غزة ذلك الشريط الساحلي الضيق المحصور بين مياه البحر ورمال الصحراء ويسكنه أعلى كثافة بشرية في هذا الكون .. غزة تلك الأرض التي كانت طول سنين الثورة الفلسطينية هي الخزان البشري لها وهي الأرض المشتعلة بلهيب الثورة تحت أقدام الغزاة .. غزة التي احتضنت الفدائيين وكانت هي تباشير فجر الحرية وإعلان الهوية وأول الوطن اليوم هي أسيرة حكم إمامي كهنوتي .. يحكم أهلها بالحديد والنار حكم أغرقها في ظلمات العصور الوسطى وبحور من الدم والثارات التي لا يعلم كيف ستكون نهايتها إلا الله .. نعم فغزة اليوم ممنوع على أهلها أن يحتجّوا .. أو يعتصموا .. ممنوع على أطفالها أن ينهلوا العلم بشكل سوي كأقرانهم في كل مكان، ممنوع عليهم أن يمارسوا أبسط حقوقهم في إبداء الرأي ومن يحاول فمصيره أقبية التحقيق الإمامية المظلمة على يد عساكر الإمام من القوة التنفيذية.. في غزة تماماً كما كان يحدث في عهد الإمام في اليمن يتعمّد الإمام وعساكره كسر أنف وكرامة علية القوم وكرامهم من العائلات الأصيلة ليخضع الجميع لظلمه .. والصورة على ذلك واضحة للعيان قد طبعت في عقول الأطفال قبل الكبار حيث بثّت الفضائيات تلك الصور المرعبة التي ينحني أمامها الجبين خزياً وحزناً وألماً حين شاهدنا عائلة حلّس يخرجون عراة إلى عدوهم طالبين النجاة من بطش الإمام في غزة.. إنها حقاً صور سريالية سوداء محزنة وداكنة كليل غزة التي تنتهك حرمتها ويجلد أبناؤها ونساؤها وأطفالها بسياط الحقد الإمامي الأسود.. تلك هي الحقيقة يا إخوتي في عالمنا العربي المخدوع بشعار المقاومة الزائف الذي يرفعه الإمام وسفراؤه في جنبات أوطانكم ليجلبوا المال الذي يكدّسونه سلاحاً للقمع والقتل وإذلال أبناء غزة الصامده التي قيل عنها ذات يوم على لسان أحد الشعراء بأنها غزة غزتنا لمكوفلة بالنار !! هي اليوم تحترق بنار سوداء أحضروها من كهوف حقدهم المظلمة .. ولتعلموا أن كل ما تشاهدوه وتسمعوه في نشرات الأخبار على القنوات الفضائية هو سرد زائف ومبتور ومفصل على مقاسات تداعب رغبات حزبية ضيقة ولغت في الدم الفلسطيني حتى أعناقها .. ويصورون لكم هذا الحكم الإمامي الأسود في غزة على أنه حكم عادل يكاد يتماهى مع حكم الرشيد وان الأمن والأمان يسود غزة مالم تشهده في عهد "العملاء والخونه" من أبناء الثورة الفلسطينية كما يدعون ويكذبون. لقد حطموا كل ما هو جميل حققته الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينيه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .. إنهم يسعون إلى كسر صورتها وخدش شرعيتها خدمة لشرعيات زائفة وأوهام سوداء من خلال ادعاء زائف لحجم زائف أفرزته تداعيات لظروف استثنائية أبرزها ذلك الزلزال العظيم الذي ضرب شعبنا وأبناء الثورة ياستشهاد قائدها ورمزها الشهيد الراحل ياسر عرفات .. نعم فلا تنخدعوا بادعاءاتهم فحجم الإمام وعسكره أقل بكثير من هذه الهالة التي رسمها لهم أتباعهم في الوطن العربي الذي يرزح جله تحت سياط ابتزازهم. إخوتي في كل مكان أنا لا اتجنّى عليهم فتلك هي الحقيقة الغائبة عنكم جميعاالتي حاولوا إخفاءها عنكم ليتسللوا إلى أعماق قلوبكم ويسلبون عطفكم عليهم .. لقد خطفوا غزة من المشروع الوطني وجعلوها أسيرة المشروع الصهيوني .. هل تعلمون ماذا يحدث في غزة.. هل سألتم بيوتها المدمرة بقذائف مليشيات الإمام .. وأشجارها التي أحرقوها بنيران حقدهم اسألوا أطفال غزة .. أرامل غزة.. شواهد قبور الذين قتلوا على أيدي عساكر الإمام في غزة .. سوف تخبركم بان غزة تعيش اليوم هزيمة المعنى وفقدان الأمل وأن استمرار هذه الحالة الصعبة والمحزنة سوف يحيلها إلى صورة مستنسخة من حواضر الرمال القديمة التي عجز أبناؤها عن حفظ حكاياتها في واحات الذاكرة.. سوف تخبركم بأن أبناء غزة أجسادهم صارت عبئاً عليهم وباتوا يدفنون أيام عمرهم في كهوف الانتظار .. وتحت نفايات الحصار تدفن ذاكرة أطفالها الذين يولدون في المخيم الضيق الذي لا يتسع لهم إلاّ وهم نائمون أو مقتولون .. سيان على يد الاحتلال أوعلى يد عساكر الإمام!! سوف تخبركم بأن اهلنا في غزة الذين تعلموا كيف يصنعون حرير الأمل من ديدان اليأس، ونعمة الحياة من جثة الموت أصبحت تنقضي اللحظة في حياتهم بلا معنى .. ويموت المعنى بلا ذاكره .. باتوا مخطوفين يتحينون لحظة يفتح فيها المعبر المسكون بكل هواجس الظلم ليهربوا من موتهم المحتوم على يد جلاديهم الجدد .. اسألوهم جميعاً واسألوا ألف شاب في مقتبل العمر بتر أطرافهم عساكر الإمام وتركوهم عاجزين. اسألوا بيوت غزة.. أشجار غزة .. أطفال غزة .. أرامل غزة.. شواهد قبور غزة سوف تصرخ جميعاً في وجوهكم أنهم يهزمون العروبة والإسلام فيها كما فعل التتار وأن غزة تغرق في كهوف الضغينة والحقد الإمامي فلا تعينوه على إغراقها.