الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    شاهد لحظة اختطاف الحوثيين للناشط "خالد العراسي" بصنعاء بسبب نشره عن فضيحة المبيدات المحظورة    الصين توجه رسالة حادة للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    غزو اليمن للجنوب.. جرائم لا تسقط من الذاكرة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    استشهاد 5 نساء جراء قصف حوثي استهدف بئر ماء غربي تعز    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكراتي من حصار صنعاء (2)
نشر في حشد يوم 07 - 02 - 2011

2 قطع طريق الحديدة:
ترددت الأخبار عن قطع طريق الحديدة وأن القوات التي كانت متمركزة في بني مطر والحيمتين من قوات المظلات والصاعقة قد انسحبت ولم يبق سوى بعض أفراد من المدفعية المرابطة في بني مطر ودبابتين ، وبداء الناس بالتخوف من هذه الأخبار داخل العاصمة ،وبدأ كل فرد يعمل حسابه لما يتوقع . وما قد يحصل . وخا صه عندما سمع المواطنون بتلك الأخبار المزعجة .
بدأ الرحيل من العاصمة عن طريق صنعاء تعز التي لم تقطع من قبل الملكيين ، وبدأت بعض الإذاعات العربية والصحف تروج لهذه الأخبار وأن صنعاء ستسقط خلال 24 ساعة وذلك عن طريق إذاعة الملكيين وإذاعات عربية أخرى والإشاعات من الداخل ، في هذه الفترة قطع طريق الحديدة ، بعد انسحاب قوات الصاعقة والمظلات من بني مطر والتمركز في مناطق حول صنعاء .
جاءت الإخبار لتوكد صحة المعلومات التي وصلتنا بدأنا نعمل ألف حساب لما قد يحصل .
3 قطع طريق تعز وصعده:
بعد ما تمكنت الملكية من قطع طريق الحديدة قطعت أيضاً طريق تعز وصعده ، وذلك عن منطقة نقيل يسلح حيث تم قطع الطريق المؤدية إلى صعده شمالاً من نقطة الأزرقين ومن هنا أحكمت الكماشة على صنعاء من جميع الاتجاهات حيث سقط الجبل الطويل والمنطقة الشرقية بيد المرتزق قاسم منصر أما بعض الجبال الغربية المحاذية للعاصمة صنعاء . مثل جبل نقم فقد تمركزت عليه الكلية الحربية بدفعاتها السادسة, والسابعة . والثامنة مع جميع ضباط الكلية ومن الدفعات المختلفة وبعض من إفراد المظلات والصاعقة أما جبل براش فقد تمركز عليه لواء النصر الذي ظل في موقعه إلى نهاية الحصار .
وبدأ القصف المدفعي والصاروخي على العاصمة حيث شمل القصف الإذاعة والقصر الجمهوري ومصنع الغزل والنسيج ومدرسة المظلات و منطقة شعوب وذلك بعد سقوط الجبل الطويل وبعض الجبال الغربية والجنوبية من العاصمة حيث بدأ القصف على العاصمة لثلاثة اتجاهات:
أ ضرب مصنع الغزل والنسيج عن طريق بني حشيش
ب ضرب مدينة صنعاء القديمة عن طريق سواد حزيز
ج قصف مركز على القصر الجمهوري والإذاعة عن طريق حده
4 المقاومة الشعبية:
في هذه المرحلة التي تجلت لكل المسولين والمواطنين أن العاصمة والنظام الجمهوري على وشك السقوط وان العاصمة في خطر أصدرت القيادة العامة قرارا بإنشاء المقاومة الشعبية ( من العسكريين والمدنيين ) وتعيين رئيس لها ومقرا لها .. استدعي المواطنين لالتحاق بالمقاومة الشعبية وتسليحهم بالبندقية التشيكي وعلى اثر ذلك شكلت المقاومة قطاعات على النحو التالي :
د قطاع العمال والطلبة .
ه قطاع الموظفين .
و قطاع الحرف الحرة .
وتم اختيار ضباط لتدريب هذه القطاعات ، وتشكيل قيادة عسكرية وقيادة مدنية وذلك من صفوة الضباط وكانت القيادة العسكرية بقيادة العميد المرحوم / غالب الشرعي كقائد عسكري و المدنية برئاسة الأستاذ المرحوم / عمر الجاوي . عملت رئاسة المقاومة تحت شعار واحد ( الجمهورية أو الموت ) على أن تكون المقاومة رديفا للقوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية وحراسة المدينة من أي اختراقات من قبل القوات المعادية . وكان التدريب على النحو الأتي :
ز مصنع الغزل و النسيج ، ومدرسة المظلات ، لأفراد المصنع والقاطنين لمنطقة شعوب
ح الطلاب والعمال والحرف الحرة بمدرسة جمال عبد الناصر .
ط الموظفين وبعض القطاعات فيمجلس الشورى (النواب).
وتتغير أماكن التدريب من حين لآخر، نتيجة لما كان يركز العدو للضرب على هذه المناطق المذكورة
حيث كان التدريب في مدرسة جمال عبد الناصر ومقر مجلس الشورى ( النواب حاليا )
5 حراسة صنعاء:
بدأت تشكيل قطاعات للحراسة للمحافظة على المنشآت الحيوية مثل الإذاعة والكهرباء في العاصمة وكانت الحراسة على النحو التالي:
أ قطاع الموظفين وبعض الطلبة على المصالح الحكومية .
ب الطلاب في الشوارع والمدارس والحارات .
ج العمال والحرف الحرة في مدينة صنعاء القديمة .
حيث يتم تبديل الخدمات بصورة منظمة ليلية وحسب الخطة المعدة من قبل عمليات المقاومة الشعبية.
6 المواد الغذائية والتموينية :
بعد أن أحكم الحصار على صنعاء ولم يكن هناك أي وسيلة للخروج تم تشكيل لجان تموينية من رئاسة المقاومة والطلبة والموظفين لتوزيع المواد التمونيه على المواطنين بالتعاون مع وزارة الاقتصاد . وكان المسئول الأول الأخ المرحوم / سيف أحمد حيدر ،وبعض موظفين التموين والطلبة من أفراد المقاومة حيث تم تقسيم العاصمة الى احياء يتم توزيع الجاز والمواد الأخرى مثل السكر والدقيق على الحارات التي تم إعدادها وفرزها من قبل المقاومة الشعبية .
7 سقوط عيبان وظفار والنهدين:
في نهاية 67م سقط كل من جبل عيبان وجبل ظفار وتبتي النهدين في المنطقة الغربية والجنوبية وبدأ الضرب يتمركز على الإذاعة والقصر الجمهوري والمطار الجنوبي والشمالي وبعض أحياء من مدينة صنعاء القديمة ، وبدأ الذعر يدب في نفوس الناس بعد هذه الأخبار الغير سارة وهذه القصف المركز على العاصمة وضواحيها وبسقوط هذين الجبلين المهمين زاد الذعر بين المواطنين ،
في هذه الحالة توقفت إذاعة صنعاء عن البث للمرة الثانية بسبب القصف المركز عليها . حيث قامت المقاومة الشعبية برئاسة المرحوم غالب الشرعي بالتوجه للإذاعة وبناء أكياس من الرمل على المولدات بعد ضرب الأستوديو الذي كان يتم منه الإرسال وبعض المحركات الكهربائية وتم إصلاح الخلل ، وفي هذه الحالة أذاعت إذاعة الملكية أن صنعاء على وشك السقوط بعد ضرب الإذاعة وتوقفها عن البث لمدة أربع ساعات وتناقلتها إذاعات عربية كانت معادية . لكنهم لم يفلحوا فقد تم ربط إذاعة صنعاء وتعز في صوت واحد .. باسم إذاعة الجمهورية العربية اليمنية ,
الوقود :
كانت مدينة صنعاء تمر بأزمة خانقة من قلة الوقود لمحطتي الكهرباء والإذاعة وبعض السيارات المستخدمة للأغراض العسكرية والإسعافات الأولية حيث كان الضرب يتمركز كثيراً على هاتين المؤسستين حيث تم نقل المواد البترولية وغيرها إلى أماكن مضمونة وجعلها في خدمة لهاتين المؤسستين فقط ، ولقد كانت لمحطة العولقي دورا في الاحتفاظ ببعض الوقود كما مرت صنعاء بأزمة خانقة بالمواد التموينية وخاصة بعد سقوط عيبان والنهدين بدأ الموقف يتأزم حيث قامت قوات من بعض الألوية مدفعية ، أمن مركزي ، وأفراد من المقاومة باسترداد النهدين من أيدي المرتزقة في خلال أربعه وعشرون ساعة
الضرب على الروضة واحتلال التباب المتاخمة لنقم وبرش
في هذا الوقت العصيب قامت قوات مرتزقة باحتلال التباب المتاخمة لجبل نقم ووضع بعض الكمائن للتصدي لقواتنا التي تمون برش ونقم وقطع الطريق عليها من ظهر الحمار ، وقطع الطريق من باب شعوب شرقاً .. وتم إحكام هذه المنطقة وكانت القوات المرابطة في مطار الرحبة من طلبة كلية الشرطة وبعض الوحدات من مدفعية ومدرعات . أما نقطة الأزرقين فكانت خليط من قوات مختلفة . وستطاع طلبة كلية الشرطة إن يتصدوا لهجوما شماليا من قبيلة أرحب أما جبل براش وبعض المواقع فقد قطع عنها التموين تماماً بسبب الحصار المفروض عليها ، لكن قوات من أفراد المظلات وقبائل من أفراد الشيخ عبدا لله دارس تصدت لذلك وتم فتح المنطقة واحتلال التلال الشرقية عن طريق قرية الدجاج ومنها ما يعرف ألان بتبة دارس حالياً ،
احتلال بعض المواقع :
كلفت الكلية الحربية وبعض الوحدات من الصاعقة والمظلات بالهجوم على دار الحيد ومنطقة الجرداء التي كانت خطرا على مواقعنا و بإسقاط المدفع الذي كان عند موقع ألحفاء والجرداء ، وكلفت فصيلة من لواء النصر بقصف المدفع الذي كان عند مدخل بني حشيش .. وكانت العملية صعبة حيث تم التضحية بأفراد من الصاعقة والمظلات وتم احتلال المدفع وعودة المجموعة المهاجمة بعد أن ضحت بشهيدين ..
الهجوم المكثف على صنعاء..
لم يفلح ذلك الهجوم الكبير على العاصمة رغم الضرب المكثف على المدينة والأحياء السكنية بالذات بل كان هناك هجوم على جميع المحاور من الشمال الشرقي والجنوب الشرقي والغربي والشمالي أيضاً قامت قوات الملكية بالقصف المركز على كل من مدرسة المظلات ومصنع الغزل والنسيج وقصف أخر على نقم وبراش وقصف على المدينة والإذاعة والقصر الجمهوري هذا لقصف استمر ست ساعات
وعلى أن يتم الهجوم من جميع المحاور.. جاءت هذه المعلومات بعد الظهر الثاني وعشرون من ديسمبر لعام 67م وكانت القوات الجوية قد انتقلت إلى الحديدة كمقر لها هناك بعد أن تعرض مطار الرحبة للقصف وكان الاتصال بين الحديدة وصنعاء مقطوعا تماماً ولم يكن هناك إمكانية للتواصل معهم .
طائرة الدش التي أنقذت الموقف .
وصلت إلى صنعاء طائرة دش قادمة من الحديدة تقل جنودا وذخائر من المحافظات تعز و الحديدة إلى مطار الجراف وتم التركيز عليها بالضرب من الجبل الطويل وتوقفت محركاتها .. وتم دفع الطائرة حتى عملت محركاتها .. وحلقت بالجو .. ومن سوء الحظ أن مطار تعز لم يكن معدا للنزول.. عاد الطيار إلى صنعاء وأمر بالهبوط مهما كان الموقف فهناك أمر يجب إبلاغه إلى القيادة في الحديدة عادت الطائرة وأفرغت حمولتها من مواد تموينية وجنود رغم الضرب على المطار ثم اتجهت إلى الحديدة وأبلغت القيادة هناك بأمر الهجوم المرتقب على العاصمة من جميع الاتجاهات .لم نعلم في أي ساعة سيتم الهجوم على صنعاء وهذا من اخطر المواقف . قامت القوات الجوية من الحديدة وتم ضرب المناطق التي حددت لها ، كانت صنعاء ذلك اليوم تعيش عرساً جميلا والمواطنون يشاهدون القنابل المضية و الكاشفة التي كانت تسقطها القوات الجوية , تم الضرب على مواقع العدو شرقا وغربا ومن هنا فشل الهجوم المتوقع على العاصمة الذي كان متوقعا فيه سقوط العاصمة .حيث كان الهجوم الاكثر ضراوة عن طريق عصرا لممر الأسهل لاختراق قواتنا .
شعار الجمهورية أو الموت
الفضل يعود إلى الله ثم إلى سيارة الشئون العامة التي كانت تخرج من وقت إلى أخر لشد أزر الجماهير بالأناشيد القومية والوطنية حتى أن بعض المواطنين عندما كان يشاهدون أو يسمعون صوت السيارة يهرعون ورائها في أرجاء المدينة حاملين أعلام الجمهورية وشعار "الجمهورية أو الموت" الذي كان شعار الوطن كله ، فعندما احتلت قواتنا المدفع الذي كان يضرب على صنعاء عن طريق الحفاء والجرداء خرجت الجماهير يومها تهلل وتكبر لهذا النصر .. وكان لهذه السيارة دورا مهما في إنعاش الجماهير.. وحملت الجماهير المدفع على أعناقها .. وكانت الفرحة .. إلا أن الفرحة تحولت إلى مأتم حينما قذف المدفع الجديد الذي جلبه الملكيون إلى منطقة حدة دفعات جديدة من الصواريخ على أحياء العاصمة حيث تمكن المدفع من قتل مجموعة من المواطنين في باب اليمن.
قرد المقحفي
المدفع اللعين هذا اليوم 25 ديسمبر لعام 67م لم يعرف اتجاهه بعد كسر الهجوم الذي كان على صنعاء في الليلة البارحة.. ودحر فلول المرتزقة . فعاود المدفع الضرب ولكن ليس في مكان محدده فقد وزع ضرباته إلى كل مكان من مدينة صنعاء القديمة, وباب اليمن , الحي الإذاعي , والقصر الجمهوري , وبعض المدارس , ووزارة الداخلية , التي هي الآن "المتحف الحربي". واستطاع أن يصوب بعض الأهداف والمباني السكنية في التحرير وشارع علي عبد المغني.
كنت أسكن خلف وزارة الداخلية مع بعض الزملاء في منزل الأخ / عبد الله المقحفي وكان زجاج النوافذ قد تكسرت من شدة الضرب الذي انهال على وزارة الداخلية والقصر الجمهوري ، وكان للمقحفي قردا أستغل عدم وجود أحدا في المنزل فتسلل إلى داخل المنزل الذي نسكنه بعد أن كسرت زجاج نوافذه فعبث في ملابسنا وأخذ بعض التموين الذي كنا نحتفظ به مثل السكر والشاي والذي كان معدوما في صنعاء ، والتي أحضرها الأخ / عبد الله الظرافي من أديس بابا , لأنه كان يعمل مع شركة الطيران اليمنية كان يوما عبوس الأخ عبد الله الظرافي الذي ظل يطارد القرد الذي سلب حاجاتنا من سكر وشاي وتبرز فوق ملابسنا قال : سأقتله ظل يبحث عليه في كل مكان .
احتلال عيبان :
جاءت الأنباء من القيادة العامة بتحرك احمد عبده ربه العواضي وقبائله وبعض القوات إلى الحيمتين قادمين من الحديدة مع حملة عسكرية كبيرة بقيادة العميد / عبد اللطيف ضيف الله .. وفي تلك الليلة تم نقل مجموعة من الجنود من كل الألوية لاحتلال عيبان الذي سقط بيدي الملكيين ومحاصرة القوات التي في منطقة متنه ( بني مطر ) كان ذلك في بداية شهر فبراير لعام 68م
تجمعت بعض القوات من جمع الفصائل إلى عصر ثم إلى متنه لاستقبال القوات القادمة من الحديدة ، وتمكنا من احتلال جبل ( عيبان ) كانت الحملة بقيادة رئيس الأركان الأخ / النقيب الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب حيث تم احتلال التلال المتاخمة لجبل عيبان وجبل ظفار والتلال المتاخمة لبني مطر
بدأ الهجوم في حوالي السادسة صباحا ًمن يوم الخامس عشر من شهر يناير لعام 68م .. لكن المدفع الذي كان مختبئاً في منطقة حده تمكن من قصف مدينة صنعاء . دون هوادة ولم يعرف مكانه . كان يضرب على حي الإذاعة والقصر الجمهوري وشارع علي عبد المغني وباب اليمن ويفرغ حمولته ويصب غضبه بعد سماع بوصول القوات إلى جبل النبي شعيب وانضمام بعض قبائل بني مطر إلى هذه القوات .
احتلال بيت بوس وزبطان وحده :
بعد الهجوم على عيبان وظفار كما قلت : ظل المدفع يضرب على المدينة وبصورة عشوائية لا يفرق بين حي وأخر . وقد استغرب أكثر الناس لضرب المدفع بعد السماع بوصول القوات إلى بني مطروكان الضرب على أماكن متفرقة حيث كان الضرب طول النهار ولم يقتصر على الساعات التي يعرف بها والمحددة للضرب .في 7 من نوفمبر 68م تم مهاجمة حدة والمناطق المجاورة عن طريق ظفار وعيبان بمجموعة صغيرة كان يقودها الشهيد عبده قاسم الحبيشي رئيس عمليات المقاومة الشعبية في حينه .. وكنت بجانبه من المساء وحتى الظهيرة لليوم الثاني ، حيث تم اكتشاف الموقع الذي كان يضرب منه المدفع وتمت مداهمته ، وأحضرت سيارات لسحب المدفع الذي كان يضرب على العاصمة مع الذخائر التابع له من حدة حيث وجد في المكان نفسه موتور كهربائي صغير وصور للعملاء من غير اليمنيين وبعض علب السجائر من نوع كنت ورسائل فيها أوامر من نائب الإمام يحثهم على مواصلة القتال . كما وجد في الموقع خيم تشبه الأشجار تماماً .. كان من ضمن الحاضرين الذين سحبوا المدفع الأخ الصحفي المرحوم / محمد الزرقة وبعض الزملاء وتم نقل الذخيرة من الجروف إلى صنعاء ثم الى المتحف.
في هذه اللحظة خرجت النساء لنقل الذخائر بعد أن سمعت الأخبار بأن قوات الجمهورية قد دخلت المنطقة وانتصرت ضد الملكية ، خرجن تهلل وتكبر وهن يحملن ( الدانات ) الذخائر على رؤوسهن من جروف حدة . التي تكفي لضرب صنعاء ستة أشهر . تم سحب المدفع إلى الطريق الترابي إلى صنعاء واستغرق سحبه حوالي ست ساعات كاملة ، حيث إن الطريق كانت غير معبدة هدأت المدينة من الضرب المدفعي في تلك الليلة ، بعد احتلال التلال المتاخمة من حدة وبيت بوس وزبطان .
توقف القصف المدفعي على المدينة
في هذا اليوم خرج الناس في أمان كامل لقضاء حوائجهم، طفنا بالمدفع في أرجاء المدينة كان المدفع كبيرا ومن عيار 106 أمريكي صنع عام 64م يقذف ثلاثة أنواع من الذخائر، صاروخي. وعادي . ومتفجر . في مدى معين بشكل شظايا في الجو حتى يحدث أكبر خسائر من الأفراد .
عاشت صنعاء تلك الليلة في هدوء تام ، نامت كما ينام الطفل الرضيع في صدر أمه 8 من فبراير 68م خرج الناس رجالا ونساء وأطفال لاستقبال قواتنا المسلحة القادمة من المنطقة الغربية عن طريق الحديدة . استقبلت الجماهير قواتنا المسلحة والشعبية القادمة من الحديدة برئاسة قائد الحملة العسكرية العميد/ عبد اللطيف ضيف الله و مع قوات الشيخ أحمد عبد ربه العواضي الشعبية وتم فتح طريق الحديدة بعد أن أكملنا تصفية الجيوب والطريق المؤدي إلى عصر ، واحتلال عيبان وظفار وحدة والنهدين .. وبدأت القوافل تصل إلى صنعاء من الحديدة .. وتم نقل المواد التموينية عبر الطريق التي تم فتحها ، وتصفية الجيوب المتبقية في الأماكن التي لا زالت تسيطر عليها قوات رجعية ومرتزقة مثل جبل النبي شعيب وغيره ، حيث بقيت طريق تعز مغلقة لوقت كبير حيث تحركت قواتنا المسلحة عن طريق يسلح يعاونها قوات من العاصمة لفتح طريق تعز ، كان التجمع في سواد حزيز والاتصال بالقوات المتمركزة في أسفل النقيل لشن هجوم لفتح طريق تعز .
نقم يعانق عيبان
في هذا اليوم الذي فتح فيه طريق الحديدة 8فبراير 68م تم تصفية الجيوب المتبقية من الملكيين .. تعانق عيبان ونقم حيث أشعلت النيران بين نقم وعيبان وظفار وارتفعت روح المقاتلين قوة رغم برودة الجو .. لكن الطريق الجنوبي والشرقي لا زالت مقطوعة ( قواتنا المسلحة تتقدم إلى نقيل يسلح وقوات أخرى من يسلح قادمة من معبر ) ، ظل الوضع كما هو حيث واجهت قواتنا المسلحة تجمعات قوات ملكية لصد الهجوم القادم لقواتنا والتي كانت متمركزة في النقيل وسواد حزيز لفتح طريق صنعاء تعز .
طريق تعز صنعاء.
القوات لا زالت في معبر حيث كانت من جميع الشرائح . تم إعادة تشكيلها وإسناد المهمة لها بالتوجه إلى يسلح ، مع قوة من صنعاء لفتح الطريق .. لكن المقاومة كانت شرسة والمدافع الملكية زاد قصفها على المواقع لتفريغ حمولتها على الجبال المتاخمة للنقيل لصد الهجوم والثغرة التي أحدثتها قواتنا في صفوف الملكيين عند جبل حرة ، بعد هذا الجيب الذي أحدثته قواتنا في صفوف الملكية قامت القوات الرجعية بالالتفاف حول نقم وبرش لكن قواتنا من الكلية الحربية ولواء النصر كانوا في يقظة تامة حيث قاموا باحتلال المدفع الذي كان يضرب على المطار الشمالي على طلبة كلية الشرطة والقوات المرابطة هناك . كان الضرب من منطقة بني حشيش وكسر هذا الهجوم حيث دخلت قوات عن طريق الأزرقين واحتلال التباب التي في بداية بني حشيش ،وكانت قوات المرتزقة تقاوم أشد مقاومة بعد فتح طريق الحديدة ، حيث حاولت التقدم لقفل الطريق مرة ثانية لكنها فشلت .. قامت مجموعة لنسف جسر عصفرة وقطع الإمداد على قواتنا المتقدمة ، حيث تمركزت قوات من جماعة الشيخ أحمد علي المطري وأخرى من القوات الشعبية والقوات المسلحة وتم تمشيط المنطقة ، وفر العملاء الأجانب والمرتزقة إلى الناحية الشرقية حيث يوجد ابن الحسن هناك . وقام سلاح المهندسين بإصلاح الجسر المعطوب .
قوات على طريق تعز:
تشكلت قوة من جميع المحاور ، مدرعات ، مدفعية ، مظلات ، صاعقة ، مشاه ، أمن قوات شعبية , والمقاومة ، واتجهت إلى منطقة حزيز برئاسة الفريق / حسن العمري وتم التنسيق مع القوات التي كانت متواجدة في معبر ، حيث تم محاصرة القوات الباقية من الرجعية والمرتزقة والملكية ، في هذا الوقت قامت القوات الجوية بالضرب المكثف لتسهيل مهمة القوات المتقدمة .
هناك قبائل من رداع وغيرها من القوات الواصلة من المحافظات تعز , وأب , والمحافظات الجنوبية التقت بالقوات المتقدمة من صنعاء وتم فتح طريق تعز ، وتم مطاردة بقية القوات الملكية حيث خلفت وراءها أسلحة وذخائر كانت كافية لحصار صنعاء لعام كامل .
حادثة مطار الجراف:
بعد أن فقدنا مطار الرحبة بسبب الضرب المركز على المطار الجنوبي.. استعملنا مطار الجراف وتم الإنزال هناك وكانت الطائرة تختفي خلف المبنى الطيني الموجود حالياً بجوار الحديقة . وقد حاول أكثر من مرة المدفع الذي كان في اتجاه بني حشيش ضرب أي طائرة تهبط في مطار الجراف
وأخيراً استعمل مطار بجانب شارع الستين المؤدي إلى عصر وقد انزل فيها الطيران مرتين بقيادة الطيار القباطي وجوهر، ولم يكن صالح للاستعمال لأن الضرب تركز على جميع المحاور ، ولم يستطيع الطيران بالنزول إلا بعد فتح طريق الحديدة ، وإصلاح بعض الممرات التي خربت جرى الضرب في مطار الرحبة . حيث كان الطيار (القباطي ) و الطيار ( جوهر ) من أشجع الطيارين المدنيين في تلك الفترة .
الطيار الديلمي :
هدأ القتال قليلاَ عند المحور الشرقي وتنفست صنعاء الصعداء القوات المتواجدة في هذا المحور قامت بالزحف نحو الجنوب .. لكن القدر لا ندري ما يخبئ لنا كانت هناك مناوشة عند المحور الجنوبي الشرقي حيث كان ابن الحسن موجودا هناك فاستدعيت القوات الجوية لضرب المنطقة الجنوبية الشرقية التي وصلت معلومات إلينا بأن هناك جيوب مرتزقة في هذه المنطقة تحاول السيطرة على الموقف وجمع شتاتها ، حيث قام الطيار ( محمد الديلمي ) مع مجموعة من الطيارين بالضرب بطائراتهم على المنطقة المحددة ، وأثناء الرجوع أصيبت طائرته وأعطى الأمر بالهبوط بالمظلة ونزل بين السواد والجرداء ونزل الطيار الديلمي في مظلته وكان أقرب للقوات المرتزقة منا ، لكن القدر أقوى حيث أخذ حياً رغم الدفاع المستميت الذي واجهناه من الملكيين في المنطقة حيث أن قواتنا في هذه المنطقة كانت عبارة عن دبابة وطقم ومصفحة واحدة وبعض السيارات التي كانت تستخدم كأطقم ، قتل الطيار الديلمي وشوه به .. وبعد طرد المرتزقة من المنطقة تم دفنه في مقبرة الشهداء .
لغم .. وحمار عند باب اليمن :
بدأ المدفع بالضرب على المناطق التالية . القصر الجمهوري . باب شعوب . والحي الإذاعي وبعض مناطق من صنعاء القديمة ، وفي هذا اليوم لم يقوم المدفع بضرب كعادته . لكن دوى انفجار عند باب اليمن
قالوا : أن المدفع عاود للضرب بعد أن دمرته قواتنا المسلحة ، لكن الانفجار كان سبب لغم وضع في باب اليمن على ظهر حمار ، ولم يجدوا سوى حمار قد تجزأت أشلاءه بين الضحايا ، فقالوا : أن أحد المرتزقة هو الذي أدخل هذا الحمار وكان اللغم فوق ظهر الحمار ، وقد تكون مادة ( تي أن تي ) وليس لغم ، وبدأت الدوريات بالتحري على كل من يدخل ويخرج من باب شعوب لأن المنطقة كانت مفتوحة تماماً
الطيار الربيعي:
في الخط المقابل الجهة الشمالية في منطقة أرحب وفي المحور الشمالي ، سقط الطيار سعد الربيعي كما سقط الطيار الديلمي شهيداً للواجب كنت خارج المنطقة لإعداد أفراد المقاومة الشعبية اللذين سيكونون في الجهة الجنوبية لصنعاء عدت بعدها إلى مقر المقاومة لحادثة استشهاد الطيار الربيعي فقلت شهيد جديد ينضم إلى قافلة الشهداء .
بيت الشماحي :
في الصباح الباكر كنت خارجاً من منزلي الذي أسكنه بجوار مبنى الداخلية ( المتحف الحربي حالياً ) لتناول طعام الإفطار ، شاهدت جموع من الناس متجمعين ومتجمهرين عند بيت القاضي الشماحي ، قال لي أحدهم : لغم في الفتحة وأن الفتيل بدأت يشتعل ، أخذت ماء اطفي الفتيل وبعض الناس أخذوا بعض التراب وراح يطفئون الفتيل فلم ينفجر وكان عبارة عن مادة : تي أن تي ( بشكل عجينه
تفرق الناس حتى لا يحصل ما لا يحمد عقباه أو تنفجر المادة رغم أن الفتيل قد اطفي.. قال أحدهم أن صاحب موتر سيكل قد وضع ذلك في فتحة الحوش ، فاتصلت بالأخ / عبد الواحد السياغي مدير الأمن في حينها وأخبرته بالموضوع فوضع حراسة على المبنى ، فذهبت إلى سلاح المهندسين واستدعيت أحد الأخوة وقام بتعطيل مفعول المادة وكانت هذه المادة معدة لنسف بيت القاضي الشماحي التي بقرب القصر الجمهوري .
يتبع في الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.