بدأت وزارة الصحة العامة والسكان ممثلة بالإدارة العامة للصيدلة والتموين الطبي منذ مساء أمس الثلاثاء تنفيذ أوسع حملاتها الميدانية التي تستهدف حماية الأسواق اليمنية من الأدوية المهربة، والمزيفة، والفاسدة والتي كان ل"نبأ نيوز" فرصة مرافقة حملة المداهمات منذ ساعتها الأولى ، والوقوف على الكميات الهائلة التي تم ضبطها من قبل الفريق المؤلف من الإدارة العامة للصيدلة، وممثلي النيابة، والبحث الجنائي ، والرقابة والتفتيش بوزارة الصحة، والتي كانت مخبئة في أوكار مندسة بين التجمعات السكنية خلف البنك المركزي اليمني، والتي تم التحرك باتجاهها بناءً على عمليات رصد ومراقبة مسبقة تكفل بها فريق الصيادلة بموجب خطة واسعة أعدتها الإدارة العامة للصيدلة- بحسب ما ذكره مديرها الدكتور مصلح حمود عباسه. وبحسب المعاينة فإن فرق المداهمة نجحت في الكشف عن عصابة خطيرة تمتلك مكائن ومعدات مماثلة لأجهزة تزوير العملات، تقوم من خلالها بتزييف الملصقات والماركات التجارية العالمية ن واستغلال أغلفة لأصناف دوائية متداول بها رسمياً في اليمن وتعبئتها بمواد طبية مهربة، أو فاسدة(منتهية الصلاحية)، أو ممنوعة رسمياً لضررها على الصحة العامة للإنسان، لما تسببه من أمراض خطرة كالسرطان وغيره. كما ضبطت الحملة أدوية كُتب عليها (للجيش اليمني) ، وأخرى تحمل علامات وزارة الصحة العامة للسكان، وكراتين عديدة تحمل اسم منظمة (اليونيسيف)العالمية التي يعتقد الدكتور عباسة أنهم حصلوا عليها من تلك الجهات بطرق غير مشروعة ستكشفها التحقيقات. ومن أكثر الأمور غرابة وإثارة للدهشة التي كشفتها هذه العملية هي قيام هذه العصابة بشراء كميات كبيرة من (علكة كنوز) الخاصة بالأطفال ، ونزعه أغلفتها ثم إعادة تغليفها بأغلفة لعلكة تباع في الأسواق العالمية لمن يشكو من الضعف الجنسي، وتؤدي مفعولاً مماثلاً لحبوب الفياجرا، ليقوموا فيما بعد ببيعها بما يقارب الثلاثة الى الأربعة آلاف ريال يمني للحبة الواحدة التي يشتريها الأطفال بخمسة ريالات يمنية فقط. كما تم ضبط كميات من أغلفة فارغة لأدوية أو لوازم طبية كان يستخدمها الجناة للتضليل على المواد الطبية الممنوعة التي تعبأ بداخلها مثل (الفياجرا) التي تم ضبط كميات كبيرة منها، والتي قالت مصادر الأمن أنها تم طباعتها محلياً في مطابع يتعامل معها أفراد هذه العصابة. وبحسب الدكتور مصلح عباسة- مدير عام إدارة الصيدلة والتموين الطبي بوزارة الصحة- فإن أغلب الأصناف التي تم تزييفها هي من تلك التي تمنع الوزارة استيرادها نظراً لعدم فاعليتها أو مطابقتها للمواصفات المطلوبة ، أو نظراً للمخاطر المترتبة من استخدامها على الحياة البشرية، أو هي من الأصناف التي لا توفرها الصيدليات المحلية لسبب أو لآخر. وأكد الدكتور عباسة : أن الأدوية المهربة والمزيفة موجودة في الأسواق اليمنية على نحو كبير ، وأن مكافحتها أو الحد من انتشارها يتطلب إمكانيات مادية، وجهود كبيرة، في الوقت الذي ما زالت هناك دوائر داخل وزارة الصحة تعيق تنفيذ مثل هذه الحملات من خلال عرقلة تمويلها، آملاً في قيادة الوزارة الجديدة أن تكون الداعم لتنظيف الأسواق الدوائية اليمنية من هذه "التجارة القاتلة".. في الوقت الذي علمت "نبأ نيوز" من بعض أعضاء فريق المداهمات أن الحملة الحالية استخدم فيها الفريق سياراتهم الخاصة، وإمكانياتهم الذاتية وليس الحكومية، لأن المعاملة على نفقات وقود للسيارة قد تستغرق أسبوعاً أو أكثر – وتحتفظ "نبأ نيوز" بوثيقة تؤكد هذه الحقيقة. الدكتور عباسة – رئيس الحملة- يتخذ موقفاً مشدداً من تهريب الأدوية وراهن في حديثه عدة مرات على اجتثاث هذه الجماعات التي تستهدف حياة المواطنين بلا رحمة ولا ضمير وفي مختلف أرجاء الجمهورية اليمنية، فيما لو تم توفير الإمكانيات المادية لتمويل تحركات الحملة. وقد علمت "نبأ نيوز" من بعض أعضاء الحملة أن إصرار الدكتور مصلح عباسة نابع من كونه أحد ضحايا الأدوية المزيفة ، وذكروا أن زوجته كانت تتعالج من مشكلة تتعلق بالحمل، وأنها بعد أن حملت اشترت علاجاً مثبتاً للجنين أثناء الحمل لكن المفاجأة أن الدواء المزيف الذي لم تستطع تمييزه الزوجة تسبب في قتل الفرحة الأسرية وإسقاط الجنين في الحال.. الأمر الذي أخذ الدكتور عباسة على نفسه عهد القضاء على هؤلاء المتاجرين بأرواح الأبرياء. وقد ترددت أنباء أن رئيس الوزراء – عبد القادر باجمال- وقع ذات يوم ضحية هذه العلاجات المزيفة ، وتم نقله الى المستشفى في الأثر.. فعمليات التمييز أو الشك بمصدر الدواء وصلاحيته هي مسألة احترافية بحتة لا يجيدها غير ذوي الإختصاص. ومع أن الدكتور عباسة أكد ل"نبأ نيوز" أن الحملة لن تتوقف وستمتد الى جميع المحافظات، وراهن على ذلك ، إلاّ أن السؤال هو : هل ستصمد حقاً الإدارة العامة للصيدلة والتموين الطبي أمام ضعف الإمكانيات والعقبات المالية التي تضعها في طريقها دوائر متنفذة بالوزارة اعتادت تقرير مصير كل الطموحات والسياسات للمخلصين المجتهدين!؟ هذا السؤال نترك جوابه للدكتور عبد الكريم راصع- وزير الصحة- الذي تأمل الصحيفة دعوتها من قبله للإجابة على سؤالها..