حدثان محوريان .. خطوط عريضة فرضت نفسها في حاضر ومستقبل اليمن ، وضعته على صفيح ملتهب وطرقاً متعرجة لا أعلم إلى أي منتهى تؤول إليه.. ليست فقط قضايا الساعة.. أو وليدة اللحظة.. ثمة من يعبث.. من يخرب.. من يتمادى.. من يدق بمعاوله كل الركائز والأسس.. من يحلل المحرمات والممنوعات الوطنية.. ويذهب إلى ما هو أقسى.. ليتحول إلى نحاس سخيف.. يعرضها في مزاد البغي بثمن بخس.. حدثان مفصليان.. لم يكونا مجرد حدثين عارضين.. إنهما خيانة مع سبق الإصرار والترصد توفرت في طريق اثبات التجني كل الأدلة وبقي علينا أن ننتظر قاضياً.. لا شرقياً ولا غربياً.. يصدر حكمه. الديمقراطية والوحدة .. اعظم منجزات اليمن في التاريخ المعاصر في خطر محدق .. بالأمس.. دق مسمار (صلب) في جدار ديمقراطيتنا الهشة.. نتج عنه شرخ التأجيل البغيض لمهرجان الشعب الشوروي.. ولم يعد أمرنا شورى بيننا.. وها نحن الآن نقبع في زمن اللاشرعية لسلطتي التشريع والتنفيذ.. بنظري.. كما هو واجب أن يكون بنظر كل أكاديمي ومثقفي واليمن وكل أطياف المجتمع انتهاءً برجل الشارع القول بملء الفم.. أن البرلمان الذي يمثل دائرتنا.. انتهت شرعيته.. إن المجلس الذي يشرع غير شرعي ، إن الحكومة المنتهية ولايتها غير شرعية.. إذاً نحن نعيش زمن اللاشرعية مع سبق الإصرار والترصد. بالأمس وافق البرلمان المنتهي صلاحيته على فرمان الاتفاق السياسي الموقع بين جهابذة الحزب الحاكم وفلاطحة المشترك المعارض.. طعنة أخرى في خاصرة الدستور.. لا غرابة فالدستور قد قتل بعد أن تلقى المزيد من الطعنات القاتلة ابتداءً من تعديل جل قوانينه في الانتخابات البرلمانية المتوالية، وانتهاءً برصاصة الرحمة التي أفرزت التأجيل عامين للانتخابات.. ماذا بقي بعد ليتم تعديله وتفصيله حسب مقاسات غير ثابتة.. تتسع حيناً وتضيق حيناً آخر؟! أي ديمقراطية هذه؟ التي غطت آذانها بالعجين والطين ولم تصغي لصراخ الأغلبية.. شعب.. منظمات.. قيادات وأحزاب أغلقت الباب بهمجية أمام كل الاحتجاجات التي لم تغالي ولم تقفز إلى ما دون دستورنا وقوانيننا.. أليس هذا رسالة كافية تبرهن أن دعس القوانين لم يعد حصراً على قوى التمرد.. والتخلف والعنجهية.. بل قد مر من فوقه أحذية القائمين على حمايته.. انتهك عرضه وأصبح مثل (بسطة) متهالكة في ميدان التحرير.. كنا نأمل بانتهاجنا لمبدأ الديمقراطية والتعددية تلافي نقاط الخلل والرجعية عله ينعكس ذلك على مسار الأمن والسلم الاجتماعي في البلاد ويقفل باب التدخل الخارجي في تفاصيل مجتمعنا.. على هذا كان يعتمد واقع تفاخرنا وابتهاجنا.. وإذا بنا نصطدم بما آلت إليه تلك المنهجية التي فتحت لنا أبواباً جديدة من الاستنزاف والفوضى والشتات.. هذا التضاد الذي نجم بين النهج الديمقراطي ونتائجه الإيجابية وبين الواقع اليمني الأكثر سلبية تضاداً ذو خصوصية محلية المدان فيها كافة التركيبة السياسية والاجتماعية في البلاد.. لاشرعية .. شرعية من المشرع؟ لنحتكم اليه في كل ما استجد.. وما عواقب الإدانة وأثرها على مسار الحياة السياسية والاجتماعية، وكيف سيتم تسيير الأوضاع الداخلية في البلاد في ظل برلمان وحكومة (expire) ومن أين تستمد صلاحيتها.. تلك العلب المنتهية.. هل يأتي ذلك من كون التمديد اعتمد على موافقة بعض القوى السياسية.. بحيث منحه شرعية هي في الأصل مزيفة، أم أنه جاء على قاعدة (القوة الأكبر) التي تملك الشرعية بطرق غير شرعية.. لا يهم.. سيان.. طالما والنهاية احتلال روما.. أقصد.. انتهاك ما تبقى من حرمة الدستور.. المرحلة الأشد حرجاً.. بإمكاننا أن نعمم خطابنا الإعلامي كمعارضين للتأجيل ومنتصرين للدستور والثوابت الوطنية.. ونتنكر لشرعية السلطتين الذي طالت إقامتهما.. وساء مقامهما.. ونعتبر بأن كل ما يصدر من تشريعات وقوانين خلال فترة العامين.. ليست ملزمة ولا معمول بها.. بإمكاننا أن نزيد الطين بلة ولنا مبرراتنا.. لكن ضميرنا الوطني المسؤول.. العاشق لتراب هذا الوطن حتى الثمالة.. يختم علينا عدم إثارة المزيد من البلابل التي قد تستغل لخلخلة الوضع السياسي المتردي أصلاً.. ضميرنا الوطني النقي من شوائب المزايدات والمصالح والنخاسة يجعلنا ندفن أوجاعنا وآلامنا.. ونتكئ على الجروح الغائرة التي خلفتها المساومات من متراكمات منهكة تهد حاضر ومستقبل الديمقراطية في البلاد.. لكننا لن نستطيع دفن حقيقة مفادها.. لقد أصيبت الديمقراطية بمقتل..