مذكرة الادعاء المرفوعة من قبل محكمة الجنايات الدولية في حق بعض القيادات السياسية في السودان الشقيق وعلى رأسهم رئيس الدولة تعد سابقه خطيرة بل لا نبالغ إن وصفناها بالمهزلة الدولية الجديدة في حق دولة عربية مستهدفه في نظامها وثرواتها التي أثبتت الدراسات العلمية وجودها بكميات كبيرة في إقليم دارفور- هذا الإقليم الذي شغل العالم ووسائله الإعلامية منذ سنوات عديدة، وتحديدا منذ اكتشاف هذه الثروات. فبعد السيطرة على العراق وثرواته النفطية يأتي اليوم دور السودان لينظم إلى قائمه المطامع الغربية هذه المطامع التي تحولت بقدرة قادر إلى مساعي دولية لإحلال السلام في الإقليم (وبدوافع إنسانيه) كما تسوق له آلة الإعلام الغربية.. نحن هنا عجزنا عن الفهم لهذا المجتمع الدولي الذي صمت آذاننا من كثر الحديث عنه وعن إنسانيته وعدالته ومساعيه لإحلال السلام عبر العالم.. لا ادري هنا هل هذا المجتمع ينظر إلينا نحن العرب والمسلمين كقطيع من الأغنام التي لا تفهم شيئا سوى ما يردده المجتمع الدولي ومناصريه؟؟ أي إنسانية وعدالة ومساعي لإحلال السلام يتحدثون عنها أين إنسانيتهم وعدالتهم في فلسطينوالعراقوأفغانستان بل وبعض الدول الإفريقية التي بليت بلدانها بالمجاعات والموت الجماعي كل يوم جراء الحاجة والفقر المدقع ونقص الغذاء إن لم نقل انعدامه, الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع يعاني كل يوم بل كل دقيقه من العدوان والحصار السافر للكيان الصهيوني الذي اغتصب الأرض وشرد الشعب وقتل وارتكب المذابح المفجعة والبشعة التي ترقى حسب القانون الدولي الذي يتشدقون به يوميا إلى جرائم حرب وإرهاب دولة.. والسؤال هنا هل المدعي العام لمحكمه الجنايات الدولية يعلم هذه الحقيقة أم إن النظارة التي لبسها أثناء كتابة عريضة ادعائه ليست سوى على مقاس الدول المغلوبة على أمرها وتحديدا عالمنا العربي والإسلامي إنها والله مهزلة دولية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى! ونذكر هنا هذه المحكمة بما ارتكبته الولاياتالمتحدة من جرائم حرب بحق شعب بأكمله وهو الشعب العراقي الشقيق والذي قتل فيه على يد الاحتلال الأمريكي وأذنابه مئات الآلاف من الأبرياء والنساء والأطفال والشيوخ، وان كان الحبر الذي كتب به المدعي العام لهذه المحكمة قد جف فدماء مئات الآلاف من الأبرياء حول العالم الثالث لم تجف بعد.. وللتذكير أيضا هناك جرائم حرب ومذابح بشعة ارتكبت في أفغانستان على يد أمريكا وحلفائها، أين نضع ذلك من قاموس ما يسمى بالمجتمع الدولي، وماذا سيقول المنظرون الأشاوس لهذا القانون الدولي الذي أصبح بعبع هذا المجتمع يستخدمونه وفقا فقط لمصالحهم ؟؟ الموقف العربي هنا يجب أن يكون واضحا بل وصارما إزاء هذا التمادي في سيادة الدول واستقلاليتها، ويجب هنا التلويح بالانسحاب من هذه المنظمة أو المحكمة في حال عدم تراجعها عن هذا التدخل السافر في شؤون الدول، ويجب أن نبعث رسالة كعرب إلى المجتمع الدولي، هذا مفادها: التنبيه إلى خطورة أن تتحول منظمات الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى أدوات طيعة في أيدي بعض الدول وتحديدا الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا، لتحقيق مصالحها وسياساتها العدوانية على حساب ترسيخ الأمن والسلام العالمي المنشود.. وهنا لابد من الإشادة بموقف بلادنا ممثلا بالأخ الرئيس الذي أدان هذه الخطوة إدانة شديدة عبر اتصال هاتفي تم بينه وبين الرئيس السوداني وأيضا ما صدر عن وزاره الخارجية من مذكره استنكار وإدانة وارجوا أن يتبع ذلك خطوات جادة في مجلس الجامعة العربية الذي سيجتمع لمناقشه الموضوع بحسب طلب السودان الشقيق. ختاما نقول إن الكيل بمكيالين والاستمرار في هذا العبث الدولي الغربي للدول الكبرى بكرامه الناس وإنسانيتهم وسيادتهم على أراضيهم لن يؤدي إلا إلى مزيد من عدم الاستقرار في العالم اجمع ولن ينتج سوى المزيد من الحروب والمزيد من تفريخ الجماعات المتطرفة وكل ذلك سينعكس في النهاية على هؤلاء الذين يسمون أنفسهم حماة المجتمع الدولي وحمائم السلام العالمي ... وانفراد الولاياتالمتحدة كقطب أوحد لن يدوم فهذه الهزائم المتتالية التي تكبدتها الإدارة الحالية في العراق وفي أفغانستان، وفي لبنان تبشر بقرب هذا الانهيار خاصة إذا علمنا إن الاقتصاد الأمريكي بدأت تصدعاته تظهر على السطح في أكثر من اتجاه، فالدولار يترنح يوميا أمام العملات الصعبة الأخرى كاليورو الأوروبي، والين الياباني. والكساد الذي تعانيه الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يأت من فراغ , والدول الصغيرة التي كانت بالأمس صغيرة اقتصاديا أصبحت اليوم دول صناعية كبرى تلتهم يوميا السوق العالمية اقترابا من الإعلان الرسمي لصعودها إلى أعلى السلم الاقتصادي العالمي كالصين واليابان وروسيا والاتحاد الأوروبي وهذا يعني إن العالم مقبل على نظام جديد متعدد الأقطاب.. نأمل فيه حدوث التوازن الدولي الذي كان سائدا أبان نظام القطبين- أي ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية.