في رسالة نادرة للرجل "الغامض" الذي يقود حركة "طالبان" الأفغانية "المتشددة"، عرض الملا محمد عُمر، ما اعتبر أنها "فرصة معقولة" لخروج القوات الأمريكية من أفغانستان، إلا أنه توعد في الوقت نفسه ب"نوائب تاريخية" قد تشهدها المنطقة نتيجة استمرار "الاحتلال الظالم" لأفغانستان. ودعا زعيم طالبان، في الرسالة التي بُثت على عدد من المواقع التي تستخدمها التنظيمات "المتشددة" لنشر بياناتها، وحملت توقيع "خادم الإسلام أمير المؤمنين ملا محمد عُمر مجاهد"، من وصفهم ب"المحتلين" إلى البحث عن "مخرج مصون" لقواتهم من أفغانستان، كما توعد بأن تلك القوات ستواجه "هزيمة حتمية." وقال زعيم طالبان: "قدم المحتلون إلى أراضينا على أمل إزالة المجاهدين، وألقى القبض على القادة الإسلاميين، وإيجاد محطة آمنة لهم في آسيا، والاستيلاء على ذخائر آسيا المركزية، وتنشيط الأديان الباطلة.. لكنهم خلال السنوات السبع الماضية لم ينجحوا في أهدافهم، فلن ينجحوا في مائة سنة أخرى." وأضاف الملا عُمر في رسالته بمناسبة حلول "عيد الفطر السعيد"، لم يتسن لCNN التأكد من صحتها، ونُشرت باللغتين العربية والأفغانية، أن "المقاومة الشعبية اتخذت الآن صورة واقعية، ومع مضي كل يوم أصبح سد هذه المقاومة أمراً غير ممكن، وقد اعترف المحتلون مراراً بهذه الحقيقة." وتابع قائلاً: "نحن نقول للمحتلين أنتم في البداية كنتم مغرورين بقوة تكنولوجياتكم، وهاجمتم مباشرة على بلادنا دون تفاهم أو دليل معقول، والآن بالنظر إلى وخامة الأوضاع، أعيدوا النظر في قراركم غير الصحيح لاحتلالكم الباطل، وابحثوا عن مخرج مصون لإخراج قواتكم." وأضاف: "لو تتركون أنتم ترابنا، فنحن نستطيع أن نهيأ لكم فرصة معقولة لخروجكم، ونعيد مرة أخرى موقفنا بأننا لسنا ضرراً لأحد في العالم، كي تُوضع نقطة النهاية لقلاقلكم المزيفة التي تجعلونها ذريعة للاحتلال، وأيضاً تصون منطقتنا وترابنا من هجماتكم." وتابع محذراً: "أما إذا أنتم مرة أخرى تصرون على احتلالكم، فمن جهة تواجه المنطقة في المستقبل نوائب تاريخية، ومن جهة أخرى تنهزمون أنتم أيضاً في كل أنحاء العالم نتيجة ضربة الأفغانيين، مثل الاتحاد السوفيتي السابق"، وأضاف أن "الجناية التاريخية لدوام احتلالكم، لا تكون قابلة للقبول لبقية أجيال العالم في المستقبل." كما قدم الملا عُمر التعازي إلى "تلك الأسر التي استشهد أعضاؤها في هجمات ظالمة للاحتلال العالمي الوحشي، وبخاصة لعشرات الأسر في المناطق الشرقية من البلاد، وولاية هلمند، ومديرية شيندند بولاية هرات، التي فقدت عشرات من أقاربها بشكل جماعي، في غارات جوية جائرة للعدو الوحشي الظالم." وقال: "إنني أطمئن جميع الأسر الحزينة، بأن دماءكم الذكية لابد تعطي نتائجها، وإن دماء أحبابكم إن كانت غير ثمينة لدى عدونا المغرور والقاسي، لكنها ذات تقدير عالي عند الله سبحانه وتعالى، وإن الله عز وجل سيهزم عدونا المتجاوز في بدال هذه الدماء، وإنه سيتحفنا نتيجة هذه التضحيات الطاهرة بنظام إسلامي عادل وطاهر." إلا أنه شدد على قوله: "يجب أن يفهم جميع الأفغان والشعوب المسلمة في المنطقة هذه الحقيقة، بأن عدو ترابنا وعقيدتنا لا يرضى منا ومنكم حتى نقبل بشكل كامل عبوديتهم، وقد بين القرآن الكريم طريق الخلاص من عبوديتهم، وهو حكم القتال والجهاد المسلح من أجل الحفاظ على ترابنا وديننا." وجاء في الرسالة أيضاً أن "الأوضاع الحالية في بلادنا شاهدة على نصرة الله سبحانه وتعالى، فتلك أمريكا التي لم تتصور هزيمتها بفضل تكنولوجياتها المتطورة، ها هي الآن كل يوم تستقبل جنائز جنودها، وتتكبد خسائر روحية ومالية فادحة." وأوضح قائلاً: "قبل سنوات ما كان أحد يفكر أن تواجه أمريكا ومتحديها بمثل هذه المقاومة الشديدة في أفغانستان، والتي جعلت رئيس أمريكا ووزراءها عالقين كشكول التسول في عنقهم، يجوبون في البلدان لجمع الأموال والأسلحة والقوات من أجل أفغانستان، وحسناً أنه لا أحد يجيبه الإجابة الموجبة." كما خص الملا عُمر مقاتلي حركته "مجاهدي الجهاد المقدس الغيورين الأشاوس"، داعياً إياهم إلى "الاستقامة والوحدة"، وقال موجهاً حديثه لهم: "إخواني المجاهدون الأعزاء، ببركة أيام وليالي حياتكم المستعصية انكسر غرور العدو، ونتيجة مقاومتكم الباسلة تحس الأمة الإسلامية اليوم في نفسها أهلية الثأر والانتقام." كما دعا إلى العمل على تجنب قتل المدنيين قائلاً: "إنني مرة أخرى أكرر توصياتي الدائمة، بأن قفوا في وجه العدو ثابتين مثل الفولاذ، لكن اتخذوا كامل الاحتياط أمام عامة الناس ومواطنوكم الأبرياء"، ونصحهم قائلاً: "انصرفوا عن عملية يحصل الضرر فيها لعامة الناس." كما لفت إلى "نقطة مهمة أخرى هي: أن عدونا لديه استعداد إبليسي في صناعة الدسائس، ووفقاً لفطرته التاريخية عند الهروب، يستعمل مجموعة الدسائس الشيطانية، حيث كثيراً ما يقع المسلمون فريسة لمثل هذه الدسائس بعد الانتصار." وتابع: "يشهد التاريخ بأن ما أحد هزّم المسلمين بقوة السيف، لكن كثيراً واجه العدو بدسائسه وحيله الأمة الإسلامية مع نوائب تاريخية، والآن أيضاً يحاول العدو أن يفرق بين المجاهدين فيما بينهم وأن يخالف بين المجاهدين والشعب." aوقال: "الأعداء استعملوا هذه الحربة في فلسطين، وها هم اليوم قسموا فعلاً المقاومة الفلسطينية، ونفخوا في العراق لاختلاف الشيعة والسنة، وحاولوا محاولات جادة للظنون السيئة وعدم الاعتماد بين المجاهدين والشعب، وهم الآن يريدون استعمال تلك الحربة أيضاً في أفغانستان والمنطقة." واختفى زعيم طالبان عن الأنظار منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بحركته عام 2001، إضافة إلى زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، الذي كان يحظى بدعم الحركة الأفغانية .