في الوقت الذي أشتد الخناق على تحالف حضرموت ، وبات قاب قوسين أو أدنى من ان يكون في حالة موت سريري ، بعد أن خذله المتخاذلون من داخله والمرجفون من خارجه وأولئك المتسلقون على ظهر حمولته عنوة وارتزاقا، وكادت القلوب تصل الحناجر من شدة الخوف على مستقبل الوليد المنتصر، وبدأت الطعنات تسدد الى صدر هذا الوليد ويتشفى فيه الشامتون بالوعيد ، كان الصمت عنوان الإباء والرد في البيداء ملمح هويته التي هي علامة يسددها اقتداء ، فلم يخرج عن قوله ذلك ولم يثر أي معارك ، بل دأب على معالجة أمره بحكمته و خبراته التاريخية العريقة ، وأنتفض يداوي جراحاته بهمة ، حتى لاحت له تباشير نور الحق ، فكانت لهم عنوان الضربة القاضية لكل من لاكت لسانه سمعة أولئك الذين دافعوا عن شرف الأمة وأرضها وعرضها ولاقوا من العناء ما لاقوا . ..!! في الحقيقة حين يقف المرء على مجريات الأحداث الراصدة للهبة الحضرمية يجد أن مكمن قوتها في التعاطي العقلاني النابع من حنكة وقدرة قيادته على إدارة الأمور مهما شابها من ثغرات وقعت هنا أو هناك استلزم معها سدها ومعالجتها أول بأول مع حزم ومرونة غاية في البراعة من لدن القائمين على التحكم في دفة الأمور في تحالف حضرموت ،وهو مدعاة للاطمئنان على سلامة نهج الحلف وإدارته للصراع بأقل الكلف البشرية والمادية مقارنة بقوة الخصم الذي ترنحت تحت صمود هذا الحلف البسيط بقدراته ..إإ ما يثير التساؤل للمراقب لمجريات الأمور هو سر خفوت ، بل الصمت المطبق من المكونات المدنية الحضرمية التي ساندته بتنسيقيتها والقبائل المجاورة التي التزمت في حضورها اجتماعه بوادي نحب على مؤازرته لحظة تعرض الحلف لحالة حصار شديد ومطبق عليه في مناطق الشركات من قبل قوات الاحتلال للنظام باستخدام كل قوته العسكرية بما فيها الطيران والقصف الصاروخي على بيوت الآمنين في كل القرى الواقعة بجوار هذه الشركات ، بل تمادوا الى وضعها تحت حصار مطبق منعت من خلاله حتى سيارات المرضى فضلا عن سيارات المؤن الغذائية ..!! في المقابل لم يعر الحلف هذه القضية اهتماما بالغا رغم خطورة تأثيرها عليه ، بل عالجها بقدرة فائقة على التحكم والتروي وبنظرية الاحتمالات المتوقعة افتراضا في الحدوث ، الأمر الذي جعله يتجاوزها بشكل سلسل ويعتمد على القدرات الذاتية التي بها واجه خصومه لدرجة أنهم جعلوه في قائمة القوى الإرهابية وقطاع الطرق ، وصمد لكل ما جيشوه لحملتهم هذه التي استهدفت في خطابها الإعلامي القوى الإقليمية والدولية ، ولم نر أحدا ينبري من المكونات الجنوبية حراكيا وقبليا في تعزيز الحلف وتعضيد قدراته ، حتى على شكل بيان تضامني فقط …!! بعد صمود أسطوري للحلف ، وخاصة قواه الفاعلة فيه ، في مواجهة سافرة مع النظام وقواته العسكرية وتجاوزه كل عقبات الانهيار، بدأ النظام يعيد حساباته ، خاصة بعد اشتداد الحصار المطبق على شركات النفظ في مناطق نفوذها بحضرموت عموما والمسيلة خاصة ، وحاول مرة أخرى يعلن عن رضوخه لمطالب الحلف جميعها ، وقد حسم أمره في إعلانه الرسمي بقبول التحكيم وقبول شروط الحلف في العدائل والمطالب مما أستدعى الكثير من المرجفين من حضرموت بكل مكوناتها وأطيافها خاصة والجنوب عامة بتفسير هذا القبول للحلف بأنه ( بيعة و تنازل و خذلان ) من قبل قبائل حضرموت لقضيتهم العادلة ، ولم يفكر البعض في ما وراء الدوافع الحكيمة من قبول الحلف بهذا العرض ، وهو يدرك تمام الإدراك عدم إيفاء النظام بوعوده..!! لم تصمد هذه الإشاعات وقتا طويلا ، وا نهارت حين انقشعت الغمة وتبينت حقائق الأمور، وأدرك الحلف مرامي جميع الأطراف بما فيها النظام من عرض التحكيم ، حيث سارعت قيادة الحلف في اتجاه تفنيد خطواتها بكل شفافية ، من خلال بياناتها واللقاء بكل مكونات الحلف والمكونات الأخرى لتوضيح الصورة ، وإعادة رسم خارطة طريق جديد للتحالف وفق ماتم الاستفادة منه من أخطاء في المرحلة السابقة تعزيزا منها للمراحل اللاحقة ..!! في ظل المتغير الإقليمي والدولي والحركة الشعبية بكل مكوناتها التي أصيبت في مقتل ، ولم تستطع إعادة وتجديد هياكلها ونشاطها في الميدان وما أفرزته خارطة التحالف للقبائل الحضرمية من سوء إدارة واختراقات ، فأن قيادة الحلف ربما بقراءة عقلانية حصيفة ذهبت للتفكير مليا الى الحاجة الماسة لإعادة بناء الحلف مجددا على قاعدة أتفاق وادي نحب ،والحاجة الى تحالفات قوية معه تعضد بناء جداره وتمضي في تحقيق أهدافه على طريق بسط السيطرة على الأرض … !! إن اتجاه الحلف لفتح مكاتب له في عواصمحضرموت ساحلا وواديا ، وتشكيل بنية قوة رادعة من قبل فخائذ القبائل المنضوية له حضرميا والبدء في صياغة نظام أساسي لها يحدد الأهداف والمنطلقات والهياكل العامة وتقرها قيادة الحلف لهي مرحلة جديدة تتجه بالحلف نحو الطريق الصحيح في مساره الحقوقي صوب المسار السياسي الذي بات تلوح معالمه في الأفق ..!! أخيرا حضرموت قاطبة حواضر وبوادي تحتاج الى صياغة وجدان الأمة انطلاقا من حاجتها الماسة الى تحالف مع التحالف وتعزيز دوره المنوط به و هو الذي أجمعت عليه دون تردد كافة أطياف المجتمع الحضرمي ، وهي اليوم يجب عليها تجديد تحالفها مع هذا التحالف لقبائلها ومع الآخرين من خارجها بما يعزز مكانتها ويرسم ملامح مستقبلها تحت شعار( نكون أو لا نكون) ، في ظل ما تشهده المنطقة من تجاذبات سياسية طاحنة تفرض علينا مشاريعها في قادم الإيام….!!