في الوقت الذي يمضي فيه كأس العالم قُدماً في جنوب افريقيا، ينبغي ان تفكر اسرائيل في ارسال باقة من الورد لمنتخبي سويسرا واليونان، تقديراً لجهودهما في ابعاد اسرائيل عن حلبة التأهل. اننا نرغب حقاً في ان نلف انفسنا باللونين الأزرق والأبيض، ونهتف باسم يوسي وبين، لكن علينا ايضا ان نشكر الأقدار لعدم نجاحنا في هذه المناسبة، والسبب في ذلك هو انطلاق تلك المظاهرة الضخمة الأسبوع الماضي في مدينة الكاب الجنوب افريقية عقب حادثة مرمرة (سفينة مرمرة) اذ ان وجود اسرائيل في تلك المناسبة كان من شأنه ان يجتذب موجات لن تهدأ من الاحتجاجات، وستتسبب في سمعة سيئة ودعاية غير جيدة لإسرائيل. ومنذ عملية «رياح السماء» استطاعت اسرائيل قراءة المستقبل وتمعنت في تلك اللجة التي تنتظرها، اذا واصلنا السير على نهجنا الحالي. انه مستقبل محفوف بانعدام الأمان نتعرض فيه للتحقير والعقوبات من العالم. اصبحت فلسطين من غير جدال قضية العالم اجمع، وهذا من دون شك غير مريح لإسرائيل، وربما غير عادل. وتتجمع في سمائنا سحب مكفهرة جديدة تغذيها اتحادات العمال وانصار المقاطعات الثقافية. ان ورطة اسرائيل لا يمكن تجاوزها من خلال تحسين صورة اسرائيل او وزير خارجية جديد، فقد اصبحت مشكلة هيكلية، ولهذا السبب تثير القلق اكثر من ذي قبل. ان مفهوم المقاومةغير المسلحة الذي عكسه «اسطول غزة» من شأنه ان يلقي الضوء على مساوئ الجانب المخطئ (اسرائيل)، وقد ينجح هذا المنهاج في عكس صورة طيبة للعالم، وان يلفت نظرها لسلوك الجانب المخطئ (الخطأ هنا يتمثل في فرض الحصار على غزة) الذي ينبغي عليه تصحيح هذا الخطأ، واذا لم يفعل الجانب المخطئ ما يُطلب منه فسيتم تحقيره امام محكمة الرأي الدولية. أي رد فعل اخر مبالَغ فيه او سلوك نابٍ من شأنه ان يعزز حجة صانع الضوء، ويبين اكثر خطأ (الجانب المخطئ). انتهت اللعبة، ولا نقول ان هذه انهزامية، وانما اعتراف بأن اسرائيل عرّضت نفسها للخطر، اذ لا يمكن قلب هذه الحقيقة بعرض صور «يوتيوب» جيدة او استنساخ الرئيس شيمون بيريز. هذا الاحتلال الذي دخل للتو عامه ال44 ولايزال حتى الآن ينكر الحقوق الأساسية لملايين الفلسطينيين؛ لن يقبل احد ان ينظفه (من قاذوراته)، وطالما ظلت اسرائيل ترعى ذلك الاحتلال فإن الكلفة ستكون ثقيلة. عندما ادركت اسرائيل انها فقدت العالم تحول اهتمامها إلى نفسها، وجَهَد القادة جهدهم للحفاظ على جمهورهم على ظهر السفينة من اجل مشروع الاحتلال، وتطلب ذلك منهم اخماد أي تذمر او عدم رضا، ومزيداً من الطرد للأقلية الفلسطينية من اراضيها، ومزيداً من الضرب على وتر الاعتزاز بالوطنية اليهودية. وبهذه الطريقة تتآكل التقاليد الديمقراطية ما يتسبب في مزيد من التشويه لصورة اسرائيل، وهذه هي الدائرة البغيضة التي ظلت اسرائيل تدور في فلكها. وللحقيقة نقول إن هناك دائماً تحاملاً غير مبرر حيال اسرائيل. ومهما يكن من امر فهناك الكثير من الناس الذين يترقبون زلاتنا، الا ان التحامل لا يدفع تلك الأغلبية الساحقة التي تتضامن مع الفلسطينيين، فهناك الاحتلال الذي يغذي هذه الحملات بالأوكسجين، وتسعى هذه الأغلبية إلى وضع نهاية له وليس لإسرائيل. أي اسرائيلي يفشل في ادراك هذا المغزى ويدعم بنفسه الاحتلال فإن ذلك من شأنه ان ينزع عنه الشرعية. لايزال في امكاننا ان نغير كل ذلك، حيث يمكننا انهاء احتلال 1967 بذكاء، وان نتمسك بمُثُلنا الديمقراطية المعلنة. ولكن اذا لم تتمسك اسرائيل بزمام المبادرة دعونا نأمل على الأقل ان يتقدم ما تبقى من اصدقاء في العالم بمقترحاتهم، وان نقول بكل حكمة مرحباً بهذه المقترحات. استمتعوا بكأس العالم ودعونا نأمل تأهل اسرائيل عام ،2014 على ان يكون ذلك العام خالياً من السياسة. دانيال ليفي❊