عشقت الكتابة يوما حتى أنها أصبحت بالنسبة لي قوتا ضروريا لا أقوى على فراقها مهما كانت الظروف التي تحيط بي وهكذا كان الحال بالنسبة للكثيرين من الشباب أو كبار الأدباء والمثقفين في زمن لا تفصلنا عنه ظروف الزمان والمكان كثيرا حتى لو فات البعض من أبناءنا بعض من تلك التفاصيل التي لا تختلف عما نعيشه معهم في زمننا الحاضر فأن واقعنا كفيل بأن يخبرهم بما فاتهم من بعض تلك التفاصيل التي لم يعيشونها. إلا أن هناك بعض المتغيرات أو الظروف التي تهيأت يوما ما وبشكل غير عادي قلما وجدت في تاريخ أي شعب من الشعوب بدعم ومباركة غير عادية من الداخل ممثلا في التفاف الشعب صفا واحدا حول قيادته من أجل مستقبل جديد طالما طال انتظاره أو من الخارج في مباركة العالم لوحدة اليمن واستقراره ونهجه الديمقراطي الذي دفع القريب والبعيد أن يمد له يد العون والدعم بطريقة أو بأخرى في ظل المصالح المشتركة في بلد ابهر العالم بما يمتلكه من مقومات النهوض والتطور في كل مجالات الحياة. وبناءا على كل تلك المعطيات التي لم تعد من نسج الخيال أو عبر أحلام اليقظة بل كانت واقعا معاشا نتابعه خطوة خطوة بل ويبرهن بطريقة لا يمكن إنكارها أن اليمن وشعبه قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الخروج من دائرة المعاناة أو الفقر التي أصبحت عنوانه ورفيقة دربه من أي اتجاه صوب وجهه، وبناءا على ذلك فأن الأدباء والمثقفين اليمنيين سواء كانوا شعراء أو صحفيين بصفتهم من أبناء هذا الوطن الغالي قد تفننوا في التعبير عن ذلك الحلم الجميل الذي لم يعد له في الخيال آنذاك مكانا كلا حسب قدرته وموهبته ومكانته وأقصد هنا كل من يحبون هذا الوطن ويتمنون له الرخاء والاستقرار من خلال أقلامهم الشريفة الصادقة التي عملت بكل مسئولية من أجل توجيه طاقات الشباب وإبداعاتهم نحو البناء والتطور والرخاء في ظل تلك القوانين التي أبهرت العالم من حولنا حتى أولئك الذين سبقونا كثيرا في ركب الحضارة والتطور والنظام أومن أتوا لمد يد العون لذلك البلد الموحد المليء بكل أنواع الثروات في شتى المجالات دون استثناء.
حتى أصبحت الكتابة فعلا واحة غناء يجد فيها كل الوطنيون ضالتهم التي ما فتئوا البحث عنها من أجل تلوين سواد الماضي ببياض المستقبل المشرق لأن ثراء الشعب في العفو والتسامح قد سمت على كل الجراحات والأحقاد طالما أن هناك توجه نحو نور الصباح الذي طال انتظاره فالجميع كان ينتظر ساعة الصفر من أجل معركة وطنيه لكنها من نوع آخر تدعو للبناء والتطور ميدانها الوطن وجيشها من يستظلون تحت سمائه لتنطلق شاقة عباب الحياة من مختلف أبوابها وتعدد مجالاتها في بلد ليس له نظير على أرض المعمورة وهذه شهادة أجمع عليها كبار المهتمين أو الداعمين أو الباحثين فالسياحة وثرائها لا يوصف والثروات الطبيعية متنوعة حيث لا يعترض كل من يود اقتحام كل تلك المجالات سوى أعداء النظام والقانون. وإذا كانت تلك الموارد بتنوع أشكالها ومجالاتها قد اعتبرت ثروة غير عادية فأنها ليست بأكثر شأنا من تلك الثروة الحقيقة التي هي أساس البناء في أي حضارة إنسانيه على مدى التاريخ ألا وهي ذلك الشعب المفعم بالحيوية والنشاط ورجاحة العقل وسلامة التفكيرالذي لم تثنيه يوما قسوة الحياة أو مرارة العيش. لكن مشيئة الأقدار التي كتبت في عالم الغيب بقدرة إلهية كانت أسبق منا نحن البشر في معرفة ما ستئول إليه حياتنا يوما بعد يوم لنستشف الحكمة الإلهية من عدم معرفتا بالمستقبل لكي تستمر الحياة ومن عليها من بني البشر بعجلة دوران لا تتوقف إلا بمشيئة خالقهم ولو أن الناس تنبئوا بما سيئول إليه مستقبلهم وأقصد هنا الشعوب التي تقبع في دائرة الحكومات الفاسدة لتوقفت عجلة دوران حياة هذه الشعوب أما للوقوف خوفا من مستقبل ينتظرهم أو للعمل على تحويل مساراتها من اتجاه إلى آخر خوفا من الاصطدام بالواقع الذي ينتظرهم أو أن شيئا أكبر من ذلك قد يحصل وهو العمل على إزالة ذلك الواقع المرير الذي ينتظرهم قبل الوصول إليه بشكل أو بآخر ثلاثة خيارات أحلاها مر. هذا هو حال الشعوب التي أصبح مستقبلها مجهولا لأنه ليس كمستقبل الشعوب المستقرة أطلاقا لأن خططنا ولو بنيت على حقائق وأرقام حتى ولو كانت دقيقة لا تجد ممن هم مخولون على تنفيذها على أرض الواقع المعاش ممن يرقون إلى مستوى الامانه أو حب الوطن الذي يكتنفهم أو ذلك الشعب المغلوب على أمره الذي وضع فيهم الثقة يوما باسم الديمقراطية. أعزائي القراء الكرام لم يكن كل ما ذكرته سابقا إلا واقعا معاشا يلمسه الجميع دون استثناء ألا أنني أجد أن هناك شريحة من هذا المجتمع قد تكون معاناتها أكبر وهي كما يبدو لي شريحة الكتاب والأدباء والصحفيين سواء كانوا مع هذا أو ضد ذاك الذين يحملون على عاتقهم مسئولية التعبير عن مشاعر الناس ومآسيهم وصدق الكلمة التي تخاطب الآخرين بما يجري على أرض الواقع المعاش في حياة الناس لاجدها هنا فرصة مناسبة من خلال هذا المقال أن أوضح أن هناك تباينات متعددة وظروف مختلفة يعيشها الكتاب والصحفيين اليمنيين عن غيرهم إلا أن معاناتهم قد تزيد عن معاناة الإنسان العادي خاصة عندما تدفعهم ضمائرهم أو أي شئ آخر للكتابة حول ما يعيشه هذا الوطن من واقع يعجز القلم عن وصفه أتدرون لماذا؟ لأنهم وأقصد هنا الوطنيون منهم حتى ولو اختلفت مواقفهم المهنية أو أنتمائتهم الحزبية قد نجدهم كل يوم في شأن مختلف أمام من يقرؤون لهم من طبقة المثقفين في هذا المجتمع فمن يكتب في الصحافة الرسمية قد أصبح في عداد الغير موثوق بهم حتى ولو كان عكس ذلك ومن يكتب في الصحافة الحزبية في نظرهم ثرثار متهجما سريع الانفعال أما من يريد أن يكتب في الصحافة المستقلة أو المعتدلة فأنه قد أصبح في عداد الحيارى الذي قد يصل بهم الحد يوما إلى أن يؤدي صلاة الاستخارة قبل أن يكتبوا في ذلك الموضوع أو تلك المشكلة لأنهم لا يرضون عن أنفسهم أن يقال عنهم ما يقال عن زملائهم في الصحافة الرسمية الذين لا يقلون عنهم شيئا في حبهم للوطن كي لا يصنفون في عداد الغير موثوق بهم لأنه يقال فيها كثيرا مما لا يتم انجازه على أرض الواقع إلا أن هناك البعض منهم قد يتجرؤون للكتابة في مكان آخر للتعبير عما بداخلهم حتى ولو كان في ذلك مجازفة قد تحول بينه وبين عمله الذي يمارسه. أما لو فكر الكتاب المستقلون أن ينخرطوا في صف الطرف الآخر وأقصد هنا الصحافة الحزبية فأن خوفهم من أن تطلق عليهم صفة الثائر الثرثار الذي قد تسيطر عليه انفعالاته وعصبيته وتدفعه لأن يخرج عن نطاق المألوف أو المنطق في طريقة الكتابة الصادقة أو توجيه النقد البناء مما قد يجعل من بعض الحقائق أو الأرقام لدى المتلقي زلفا لا يصدق لأن الكاتب هنا قد أصبحت عواطفه طاغية على ما يمكن لثقافته ورجاحة عقله أن يجعلان من هذه العبارة أو ذاك المقال حلا أو وجهة نظر يمكن أن تحرك المجتمع في درب الصواب دون تعصب أو تهور. ومن كل ذلك يمكن القول جازما بأن الجميع يعاني والجميع يتهم وبينهم تكمن الكتابة الصادقة والمناقشة الهادفة المبنية على الحقائق والبيانات المقبولة لدى كل من يتلقاها أيا كان توجهه الحزبي أو انتمائه ألمناطقي طالما أن الهدف من تلك الكتابة هو النقد البناء المبني على الحقائق والأرقام وبما تفرزه مفردات الواقع المعاش وهذا ما يخشاه المعنيون من ذلك. لكنني مازلت مقتنعا جدا بأن جميع الكتاب والمثقفون كيفما كانوا وأينما كانوا هم أكثر المجتمع معاناة ولكنهم وأفضلهم مكانة إذا كان حبهم للوطن فوق كل الحسابات فقد يتهمون بالكذب حينا أوبالتهور حينا آخر في واقع قلت فيه الموازين وتوقفت فيه عجلة الدوران نحو الأمام لنخلص من ذلك كله أن واقعنا لم يتغير أبدا نحو الأفضل مما زاد حجم المعاناة التي يعيشها الكاتب اليمني في زمن الواقع المعكوس. [email protected]