قال الخبير المالي وحيد الفودعي إن النزاع بين البنك المركزي بعدن ووزارة المالية لم يكن خلافًا شخصيًا أو صراعًا على النفوذ. وأكد في مقال نشرته صحيفة الأيام أن النزاع بين البنك والوزارة هو خلاف حول مبدأ مؤسسي جوهري يتمثل في استقلالية البنك المركزي وقدرته على أداء مهامه وفقًا لما ينص عليه قانونه. ورأى أن اختزال الأمر في كونه تجاذبًا عابرًا بين مسؤولين يعد تبسيطًا مخلًّا، معتبرًا أن ما يجري في العمق يكشف عن خلل بنيوي في إدارة موارد الدولة، منوهًا إلى أن البنك تُرك وحيدًا في مواجهة أزمة تفوق طاقته بكثير. وأوضح الفودعي أن البنك المركزي يواجه اليوم خزائن شبه فارغة، في ظل إصرار الحكومة على التعامل معه كذراع تابعة لا كسلطة نقدية مستقلة. ونوه إلى أن هذا الانحراف لم يعد مجرد خلل إداري، بل أصبح تقويضًا لاستقلالية البنك وإضعافًا لآخر أدوات الاستقرار في اقتصاد يعاني عجزًا يتجاوز 75% من الإنفاق العام. وأشار الفودعي إلى أن العلاقة بين البنك المركزي ووزارة المالية تشهد حاليًا تصاعدًا خطيرًا، تحوّل من خلاف مهني إلى أزمة تمس جوهر استقلالية المصرف، موضحًا أن القوانين اليمنية تنص بوضوح على استقلالية البنك في إدارة الموارد السيادية وتنظيم السياسة النقدية، غير أن الواقع جاء معاكسًا. ولفت إلى أن موارد الدولة، التي يُفترض أن تُورَّد للبنك المركزي، ذهبت بمعظمها إلى سلطات محلية أو شركات صرافة، الأمر الذي أفقد الدولة قدرتها على تحديد أولويات الإنفاق، وحوّل المال العام إلى أداة للمضاربة بالعملة. وأوضح الفودعي أن البنك المركزي، في مطالبته بتنفيذ الإصلاحات، لم يكن يسعى إلى امتيازات خاصة، بل إلى حماية المال العام وضبط إيقاع المالية العامة. ومع ذلك، تجاهلت وزارة المالية هذه التحذيرات، واستمرت في نهجها القائم على تفتيت الموارد وتوزيع الإنفاق عبر تعزيزات عشوائية بلا غطاء نقدي حقيقي في البنك المركزي.