كمتابع لكثير من الكتابات عن المرأة العربية العصرية وجدت أن كثيرا من هؤلاء الكتاب أو الكاتبات -والواقع يشهد بذلك -قد أساءوا لها من حيث شعرون او لم يشعروا ، كتابات بمجملها تدعوا إلى إخراجها عن السياق العام الذي يتنافى مع وضيفتها الانثوية ، وأنفي أن يكون قد فرضه الواقع بقدر ما تكون الاخلاق والقيم قد فرضته عليها كامرأة عربية ، لأن القيم والاخلاق هي الثابت وليس المتغير . اليوم هناك نقاش حاد في كثير من القضايا التي يظن من يروج لها من الرجال أو النساء بأنها تمس المرأة في الصميم ، لكن في واقع الأمر القطاع العريض من النساء اليمنيات غير عابئات بما يدور الحديث عنه في مثل هذه القضايا التي لا تواكب طموحها ، ولا تخصها ، ولا يدور الخلاف حولها أصلا ، ولا ترقى إلى مستوى ما ترنو إليه بل إنها أمور خارج سياق اهتماماتها، أي أن اهتماماتها في غير ذلك وكثير من هؤلاء لا يحترمون المرأة ككائن له وجوده الهادف في الحياة عندما يغردون خارج سربها ، حقيقة نستشفها من قول زار قباني بأن المرأة " كانت ذات يوم وردة في عروة ثوبي ، خاتما في إصبعي ، همّا" جميلا" ينام على وسادتي ، ثم تحولت الى سيف يذبحني . فالمرأة عندي الآن ليست ليرة ذهبية ملفوفة بالقطن ، ولا جارية تنتظرني في مقاصير الحريم . المرأة هي الآن عندي أرض ثورية ووسيلة من وسائل التحرير . أنني اربط قضيتها بحرب التحرير الاجتماعية التي يخوضها العالم العربي اليوم . أنني اكتب اليوم لإنقاذها من أضراس الخليفة وأظافر رجال القبيلة . أنني أريد أن انهي حالة المرأة الوليمة - أو المرأة " المنسف " و أحررها من سيف عنترة وأبى زيد الهلالي " إن ما قاله نزار جزء منه صحيح لكن الباقي كلام لا أساس له من الوجود وذلك عندما يختزل هامشا كبيرا من المرأة في الجنس ، فهل خلقت المرأة لإشباع الرغبات وكفى ، هل هذا هو دورها في الحياة ، وله خلقت ووجدت ، إنه الإجحاف بذاته عندما يحصر دور المرأة ويضيق الواسع الذي خلقت من أجله أدبيا لا أعتقد أن هناك وصفا مغرقا في الدقة والروعة كوصف شوقي للمرأة الأم حين قال الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا أَعْدَدْتَ شَعْباً طَيِّبَ الأَعْرَاقِ الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَعَهَّدَهُ الحَيَا بِالرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّمَا إِيْرَاقِ الأُمُّ أُسْتَاذُ الأَسَاتِذَةِ الأُلَى شَغَلَتْ مَآثِرُهُمْ مَدَى الآفَاقِ ويجوز أن نسحب المعنى على المرأة ككل سواء كانت الزوجة أو الام أو البنت أو الأخت ويليق بالمرأة وصفا كهذا نظرا لما تحتله المرأة في حياة العربي ، فلقد كانت في العصر الجاهلي في موضع القلب من جسده واهتماماته وشعره . وقد حملت هذه المكانة السامية للمرأة بعض الباحثين من المستشرقين على القول بأن العرب كانت تتبع في الأزمنة القديمة نظام الأمومة . وهنالك من الأدلة ما قد يعزز مثل هذا القول . فقد استنتج بعض الدارسين أن انتساب الأفراد الى أمهاتهم وشيوع الأمومة عند العرب ، حتى أنهم منحوا أهم الآلهة ، اللاة والعزى ومناة ، صفات الأنوثة في الإخصاب والولادة والخضرة والخير . والمتتبع لتاريخ المرأة بكل عدل وإنصاف سيجد كثيرا من الإشارات التي تبين في مجملها حقيقة أن المرأة في كل العصور كانت قوية الشخصية . متمسكة بالأخلاق الكريمة مترفعة عما يشينها أو يحط من قدرها عند أهلها وقومها . ولم تكن حبيسة دارها ، بل كانت تخرج متى تشاء وتخالط من تشاء . وقد نبغ عدد من النساء كالخنساء وخرنق وكبشة وجليلة بنت مرّة وزوجة كليب الفارس المشهور ، وبعيدا عما العجيب الذي لا مبرر له أن نجد من النساء من ترى في المجتمع في فترة من الفترات وحشا كاسرا، و والعجيب أن هناك أيضا من الشعراء من يقف مع المجتمع ضد المرأة ممن تمثل أفكارهم ومواقفهم عن المرأة الأفكار والمواقف الاجتماعية التقليدية التي ما تزال قائمة حتى الآن ، فهو يضع المرأة في مرتبة أدنى من الرجل صغيرة الشأن قصيرة النظر ، مراوغة ، خدّاعة بطبيعتها كقول إبراهيم العقاد خل الملام فليس يثنيها حب الخداع طبيعة فيها هو سترها وطلاء زينتها ورياضة للنفس تحييها وسلاحها فيما تكيد به من يصطفيها أو يعاديها وهو انتقام الضعيف ينقذها من طول ذل بات يشقيها أنت الملوم اذا أردت لها ما لم يرده قضاء باريها خنها ولا تخلص لها ابدا تخلص الى أغلى عواليها وبدورنا نقول له ولأمثاله لقد ولى هذا الزمن بل لم يعد له وجودا لأن المرأة العربية أصبحت تفكر بغير ذات العقلية ، وتبرهن أفعالها اليوم بمنطق سليم غير الذي دأبت عليه نظرا للصلاح الكبير الذي تثبته كثير من الدراسات وشواهد المجتمعات العربية بين أوساط النساء وإقبالهن على الالتزام ، والتمسك بكثير من القيم والاخلاق والسلوكيات التي كانت مقلة فيها ، اليوم نجدها تعزز مضامينها وأرقى عناوينها من خلال كثير من الشواهد ليس أقلها الإقبال على الحجاب في أوطاننا العربية الذي سجلت مئات الالف من الحالات ارتدائهن له طواعية دون إكراه ، وقناعة منهن كنوع من أنواع التمنع والتبخل الذي يحبه الله عن المرأة وكثير هم الذين ما زالوا يدقون على وتر تخوين المرأة العربية ووصمها بكثير من السلوكيات المشينة لتي تتماشى مع هذا التخوين إلى درجة ان وصل أحدهم بوصف متعته مع امرأة أجنبية بأنها أحلى من تمتعه بزوجته وعندما سئل لماذا هذا الوصف والكلام على المراة بهذا الابتذال أجاب: بأن المراة لا يضيرها مثل هذا الوصف لأنه أمرا عاديا أن تقوم بتمتيع رجل اجنبي يجد فيها متعة أكبر من متعته مع زوجته أي مواقف مريضة رديئة هذه . والمؤسف أنك تجد أردأ منها وأقبح في أشعار بعض الشعراء ممن يرون في المرأة المتزوجة بأنها طبعت على حب رجل غير زوجها، وأن المرأة مازوشية تحب من يهينها ويذلّها، وتبتعد عمن يعاملها بلطف . وينصح الرجال بأن يجعلوا من النساء لعبة يتسلّون بها ساعات ليس أكثر. ولست انكر في هذا المقام أن هناك بعض الظواهر في مجتمعاتنا العربية الرجل فيه هو السيد والمرأة هي التابع في نسف واضح لحقيقة المرأة على أنها وجود أنساني مساو أو مكافئ لوجود الرجل ، لذلك وجدنا من يقدمها على أنها أدنى مرتبة من الرجل . وإذا كان هذا المنظور هو انعكاس لوجود اجتماعي ، ، فأن الشعر العربي كثير منه وللأسف الشديد عموما" لم يقم بدور إعلامي أساسي في نقد هذه العلاقة ، بل عمل على ترسيخها في أذهان العامة ، إلا ان المرأة استطاعت أن تتجاوز هذا التجاهل لها من قبل الشعراء وخاصة في عصرنا الحديث وحاولت حتى استطاعت باقتدار أن تنتزع وجودها المكافئ بقوة من بين أشداق المجتمعات ، فوجدنا المرأة العالمة والصحفية والسائقة والمدرسة والطبيبة والإعلامية والخياطة والصيدلة والمخبرية والمديرة والمهندسة وظائف لم تتعارض بشهادة الواقع مع التركيب الفسيولوجي للمرأة بل إنها وظائف أحدثن من خلالها نقلات نوعية للمجتمع ، وكل ذلك دون ان يخل بوظيفتها الرئيسية كربة بيت ، بل إن بعضهن ابدعن أيما إبداع بين حياتهن العائلية وحياتهن المهنية ، فأين هذا الوجه المشرق من الشعر العربي ونتاج الكتاب عموما الذين اغرقوا أنفسهم ، وما يزالون ، في وصف جزئيات وتفاصيل وجه المرأة وجسدها ، بالشكل الذي يثير رغبات الرجل البيولوجية أكثر من إثارة عواطفه الروحية السامية . وبالشكل الذي يثير اهتمام المرأة بجسدها وزينتها ومظهرها الخارجي أكثر من اهتمامها بتربية روحها وصقل عواطفها ومواهبها وطاقاتها . وقد أسهمت هذه الصورة الإعلامية للمرأة في الواقع العربي في تردي استغلال الطاقات . مشكلتنا في مجتمعاتنا العربية أن هناك من يريد أن يضلل الرأي العام بحجة أن المجتمع ما زال منغلقا بأفكاره عن المراة في الوقت الذي نعتقد فيه أن المجتمع قد تجاوز هذه المرحلة من خلال نظرته للمرأة واقعا كرفيق حياة وشريك مصير مكافئ للرجل ورمزا" للحرية والانطلاق والحياة فما عدنا نرى هذه الصورة تحتل مساحة اقل في عقل العربي من الصورة التقليدية التي تستحوذ على تفكيره وافعاله السلوكية الواعية وغير المشروعة لذلك ندائنا نتوجه به إلى المرأة نقول لها لقد وضح الطريق ، والقافلة سارت غير عابئة بأقوال المتخرصين الذي يريدون إعاقة المسير وإرجاع القافلة إلى الوراء فكوني اكبر من ذلك وتجاوزي الصعاب فأنت في زمن الوعي والإدراك