مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    كأن الحرب في يومها الأول.. مليشيات الحوثي تهاجم السعودية بعد قمة الرياض    ماذا تعني زيارة الرئيس العليمي محافظة مارب ؟    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    الجرادي: التكتل الوطني الواسع سيعمل على مساندة الحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    أصول القطاع المصرفي الاماراتي تتجاوز 4.2 تريليون درهم للمرة الأولى في تاريخها    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    استشهاد 6 من جنود قواتنا المسلحة في عمل غادر بأبين    استشهاد 23 فلسطينياً جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    ريمة سَّكاب اليمن !    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعاد دور (الشيخ المناضل) ليعتلى مكانته
نشر في هنا حضرموت يوم 02 - 06 - 2012

ليت الكثير من كتابنا (المحترمين) يستشعرون مسؤولية الكلمة وجلالة القلم ونبل مهنة الكتابة, إذاً لأراحوا وارتاحوا ووفروا على أنفسهم وعلى غيرهم كثيراً من العناء والعنت.
حين أن الساحة الصُّحفية والإعلامية تعج بكثرة الكتاب وكثرة المقالات التي فيها النافع والضار, والغث والسمين, تختلف اتجاهاتها وتتنوع اطروحاتها وتتباين أهدافها وغاياتها.
نرى من بين تلك الاطروحات نوعاً فيه تركيز زائد على الجوانب السلبية وعلى تكثير الأخطاء وإن قلّت, وعلى نسبة خطأ الفرد إلى الجماعة الكبيرة الواسعة – إن وجد -, وعلى تقزيم بعض الأشخاص والجماعات والهيئات بعينها ونسبة الجهل وضحالة العلم وعدم المعرفة إليها .. وهذا مؤشر غير صحي في منابرنا الإعلامية (المحترمة), التي كان من الواجب عليها أن تتعامل مع الأشياء بإجابية, وتلتزم في طرحها المصداقية والشفافية, وتتبنى – بقوة – مبدأ الواقعية و الحيادية والمصداقية.
فلا يلقى الكلام جزافاً على عواهنه, ولا يخط القلم إلا ما يعلم صدقه وواقعيته, وإلا فليعلم كل كاتب أنه مسؤول عن كل كلمة وحرف تخطه يده وتتفوه به لسانه, ولقد أحسن من قال :
وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إِلاَّ سَتَبْقَى كِتَابَتُهُ وَإِنْ فَنِيَتْ يَدَاهُ *** فَلاَ تَكْتُبْ بِخَطِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ يَسُرُّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ
ومسؤولية الكلمة التي يكتبها أو ينطقها, تفرض عليه أن لا يكتب إلا بعد أن يسأل نفسه عدة أسئلة : لماذا أكتب ؟ وماذا أكتب ؟ وكيف أكتب ؟ ولمن أكتب ؟ ".
وبعد ما قدمت به لهذا المقال؛ أجدني مضطراً أن أتناول مثالاً ونموذجاً لبعض الكتابات التي أرى – ولو من وجهة نظري – أن بها بعض ما ذكرته مما لا نحمده ولا نحبّذه في ساحاتنا الإعلامية.
فقد كتب أحد الأخوة من الكتاب (المحترمين) – ممن نحترم شخصه ونقدر جهده الإعلامي – مقالاً تحت عنوان:(ظاهرة الشيخ المناضل) ولقد شدني العنوان إلى الموضوع بقوة, فلما قرأته أسفت على بعض ما جاء في طرحه, وأحببت أن أناقشه مناقشة أخوية ودية من غير احتكار لرأي أو تسفيه لفهم, وستكون في نقاط محدّدة من موضوعه.
وفي أولها عنوان المقال:(ظاهرة .. الشيخ المناضل). والذي يبدو للقاري ومن أول نظرة إليه أن هناك ظاهرة غير صحية بل وغير مقبولة أو معقولة !! حيث عبر عنها الكاتب بقوله:" تعيش امتنا من المتناقضات والمتغيرات الصاروخية ما لم تستطع العقول والأفهام استيعابه… "
ثم وصّف هذه الظاهرة بقوله:"ظاهرة الشيخ المناضل خلطت بين السياسة والتدين ، بين المنابر والمساجد ، بين الساحات والميادين ، بين الخطاب الثوري والفتوى الشرعية …"
ولي على طرح الكاتب (المحترم) جملة ملحوظات:
1- في وصفه ما سماه ب(الشيخ المناضل) ظاهرة .. وكأن هذا (النموذج) من البشر غريب أو خارج عن (القاعدة) الأصلية!!.
والظاهرة قد تعرف بأنها:" انتشار لجريمة ما سواء كانت جناية أو جنحة أو حتى مخالفة, ويمثل لذلك أنه إذا قلنا لدينا ظاهرة انحراف ,معنى هذا أن الانحراف انتشر وكثرت حوادثه وأصبح مرضاً يحتاج لعلاج فعلي ".
فهل وجود من وصفه الكاتب (المحترم) ب(الشيخ المناضل) يعدُّ ظاهرةً من هذا القبيل؟ ولو من جهة كونه " مخالفة " للأصل وخروج عن المعتاد والمألوف؟؟ أم أن اختفاء هذا العنصر من المجتمع, أو انعدامه أو تغييبه عن دوره هو بعينه (الظاهرة) بل (المشكلة) التي تحتاج إلى جهود في علاجها, ولا علاج لها إلا أن يعود دور (الشيخ المناضل) إلى وضعه الطبيعي في الأمة كعامل وفاعل مهم في جميع ميادين الإصلاح (العلمي)و(الاجتماعي)و(الاقتصادي)و(السياسي) وغيرها.
ولا أظن الكاتب (المحترم) يجهل ما كان (للمشايخ والعلماء والفقهاء) من دور كبير وبارز في نهضة الأمة وبناء ماضيها ورسم مستقبلها.
- فقد كانوا على رأس جماعة (أهل الحل والعقد) التي تعتبر المرجعية الدينية و السياسة ولها حق التدخل في شؤون الحكومات، من التولية والعزل والرقابة والمحاسبة وغيرها, والتي تجمع كافة التخصصات والكفاءات بينها.
- وكانوا هم أهل (الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي هو صمام أمان المجتمع المسلم, ولا أظن القارئ – الكريم – يجهل دور (المشايخ والعلماء) في ذلك,كالإمام النووي والعزّ ابن عبد السلام وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم.
- وكان (المشايخ المناضلون!) هم قادة الجهاد ودعاة الدفاع عن العباد والبلاد, فابن المبارك العالم المحدث وهو المجاهد الغازي في سبيل الله, وبفتوى ابن تيمية وجهاده بنفسه وعلمه خاض المسلمون معركة النصر على التتار الغزاة حتى نصرهم الله.
- و(الشيخ المناضل) هو الذي قاد حركات التحرير والنضال ضد المستعمرين, وهو من حمل قضايا الأمة ودافع عنها وجادل وجالد من أجلها, وليس أدل على ذلك من أن تستعرض دور الإسلام ورجاله وأثره في حركات المقاومة والتحرير التي ظهرت في العالم الإسلامي، منذ وطئت أرضه جيوش الاستعمار، وكان الإسلام وعلماؤه ودعاته وراء هذا الجهاد للاستعمار بريطانيًّا كان أو فرنسيًّا أو إيطاليًّا أو أسبانيًّا؛ كأمثال الشيخ ابن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي وجمعية العلماء المسلمين وغيرها في الجزائر، والشيخ عمر ا لمختار ومشايخ الكتاتيب والزوايا في ليبيا، والشيخ العربي الدرقاوي والخطابي وغيرهما في المغرب، والشيخ عز الدين القسّام والشيخ الأمين الحسيني في فلسطين.. ومئات غيرهم في بقية البلاد الإسلامية.وقد شهد بذلك مؤرخون غربيّون مثل "برنارد لويس" في كتابه "الغرب والشرق الأوسط" حيث قال:" " إن الحركات الدينية كانت قائدة معارك التحرير في سائر البلاد الإسلامية ضد الإستعمار حتى حركة كمال أتاتورك نفسه".
- و(الشيخ المناضل) كان هو رائد النهضة السياسية في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية، في العصور السابقة والمتأخرة كمحمد بن عبد الوهاب، والسيد رشيد رضا وكامل القصاب وعلي الطنطاوي والدقر والبيحاني والزبيري وغيرهم .
ولو بقينا نسرد ما للعلماء و(المشايخ) من أدوار كبيرة عرفها واعترف بها عدو الأمة قبل صديقها لما وسعتنا صفحات.
وإنما السؤال المفروض طرحه الآن .. لماذا غاب دور العلماء و(المشايخ) واختفى أثرهم عن حياة الأمة؟.
والجواب عن ذلك – بحد علمي – أن العلماء و(المشايخ) بعد أن قاموا بدورهم المنوط بهم والمطلوب منهم في فترات كانت الأمة تعرف قدر ومكانة علماءها, ابتلوا – كما ابتليت الأمة كلها – بصنفين من الناس أعاقوا طريقهم ووقفوا لهم بالمرصاد:
- الصنف الأول: الحكام الظلمة المستبدون, الذين لا يروق لهم ظهور العلماء ولا أن يتبوءوا مناصبهم, لأن ذلك يقف حجراً أمام ظلمهم وكبرياءهم وفسادهم. فلجئوا إلى تكميم الأفواه بالقوة والقهر, ومن لم يستطيعوا إسكاته أخمدوا أنفاسه في جسده.. فكم من علماء الأمة ومشايخها من سجن وكم من نفي وكم من شنق واعدم, وكم .. وكم, في قائمة لا تخفى.
- الصنف الثاني: الجهّال بقدر العلماء من الأمة, من المتعلمين وأنصاف المتعلمين, ومن الذين يظنون أن دور العالم والشيخ إنما ينحصر عند باب المسجد إلى حد المحراب والمنبر!! وأن العالم لا شأن له بما سوى ذلك .. لا سياسة ولا ثقافة ولا جهاد ولا دولة ولا داخل ولا خارج!!. فظنوا أن علماء المسلمين كعلماء النصارى (رهابنة) منزويين على أنفسهم, أو كعلماء اليهود ( قساوسة) لا يدخلون في أمر إلا ولهم فيه مطمع من دنيا.. وبين ظلم الحكام وجهل الأمة, ضاع دور العالم الرباني القائم بأمر الله في الأمة.
إذاً .. كان الأجدر والأولى – في نظري – أن يكون عنوان المقال" ظاهرة اختفاء الشيخ المناضل" أو " غياب دوره في الحياة.." لا أن نجعل بروز العلماء وظهورهم ومشاركتهم في مختلف مناحي حياة الأمة (ظاهرة) تُنتِج لنا( مشكلة) نضطر أن نصفها ب"لم تستطع العقول والأفهام استيعابه..".بل الواجب استيعابه وتقبله, ثم نعمل جميعاً على تقويمه وإرشاده.
2- وانتقل إلى الملحظ الثاني: حيث أن الكاتب (المحترم) وفقنا الله وإياه. ركز في تمثيله لهذه الظاهرة – حسب تصنيفه لها – بمن سماه ب(الشيخ السلفي) وحده . فيتصور عند القارئ أن (ظاهرة الشيخ المناضل)!! لا وجود لها إلا عند (الشيخ السلفي) ومن ثم (السلفيين), ثم توصم (دعوتهم) بما هي براء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب!!.
حيث يقول الكاتب (المحترم):" فثورة المتناقضات ترينا الشيخ السلفي الأصولي التقليدي ينحي عمامته جانبا ، ويرتدي قبعة الكوبواي ، ويتأبط ربطة جيفارا ، ويدخن سيجارة كاسترو ، ويتتلمذ على فلسفة ميكافيلي. "
أحب من أخي الكاتب (المحترم) أن يتأمل كلماته هذه وإطلاقه للألفاظ .. هل فيما ذكر أي مصداقية؟ أم هل فيما ذكر أي واقعية؟. أين رأيت أن (الشيخ السلفي) "الأصولي التقليدي ينحي عمامته جانبا ، ويرتدي قبعة الكوبواي ، ويتأبط ربطة جيفارا ، ويدخن سيجارة كاسترو ، ويتتلمذ على فلسفة ميكافيلي. "بالرغم من أنه هو المتهم دائماً (بالتشدد) و(الغلو) و(التزمت) وغيرها من الألفاظ المنفِّرة.. ثم إن فيما ذكرت أنت جمعاً بين المتناقضات التي لا يمكن أن تجتمع إلا باجتماع الماء والنار والسواد والبياض, فبينما تصفه ب:" الأصولي التقليدي.." إذا به عندك :" يرتدي قبعة الكوبواي ، ويتأبط ربطة جيفارا ، ويدخن سيجارة كاسترو ، ويتتلمذ على فلسفة ميكافيلي. " يالله .. يالله .. من هذا ؟ (الشيخ السلفي) لا أظن أحداً يتقبل ذلك.. وخاصة من يعلم ماذا تعني هذه الكلمات, وخاصة الأخيرة منها والتي ما ينبغي أن يوصف بها المسلم العادي فضلاً عن (الشيخ السلفي)!!.
ثم انتقل الكاتب بعد أن وصف الفرد السلفي متمثلاً في أحد رموزه وقدواته بصفات أقل ما يقال فيها أنها " عارية عن المصداقية ". إلى وصف ما سماه (بالفكر السلفي) , فقال:" فالفكر السلفي الذي لا يجيز العنف ، ويقوم على التربية والتصفية لتغيير المجتمع وتهذيبه ويتبنى عقيدة " الولاء والبراءة "، ويرفض فكر العنف والثورات والفوضى التي تدفع بالمسلمين إلى التناحر والصراع على السلطة تحت مسميات إسلامية ورايات سياسية جاهلية تعيد الماضي الأليم في تاريخنا الإسلامي باسم هذه الجماعات السلفية". وليعذرني الأخ الكاتب إذا قلت له: إن كلامه هذا لا يفهم منه إلا أوله مما هو حقيقة الدعوة السلفية وجزء من منهاجها, وأما قوله:".. باسم هذه الجماعات السلفية".فكلام غير مفهوم, بل ينقض آخره أوله!! كيف أن الفكر السلفي "يرفض فكر العنف والثورات والفوضى .." ثم ينسب هذا إلى الجماعات السلفية ؟!!.
ويقول أيضاً :" وتجد السلفي الذي يرفض الخروج على الحاكم أو حتى نقده ونصيحته جهرا يكفر الحاكم ويأمر بالخروج عليه وعزله تحت راية الثورة ، وأئمة الدعوة السلفية التعليمية يرفضون التحزب والانجرار إلى الفتن وقتل المسلمين تحت راية الجهاد غير المستوفي للشروط الشرعية يعلنون الجهاد في صعده ويقاتلون في منطقة كتاف ويرسلون شبابا صغارا ولا يملكون
الخبرة والمهارة للقتال في جبال منطقة " كتاف " الصعبة والشاقة ".
الكاتب (المحترم) ههنا يجمع عدة مسائل يقول ببعضها (السلفيون) كمسألة عدم الخروج على الحاكم (المسلم) وتكفيره والجهاد في سبيل الله إذا استوفى شروطه .. إلخ . وهذه القضايا معروفة ولهم في ذلك قواعد وضوابط وشروط تحكم تنزيلهم إياها وقولهم بها, ومتى تجوز ومتى لا تجوز, يرجع فيها إلى كتب أئمة وعلماء الدعوة السلفية إذ ليس هذا المقال موضع بحثها.
ولكن الملفت للنظر في كلام الكاتب (المحترم) تركيزه في هذه الأمثلة كلها على جماعة واحدة (وهم السلفيين) من دون سائر (الجماعات والطوائف والفرق والأحزاب) التي لا ندري هل سلمت – بنظر الكاتب – من هذا الأمر؟ أم يجوز لها أن تتخذ (مشايخ مناضلين) مع سلامتها من الوقوع في ذلك؟؟.
وبلا أدنى شك يوجد في كل من ذكرنا من يمكن تسميته على مفهوم الكاتب (الشيخ مناضل)! فلماذا إذاً لا نعدل ولا ننصف إذا أردنا أن يكون لكلامنا قبول ومصداقية عند الجميع؟!!.
3- الملحظ الثالث: أن الكاتب (المحترم) خلط فيما جعله سبباً للمشكلة بين نقد من سماه (بالشيخ المناضل) "على آرائه السياسية ومواقفه الحزبية" .. وبين "التعرض للعلماء" كحملة رسالة ومراجع للأمة.
فنقد أراء العالم وفقهه واستنباطه للأمور فرضاً عن مواقفه السياسية ومواقفه الحزبية أمر لا ينكره عاقل, لأن العلماء أنفسهم تبنوا قاعدة مشهورة بينهم وهي قول الإمام مالك رحمه الله:" كل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم". ولهذا نجد الردود بين العلماء ماضية في قديم الزمان وحديثه, ولم يقل أحد (العالم) الفلاني أو (الشيخ) الفلاني لا يجوز الرد عليه في شيء من ذلك إن هو أخطأ!!.
وأما التعرض للعالم لأجل تشويهه وصد الناس عنه وعما يحمل من الشرع فهذا ما أظن عاقلاً يقول به لا في حق (العلماء والمشايخ) ولا في حق غيرهم (من ذوي الكفاءات والتخصصات التي تحتاج إليها الأمة),وما سمعنا أن أمة من الأمم أجازت التعرض لعلمائها .وهذا الذي يقول فيه العلماء : (لحوم العلماء مسمومة). وأما ما ذكره من أن " من ينتقدهم أو يناقشهم يجاهر بمعاداة الإسلام وهدم أركانه ". فأظن أن هذا من التهويل والإرهاب الفكري الذي ينبغي أن نترفع عنه .
4- الملحظ الرابع: ما سماه ب(ظاهرة) الإفراط في المجالس والهيئات السياسية والحزبية والاجتماعية.
وفي هذه (الظاهرة) حسب تعبيره!! استغرب الكاتب (المحترم) من أمرين: الأول: الإفراط في هذه المجالس والهيئات..هذه الأيام. الثاني: تكرر (ظاهرة) (الشيخ المناضل) فيها بحيث تجده مشارك في عدة مجالس .. إلخ.
وأنا أقول: إن الأمر ليس به غرابه ولا ريبه !! إذ أن هذه المجالس والهيئات .. إلخ أمر يتطلبه واقع الحال وتقتضيه حاجة الناس في ضل الانفلات الأمني والتسيب المؤسسي مع وجود الجوع والخوف في المجتمع , فما هناك غرابة من أن تظهر هذه (التكتلات) و(الهيئات) و(الائتلافات) و(المجالس) الأهلية وغيرها في هذه الأيام.
وأما ظهور (ظاهرة) (الشيخ المناضل) هنا أيضاً !! فما الغرابة فيه وما الريبة؟ ألم يكن الناس قبل مدة – ومنهم الكتاب والمثقفون- يعتبون على (المشايخ) عدم مشاركتهم في مثل هذه الفعاليات الاجتماعية وانزواءهم عن المجتمع, فلما بدؤا بالظهور والمشاركة جعلنا ذلك (ظاهرة غريبة) منهم !! فماذا تريدون أن يفعلوا ؟ أن يعودوا إلى وضعهم السابق حتى تعود (الصحف) و(المواقع) و(المقالات) و(الأعمدة) فيها تصفهم بما يستحيا من ذكره ..أم ماذا يطلب منهم؟.
وأما ما ظنه الكاتب (تناقضاً) و(خروجاً عن الدولة وعدم اعتراف بها) لمجرد تنوع الفتوى والبيان بتنوع مصادرها ومسمياتها.
فما هناك أي تناقض إذا كانت الفتوى منضبطة بالضوابط الشرعية والبيان متناسق مع الواقع والمطالب المشروعة, ولا يضر
بعد ذلك أن تكون الفتوى أو البيان باسم (هيئة)أو(جماعة) أو(جمعية) أو(فرد) أو غير ذلك. ولا (ما مرجعيتها) إذا كان مرجعها في كل الأحوال الشرع الحنيف.
وهذا شيء متعارف عليه في جميع الأقطار الإسلامية, ففي الأزهر بمصر يكون العالم عضواً بلجنة البحوث به فتصدر فتوى ويكون واحداً من أعضائها وربما سئل بصفه فردية فيفتي وهكذا .. في جميع الهيئات الشرعية والعلمية والبحثية .
والذي يلفت النظر في كلام (الكاتب) هنا أمران:
الأول: أن الساحة اليمنية كانت ولا تزال تعج وتزخر (بالمجالس والهيئات السياسية والحزبية والاجتماعية) فهناك العشرات من الأحزاب السياسية!! والمئات من الجمعيات والهيئات المختلفة.. ومع ذلك لم نر أحداً انزعج منها ولا تكلم عليها (كظاهرة) غير مرغوب فيها, بل الكثير يباركها وينخرط فيها, فما الذي حدث؟؟.
الذي حدث أنه بعد ظهور ما يسمى ب(التيار السلفي) على الساحة الاجتماعية والسياسية – وإن كان ظهوراً محدوداً – واكتسابه ثقة كبيرة بين الناس, ووثوق جمهور المجتمع به كمرجعية دينية وتربوية, ومحاولته لملمة صفوفه في (ائتلافات) وتجمعات, ومشاركته مشاركة ناضجة – فردية أو جماعية – في الجوانب السياسية, .. أزعج ذلك بعض الأطراف الأخرى التي لا يروق لها أن تر منافساً شريفاً, يعمل معها جنباً لجنب في خدمة العباد والبلاد, فبدأت تُظهر المخاوف والتوجسات من أي تحرك قد يؤدي إلى نجاح في المستقبل.
الأمر الثاني: تصوير المسألة كأنه لا يوجد أحد ممن يعمل في الميدان يخطئ غير (السلفي) و(السلفيين) – على أننا لم نر حتى الآن أي خطأ ظاهر – ولا يوجد من له في كل وقت وحين رأي وقول من (السياسيين والكتاب والمثقفين والمحللين) وغيرهم ..حتى يكون (المنظار) مسلّطاً على العلماء و(المشايخ) مناضلين وغير مناضلين!! فما الذي نفهمه من مثل هذا التعامل والتعامي؟؟.
وحقيقة (المشكلة) عند كثير من الكتاب هذه الأيام؛ تكمن في ظنهم عدم جواز (الخلط بين الدين والسياسة) فالدين.. لعلماء الشريعة – ومن الممكن أن يزاحمهم فيه بعض الساسة والمحللين كما هو الحال! – والسياسة.. وقف على أهلها لا يجوز لرجل الشريعة أن يخوض فيها ولا يتكلم عنها, وعليه أن يلتزم المسجد ولا يجيّره لقضايا سياسية!! .. وأما الآخر فتفتح له جميع وسائل الاتصال بالناس يقول من خلالها ما يشاء باسم السياسة والدين!!. وهذا الأمر دخيل على أمة الإسلام التي جاء دينها ليصلح لها الدنيا والآخرة, ولم يعرف هذا التفريق بين (الدين والسياسة = الحكم) إلا عند رجال الكنيسة ورجال الحكم في قرون أوروبا المظلمة التي شاع فيها مبدأ "دع ما لقيصر لقيصر, وما لله لله). ثم تبنته (العلمانية) اللادينية ودعت إلى (فصل الدين عن الدولة), يقول الدكتور أحمد كمال أبو المجد: "أما قضية فصل الدين عن الدولة بمعنى إقصاء الدين عن أن يكون له دور في تنظيم أمور المجتمع فإنها المكون الرئيس من مكونات العلمانية الذي لا يسع مسلماً قبوله".
ومن هذا يتضح أن (تقسيم الناس الحكم إلى شريعة وسياسة تقسيم باطل)! قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالي – في معرض رده على من زعم ذلك :" والسياسة نوعان : سياسة عادلة، فهي جزء من الشريعة وقسم من أقسامها لا قسيما لها.وسياسة باطلة، مضادة للشريعة مضادة الظلم للعدل …" ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – :" لا سياسة إلا ما وافق الشرع ".(كتاب: إعلام الموقعين).
وأخيراً.. فإني لا أعني بما ذكرت المساس بحق أحد أو نسبة ما لم يقله أو يعتقده إليه, فإني أبرأ من ذلك, ولا يعني ذلك أني أجيز لكل من حمل علماً أن يخوض فيما لا يعلم, بل أقدِّر وأحترم التخصصات كافّةً .. والله الموفق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.