قتل 61 شخصاً، من بينهم 21 طفلا، اليوم الأربعاء في حمص وأصيب العشرات خلال محاولة اقتحام أحياء المدينة وسط تجدد للقصف العنيف، حسب ما أفاد مراسل "العربية". في ظل تعزيزات عسكرية واسعة النطاق و انتشار كثيف للأمن والعسكر والقناصة على أسطح المنازل . وأفاد ناشط سوري ل"العربية" أن القصف الصاروخي بدأ منذ ساعات الفجر الأولى على أحياء حمص مع انتشار دبابات الجيش السوري في كافة أنحاء المدينة، فيما أكد طبيب ميداني أن الإصابات خطيرة وتحتاج لتدخلات سريعة مع الإشارة إلى النقص الشديد في المواد الطبية اللازمة لإسعاف الجرحى. وأفاد شاهد عيان أن الوضع في بابا عمرو مزر جدا وعمليات الإسعاف متعثرة جراء القصف العنيف، مشددا على أن القذائف والصواريخ دمرت 20 منزلا وتسببت في إشعال عدة حرائق. وأضاف مراسل العربية أن ما يجري في حمص منذ ساعات الفجر الأولى هو بمثابة حرب حقيقية. وأفادت لجان التنسيق المحلية بسقوط 100 قذيفة على بلدة الزبداني بالإضافة إلى اقتحام عشرات الآليات العسكرية لعدة بلدات في درعا. وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية بمقتل العشرات بعد تجدد القصف على أحياء الخالدية والبياضة في حمص وبابا عمرو مع تحليق المروحيات العسكرية على ارتفاع منخفض، في وقت قطعت فيه كافة الاتصالات والإنترنت عن حمص وريفها بشكل كامل. وكانت الرقة والسويداء شهدتا تحركات نسبية ضد النظام السوري، ودخلتا على خط الثورة بقوة مع تزايد التصعيد العسكري لقوات الجيش والأمن وارتكابها مجازر في حمص وريف دمشق. وبعد مواجهات بالأيدي والعصي للأهالي مع رجال الأمن في الرقة شمال وسط سوريا، وسقوط العديد من الضحايا خلال الأسبوع الماضي، شهدت مدينة السويداء جنوباً يوم أمس هجوماً عنيفاً على المتظاهرين الذي هتفوا للمدن التي تتعرض للمجازر، ونفذت قوات الأمن السوري حملة اعتقالات واسعة بالسويداء، بالإضافة إلى محاصرة العشرات داخل منازلهم. وتعرضت مدينة السويداء جنوب سوريا لإطلاق نار كثيف أمس، ما أدى إلى جرح سبعة أشخاص، ووردت أنباء عن مقتل أحدهم جراء إطلاق الأمن السوري النار على مظاهرات خرجت نصرة لحمص التي تعرضت لقصف عنيف لليوم الرابع على التوالي. كما منعت السلطات سيارات الإسعاف من الوصول للمدينة، واقتحمت العديد من المنازل بحثاً عن المتظاهرين الذين فروا، حسب الهيئة العامة للثورة السورية. وتأتي تلك الأحداث وسط انتقاد تعرضت له محافظة الرقة والسويداء، بالتخلف عن ركب الثورة السورية. مال الشبيحة ورغم أن المظاهرات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه الحاكم، خرجت في جميع المدن خلال الثورة، إلا أن نسبة زخمها والقمع الذي واجهته عرفت تفاوتا بين مختلف المدن. ففي حين نالت حمص وحماة وإدلب ودرعا وريف دمشق النصيب الأكبر من الحملات العسكرية التي راح ضحيتها آلاف الضحايا، تعرضت مدن حلب والسويداء وطرطوس لقمع بسيط خلال الأشهر الأولى من اندلاع الثورة. لكن الرقة التي يقدر عدد سكانها بمليون نسمة، تعتبر من المدن التي بدأت الحراك باكرا جدا بواسطة الناشطين الذين شرعوا بعمل منظم من أيام الثورة التونسية، حسب الإعلامي السوري المعارض فرحان مطر. ويقول مطر الذي ينحدر من الرقة، إن البنية العشائرية، وتأثير البعث والسلطات التي حاولت استرضاء شيوخ العشائر بالترغيب والترهيب، بالإضافة إلى وجود عنصر حاسم وهو محافظ الرقة عدنان السخمي صاحب شركة آسيا للدواء والمتورط في قضايا فساد كبيرة وقوية والاتجار بالمخدرات؛ ساهمت في إبطاء زخم الحركة الاحتجاجية ضد الأسد. ويضيف أن محمد سعيد بختيان ساهم بماله كذلك في تقديم الرشاوى ومحاربة كل من له علاقة بالحراك بفصله عن عمله، إضافة إلى القوات الأمنية التي غيبت وأخرت حراك الرقة، وهو ما جعل بشار الأسد يختار المدينة ليصلي فيها عيد الأضحى لأول مرة خارج العاصمة، حيث قيل آنذاك إن الرقة خارج الحراك. لكن مع ذلك فإن ثوار الرقة بهتافاتهم "شوشوا" على الصلاة حينها وأجبروا التلفزيون الرسمي على قطع البث المباشر وقت عرض الصلاة، فيما لم يتم عرض كلمة ألقاها الرئيس السوري على أهالي المدينة بالبث المباشر ولا حتى مسجلة بسب تداخلها مع أصوات الهتافات المعارضة، حسب تأكيد مطر الذي كان أعلن استقالته عن التلفزيون السوري الرسمي وانضمامه للمعارضة قبل أشهر. وكان آخر ما سعى له النظام لإثبات أن المدينة موالية له، هو قيامه بعقد ملتقى العشائر فيها منذ أكثر من أسبوع، وهو ما أغضب المحتجين الذين أرادوا إثبات أن المدينة تقف إلى جانب المدن السورية الأخرى في وقوفها ضد القتل المتواصل حسب وصف مطر، معتبراً أن تلك الحادثة كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، والتي تزامنت كذلك مع المجازر "الوحشية" التي ترتكب في المدن الأخرى، الأمر الذي أجج الشعور بالغضب لتخرج الرقة بقوة على النظام. وتمثل حراك الرقة مؤخراً بالمظاهرات وإزاحة صور الرئيس السوري بشار الأسد ووالده حافظ، ما أدى إلى فرار الأمن في بعض الأحيان، واضطرارهم للاشتباك مع الأهالي بالحجارة والعصي. وتشهد الرقة التي تعتبر من المحافظات السورية الكبيرة مساحة وفق فرحان مطر حالة غليان، مشيراً إلى أن أحياء كثيرة خرجت عن سيطرة القبضة الأمنية للسلطات، وهو ما دفعه لتحدي الحكومة بإخراج أي مسيرة مؤيدة للرئيس الأسد خلال الوقت الحالي. وفيما بلغ عدد القتلى في الرقة 13 قتيلاً معظمهم جنود رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين خلال أشهر الثورة السورية، أدى الحراك الأخير إلى مقتل شاب ودهس طفل على أيدي قوات الأمن والشبيحة، ورضيعة ماتت في حضن أمها باختناقها بالغاز حسب مصادر للمعارضة. اللعب على الأقليات أما مدينة السويداء التي خرجت أمس إلى الواجهة بعد اقتحامها بعنف من قبل قوات الأمن واستعمال الرصاص الحي فيها ضد المتظاهرين للمرة الأولى، فإنها أيضاً كانت من المدن التي خرجت فيها مظاهرات ضخمة خلال الأشهر الماضية، كان أكبرها المظاهرات التي خرجت في ساحة الشعلة وأخرى في ساحة الفخار وسط المدينة، حسب وصف المعارضة السورية ريما فليحان. وأشارت الكاتبة فليحان إلى أن المتظاهرين أحرقوا تمثال حافظ الأسد ثلاث مرات، كان آخرها أول أمس الإثنين، مؤكدة أن مدينتها لن تكون أقل من المدن الأخرى الثائرة بعدما جرى خلال اليومين الماضيين. ورغم اتهام السويداء المجاورة لدرعا مهد الاحتجاجات، بتخلفها عن ركب المدن الثائرة ضد حكم الأسد، حيث لم يسقط فيها سوى خمسة قتلى منذ مارس/آذار العام الماضي، إلا أن الحراك فيها بشكل عام حسب تأكيد فليحان، كان نخبوياً، وهي من المحافظات التي بدأ فيها الاعتصام النقابي بوقت مبكر من الثورة. الخارجية الفرنسية: الاسد خرق ما وعد به لافروف تؤكد باريس ان الرئيس السوري بشار الاسد خرق وعوده، التي قدمها خلال المباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما اعلن برنار فاليرو، السكرتير الصحفي لوزارة الخارجية الفرنسية. وقال فاليرو في مؤتمر صحفي بباريس يوم 8 فبراير/شباط ان "تصريحات بشار الاسد بمناسبة زيارة وزير الخارجية الروسي، لم تضع حدا للاسف، كما كنا نتوقع، لاعمال التنكيل الدموي. وعلى العكس، وردتنا اخبار بان انصار النظام ذبحوا الليلة الماضية 3 أسر بكاملها في بيوتها بمدينة حمص". واكد السكرتير الصحفي على "وقاحة النظام السوري" الذي "صعد اعمال التنكيل، بعد وعده بوضع حد لها". وقال فاليرو ان باريس تعمل بنشاط سوية مع الشركاء من الجامعة العربية على تحشيد جهود دولية جديدة من اجل وضع حد للفاجعة". يعتبر الين جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي، تأكيد الرئيس السوري بشار الاسد ابان زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حيلة، ولا يثق بكلام الرئيس السوري، كما تفيد "فرانس بريس" الاربعاء، 8 فبراير. وقال الوزير: "لا اصدق بوعد النظام السوري حول انهاء العنف، على الاطلاق. وهذا عمل استفزازي، ولن ينطلي علينا". مصدر دبلوماسي أوروبي: بدء العمل على خطة إجلاء الرعايا الأوروبيين: نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أوروبي أن الاتحاد الأوروبي بدأ العمل على خطة إجلاء مواطني دوله من سورية، ولا يستبعد فرض الحظر على رحلات الطيران التجارية. وقال المصدر يوم 8 فبراير/شباط: "نحن الآن أمام جدار لا بد من عبوره"، متوقعا ان "العنف ضد المدنيين السوريين قد لا يستمر طويلا". وبحسب تقارير إعلامية، فان الاتحاد الأوروبي وجه إلى الأردن ولبنان عدة مجموعات من خبرائه مكلفين بمهمة إعداد إجلاء آلاف الأوروبيين المتواجدين حاليا في سورية، إضافة إلى رعايا الدول الأخرى في حال الضرورة. ويشير مصادر دبلوماسية أوروبية إلى أن الإجلاء هو جزء من أسوأ السيناريوهات، إلا أنه يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعدا لأي منها وأن ينسق جهود جميع ممثليه في المنطقة. وبالتزامن مع هذا، بدأ الاتحاد الأوروبي دراسة إمكانية فرض عقوبات جديدة ضد دمشق، وقد يتم تبنى القرار بفرضها في أواخر هذا الشهر. ويذكر ان من بين هذه العقوبات فرض الحظر على رحلات الطيران التجارية إلى سورية، إلا أن هذا الإجراء الذي اقترحته ألمانيا لم يلق تأييدا من كل دول الاتحاد، إذ أن بعضها يرى أن الحظر قد يعرض للخطر آلية إجلاء رعايا الدول الأوروبية من سورية. وقد تشمل رزمة العقوبات الجديدة تجميد أرصدة البنك المركزي السوري في المؤسسات المصرفية الأوروبية، إضافة إلى فرض حظر على تصدير الفوسفات من سورية، الذي يرفد الميزانية السورية بدخل لا بأس به. يشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تستورد ما يقرب من 40% من حجم تصدير الفوسفات السوري.