لم يكن يعلم الشاعر الكبير حسين ابو بكر المحضار رحمه الله يوماً ما الذي سيحل بهذه البلاد وما هو في القدر ينتظر حين وصف ارضه ووطنه بأنها ملجأ لمن ضنك عيشه حين قال : وان ضاق بك عيش فيها صدرها لك وسيع ولم يعلم يوماً ما سيحل ببني جلدته من نكبات ومآسي،فقد ضاق العيش بأهلها وصارت الارض ترفضهم بالبقاء فيها ولم تعد تتسع لهم على رغم ما تكتنزه في جوفها من خيرات ونعيم وأصبح لسان حال اهلها يقول ما تغنى به الفنان اللحجي نائف عوض في اغنيته الشهيرة : شلني با معك معاد با بلادي باتسوي فضيلة .. فالفرار من الوطن في ايامنا هذه صار ارحم عند الكثير من البقاء فيه ولو الى المجهول والى مزيداً من الغربة والشقاء .. ولو ان السيد المحضار بيننا اليوم لكان له رأي اخر وهو يرى خيراتها تنهب وأبنائها بشهاداتهم الجامعية العليا وبتنوع تخصصاتهم تسد ابواب الرزق امامهم وليس لهم الا ان يفترشوا الطرقات فيما ينعم بخيراتها غيرهم .. وكم من مال يمسي لمولى غير مولاه ! فعن اي بلاد نتغنى واي وطن نتحدث ولا يظن البعض هنا انني اتنكر لوطني الذي لم يبق منه الا الاسم ولكني اشعر بالظلم على ترابه وليس لي الا ان اقول ما قال ذلك الثوري الكوبي تشي جيفارا : ( إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني ) فما اكثر هذه المظالم في هذا الوطن .