قُتل ما لا يقل عن 25 شخصاً، وجرح العشرات، في مدينة إب، ظهر أمس، إثر عملية إرهابيةٍ اهتزت لها قلوب اليمنيين، نفذها انتحاري فجر نفسه وسط فعالية احتفائية بمناسبة المولد النبوي الشريف، في المركز الثقافي بمدينة إب، وبحضور رسمي ومحلي تقدمهم المحافظ القاضي يحيى محمد الإرياني، وعدد من المسؤولين وقيادات في جماعة "أنصار الله" (الحوثيين). وقالت ل"الأولى" مصادر محلية حضرت الحفل إن انتحارياً فجر نفسه بعد اختراقه للحراسة الخاصة بالمركز الثقافي، ودخوله قاعة المركز أثناء الفعالية، مخلفاً كارثة إنسانية تشهدها محافظة إب لأول مرة، سقط نتيجتها عشرات القتلى والجرحى. ولم يتسنَّ للمصدر -حسب قوله- التأكد من مصادر رسمية وموثوقة بشأن هوية الانتحاري وشكله وملابسه التي كان يرتديها عند دخوله المركز وتفجير نفسه. وذكرت المصادر أن التفجير حدث مع نهاية الفعالية، مشيرة إلى أن الانتحاري ربما كان تسلل إلى الداخل حين قاربت الفعالية على الانتهاء، حيث تكون التشديدات الأمنية قد قلت. وحسب المصدر، أثارت الجريمة حالة من الذعر والهلع في المدينة، ومحيط المركز الثقافي، بينما هرعت، عقب الانفجار، سيارات إسعاف، وأخرى خاصة بالمواطنين، لإسعاف ونقل الجثث والمصابين، مشيراً إلى أن عدداً من مستشفيات المدينة (حكومية وخاصة) شهدت توافدا كبيرا من المواطنين، خصوصاً مستشفى الثورة، نافياً أن يكون المستشفى تعرض لعملية هجوم وتفجير كما روجت له أمس، عقب حادثة المركز الثقافي، عدد من المواقع الإخبارية. وأضاف المصدر أن من بين القتلى الإعلامي والشاعر خليل المهنى، ومسؤول المركز الثقافي عبده أحمد قايد راجح، والمنشد الشاب حمزة الغرباني. وصادق الشراعي. عضو المكتب التنفيذي للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في إب. وحصلت "الأولى"، من مصادر مطلعة، على أسماء عدد من القتلى، وهم: عبدالرزاق سنان، محمد أحمد النزيلي، حمزة عادل يحيى زيد المتوكل، نبيل العزي. وإلى ساعة كتابة الخبر، لم تتضح بعد هوية بقية القتلى الذين تحولت جثث بعضهم إلى أشلاء، فيما تعرضت جثث البعض الآخر للبتر في أطرافها العلوية والسفلية، وفقاً للمصادر. ونجا محافظ إب القاضي يحيى الإرياني، الذي كان حاضراً الاحتفائية، غير أن ثمة أنباء عن تعرضه للإصابة في الحادثة نفسها، فيما هناك تكتم شديد حول وضعه وخطورة حالته. وقالت المصادر إن الجرحى تجاوز عددهم 45 شخصاً، بينهم كثيرون حالاتهم حرجة، مشيرةً إلى أنه نتيجة لذلك، فإن عدد القتلى مرشح للزيادة. ويتلقى الجرحى العلاج في عدد من مستشفيات المدينة، التي أعلنت الاستنفار، وسارعت لطلب المساعدة، فيما توجه إليها الكثيرون للتبرع بالدم نتيجة النقص الحاد والطلب الكبير. وذكرت المصادر أن مدير مكتب الثقافة بإب عبدالحكيم مقبل، من بين الجرحى، مؤكدة أنه -حتى ساعة كتابة الخبر- يخضع لعملية جراحية في الدماغ في مستشفى المنار، لاستخراج الشظايا منه، فيما أصيب أيضاً نائب مدير مكتب الصحة العامة والسكان طاهر الشدادي، الذي وصفت حالته بالمستقرة. ونفت ل"الأولى" مصادر مقربة من محافظ إب القاضي يحيى محمد الإرياني، ما سمتها مزاعم وفبركات تم تناولها عن نقل المحافظ إلى العناية المركزة، نظراً لسوء حالته الصحية، وأكدت أن المحافظ بصحة جيدة، وأنه يتابع آخر التطورات والمستجدات حول الجريمة أولاً بأول. وحتى وقت متأخر من مساء أمس، كانت لا تزال المصادر المقربة من القاضي الإرياني، تؤكد أنه بصحة جيدة، دون الإفصاح عن أي تفاصيل جديدة، كما حاولت الصحيفة الاتصال به شخصياً، لكن تلفونه ظل مشغولاً على الدوام. ولم تصدر السلطة المحلية بمحافظة إب أي بيان رسمي حول الحادثة وصحة رئيس مجلسها المحلي المحافظ الإرياني. ونشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، عدد من الصور والتسجيلات المصورة (الفيديو) التي أظهرت جزءا كبيراً من الحادثة المأساوية. وكان واضحاً من تلك الصور والفيديوهات أن الانتحاري اخترق الحراسة، وتسلل من البوابة القريبة من المنصة، وفجر نفسه بالقرب من الجدار. من جهتها، تناقلت وسائل إعلامية ومواقع إخبارية، أمس، أنباءً عن أن الانتحاري يحمل الجنسية الصومالية، وأنه كان قبل تنفيذ العملية يرتدي الزي النسائي الذي بواسطته استطاع الدخول إلى قاعة المركز الثقافي، وتنفيذ الجريمة. في سياق متصل، قال مصدر مطلع ل"الأولى" إنه لم يكن هناك أي تواجد للجانب النسوي في احتفالية أمس، مؤكداً وجود عدد من طلاب المدارس، وتحديداً مدرسة الشهيد الصباحي بمدينة إب. وذكر المصدر أن من بين المصابين 4 طلاب تقريباً، مشيراً إلى أنه لم يتسنَّ له التأكد من عددهم، نتيجة لحالة الهلع والارتباك الذي شهدته المدينة، وحالة الاستنفار التي شهدتها المستشفيات، عقب الحادثة. إلى ذلك، بعث رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ببرقية عزاء ومواساة إلى محافظ إب القاضي يحيى الإرياني، وأسر شهداء العملية الإرهابية الإجرامية بالمركز الثقافي بإب. وحسب وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، أكد هادي أن مثل هذه الأعمال الإرهابية الوحشية الجبانة، تؤكد تجرد تلك العناصر من القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية والدينية، وتضمر الشر للوطن وأبنائه، في حقد دفين ومدمر ضد الإنسانية والبشرية، لافتا إلى ضرورة تضافر جهود الجميع لمحاربة هذه الآفة الخبيثة، وتطهير الوطن من شرورها. ووجه رئيس الجمهورية الحكومة بمعالجة الجرحى والعناية بهم، مشيراً إلى أن العناصر الإرهابية التي تقف وراء هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الإرهابية، لن تفلت من العقاب، وستتم ملاحقتها حتى يتم ضبطها وتقديمها للعدالة لتنال جزاءها الرادع. وعبر هادي، في ختام برقيته، عن خالص العزاء وصادق المواساة لأسر الشهداء الذين سقطوا في هذه الجريمة البشعة، مبتهلاً إلى الله العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويلهم أهاليهم الصبر والسلوان، وأن يمن على جميع الجرحى بالشفاء العاجل. وأدانت وزارة الثقافة واستنكرت الحادثة التي وصفتها بالإرهابية الشنيعة التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء، وسقط إثرها عدد من الجرحى. وقالت الوزارة، في بيان صادر عنها، حصلت "الأولى" على نسخة منه، إن مثل هذه الممارسات الإجرامية تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية وقيم الثقافة اليمنية. وحذر البيان من استهداف المؤسسات والمراكز والمواقع الثقافية، وتحويلها إلى ساحة لمثل هذه الأعمال الإرهابية، وأهابت بالجهات المعنية القيام بواجباتها في حماية هذه المؤسسات، وتمكينها من أداء نشاطها الثقافي في ظروف طبيعية وآمنة. واختتم البيان بالقول: "الوزارة إذ تعبر عن أسفها الشديد لهذا الحادث الإجرامي، تقدم عظيم المواساة والتعازي لأسر الشهداء، وتتمنى الشفاء العاجل لكل الجرحى". وتوالت ردود الأفعال الرسمية والحزبية والحقوقية المنددة والمستنكرة للجريمة الإرهابية التي استهدفت الحاضرين في المركز الثقافي لمدينة إب، أمس، وكان حزب المؤتمر الشعبي العام أصدر عقب الحادثة، بياناً رسمياً أدانها بقوة. وقال بيان صادر عن الأمانة العامة للمؤتمر إن الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، وهي تدين بشدة هذه الجريمة الإرهابية الجبانة، تعتبرها جريمة تستهدف الإنسان اليمني وأمنه واستقراره. وأكد البيان على أن الأمانة العامة تجدد موقف المؤتمر الشعبي العام الرافض للعنف والإرهاب والتطرف، وتعتبر أن مثل هذه الأعمال الإجرامية لا تمت إلى الدين الإسلامي بصلة، وإنما تعكس مدى الحقد الدفين لمن يمارسون هذه الجرائم ويمولونها ويخططون لها وينفذونها ضد المجتمع وضد قيم الإسلام السمحاء. وحسب البيان الذي نشره موقع "المؤتمر نت" الناطق باسم الحزب، جددت الأمانة العامة إدانتها بشدة لهذه الجريمة الإرهابية النكراء والبشعة، مطالبة من الأجهزة الأمنية بالقيام بواجباتها وملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة. واعتبر المؤتمر استمرار هذه العمليات الإرهابية انعكاساً لحالة الانفلات الأمني الذي وصلت إليه البلاد. وترحم البيان على أرواح الشهداء الذين سقطوا في هذه الجريمة، وتقدم بأحر التعازي لأسرهم وذويهم، وتمنى للمصابين الشفاء العاجل. كما أدان الحزب الاشتراكي اليمني، الحادثة، مؤكداً أن العمليات الإجرامية التي تستهدف التجمعات الشعبية منها والرسمية، بهذه البشاعة، تعكس وضعا خطيرا في البلد لا يقتصر أثره السلبي على الضحايا المباشرين، بل يمتد إلى المجتمع ككل ليضربه في أمنه واستقراره، وفي قيمه وأخلاقه قبل ذلك. وأوضح الاشتراكي أن الانفلات الأمني الكبير الذي تشهده البلاد يساعد بشكل كبير على انتشار الفوضى والجريمة بكل مظاهرها السيئة. وشدد في بيان نشره "الاشتراكي نت"، على أن تعمل مختلف القوى السياسية والاجتماعية على إدانة هذه الجرائم وسواها من مظاهر النزاعات المسلحة التي تنشر الفوضى، وتقضي على كل توجه نحو إقامة الدولة الوطنية التي ينشدها اليمنيون كافة. وجدد الاشتراكي التذكير بدعواته المستمرة لتوافق مختلف القوى على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة في طريق الوصول غلى الدولة المنشودة، مؤكدا أن الاكتفاء بمخرجات الحوار على الورق دون سعي جاد لتنفيذها بمسؤولية مشتركة من أهم أسباب انتشار الفوضى، وتراجع دور الدولة في تحقيق الأمن والاستقرار. ودعا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في التحقيق بهذه الجريمة وسواها من الجرائم المسكوت عنها، وكشف ذلك للراي العام بما يساهم في كشف كل خيوط العمليات الإجرامية ومن يقف وراءها، وبما يصنع اصطفافا وطنيا شاملا يقف ضد العنف بمختلف أشكاله وألوانه، وينتصر لقيام الدولة القادرة على تحقيق الأمن والاستقرار. وفي إطار ردود الفعل الخارجية، أدانت الولاياتالمتحدةالأمريكية، عبر سفارتها في صنعاء، الهجوم الانتحاري الذي استهدف تجمعاً لحوثيين يحتفلون بمناسبة المولد النبوي، في مدينة إب. وقالت السفارة في تدوينة على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "تدين سفارة الولاياتالمتحدةبصنعاء وبشدة الهجوم الانتحاري الذي وقع اليوم في مدينة إب. نتقدم بأحر التعازي إلى أسر ضحايا الهجوم". من جهتها، أدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، التفجير الإرهابي، وأفصحت عن تعاطفها مع أسر الضحايا والجرحى الذين سقطوا خلال الحادث. وأشارت أفخم، في تصريح لها لوكالة إيرنا، إلى أن التفجير الإرهابي الذي حدث بين المشاركين في احتفال المولود النبوي الشريف في المركز الثقافي بمدينة إب، مدان بشدة. ودعت إلى ضرورة مشاركة جميع الأحزاب والمجموعات والتيارات السياسية والاجتماعية اليمنية، وإلى ضرورة المشاركة لتطبيق اتفاقية السلام والشراكة. وقالت المتحدثة الإيرانية إن وعي الشعب اليمني سيؤدي إلى استئصال جذور وظاهرة الإرهاب المشؤومة في هذا البلد. وأدان المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" التفجير الذي استهدف أنصاره وهم يحتفلون بالمولد النبوي في إب. وجاء في بيان المكتب: "ندين ونستنكر الحادثة الإجرامية البشعة التي نفذتها العناصر التكفيرية صباح يومنا هذا، بحق المحتفلين بمناسبة المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وذلك في المركز الثقافي بمدينة إب، والتي سقط على إثرها عشرات الشهداء والجرحى. وإننا إذ نتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى أسر الشهداء، وندعو الله بالشفاء العاجل للجرحى، فإننا نشير إلى أن هذه الجريمة إنما تكشف الستار حول حقيقة تلك القوى الإجرامية ومدى ارتباطها بالمشروع الأمريكي والصهيوني، حيث لم يحترموا قداسة هذه المناسبة الجامعة التي تشد الأمة نحو نبيها وتعزز روابط الأخوة، وتذيب كل عوامل الانقسام والفرقة. وإذ نؤكد أن هذه الأعمال الإجرامية لن توهن من عزيمة أبناء الشعب اليمني العظيم في مواصلة المشوار لبناء دولته اليمنية العادلة الخالية من الفساد والإجرام، فإننا ندين التقاعس الرسمي على المستوى الأمني والعسكري في مواجهة تلك العناصر الإجرامية التي ظلت طوال الفترة الماضية تسفك دماء اليمنيين وتنتهك حرماتهم، وتعمل جاهدة على إدخال البلد في أتون الفوضى دون حسيب أو رقيب. وإذ نشير إلى أن هذه الأعمال الإجرامية لم يكن لها لتستمر طوال الفترة الماضية لولا وجود الغطاء الإعلامي والسياسي من قبل بعض القوى السياسية، حيث كان تعاطيها مشبوهاً وغير مسؤول، وسعت إلى شرعنة هذه الجرائم بأساليب متعددة وصور مختلفة. فإننا نشدد على الجهات الرسمية والقوى والمكونات السياسية تحمل مسؤوليتها، والتحرك الجاد في مواجهة هذا الخطر، ورفع الغطاء عنه، وعدم التهاون مع تلك العناصر وكل من يتواطأ معها". كما أدان التجمع اليمني للإصلاح بشدة التفجير الإجرامي، مؤكداً أن الإيغال في العنف والإرهاب خطير على أمن الوطن. وأكدت الأمانة العامة للإصلاح، في بلاغ صحفي، أن الإيغال في العنف والإرهاب واستباحة الدماء تحت أي ذريعة، من شأنه أن يذهب بالوطن نحو مزالق خطرة؛ مشيرة أن ذلك يستوجب من كل عقلاء الوطن وقواه السياسية والاجتماعية، التحرك العاجل من أجل محاصرة هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع اليمني ودينه وقيمه وتعايشه الممتد منذ قرون، وتجريم مرتكبيها، ورفع الغطاء عن كل من يمارس العنف والقتل والإرهاب داخل المجتمع، وعدم السماح لأي كان بجر اليمنيين للفتنة واستهداف تعايشهم ودفعهم للصراع والاقتتال. وعزت الأمانة العامة أهالي الشهداء؛ متمنية الشفاء العاجل للجرحى. من جانبه أدان مشترك إب العمل الإجرامي الذي استهدف محتفلي المركز الثقافي بالمدينة اليوم الأربعاء, مؤكدا أن هذا العمل لا يمت للقيم الإسلامية والانسانية بصلة. ودعا في بلاغ صحفي كل القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني لإدانة هذه الأعمال الإجرامية والوقوف صفا واحدا لإنقاذ المحافظة من المخاطر التي احدقت بها. وطالب المشترك السلطة المحلية والأجهزة الأمنية تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في حمايه أبناء المحافظة.