ياسمين مصطفى- موقع وجريدة "العهد" اللبناني: لم تُفلح كل المناشدات والنداءات المحلية اليمنية للمجتمع الدولي، ولا البلاغات المُقَدَّمة إلى الأممالمتحدة، في الضغط لتجنيب أهل قرية الصراري الواقعة في محافظة تعزجنوباليمن مجازر ذبحٍ جماعية على طريقة تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيَين، في أسوأ تجليات الإبادة الجماعية لشعبٍ أعزل. وكأنَّ القرية الجنوبية التي تحدها قممُ جبالٍ عاليَة، لم يكفِهَا الحصار الجزئي الذي دام على أهلها قرابة عامٍ ونيِّف منذ بدء العدوان السعودي على اليمن، حتى ضيَّق التكفيريُّون الخناق على أهلها؛ بضوءٍ أخضر من الرياض، وصولاً إلى التفنُّنِ في الإرهاب من الذبح والسَّحل ونبش القبور ونصب المشانق ضد مواطنيها العُزّل. يروي مدير عام حقوق الإنسان في محافظة تعز عبد الحميد سلطان ل"موقع العهد الإخباري" أحداث المجزرة فيقول، "في ساعات فجر أمس الأُوَل، اقتحم المئات من مرتزقة العدوان القرية، بعد أن أغرقوها جوًا بالقذائف الصاروخية لأكثر من ثلاث ليالٍ من أربعة محاور لمحاصرتها بالكامل، فلم يبقَ في القرية حجرٌ على حجر، قصفوا 35 منزلاً بأكثر من 300 قذيفة (ار بي جي) وأسلحة رشاشة وأحرقوها، ثم قاموا باختطاف ما يقارب 40 من آل الجنيد لا يزال مصيرهم مجهولاً، ذبحوا وقتلوا ونكلو بجثث أكثر من 40 بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثمانية عشر سنة ورموا جثامينهم من أعالي الجبال، ولم يكتفوا بذلك بل قتلوا المواشي لتجويع المحاصرين، ونبشوا القبور وأحرقوا رفات مقام السيد الصوفي جمال الدين الجُنيد والذي يتخطى عمره ال500 عام"، فضلاً عن إحراق المكتبة الصوفية، والتي تعتبر أكبر مكتبة علمية صوفية شاملة في تعزواليمن". قائد المرتزقة السعوديين في مجزرة الصراري في تعز يروي سلطان للموقع كيف حمل عبد الحكيم الجنيد طفله الجريح مصطفى على ظهره، "وراح يركض لإسعافه وسط وابلٍ من القصف الصاروخي الذي طال مديرية الموادم، لكن الطفل قال لأبيه "دعني هنا فحالتي حرجة وانجُ بنفسِك"، فنجى الوالد واستشهد الطفل مصطفى، فقام المرتزقة بقطع يديه ورجليه وفصلهم عن جسده والتنكيل بجثمانه، بعدما قتلوا أخاه جوهر ورموا جثَّتَهُ من قمَّة الجبَل". المجزرة المروعة التي تنحني أمام فداحتها الأُمَم، أوضح سلطان أنها تتكرر منذ بدء العدوان في مختلف المناطق اليمنيَّة، في محاولةٍ لتصفية السُّكَّان واستنهاض الصراع المذهبي والطائفي بين أبناء الشعب الواحد، على مرأىً من العالم أجمع، خاصةً المجتمع الدَّولي ومجلس الأمن الذي لم يُحرك ساكنًا نظرًا للمصالح الاقتصادية التي تربط الدول الكبرى بالمملكة السعودية، التي تعتبر- بحسب سلطان- المسؤول الأول والأخير عن ظاهرة الإرهاب بدءًا من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر مرورًا بحركة طالبان في أفغانستان إلى العراق وسوريا والعالم. مجزرة الصراري في تعز على الجانب السياسي من العدوان على اليمن، باتت الكرة في ملعب الرياض في مفاوضات الكويت التي تشكل؛ وفق ما يقول رئيس لجنة التهدأة في تعز د.يحيى جنيد؛ حلقة من حلقات سيناريو العدوان المتكامل، الذي لو أرادت واشنطن والدول الكبرى تخليص الشعب اليمني منه لاستطاعت ببساطة بالضغط على الرياض، لكن مصالحها مع آل سعود تمنعها النظر إلى حقوق الإنسان المهدورة في اليمن، على حد تعبير جنيد. وفيما يتعلق ب"القلق"، المصطلح الذي تسمي الأممالمتحدة بياناتها من العدوان على اليمن به، يرى د. جنيد أنها لا تتعدى كونها مناوراة بهدف ذر الرماد في العيون حيث تمنع طائرات التحالف أي إسناد لأهالي المناطق في الدفاع عن أنفسهم، ويضيف جنيد "نحن نعلم أن الهدنة هي هدنةٌ على الورق، والمفاوضات مستمرة بهدف إطالة أمد العدوان اولتخفيف من الضغط على مرتزقة الرياض، ولعلها استراحة محارب ليعود التكفيريون بإيعاز من السعودية إلى قواعدهم التي أنهكتها دفاعات الجيش واللجان الشعبية".