمل في بيئة تقليدية تفقد معناها، ولانعاش الآلة لابد من ثقافة ساندة لتعزز فاعليتها. والتعليم هو المدخل الأساسي للتنمية البشرية ولاستدامة التحولات الإيجابية.
نبذ الطائفية وقبول التنوع والاتفاق على الامتناع من توظيف الدين في الصراع السياسي، وضرورة العمل على بناء ثقافة جديدة عقلانية تتجاوز إعادة انتاج الماضي وتندفع بلا خوف نحو التجديد الديني القادر على استيعاب العصر وتحولاته لتفعيل دور الدين في البناء التشريعي وتفعيل دوره للقيام بدور مدني كالتأسيس للحرية والتسامح والتضامن ولابد من تشجيع الاجتهاد القادر على جعل ديننا قوة خلاقة لحماية المجتمع من العوامل المعيقة لتطورنا الحضاري.
نبذ ومحاصرة الافكار الدينية المتطرفة والارهاب باسم الإسلام بإرادة جماعية، وتبني استراتيجية وطنية شاملة في المواجهة، والتركيز على ثقافة التسامح والتنوع، وإعادة الاعتبار للاسلام الحضاري.
إسناد ودعم المجتمع المدني ليكون مستقلا عن سيطرة الاحزاب ومراكز القوى والعمل على تركه يتطور دون تدخل أو هيمنة وإعادة بناء القوانين المتعلقة حتى تكون أداة مهمة وضامنة لاستقلاله، للتتحول تشكيلاته المتنوعة إلى قوة تمثيلية منتشرة في المجتمع على كافة المستويات. ولابد من تخصيص 1% من الضرائب لدعم منظمات المجتمع المدني وتخصيص ما نسبته 5% من المساعدات الدولية أياً كانت طبيعتها حتى تكون منظمات المجتمع المدني شريك أساسي للدولة في التنمية الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
محاصرة النخب القبلية المهددة لهيبة الدولة والمتجاوزون للقانون ومواجهتهم بصرامة في حالة مخالفتهم للقوانيين. وهذا يتطلب حل قضايا الثأر وبناء استراتيجية وطنية لتطوير البنية القبلية على كافة المستويات حتى تتحول إلى قوى ولائها للدولة وطاقة حية حامية للدستور وملتزمة بالقانون ووتطويرها سيحولها إلى فاعل تنموي منتج يعمل من خلال المؤسسات المحتلفة.
تحويل مكافحة الفساد الى استراتيجية وطنية شاملة وبناء منظومة قانونية صارمة لمحاصرة الفساد الاقتصادي والسياسي واستخدام النفوذ للاثراء ونهب الاموال العامة.
إصلاح المؤسسات التعليمية الدينية المختلفة كجامعة الايمان وتحويلها الى جامعة مفتوحة لتدريس كافة الآراء الفقهية وفتح تخصصات للعلوم الانسانية الحديثة والعلوم التقنية وادخال المناهج الحديثة في التدريس والإدارة والاستفادة من تجربة الجامعات الماليزية في هذه المسألة حتى تتمكن من الخروج من مأزقها الراهن وتتحول من مسار الاغراق في الماضي وانتاج البطالة إلى مسار المستقبل وانتاج الثروة والفكرة المجتهدة بما يوافق حاجات عصرنا.

أما المسألة الثانية المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الجمهوري المدني الديمقراطي الحر.

حقوق الانسان وهي الحقوق التي تضمنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الامم المتحدة، وغيرها من المواثيق والعهود والاتفاقات التي له صلة بالحقوق الانسانية.
الديمقراطية الليبرالية بابعادها المختلفة بما يلائم مشروعنا الحضاري وحاجات واقعنا اليمني.
المواطنة المتساوية، والانتماء للدولة اليمنية والولاء الوطني.
حكم القانون، فالديمقراطية لا تستقيم إلا بالقانون، فالاحتكام للقانون وتطبيقه على الجميع دون تمييز، من المداخل الاساسي لتدعيم التحولات.
الاقتصاد الحر والتنمية الوطنية المستقلة والانفتاح على العالم بما يحقق التقدم الكفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية، وبهذا الخصوص فإن الإصلاحات الاقتصادية من رفع الدعم والاصلاح الضريبي وتدهور سعر الريال تتطلب في المرحلة القادمة على وضع استراتيجية وطنية لمواجهة كافة التحديات الاقتصادية ويمثل رفع الاجور بما يضمن الحد الأدنى للحياة الكريمة، ومواجهة البطالة بسياسات واضحة يحددها الخبراء من الأمور الاكثر إلحاحا.
أن تكون المصلحة الوطنية هي المحدد الأساسي لسلوك الدولة الخارجية على أن تكون الإرادة الوطنية مستقلة ومعبرة عن الإرادة الشعبية، وأن تكون القرارات المتخذة نابعة من الحاجة الوطنية لا تعبير عن مصالح أقلية في الداخل أو نتيجة لنفوذ قوى خارجية وتعبير عن مصالحها خصوصا تلك المصالح التي تتناقض مع المصالح الوطنية.

المسألة الثالثة طبيعة نظام الحكم الديمقراطي للجمهورية

هذه المسألة من أكثر المسائل التي تثير جدل واسع في الساحة اليمنية وسأحاول هنا أن أقدم رؤيتي بناء على قناعات كونتها خلال استقراء الوضع اليمني، وسوف أعرضها من خلال النقاط التالية :
نظام رئاسي كامل على أن يتم انتخاب الرئيس ونائب الرئيس ويكون نائب الرئيس هو رئيس الحكومة التي يحدد أعضائها رئيس الجمهورية ونائب الرئيس، وبمجرد فوز رئيس الجمهورية ونائبه يتخلى كلاهما كليا عن العمل الحزبي.
تحديد وظائف رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية بوضوح وخلق آلية رقابية تتوازى مع السلطة الممنوحة، على أن يمتلك مجلس الأمة الحق في إقالة أي وزير بعد إدانته ولا يحق لرئيس الجمهورية الاعتراض.
تقسم اليمن إلى أربعة أقليم يتكون كل أقليم من عدد من المحافظات ويكون لكل أقليم حاكم ومجلس نيابي للرقابة وصنع السياسات، على أن يحصل كل أقليم على 20% من الموارد السيادية.
الرقابة الشعبية الدائمة من خلال النواب، ومن خلال الهيئات الحكومية المختصة.
تحدد بوضوح الحالات التي تعطي رئيس الجمهورية سلطات استثنائية على أن يتم وضع شروط صارمة وواضحة للحالات الاستثنائية.
حكومة تكنوقراط خاضعة لرقابة قوية وحاسمة من قبل السلطة التشريعية.
سلطة تشريعية بمجلسين منتخبين.
لا يجوز لرئيس الجمهورية حل ّ مجلس الأمة.
نظام قضائي مستقل بدرجاته المختلفة، والالتزام بالاحكام الصادرة عنها وتفعيل دور القضاء في حل المشاكل باجراءات حديثة تتوافق مع المتغيرات. وإعادة بناء المنظومة القانونية الجامدة ولوائحها التفسيرية. ومن الضروري في المرحلة الانتقالية تقنين الاعراف القبلية الايجابية المحققة للسلم الاجتماعي وبما يقوي من هيبة الدولة وسيادتها، وبناء نظام خاص بهذا الخصوص على أن لا يتعارض مع الدستور وحقوق الانسان.
بناء جهاز إداري فاعل، فالإدارة العامة هي المدخل الأساسي لأي تنمية، وأي بناء يعتمد عليها بصرف النظر عن شكل نظام الحكم.
يتم بناء أجهزة رقابية متعددة في الجهاز التنفيذي وتفعيل دور الهيئة العليا لمكافحة الفساد.
الغاء وزارة الاعلام وتحويلها إلى هيئة حكومية، والسماح للقطاع الخاص ولمنظمات المجتمع المدني بفتح الاذاعات والتلفزيونات.

المسألة الرابعة بعض الضمانات الكفيلة بحماية النظام الجمهوري الديمقراطي الحر.

ولأن هذا السؤال مثير وبحاجة إلى إجابات متعددة سوف أطرح رأئي كمحاولة قابلة للتطوير في النقاط التالية:
دستور ديمقراطي والتعامل معه كوثيقة مقدسة مصانة قابلة للتطوير إذا اقتضت الحاجة الوطنية وبشروط صارمة بحيث لا تتمكن قوى وحيدة من تعديله. وبناء القوة اللازمة على مستوى المؤسسات والمجتمع لحمايته وصيانته.
لابد من تحديد مدة تولي الرئاسة ولفترتين وينطبق ذلك على المناصب نائب الرئيس ورئيس مجلس الشورى والنواب ..الخ وأي إخلال بهذه المسألة فإنه يساعد على ترسيخ التسلط ويعيق أهم مبدأ ديمقراطي وهو التداول السلمي للسلطة وهذا المسألة محسومة ولا يمكن تجاوزها أياً كانت المبررات.
النضال الدائم من أجل انتخابات حره وشفافة ونزيهة.
القائمة النسبية الواضحة هي الآلة الأكثر عدالة في التعبير عن القوى السياسية والاجتماعية، بحيث تكون الجمهورية اليمنية دائرة واحدة، ومن المهم أن ينص الدستور على أن الاحزاب التي لا تحصل على نسبة 5% لا يكون لها أي تمثيل في البرلمان.
يتم أختيار اللجنة العليا للانتخابات من القضاة المشهود لهم بالكفاءة والاستقلال عن تأثير الاحزاب ومراكز القوى من قبل مجلس الأمة، على أن تكون اللجنة الانتخابية في المرحلة الانتقالية من القضاة بشرط أن تتوافق عليها القوى السياسية التي تشكل لجنة الحوار الوطني، وينتهي عملها بمجرد انتخاب مجلس الأمة.
اختيار مجلس القضاء الأعلى من قبل السلطة التشريعية من قضاة أكفاء ومشهود لهم بالنزاهة والوطنية وحب الخير العام ولا يجوز عزل أي عضو في المحكمة إلا بأغلبية الثلثين في السلطة التشريعة.
تشكيل المجلس الوطني الدستوري وظيفته الاساسية حماية وصيانة الدستور، وتحدد إختصاصاته بوضوح وهذا المجلس لا علاقة له بالسلطة القضائية وإنما جهاز رقابي ومن حقه الاعتراض على أي سياسات تخالف الدستور ويصدر قرار يعلنه للرأي العام ثم يبلغ الجهات المنتهكة للدستور ويبلغ رئيس الجمهورية ومجلس الأمة ويرفع بالقضية للمحكمة الدستورية العليا وفي حالة مخالفة رئيس الجمهورية للدستور فمن حق المجلس أتخاذ نفس الاجراءات السابقة، وتكون قراراته بالاغلبية ويتكون من خمسة قضاة يختارهم رئيس الجمهورية ويوافق عليهم مجلس الشورى المنتخب وأيضا من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشورى ورئيس جهاز الأمن القومي ورئيس جهاز الأمن السياسي ومن رئيس جامعة عدن ورئيس جامعة صنعاء، وثلاثة قادة عسكريين بحكم مناصبهم، وثلاثة من رؤؤساء المنظمات الغير حكومية يختارهم مجلس النواب، ويرأس المجلس أحد القضاة يختاره رئيس الجمهورية ولابد من موافقة مجلس الشورى على التعيين.
مجلس أعلى للحفاظ على النظام الجمهوري الديمقراطي يتكون من القيادات العليا السابقة في الدولة كالتالي:
1. رؤساء الجمهورية السابقين.
2. رؤؤساء الحكومات السابقين ورؤؤساء مجالس النواب والشورى ونوابهم
3. ثلاثة من كبار القضاة يختارهم رئيس الجمهورية ويوافق عليهم مجلس الشورى (المنتخب).
4. القيادات الأمنية والعسكرية العليا السابقة مثل قائد الامن المركزي ورؤساء الاجهزة الامنية وقيادات المحاور السابقين على ان يختارهم رئيس الجمهورية..الخ.
5. ...الخ
ورئيس المجلس يكون أقدم رئيس جمهورية سابق في المجلس، ووظيفة المجلس العمل كقوة منتجة للافكار المساعدة على تدعيم النظام الجمهوري، ويعمل كمؤسسة استشارية لمؤسسات الدولة، وله الحق في أصدار تقارير دورية أو بيانات للجمهور، وتكوين مراكز بحثية والإشراف عليها، وله حق التشبيك والتعاون مع المنظمات غير الحكومية بما يخدم أهدافه الوطنية.
تركيز عمل المؤسسة العسكرية في حماية النظام الجمهوري وتفعيل دورها بما يجعلها محايدة ومخزن للوطنية وتحديثها بما يمكنها من أداء وظيفتها في حماية الأمن الوطني اليمني.
تفعيل الشفافية والمسألة والمحاسبة والرقابة على كافة المستويات، وبآليات رسمية وغير رسمية.
النضال من أجل التداول السلمي للسلطة وتحديد الفترة الزمنية للوظائف الرئيسية في المؤسسات والبدء بتطبيق قانون تدوير الوظيفة العامة، وتطويره بما يحقق اهدافه.
المجتمع المدني القوة الحقيقية القادرة على حماية المجتمع وتحديثه، وحتى يتمكن من حماية التحول الديمقراطي وبشكل فاعل لابد من تشكيل جبهة واسعة من المنظمات الغير حكومية والنقابات المهنية لتمثل الكتلة المدنية التاريخية لحماية التحولات الديمقراطية والدفع بها نحو مسارات تقدمية للتتحول الديمقراطية مع الوقت إلى طاقة فاعلة لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والإخاء.
بناء منظمات شعبية تركز على تعزيز ثقافة الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي وترسيخ القيم والمبادئ لدعم لهويه وطنية موحدة.
الصحافة الحرة والمستقلة عن الأحزاب وصراع مراكز القوى وحق الحصول على المعلومات والعمل على أصدار قانون يحمي هذا الحق.
تشكيل هئية وطنية من النخبة القبلية المثقفة التي لديها نزعة مدنية عصرية واضحة، ومن الضباط القدماء ذوى التأهيل العالي، ومن قياداة المجتمع المدني كرجال الأعمال يختارها مجلس الشورى تسمى "الهئية الوطنية للتضامن والسلم الأهلي" لمعالجة مشاكل الصراع الاجتماعي وتقديم الرؤى الكفيلة بتطوير البنية القبلية وتفعيل الثقافة الديمقراطية في الوسط الشعبي وهذا الهيئة لا تمتلك أي إمتيازات باستثناء ميزانية لإدارة أعمالها اليومية، ويتم أختيارها من قبل رئيس الجمهورية ويوافق عليها مجلس الشورى، ومن حق السلطة التنفيذية الاستعانها بها لمعالجة القضايا التي تفرزها الصراعات الأهلية، كما أنها تعمل كقوة متعاونة ومساندة للمجتمع المدني في حماية النظام الجمهوري الديمقراطي الحر.

وأخيرا أتناول هنا فكرة مهمة أعتقد أنها ضرورية وملحة ولابد من دراستها ومناقشتها ملخص هذه الفكرة أنها تدعو لتشكيل منظمة وطنية مستقلة مدعومة من الحكومة ورجال الاعمال ومن التبرعات والهبات والمساعدات الإقليمية تسمى "منظمة إحياء لتنمية الريف اليمني". وظيفتها خلق الافكار والدراسات التنموية التي تساعد على تطوير الريف اليمني. وسيكون من المهم بناء جماعة في القرى اليمنية بما في ذلك المدن المريفة تعمل من خلال هيكل مدني مؤسسي ويدار بأسلوب المنظمات المدنية الديمقراطية وسيكون من المهم تدوير السلطة داخل الهيكل المنظم لها كل سنتين ولا يجوز أن يديرها شخص واحد أكثر من مرة ويحق له أدارتها بعد مرور ثلاث دورات، من خلال هذه الاتحادات المدنية في الريف سيتم تنمية المشاركة الجماعية في صناعة القرار ومساعدة الريف علي تنمية التضامن علي أساس أخلاقية مدنية بحيث تنمي في الافراد روح المسئولية وأهمية العمل المشترك. وجماعة القرية ستكون وظائفها أعداد ووضع الخطط والبرامج لتنمية الموارد الطبيعية وستلعب هنا المنظمات المركزية المدنية والغير حكومية دور في تدريب الافراد في الريف ووضع الأفكار مع تلك الاتحادات، كما أن المشاريع سيتم تمويلها ذاتيا من خلال أبناء القرية ومن خلال المساعدات خصوصا للمشاريع الكبرى كالتعليم وتخزين المياه وشق الطرقات والرعاية الصحية. ..الخ وهذه الاتحادات مهمة جدا لتفعيل التماسك الاجتماعي وتشجيع التضامن والتعاون على أسس أكثر رقيا من التضامنات العصبوية ومهم جدا لدعم الثقافة الديمقراطية فالانتخاب الدورية لجماعة القرية سوف يرسخ الثقافة الديمقراطية ناهيك عن المشاركة والتداول والنقاشات كل ذلك سيجعل الاهتمام بالشأن العام ثقافة راسخة وهذا مهم جدا في تدعيم المشاركة السياسية. فمن المهم أن يتم بناء تكوينات مدنية مهمومة بالتنمية وخدمة الناس ومنفعتهم وتكون صلة وصل بين الموطن في القرية والمجالس المحلية والهيئات الحكومية. وسيكون رائعا أن تم تشكيل أتحاد نسائي في القرى تحدد علاقته باتحاد القرية والعمل على تطوير آلية العمل في هذا الجانب بحيث يصبح هناك اتحاد واحد في كل قرية يجمع الرجال والنساء بآلية عمل لا تتناقض مع تقاليدنا الحضارية، فالمشاركة النسائية مهمة لتدعيم التحول الديمقراطي وتطوير المجتمع.
وفي الختام أؤكد أن هذه الرؤية هي رأي كتبته على عجل لرمي حجر في سطح نهر ساكن قد أتمكن من تحيرك الطبقة السطحية من الماء لكن أن انطلقنا جميعا فسيتحرك النهر حتى العمق.
سأحاول في المرة القادمة أن أفصل الخطوط العامة أكثر واوسع نطاق القضايا واقسمها لتشمل الجوانب الحياتية المختلفة والمشاكل المتعددة التي تواجهها اليمن وكم سيكون رائعا أن تم بناء المشروع بتفاصيله العامة من خلال النقاش والمشاركة، بحيث يتم التعديل والتطوير وإكمال النقص وفرملة المثاليات لصالح مشروع واقعي يمكنه ان يعمل في الواقع ويمكننا من إحياء اليمن، لنبدء كلنا في تعمير مشروع جديد ولنسميه "المشروع الوطني لإحياء اليمن" أو أي أسم آخر وبعد إنجازه نقدمه للجنة الحوار الوطني، وأشير هنا أن القوى المرتبطة اولا واخيرا باليمن قد تتمكن من خلال الحوار الموازي من أبداع رؤية وطنية تنتشل لجنة الحوار من معضلتها لانها تتشكل من قوى مصالح تتنازع على الثروة والسلطة وحوارها قد يتعثر في لحظة نحسة، فيكون الحوار الموازي الذي ينتجه المجتمع طوق نجاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.