"رحلة العذاب" هو الاسم الذي يصف به عماد -المواطن السوري من مدينة حماة- رحلته اليومية بين العمل والمنزل حيث يضطر لعبور ستة حواجز، وفي كل حاجز يكون على موعد مع المساءلة الأمنية عن الهوية وعن ما إن كان مطلوبا للنظام أم لا؟ ونظراً لكثرة انتشار الحواجز وعمليات الدهم والاعتقال في مدينة حماة وفي سوريا بشكل عام بعد بداية الثورة، انتشر مصطلح "الفيشة" والذي يستخدمه السوريون للتعبير عن موضوع معرفة اسم الشخص إن كان مطلوبا لأفرع أمن النظام المختلفة والمتعددة. ويقول مواطن آخر من حماة -يدعى حازم- إنه يحتاج أحياناً للمرور على أكثر من 13 حاجزاً، نظراً لعمله في شوارع المدينة وأنه يتعرض لأكثر من عشر عمليات "تفييش" (الاستعلام عن اسمه) والتي باتت جزءا أساسياً من حساباته في العمل حيث تأخذ عملية "التفييش" على كل حاجز ما لا يقل عن عشر دقائق وهذا ما يضطره في أغلب الأحيان للخروج قبل ساعة ونصف الساعة لكي يصل عمله على الموعد المحدد. يوجد لا يوجد وليعرف الشخص أن عليه "فيشة" لدى النظام، يقوم عناصر الحاجز بالاتصال بغرفة عمليات الأمن في كل محافظة عن طريق "لاسلكيات عسكرية"، حيث يقوم هذا العنصر بعد الاتصال بالقيادة برفع الاسم الثلاثي الخاص بالمواطن مع اسم الأم ومكان السكن ومن ثم يأتيه الرد من القيادة العامة ب"يوجد أو لا يوجد". فكلمة "يوجد" من القيادة العامة تعني أن الشخص الذي قد رفع اسمه مطلوب للنظام السوري ويجب القبض عليه واعتقاله, أما كلمة "لا يوجد"، فهي تعبر عن أن هذا الشخص "مواطن صالح" لا مشاكل أمنية عليه. وتستخدم قوات النظام في بعض الأحيان -عند إقامة حواجزها "الطيّارة" التي تكون غير ثابتة ويقيمها عدد من العناصر أو السيارات بشكل فجائي في أحد الشوارع- الأجهزة المحمولة للبحث عن "الفيشة" للمواطنين عبر ملف "أكسل" يحوي عددا كبيراً من أسماء المطلوبين، ويقوم بالبحث عن اسم المواطن إن كان مطلوبا للنظام وموجودا ضمن قوائمه أم لا. وتشكّل "الفيشة" أحد العوائق الأساسية للشباب والمطلوبين وخاصة في حماة لكثرة الحواجز في المدينة التي تجاوز عددها ال240 حاجزا ثابتا ومنها أكثر من 120 حاجزا تفتش السيارات والأشخاص والمارّة و"تفيّش" المواطنين. وسرّب مركز "حماة الإعلامي" عدة مقاطع رصد فيها -عبر مرصد في ريف حماة- شبكة الاتصالات اللاسلكية العسكرية الخاصة بمدينة حماة، رسائل لأحد الحواجز في المدينة وهو يقوم "بتفييش" المواطنين في المدينة بعد أخذ المعلومات الكاملة عنهم من اسم وكنية واسم أم ومنطقة سكن وعمل لإظهار جزء من المعاناة التي يعانيها الشعب على حواجز النظام وفي مقدمتهم الأطفال والنساء الذين يمرون على تلك الحواجز.