استعرض الصحافي ورسام الكاريكاتير السعودي، علي القحيص، تاريخ وتطور صحافة الإنترنت في محاضرة له ضمن فعاليات وانشطة معرض الشارقة الدولي للكتاب، وأوضح انه "من البديهي القول بأن تطور صحافة الانترنت لم يكن نتاجاً لتطور المفاهيم الصحفية والنظريات الإعلامية بقدر ما كان تطورا لشبكة الانترنت، فالحديث عن صحافة الإنترنت تفتح الكثير من النقاش حول ماهية صحافة الإنترنت، وهل هي لون من ألوان الاتصال الجماهيري المستحدث، أم أنها صحافة ورقية تقليدية تم تقديمها في قالب مختلف، وبالتالي فهل صحافة الإنترنت تختلف جوهريا عن الصحافة الورقية وهل ستكون الصحافة الإلكترونية بديلا للصحيفة الورقية". وأشار إلى أن "الصحافة الالكترونية مرت بثلاث موجات رئيسية، كانت الأولى بين عامي 1982 و 1992 حيث سادت في البداية عدة تجارب للنشر الالكتروني من نوع الفيديو تكس، ثم آلت الأمور في النهاية إلى شبكة ضخمة مثل كمبيوسيرف، أما الموجة الثانية فبدأت عام 1993 حيث أخذت المؤسسات الإعلامية علما بالإنترنت، وبدأت بالتواجد فيها، وبدأت الموجة الثالثة قريبا جدا وهي مرحلة البث المكثف التي تشي بالقوة في التطبيقات الإعلامية كما تنبئ بالربحية أكثر من المرحلتين السابقتين". وبين القحيص، أنواع الصحف الإلكترونية، وقال: "هناك الصحف الإلكترونية الفاعلة، وهي التي تعمل وفق معايير وسمات وخصائص الصحافة الإلكترونية، من حيث التحديث الدوري للمواد والصور والرسوم، وتطبيق منهجية العمل التفاعلي لمحتويات الصحيفة الإلكترونية، وتقديم فنون العمل الصحفي، وخدمات صحفية لا تستطيع الصحافة الورقية تقديمها بسبب طبيعة وإمكانات الصحافة الإلكترونية. مثل جريدة إيلاف. أما النسخ الإلكترونية، فهي التي تحمل اسم الصحيفة الورقية وتقدم كل أو معظم المحتوى الورقي، ولا تلتزم بالمعايير الفنية للصحافة الإلكترونية من حيث التحديث المعلوماتي واستثمار خصائص الصحافة الالكترونية التفاعلية". وبالنسبة لبدايات ونشأة الصحافة الإلكترونية العربية، اعتبر القحيص أن الصحافة الإلكترونية العربية أبرز مظاهر التقدم التكنولوجي في الصحافة العربية في عصر العولمة، فمنذ منتصف التسعينات بدأت الصحف العربية تقتفي طريق الصحف الأمريكية في التواجد الصحفي على الإنترنت، ففي سبتمبر 1995 توافرت الصحيفة اليومية العربية الإلكترونية لأول مره عبر شبكة الإنترنت، وهي صحيفة الشرق الأوسط في شكل صور، ومن ثم تتابع دخول الصحف العربية على الشبكة ليصبح لكل صحيفة عربية كبرى تقريبا مواقع على الشبكة، وإن تفاوتت هذه المواقع في القوة والفاعلية واستثمار الإمكانات الاتصالية لشبكة الانترنت، وحالياً تتواجد على الإنترنت ما لا يقل عن 35 صحيفة يومية". وفيما يتعلق بتطور الصحافة الإلكترونية العربية، فقد جاءت الصحافة الإلكترونية العربية في البداية كنقل لمحتوى الصحافة الورقية إلى شبكة الإنترنت، وهكذا سنجد أن بدايات تواجد هذه الصحافة على الإنترنت، كانت عبارة عن مواقع للصحف الورقية ذاتها، وكانت هذه الصحف تنشر جزءاً من محتواها الورقي على موقعها الإلكتروني، وظلت هذه المواقع مهملة لفترة طويلة، ولم تكن هذه الصحف تنظر بجدية إلى مواقعها، وحينما بدأت الصحافة تهتم بمواقعها الإلكترونية، فإن التطور كان منصباً على إتاحة المحتوى الورقي ذاته والحفاظ على شكله في الصحيفة، ومن هنا ولدت نسخ ال pdf للصحيفة ذاتها، تلك النسخ التي أتاحت توفير الصحيفة بشكلها وإخراجها الورقي على موقع الصحيفة". وتابع: "ساهم انتشار المواقع الإلكترونية للوسائل الإعلامية الأخرى (القنوات الفضائية الإخبارية بشكل خاص) والذي كان شبه مستقل عن وسيلة الإعلام نفسهافي توجيه الصحافة على التعامل بجدية أكبر مع طبعتها الإلكترونية". ولفت إلى أن "الصحافة العربية شهدت ثورة تكنولوجية كبيرة منذ بداية عقد التسعينات، ومع ذلك لم تمس هذه الثورة العمليات التحريرية، خصوصاً في جوانبها الفكرية والإبداعية والوظيفية والإدارية في بعض الصحف العربية، وما زالت معارف بعض الصحفيين العرب بالإنترنت واستخداماتها الصحفية محدودة، وما زال بعضهم يظهر اتجاهات معارضة لتبني التقنيات الجديدة في الصحافة بحجة تأثيرها السلبي على القيم الصحفية، وتشبه النسخ الإلكترونية العربية مثيلاتها المطبوعة إلى حد كبير من حيث المضمون، ولا تنشر هذه النسخ الالكترونية إعلانات صحفية في الغالب، والميزة الأساسية التي تقدمها الصحف الإلكترونية العربية تكمن في طريقة التصفح والخدمات الإضافية التي تجذب مستخدمي الإنترنت، ووجود أرشيف للأعداد السابقة تمكن من البحث عن موضوعات أو كتاب معينين". واوضح أن "معظم الصحف العربية تجدد نسختها الإلكترونية بعد 12 ساعة وبعضها بعد مدة أطول قد تصل إلى يومين من موعد صدور النسخة المطبوعة والقليل هو الذي يصدر بالتزامن مع النسخ المطبوعة، وتمثل هذه الصحف الإلكترونية مصدراً أساسيا للعرب المقيمين بالخارج". وتابع: "كشفت دراسة علمية عربية متخصصة أن الصحافة الإلكترونية لا تتماثل مع النمو الهائل للمنشورات الإلكترونية عالميا، خصوصاً في ما يتعلق بتناسب هذه الأرقام مع أعداد الصحف العربية وعدد سكان الوطن العربي"، وأشارت الدراسة إلى تواضع نسبة عدد مستخدمي الإنترنت العرب قياسا إلى العدد الإجمالي للسكان في الوطن العربي، لوجود ضعف في البنية الأساسية لشبكات الاتصالات، إضافة إلى بعض العوائق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وربما السياسية، ما أدى إلى تأخر في الاستفادة من خدمات شبكة الإنترنت، وأثر بشكل رئيسي على سوق الصحافة الإلكترونية".
