خرج الآلاف من أبناء الشعب اليمني منذ سنوات ثلاث، وهم يطالبون (بالمساواة والعدالة الاجتماعية ومبادئ الحكم الرشيد)، وكلها مطالب لا علاقة لها بالصراع الدائر اليوم على مقاعد الحكم، فلا أطماع لديهم بالسلطة، ولا يعنيهم من هؤلاء الذين يبحثون عن مقاعد السلطة غير توفير تلك المطالب فقط. تلك كانت الثورة التي بدأت في ال11 من فبراير 2011. وفي ظل الواقع الذي تعيشه اليمن من مآسٍ وعبث بمكتسباتنا، وصراعات من جبهات كثيرة، حوثيين وقاعدة وإصلاح، وفلول رئيس معزو ل تحاول إعادتنا إلى مربعات الظلم والفرقة والتمييز، نرى هادي ثابتاً وصائباً في إزاحتهم الواحد تلو الآخر بدهاء وحنكة القائد المجرب والمقبول سياسيا في الجنوب والشمال، وتتعاظم مع هذه الإزاحات حالة التشرذم والتفكك في أجنحتهم العسكرية والسياسية، وتصبح مطالب الشعب التي خرج لأجلها قريبة المنال، وتحتاج إلى القليل من الصبر والكثير من العمل والحسم . فصدور القرارات الحاسمة والشجاعة بإقالة قائد المنطقة الأولى الصوملي، وكذلك قرار إقالة قائد المنطقة السادسة المقدشي تؤكد بما لا يدعُ مجالاً للشك أن مبادئ الحكم الرشيد تطبق، فجزاء التقصير وغياب المسؤولية الوطنية عقاب رادع لا رحمة فيه ولا تهاون، مهما بلغ نفوذهم أو من يدعمهم، وهكذا قرارات تعزز ضمان الحيادية للمؤسسة العسكرية والأمنية وقدرتها على إخراج الوطن من الفوضى، ودوامة العنف وحماية المواطنين والمكتسبات الوطنية والعمل كضامن حقيقي وأساسي لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والتوجه لبناء اليمن الجديد من الشعب بأكمله.
فالقائد هادي لن يقبل بمزايدات أو مساومات ويكفي ما مضى من استغلال وتلكؤ على حساب الشعب المطحون، وبعده عن الحرب وتمسكه بالحوار ليس ضعفاً أو استكانة بل على العكس، فتصحيح اختلالات الماضي الكثيرة تحتاج للحكمة وبعد النظر، وإعادة المؤسسة العسكرية والأمنية متعددة الولاءات سابقا إلى وطنيتها وولائها لله ثم الوطن يحتاج الوقت ولكنه الآن بات محققا، وخاصة بعد القرارات المذكورة سلفاً وأنا على يقين بأن ما تبقى من هذه الولاءات الضيقة سيأتي دورها من الإقالة خلال الأيام القريبة.
والتلاحم والاصطفاف الوطني والوحدة هو ما نحتاجه اليوم لدعم إصلاحات هادي، وخاصة وأننا في شهر رمضان الكريم شهر الأعمال الصالحات وقيم التراحم والأخوة والوحدة التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، والواجب علينا أن نفهم ما يحاك ضدنا من قوى داخلية وخارجية تتربص بخطوات التقدم التي نخطوها لتزرع الألغام، ومن ثم تحصد شتات وفرقة الشعب اليمني المعروف بحضارته وعراقته ليظل في الدول النامية دائماً وأبداً، فعلينا جميعا أن نطلق صفارة الإنذار وننزع حقنا في الحياة من أنياب الذئاب المغتصبة لأرواحنا وخيراتنا ووقف نزيف الدم وحسم المعركة لبقاء الشعب بدون تهديدات قادمة وصادمة، وبدون ذلة ومهانة، وعلينا أن نشمر عن سواعدنا ونوقظ الهمم موحدين الصفوف والخطى ونعمر الأرض ونبنيها ونصونها من أي تخريب أو استهداف ونعمل جميعا ليس لنا فحسب، بل لأجل الأجيال القادمة أيضاً.
وأختم كلامي هذا بمقولة للقائد الزعيم الرئيس هادي في محاضرة ألقاها بالأمس في الكلية العسكرية: (لا حياة إلا لمشروع الدولة وهيبتها ومدنيتها، ولمؤسسة عسكرية وأمنية وطنية وسيادية، ولا حياة إلا للشراكة والتعايش والتنوع والقبول بالآخر، وبالتنمية والاهتمام بالاقتصاد وحسن إدارة الدولة وثقافة التآخي والتراحم".