قال مصدر عسكري يمني رفيع إن المعلومات الأولية حول سقوط الطائرة العسكرية بصنعاء تشير إلى تعرض الطائرة لقصف تسبب في سقوطها بعد تعطل محركاتها في وقت لا تزال التحقيقات حول الحادثة سارية رغم أن السلطات الحكومية كانت قد أعلنت أن الحادث ناتج عن "خلل فني". وتحطمت طائرة عسكرية من من طراز (انتينوف ام 26) الأربعاء الماضي في منطقة الحصبة في العاصمة صنعاء. وأوضح المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الاعلام أن المعلومات تشير إلى تعرض الطائرة لقصف بعد دقائق من إقلاعها من قاعدة الديلمي الجوية القريبة من مطار صنعاء الدولي. وأشار إلى أن القصف الذي استهدف الطائرة تم من منطقة قريبة من قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة صنعاء وتسبب في تعطيل محركي الطائرة ما أدى إلى سقوطها. وقال المصدر إنه من المتوقع أن يتم فتح الصندوق الأسود الخاص بالطائرة اليوم، بعد أن تم الاستعانة بخبراء روسيين في فك شفرات الصندوق. وكانت وزارة الدفاع قالت إن الطائرة سقطت أثناء قيامها في مهمة تدريبية ما أدى إلى مقتل قائدها وتسعة من المدربين وأفراد طاقمها. وأكدت السلطات اليمنية أنها ستعلن عن نتائج التحقيقات الجارية حول الحادثة فور انتهاء لجنة التحقيق من عملها. وخلال السنوات الماضية خسرت القوة الدفاعية الجوية عددا كبيرا من الطائرات العسكرية المختلفة في حوادث سقوط وتحطم الطائرات ومقتل عشرات الطيارين والكوادر الجوية.. وفي كل مرة تسقط فيها طائرة تسارع السلطات الحكومية إلى إرجاء الحادث إلى "خلل فني". ويعود تاريخ توجيه الاتهام إلى ال"خلل فني" إلى مطلع التسعينيات التي شهدت تحطم طائرة عسكرية عمودية في حضرموت كان على متنها قيادات عسكرية بارزة بينهم قائد المنطقة الشرقية السابق العميد محمد إسماعيل والعقيد أحمد فرج ومعهما 15 ضابطا.. سارعت السلطات يومئذ إلى القول بأن الحادث ناتج عن خلل فني. وخسرت اليمن نتتيجة الحادث 10 من كوادر القوات الجوية بينهم أبرز وأكفأ طياريها الحربيين.. وكان من اللافت أن يجتمع طيارين ومتدربين وفنيين بذلك العدد لأداء بروفة تطبيقية وعلى طائرة واحدة!.. إذ من المعروف أن طاقم طائرات الانتنيوف لا يتعدى الخمسة (طيار، مساعد طيار، ملاح، فني، متدرب) –وفقا لقول مختصين. ومن المصادفة أن طاقم الطائرة جميعهم من أبرز الصقور الذين قادوا الثورة الجوية ضد القائد المبعد محمد صالح الأحمر -أخ غير شقيق لصالح. ووفقا لمصادر في القوات الجوية فإن قائد الطائرة أركان اللواء الرابع العميد طيار علي صالح عبيد الخواجة هو أحد أبرز الطيارين اليمنيين خبرته (34) عاما وهو كابتن منذ عام 1985ومدرب طائرة منذ عام 1997وسبق له أن طار أكثر من 5000 ساعة. وتشير المعلومات ا من مصادر متعددة في القوات الجوية إلى أن العميد الخواجة قد سبق ونجا من حادثة مشابهة وعلى ذات الطائرة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت نتيجة عطل فني، إلا أن الطائرة لم تخضع للصيانة اللازمة وعاودت الإقلاع مرة أخرى. ويقول مختصون إن طائرات الانتينوف تمتلك محركين اثنين، وهو ما يفتح الباب للتساؤلات حول أسباب تعطل المحرك الثاني للطائرة بعد تعطل محركها الأول واشتعال النيران في جناحها الأيمن. وجاءت الحادثة في وقت شهدت فيه الأوضاع استقرارا نسبيا وبعد يوم من استبشار اليمنيين بشبه الاستقرار الذي تزامن مع الإحتفاء بمرور عام على توقيع المبادرة الخليجية التي شهدت معه سماء صنعاء حركة طويلة من الدوريات الجوية لتأمين الفعالية التي حضرها أمين عام الأممالمتحدة باني كي مون وأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني.. الرواية الحكومية استبقت نتائج التحقيقات الميؤوس منها ورمت بلعنة الاتهام على ال"خلل فني" الذي لم تجد غيره منذ سنوات طويلة في وقت تعلن عن تشكيل "لجنة تحقيق" في الحادثة وهي ذات الشماعة التي ألفتها الحكومة في كل حادثة للتهرب من مسئولياتها؛ لتنتهي نتائج تحقيقات تلك اللجان إلى إرشيف المصير المجهول. وتناقضت رواية وزارة الدفاع حول الحادث، وتاه المصدر العسكري في تحديد نوعيتها وما إذا كانت طائرة نقل مواد غذائية وأنها كانت فارغة وبين أنها كانت في مهمة تدريبية في سماء العاصمة.. ومن اللافت أن تتسابق الجهات الرسمية في إطلاق التهمة على ال"خلل فني"، إذ تطابقت رواية وزارة النقل –وهي وزارة مدنية- ورواية أمين العاصمة اللواء عبدالقادر هلال –وهو مسئول مدني- مع رواية وزارة الدفاع. ولم يكن تعامل المسئولين السطحي مع الحادثة من المسئولين غريبا في ظل ثورة غير كاملة وأقل من نصف تغيير ونظام منقوص أفرزته الثورة السلمية التي بفتخر بنجاحه في "السيطرة على رياح وعواصف التغيير". ففي مصر مثلا كانت حادثة وفاة (47) طالبا في اصطدام حافلتهم بقطار في محافظة اسيوط كفيلة بتقديم وزير النقل المصري استقالته بعد قبوله استقالة رئيس هيئة السكة الحديد وتحويله للتحقيق –هكذا تقتضي المسئولية الاخلاقية على كل ذي مسئولية عن أرواح وحياة المواطنين. ومع أنه لم يصدر أي بيانا عن القوات الجوية حول الحادث، أبدى قائد القوات الجوية المعين لاحقا اللواء راشد الجند أبدى استعداده لتقديم استقالته والخضوع للمسائلة في حال ثبت منه أي تقصير. وتعهد الجند في حديث لقناة "السعيدة" مساء الخميس الماضي بإعلان نتائج التحقيقات خلال "ساعات وأيام"الاا انه لم يعلن اي شيىء حتى كتابة التقرير. وأكد الجند أن عملية الفحص والصيانة تجري بصورة طبيعية ولا يمكن تجاوزها، وقال إنه لم يكن هناك أي تجاوز للجوانب الفنية مؤكدا أن الطيار الخواجه وقع على وثيقة استلام الطائرة بعد خضوعها للصيانة قبل إقلاعها.. وأكد أن تلك الوثيقة "موجودة".. وقال إنه تم تحريز الوثائق وتوقيف الطلعات التدريبية.. مبرئا القيادة السابقة من تهمة تدمير القوات الجوية واختلالات صيانة الطائرات؛ لكنه استدرك بقوله: "هناك صيانات محلية تحصل أحيانا".. مفيدا إنه تم استدعاء فريق روسي عقب تعيينه قائدا للقوات لصيانة الطائرات، مؤكدا أن الفريق أوضح له بأن طائرات النقل المتوسطة اليمنية "أفضل طائرات في العالم". ودخل مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة العميد الركن يحيى عبدالله عبدالله على خط التداعيات ليدعو وسائل الإعلام لعدم "توظيف حادث حادث الطائرة لأغراض سياسية" وفقا لخبر بثته خدمة "سبتمبر موبايل" الإخبارية التابعة لوزارة الدفاع مساء الخميس، ليعود بعدها متهما وسائل الإعلام باختراق القانون والنبش في حرمة القوات الدفاعية –كما قال لقناة السعيدة. وأضاف بحدة كلامية مطالبا الإعلام بالإكتفاء ببيان وزارة الدفاع والإنتظار لنتائج التحقيقات.. والغريب أنه قال ذلك فيما لم تصدر وزارة الدفاع أي بيان حول الحادثة باستثناء بيان النعي والتعزية وخبر قصير بثته "سبتمبر موبايل" متناقض مع تصريح مصدر عسكري "رفيع" لموقع "سبتمبر نت" وهو الموقع التي سبق لدائرة التوجيه المعنوي أن نفت تبعيته لوزارة الدفاع وقالت إنه موقع إخباري مهني، وطالبت –يومها- من وسائل الإعلام عدم اعتبار ما ينشره الموقع تعبيرا عن موقف الوزارة التي تنفق المليارات على الموقع "لسان حال القوات المسلحة".