من المؤكد أن جميعكم يعرف المهمة الأساسية للملحقيات الثقافية في الخارج، والتي تتمثل في القيام برعاية شؤون الباحثين والطلاب في الخارج، والوقوف على ما قد يعترض مسيرتهم الدراسية والبحثية من أمور وتعقيدات إدارية أو مالية. بحيث يتسنى للجميع التركيز على الهدف الأساسي الذي تم ابتعاثهم من أجله، وهو التفرغ للبحث والتحصيل العلمي، ليعود الجميع إلى أرض الوطن مفعمين بالنشاط، وحب الخير والعطاء لهذا الوطن الغالي وشعب اليمن العظيم، الذي استثمر فيهم الملايين في سبيل بناء قدراتهم الذاتية، ليعودوا بالخير والأمل لهذا الشعب، ويشاركوا أهلهم في الداخل، قيادةً وشعباً، في بناء يمن الشموخ والوحدة والتنمية. ولا نبالغ إن قلنا بأن الطالب أو الباحث اليمني في الخارج قد فرض احترامه على جميع من هم حوله من الأشقاء والأصدقاء، بفضل ما يبذله من جهد ومثابرة، وإصرار على التفوق والتميز، وبما يتسم به من أخلاق عالية، وصبر على تحمل المصاعب والمشاق.. وكيف لا، وهو قد أتى من أرض التحديات، وينتمي لشعب طالما اشتهر بالعزم والحكمة. لكن ذلك الاحترام والتقدير للباحث أو الطالب اليمني، والنابع من تلك السمات والمزايا العظيمة التي اكتسبها من هذا المجتمع العريق، لم تنل احترام وإعجاب بعض مسؤولي الملحقيات الثقافية في الخارج، اللهم ربما فيما يتعلق بمسألة الصبر والمقدرة على تحمل إهمال قضاياهم وهمومهم من قبل هذه الملحقيات، في ظل تزايد أعباء الحياة وتراكمها فوق همومهم هماً فوق هم. هذا كله دون أن يُدرك هؤلاء المسئولون بأن ذلك الصبر إنما يأتي من حرص كثير من الباحثين على الحفاظ على سمعة البلد في الخارج، وحرصهم أيضاً على أن لا تخرج خلافاتهم خارج أطر تلك الملحقيات. وهذا أمر يفُترض أن يكسبهم المزيد من الاحترام والتقدير والتفاني في حل واحتواء مشكلاتهم من قبل هؤلاء المسؤولين، الذين يعدهم الكثيرون ناقصي الشعور بالمسؤولية، بل أُجزم أن البعض منهم خالي من الإحساس بعظمة المسؤولية تماماً، أو أن لديه فهماً مغلوطاً عن مقتضيات ومتطلبات هذه المسؤولية، ومقاصدها الجليلة والنبيلة. لقد تحولت تلك المقاصد السامية "المُفترضة" لمهام الملحقيات الثقافية في الخارج، على يد بعض الموظفين والمسؤولين فيها، إلى أفعال وممارسات تتنافى مع طبيعة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويتجلى ذلك في بعض المظاهر السلوكية الشاهدة على إهمالهم وتقصيرهم، بل وأحياناً تسببهم في المساهمة في اختلاق مشكلات جديدة موجهة ضد الباحثين والطلاب. وإذا ما سلطنا الضوء قليلاً على بعض المشكلات الناجمة عن أداء الملحقية الثقافية بالقاهرة، سيتبين حجم هذه المشكلة، ومدى أهمية أن تعطي الجهات المعنية في الحكومة، جل اهتمامها لمعالجتها من جذورها، لا أن تركز فقط على النتائج، ومحاسبة بعض الباحثين ممن اندفعوا دفعاً للخروج عن القواعد والأعراف والتقاليد الأكاديمية، في التعامل مع من تسبب في معاناتهم وأصم كلتا أذنيه، رفضاً لسماع أنات ومعانات الباحثين التي قد تمتد لشهور طويلة، دون رحمة أو مراعاة للظروف الإنسانية التي يعاني منها الباحث أو الطالب. لقد تعود الباحثين في مصر على تنزيل بعض مستحقاتهم، من وقت لآخر بدون أي مسوغ قانوني، أو حتى مبرر مُقنع من قبل الملحقية الثقافية، فبرغم وصول هذه المستحقات من اليمن لصرفها لمستحقيها فور وصولها، إلا أن المسئول المالي بالملحقية الأخ "عزيز عثمان" يتعمد احتجازها، بل وإنكار وصول بعضها متجاهلاً إشعارات تحويلها من قبل البنك المركزي اليمني بصنعاء!، ومستهيناً ببعضها الآخر، ليقضي أصحابها من الباحثين فترات طويلة في متابعتها. في ظل عجز شبه تام من قبل المُلحق الثقافي، عن محاسبته وضبط تصرفاته وتصرفات بقية الموظفين الإداريين وفقاً لما تقتضيه المصالح المشروعة والقانونية للباحثين والطلاب. ومن الظريف في هذا الأمر، أن أحد الزملاء، الذي ذهب للسؤال عن مستحقاته في الملحقية، قيل له بأن مستحقاته لم تصل بعد إليهم من اليمن، وعند وصوله إلى الوطن، تم التأكيد له هناك بان مستحقاته منذ زمن في القاهر!!!، وبعد جهد من قبل أحد الزملاء الدارسين هنا في مصر، تم متابعة تلك المستحقات وإخراجها، ومن ثم إرسالها إليه، حيث أن هذا الزميل كان قد أصيب بمرض خطير تسبب في فقدانه لبصره (نسأل الله تعالى أن يشفيه). وعلى نفس المنوال، ما يزال البعض يبحث عن مستحقاته المالية منذ أشهر عديدة، منها ما هو متعلق ببدل قيمة الكتب التي يُفترض أنها قد سُلمت لأصحابها في شهر يناير لولا تنزيلها من قبل الملحقية لغرض في نفس "عزيز"، وحتى اللحظة ما يزال أصحابها في نضالٍ مستمر فاقت تكاليفه أكثر من قيمة تلك المستحقات!!!. ومن هذه المستحقات أيضاً ما هو متعلق بقيمة رسوم دراسية لكثير من الباحثين يُفترض أنها قد سُلمت للجامعات المصرية منذ أكثر من سنة وسنتين، لكنها ما تزال تنتظر بذل جهوداً جبارة لإخراجها من حسابات الملحقية الثقافية المليئة بالمعوقات والتعقيدات الغير مبررة، والغير مفهومة الدوافع والأسباب، الأمر الذي قد يدفع يوماً ما، بأحد الأخوة الباحثين المتخصصين في مجال علم الإدارة، للتطوع بتخصيص موضوع بحثه لدراسة الظواهر النادرة والعجيبة في أداء ملحقيتنا الثقافية. فعلى هذا النحو الذي تفضلتم بقراءة بعضه في هذه الصفحة، يقضي الكثير من الباحثين أوقاتهم في البحث عن مستحقاتهم، في اليمن ليكتشفوا أنها قد أُلحقت منذ زمن بحساب الملحقية في القاهرة، فيبدءون بالبحث عنها في دهاليز الملحقية، ليبدؤوا من جديد مرحلة جديدة أخرى من المتابعة المُضنية. آخر صيحة في عالم الإهمال المليء بالألغاز، أن مجموعة من الباحثين، لا يتعدى عددهم الخمسة، تم إرسال مستحقاتهم المالية من اليمن بتاريخ 14 مارس 2010م، وهي مستحقاتهم للربع الأول من هذا العام، وقد تم تنزيلها لأسباب سوف نشير إلى أهمها لاحقاً. فما يهمنا الآن، هو النظر في الطريقة التي تم التعامل بها مع أصحاب هذه المستحقات. فبعد جهد دؤوب من المتابعة من قبل الباحثين، قامت الملحقية مشكورة بتاريخ 1/4/2010م، بإرسال كشف الصرف "كالعادة" إلى فرع البنك الأهلي بأسيوط، وبتعاون من قبل أحد الزملاء تم إيصال الكشف بنفس اليوم، لكن كانت المفاجئة، أن آخر موعد لسريان تنفيذه ينتهي بتاريخ 10 أبريل 2010م، فإذا علمنا بأنه حتى نهاية نهار اوم الأربعاء الموافق 7 أبريل لم يتم تعزيز المبلغ من قبل الملحقية إلى الحساب المُستهدف في فرع البنك الأهلي، فإن آخر فرصة للباحثين لاستلام مستحقاتهم تلك ستكون يوم غداً الخميس، لأن الجمعة والسبت كما تعلمون إجازة بالنسبة للبنوك. هذا فقط إن تم تغذية الحساب بالمبالغ المطلوبة، فمن يدري ربما نأتيكم بعد يومين حينما تنتهي فترة السويعات المحددة للصرف، لنخبركم بأنه لم يتم تعزيز المبلغ بالمطلق، برغم أن الملحقية قد خصمت رسوم التحويل من حسابات الباحثين، بناءً على طلبهم أملاً في التسريع بإرسالها وعدم التلكؤ بنفقات التحويل. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن آخر مستحقات مالية لهؤلاء الخمسة الباحثين (وهناك غيرهم أيضاً) كانوا قد تسلموها في شهر نوفمبر من العام الماضي، فلكم أن تبحثوا عن سبب مُقنع لتفسير الحرص الشديد من قبل الملحقية لتأخير استلامهم لهذه المستحقات، وتضييق فرصة حصولهم عليها بسويعات محددة من يوم الخميس!!. بمعنى لو أن أحدهم قد انشغل بأمرٍ ما، أو أصابه مرض لا سمح الله، أو ذهب إلى مدينة أخرى للبحث عن كتاب أو ما شابة ذلك، فإن عليه في اليوم التالي أن يقطع مسافة حوالي 800 كيلومتر ذهاباً وإياباً إلى القاهرة لاستلام تلك المستحقات!!. أما محاولة التواصل مع الملحقية، فلها قصص وروايات لا يتسع المجال لسردها، فحيث يدرس الكثير من الباحثين في جامعات يبعد بعضها عن القاهرة بمئات الكيلومترات، فإننا نعتقد والحالة هكذا؛ بأن على الباحثين والطلاب التواصل مع الملحقية عن طريق التليفون من أماكن إقامتهم، إن تطلب الأمر الاستفسار عن أمر معين من الأمور التي تهمهم في الملحقية، ونعتقد أيضاً أن مثل هذه الأمور هي من البديهيات، كما أنها تُعد من صميم عمل الملحقية، وذلك لتسهيل أمور الباحثين، وتجنيبهم مشقة السفر إلى القاهرة من أجل الاستفسار عن أمور بسيطة يمكن حلها بسهولة في غضون دقيقة أو اثنتين. وهذا بالضبط ما جرت عليه العادة منذ أن قدمنا للدراسة في هذا البلد. غير أن الأمر اليوم على ما يبدوا قد تغير، وأصبح الأخوة مسئولو الملحقية ربما يعتبرون مثل هذه المكالمات عبثية ولا داعي للاهتمام بها، فقاموا بصم آذانهم وإغلاق تلفوناتهم معظم أوقات الدوام الرسمي، وإذا ما حاول البعض الاتصال بهم عبر التليفون الأرضي الخاص بالملحقية، يرد عليه أحد موظفي الاستعلامات، بعد نحو خمس دقائق أو أكثر من الانتظار بأن الشخص المطلوب مشغول ولا يستطيع الرد على التليفون (وهكذا غالباً).... فإذا ما التمس من الموظف مجدداً إيصال مكالمته إلى أي من الموظفين الإداريين العاملين في الملحقية، عساه يرد عليه ويفيده عما يطلب الاستفسار عنه. يفاجأ بأن موظف الاستعلامات يُخبره من جديد بأن ليس لدى الموظفين سماعة تليفون أخرى في المكتب حتى يتمكنوا من الرد عليه، وأنهم أيضاً غير قادرين على الحضور إلى مكتب الاستعلام للرد وإفادته..!، الله يكون في عونهم!. أما بالنسبة للموظفين الإداريين من إخواننا المصريين في الملحقية، وبشهادة الكثير من الباحثين نجدهم غير ملتزمين بالدوام، مما يتسبب في عرقلة إنجاز الكثير من المهام، وبعض الباحثين ممن هم خارج القاهرة يضطر للانتظار بالقاهرة ليوم أو يومين، حتى يأتي الموظف ليحل له مشكلته (لا تستغربوا فقد تعودنا أن لا تُحل مشكلاتنا إلا بحضورهم). والغريب أن يستعين المُلحق المالي بأحد الزملاء الباحثين في تسيير بعض أعماله، وهذا قد يبدوا في ظاهره أمرٍ جيد إن كان ذلك يصب في مصلحة العمل ومصلحة الباحثين، لكن عندما يتم استغلال هذه الصلة بالملحقية من قبل هذا الزميل، للإساءة لبعض زملائه الذين أحسنوا الضن به، (وهذا ما حدث للبعض)، فإن ذلك أمر خطير تتحمل مسؤوليته الملحقية بلا ريب. ونُذًكِرهُم هنا بأن الملحقيات السابقة كانت تقوم بتسيير أعمالها من دون الحاجة لأحد من خارجها، فما الذي استجد اليوم للدعم الخارجي؟، خصوصاً أن ما نلحظه ليس إلا تراجعاً عما كان عليه الحال في السابق وليس العكس!. مسألة أخرى ينبغي تناولها، وهي أن كثير من الباحثين في بعض الكليات في مصر، يواجهون صعوبات إدارية وإجرائية تتعلق بلوائح وأنظمة تلك الكليات، وهو ما يتسبب في إطالة فترة مكوثهم في الكليات التي يدرسون بها، الأمر الذي يجعلهم يتجاوزون المدة القانونية المقررة لابتعاثهم، ومن ثم يتعرضون لتنزيل مستحقاتهم المالية من قبل وزارة المالية بصنعاء، دونما الوقوف على حقيقة أوضاعهم الدراسية، والنظر إلى المشكلات التي يعانون منها، والتمييز بين أسباب التأخير التي يكون وراءها الباحث، وبين الأسباب الأخرى التي تفرض نفسها عليه، فيجد نفسه طريحاً ما بين مواجهة تلك المصاعب في الخارج بالإضافة إلى متطلبات شغله وظروف معيشته من جهه، وبين ضغوطات الداخل والمعاجلة بقطع منحته المالية من جهة أخرى. ويكفي الإشارة إلى أن من تم تنزيل مستحقاتهم من الباحثين وهم بالعشرات في جامعات مصر، جميعهم تقريباً ينتمون إلى كليات بعينها عُرفت بأن إجراءاتها الإدارية شديدة التعقيد. وفي مثل هذه الحالة، يُفترض أن تعمل الملحقية على حل هذه المشكلات الإدارية مع الجامعات المصرية، أو على الأقل مخاطبة جهات الابتعاث في الداخل وعلى رأسها الجامعات ووزارة التعليم العالي، والأهم وزارة المالية، وإشعار هذه الجهات بتلك الصعوبات والتعقيدات، حتى تؤخذ في الاعتبار عند إعادة النظر في المدة القانونية التي قضاها الباحثين في الخارج، والتأكيد على أن لا يد للباحث في ذلك، اللهم إلا من ثبت من واقع تقارير المشرفين، والزيارات الميدانية لأماكن دراستهم بأنهم فاشلون أو متقاعسون عن أدائهم لواجباتهم التي اُبتعثوا من أجلها، ففي هذه الحالة هناك إجراءات قانونية معروفة لا تحتاج سوى تطبيقها على الجميع بشكل متساوي وعادل. المهم أن شيئاً من ذلك من قبل مُلحقيتنا الموقرة لا ولم يحدث قط، بل وكما رأيتم، فإنها قد أصبحت عبئاً إضافياً على كاهلهم، فبعد أن تفهمت ظروفهم الجهات المعنية في الداخل، وقامت بإرسال مستحقاتهم، فإذا بهم يواجهون مصاعب إضافية أخرى من إبداعات موظفي الملحقية الثقافية. ولمعالجة مثل هذه المشكلات والهموم؛ نكتب اليوم مخاطبين الجهات المعنية في الوطن الحبيب، والتي لا نشك ولو للحظة واحدة بانها من الممكن أن تقبل بهذا المستوى المتردي من الأداء من قبل بعض الملحقيات الثقافية. وأن من المهم إعادة تقييم أداء هذه الملحقيات من فترة لأخرى، وإعادة النظر أيضاً في تعيين من يثبت تخليهم عن واجباتهم، فهناك حالة متنامية من السخط والتذمر لدى الباحثين في مصر، من جراء أداء وتصرفات الملحقية. علماً بأن شكوى جماعية، تحوي الكثير من الشكاوى والمظالم الخاصة للباحثين والطلاب اليمنيين في مصر، يجري حالياً إعدادها بشكلٍ جماعي، وبحيث يتم بلورتها في نقاط محددة، لتقديمها لمعالي الأخوة الوزراء المعنيين بهذا الأمر، وزير التعليم العالي، ووزير المالية، في وقتٍ لاحق، للقيام بما يرونه مناسباً، ونحن على ثقة تامة بأنهم سيأخذون تلك الشكوى بمحمل الجد، وإنصاف الجميع وفق القوانين والأنظمة الرسمية التي يتحدد على أساسها، حقوق المبتعثين للدراسة في الخارج وواجباتهم. * باحث يمني في مصر