التصريحات الأخيرة غير المسئولة التي أدلى بها بعض المسئولين الإيرانيين المقربين من مرشد الدولة والثورة الإيرانية والتي مست سيادة دولة البحرين الشقيقة وتاريخها العربي الضارب في الجذور منذ آلاف السنين اعتقد أنها زادت من طين العلاقات العربية الإيرانية بللاً! هذه الجرأة الإيرانية غير المسبوقة في إطلاق مثل هكذا تصريحات تحتاج إلى وقفة عربية جادة تحدد موقفا عربيا موحدا من هذه المسألة حتى لا تتطور في المستقبل وتتحول من بالونات اختبار تطلقها إيران بين الفينة والأخرى وفق الاستخدام المذهبي المتدرج "للتقية السياسية" التي ينتهجها النظام الإيراني كمبدأ وطريقة يؤمن بها الكثير من الآيات ورجال دين والساسة الإيرانيون ويوظفونها كأحد الوسائل والموجهات الهامة لعلاقاتهم الدولية وطموحاتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية المتصاعدة. فمذهب التقية كما نعلم جميعا يمثل أحد الركائز الهامة التي تستخدمها الثورة الإيرانية والنظام السياسي الإيراني في توجيه علاقاته مع معظم دول العالم، لذلك وبناء على معرفتنا بذلك لابد من هذه الوقفة العربية الجادة المتبوعة بالمصارحة الشفافة مع النظام الإيراني حتى لا تتحول هذه البالونات إلى تجارب حقيقية تخوضها إيران في المستقبل القريب أو البعيد وفقا لطموحاتها السياسية التوسعية المتدرجة... ولدحض خرافات هؤلاء الذين اعتبروا دولة البحرين إحدى المحافظات الإيرانية ليتفننوا فقط في صب الزيت على النار وتعكير العلاقة الإيرانية العربية بل وترسيخ الشكوك العربية المتصاعدة تجاه إيران وسياسة إيران في المنطقة ومشاريعها الغامضة وطموحاتها المستقبلية الأكثر غموضا لابد على إيران كنظام رسمي توضيح موقفها من هذه التصريحات المتكررة بكل صراحة وشفافية بل لابد من توضيح موقفها من التدخلات السافرة العديدة في الشؤون العربية الداخلية خاصة في وقتنا الحالي وفي السنين الأخيرة التي مضت التي يرجعها النظام الإيراني- أي هذه التدخلات- غالبا إلى أطراف إيرانية داخلية لا تمثل الموقف الرسمي!! العجيب في الأمر هنا إن إيران لم تستفد وتتعظ من تجربة صدام حسين وإرتكابة للخطأ التاريخي والاستراتيجي باحتلاله لدولة الكويت الشقيقة وما تبع ذلك من استنكار ورفض عربي وعالمي واسع بل وتحالف معظم دول العالم لإسقاط نظامه، وهو ما تم بالفعل بعد ذلك وبصورة لم تكن في الحسبان.. فها هي العراق اليوم تحت سياط وجبروت الاحتلال الأمريكي الذي أرجع العراق إلى عصر "الظلمات"، فبعد أن كانت العراق إحدى الدول التي يشار إليها بالبنان في التطور والمكانة الدولية والعربية المرموقة أصبحت العراق اليوم من بين أكثر دول العالم تخلفا وفسادا أضف إلى ذلك ما أحدثه الاحتلال من خراب وقتل مئات الآلاف من العراقيين الذين سقطوا بيده أو بيد المليشيات المتناحرة على السلطة وأطماع السلطة والثروة وطموحات السيطرة المذهبية والتي ظهرت إلى السطح بظهور الاحتلال وأذناب الاحتلال.... وبمناسبة الحديث عن نظام صدام حسين لابد من الإشارة هنا من باب التذكير واستخلاص العبر إلى أن العرب ارتكبوا أيضا خطأ استراتيجيا كبيرا عندما "سايروا" السياسة الأمريكية إبان احتلال النظام العراقي السابق لدولة الكويت، فلو تم حل هذه الخطيئة العراقية في الإطار العربي وانسحب صدام حسين وفق وساطة عربية فاعلة وتحت ضغط عربي فاعل أيضا وتبع ذلك اعتذرا رسميا علنيا للشعب الكويتي الشقيق يقدمه النظام العراقي وبعدها يجلس الطرفان لحل مسائل الخلاف التي كانت بينهما قبل الاحتلال بناء على هذه الوساطة والتدخل العربي الايجابي لما حدث كل ما حدث، بل ولما تجرأت إيران اليوم وهنا الأهم في تماديها غير المسبوق وتدخلها السافر في الشؤون العربية الداخلية خاصة وكلنا كان يدرك الدور الايجابي لصدام حسين ونظامه الحاكم في محاصرة المشاريع السياسية الإيرانية في المنطقة ولجم طموحاتها التوسعية. فإيران تسعى كما نعلم للنفوذ والسيطرة وهو الشئ الذي بات معروفا للجميع ولا يحتاج إلى إثباتات أو الدخول في جدالات عقيمة تؤكد أو تنفي هذه الحقيقة , فتدخل إيران السافر في شئون بعض الدول العربية أصبح مكشوفا حتى وان نفى النظام الإيراني الرسمي علمه المسبق بهذه التدخلات وعلاقته بها ورمى كل المسئولية إلى أشخاص أو أطراف إيرانية غير رسمية لأن ذلك غير مقنع ولا ينطلي حتى على السذج ممن يعرفون طبيعة النظام الإيراني وتحكمه في كل صغيرة وكبيرة داخل الدولة وإلا لقلنا بحسب هذا النفي الرسمي الإيراني إن هناك دويلات داخل الدولة ولهم من النفوذ والقوة والمال ما عجزت عنة الدولة في إيران لإيقافه وهذا أيضا شئ غير منطقي ولا تستطيع إيران إقناع أي طرف عربي متضرر من هذه التدخلات به!! التدخلات الإيرانية في شئون بعض الدول العربية اعتقد إنها مرفوضة رفضا شعبيا ورسميا واسع ويستثنى منها فقط في اعتقادي أيضا دعم إيران المادي والسياسي لحركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين ولكي نكون موضوعيين في طرحنا ومواقفنا العربية لابد من التفريق هنا بين دعم إيران للمقاومة المشروعة في فلسطينولبنان وبين تدخلاتها السافرة في بعض الدول العربية والفرق هنا منطقي وواقعي حتى وإن شكك البعض بدوافع إيران الخفية من هذا الدعم لأننا في هذه الحالة بالذات نحكم بالظاهر ولن ندخل في النوايا فالمقاومة الفلسطينية في أمس الحاجة اليوم لأي يد تمتد إليها وذلك للدفاع عن وجودها وخيارها المشروع خاصة وإن معظم الأنظمة العربية قد كفرت بشي أو مصطلح أسمة مقاومة وهي وحدها من يتحمل المسؤولية. فلو بادرت هي وتحملت مسئوليتها القومية والأخلاقية تجاه دعم المقاومة وخيار المقاومة لما احتاجت فصائل هذه المقاومة العربية في فلسطين أو لبنان التي واجهت وتواجه بمفردها المشروع الصهيوني في المنطقة لما احتاجت لمد يدها للغير خاصة إذا كان هذا الغير تحاط بنواياه الخفية في المنطقة شكوك عربية متصاعدة لذلك للإنصاف ورد الجميل لابد أن نقول شكرا إيران على دعمك للمقاومة العربية الإسلامية، ولكن هذا الشكر لا يعني أن لك الحق في التدخل السافر في شئون الدول العربية الداخلية ومحاولة إثارة النعرات المذهبية والطائفية في بعضها والتي لم يكن للطائفة أو المذهب الديني في تكوينها الوطني والمجتمعي والديني منذ قرون مضت أي تأثير سلبي يذكر كما هو حاصل اليوم للأسف الشديد في بعض هذه الدول خاصة في العراق الشقيق. ولن نقول هنا إن إيران وتدخلا ت إيران المذهبية الظاهرة أو الخفية هي وحدها من يتحمل المسؤولية لان هناك تدخلات أخرى من دول عظمى تريد إشعال وإحراق المنطقة والدخول بها في أتون الصراعات المذهبية والطائفية المدمرة خدمة للمشروع الصهيوني العالمي الذي تفرغ بالكامل لتأليب العالم ضد العرب والمسلمين الذين أصبحوا في نظر الكثير من دول العالم اليوم إرهابيون وقتلة ولازالت تحاك المؤامرات تلو المؤامرات من أجل إفساح المجال للدولة الصهيونية في فلسطين لمزيد من السيطرة والنفوذ على منطقتنا العربية وهو الشئ الذي جعل نظام إيران اليوم في موضع التنافس الدولي للسيطرة على منطقتنا, وطموحها في السيطرة والنفوذ يعتبر من وجهه نظرها طموحا مشروعا خاصة وهي تشاهد يوميا تكالب قوى العالم بالإضافة إلى إسرائيل في السيطرة والنفوذ بل والوصاية على منطقتنا العربية برمتها وهي المنطقة التي للأسف الشديد أصبحت مستباحة للجميع في ظل الضعف والهوان العربي السائد وفي ظل الانقسام العربي الحاصل اليوم وغياب التضامن والإستراتيجية العربية الدفاعية الفاعلة. ختاما نقول قوة إيران وعلو مكانتها القومية والدولية والإقليمية تتجلى فقط في مد جسور التعاون البناء بينها وبين العرب وبناء علاقات ثنائية ندية تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية بل والتعاون الإيراني العربي الاستراتيجي المشترك لمواجهه العدو الأول والرئيس للأمة العربية والإسلامية وهو الكيان الإسرائيلي والمشروع الصهيوني العالمي الذي يستهدف الجميع حتى وإن بدا للبعض في الوقت الحالي وفي هذه المرحلة غير ذلك. [email protected]