تقود اللجنة الوطنية للمرأة حراكاً نسوياً نشيطاً على طريق دفع الحكومة ومجلس النواب للقبول وإقرار مشروع تعديلات قانونية، يتضمن (72) قانوناً، تصفها اللجنة ب"التميزية" ضد المرأة، وتعدها "عائقاً" أمام مشاركة الفاعلة في مختلف المجالات الحياتية. الحراك الذي دشنته اللجنة منذ عام 2005م، إنطلق على قاعدة الشراكة المجتمعية بحشد رجالات الدولة والقانون والشريعة، وبرلمانيون، وسياسيون، ومؤسسات مدنية وإعلامية وثقافية، وهيئات دولية، وذلك من أجل بلورة رأي عام مناصر للمطالب النسوية التي تواجه في العديد منها معارضة القوى المتشددة- خاصة تحت قبة مجلس النواب. غير أن تلك المعارضة لم تثن اللجنة الوطنية للمرأة عن سعيها، بقدر ما حفزتها إلى تأطير مشروعها بدراسات مستفيضة للقوانين اليمنية من قبل كبار رجالات القانون اليمنيين، وتحديد مدى توافقها مع الاتفاقيات الدولية، وعقد ورشات العمل الدورية لإثرائها بالنقاشات، وبما يسد كل الثغرات التي يمكن أن تستغلها التيارات المتشددة في الطعن من خلالها بمشروع التعديلات. أمس الثلاثاء نظمت اللجنة الوطنية للمرأة، بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للسكان، وبمشاركة 50 مشاركا ومشاركة من الجهات الحكومية والمنظمات المدنية وكوادر اللجنة، وذلك بهدف تعريف المشاركين بما توصلت إليه أعمال الفرق القانونية التي شكلتها اللجنة، من نتائج بخصوص مراجعة العديد من النصوص القانونية واقتراح التعديلات للنصوص التمييزية ومدى موافقتها للاتفاقيات الدولية. وفي مستهل الورشة أكدت رئيس اللجنة الوطنية للمرأة السيدة رشيدة الهمداني: "إن هناك فجوة في النصوص القانونية والتطبيقي العملي على اعتبار أن الواقع يختلط كثيرا بالمفاهيم الاجتماعية الخاطئة التي تقلل من قدرات المرأة وتنظر إليها دائما نظرة دونية". واضافت الهمداني: "أن الورشة تأتي في إطار جهود اللجنة ومهمتها المستمرة للنهوض بأوضاع المرأة وتحسين مستواها في مختلف المجالات السياسية والصحية والثقافية والمعيشية". وشددت على ضرورة الأخذ بالقوانين مأخذ الجد كونها تشكل عائقا أمام المرأة للمشاركة الفاعلة في مختلف مجالات الحياة العامة والوصول الى مواقع صنع القرار، مطالبة بضرورة إزالة النصوص التمييزية ضد المرأة بما يكفل المساواة والعدالة بين الجنسين. وتطرقت السيدة الهمداني الى قانون الجوازات في اليمن والذي لا يتيح للمرأة الحصول على جواز سفر إلا بولي أمرها، والنصوص القانونية التي تعيق عمل المرأة في المجال التجاري والاجراءات التي تمارس من قبل أصحاب رجال المال والأعمال على سيدات الأعمال. واشارت الى ضرورة التوعية المجتمعية بالقوانين والنصوص التي تعطي المرأة حقوقها كاملة وما كفله الدستور والقانون اليمني من حقوق مشروعة لها في المجالات المختلفة. من جانبها، قدمت رئيس قسم القانون الدولي الخاص بجامعة صنعاء الدكتورة مريم عبد الله الجوفي عرضا مفصلا لنتائج أعمال الفرق القانونية الثلاث التي شكلتها اللجنة الوطنية للمرأة لدراسة القوانين النافذة ومدى موافقتها للاتفاقيات والإعلانات الدولية التي صادقت عليها اليمن بهدف إزالة النصوص التمييزية ضد المرأة. وأوضحت الجوفي أن اللجنة الوطنية للمرأة شكلت الفرق القانونية على ثلاث مراحل، الأولى في عام 2001م مكونة من اللجنة ووزارتي الأوقاف والارشاد والشؤون القانونية ومحامية لدراسة 50 قانونا وطنيا وتسع اتفاقيات دولية صادقت عليها اليمن. وفندت الجوفي النتائج التي توصل إليها الفريق في هذه المرحلة ومنها استخلاص المواد الداعمة لحقوق المرأة والمواد المتضمنة تمييزا ضدها. وكان عدد عدد القوانين التي تتضمن تمييزا أو تجاهلا للمرأة في بعض موادها "تسعة قوانين"، إضافة إلى استخلاص المواد التي نصت صراحة على أن حقوق المرأة مساوية مع الرجل وكان عددها 13 قانونا والتوصية بإصدارها في كتيب بهدف توعية المرأة والمجتمع بالحقوق المكفولة لها. واستعرضت الجوفي ما قام به الفريق القانوني خلال المرحلة الثانية في عام 2005م والمكون من اللجنة الوطنية للمرأة ومحامية وقاضية ووزارة الشؤون القانوية لدراسة 75 قانونا، وما خلص إليه الفريق من نتائج تتمثل في أن 27 قانونا بحاجة إلى تعديل لتضمنها نصوصا تمييزية أو أنها تتضمن مواد بصيغة الذكورية مع أنها تخاطب النساء والرجال على حد سواء. واشارت الى نتائج أعمال المرحلة الثالثة التي نفذتها اللجنة الوطنية للمرأة عام 2008م والفريق القانوني لدراسة 72 قانونا وطنيا ومدى تطابقه مع الاتفاقيات الدولية، ومما خلص إليه الفريق من توصيات يجب إعادة النظرف فيها والتعديل ومنها قانون الانتخابات العامة والاستفتاء وقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية وقانون الخدمة المدنية وقانون الجرائم والعقوبات. وقد تم إثراء الورشة بالعديد من الملاحظات والمداخلات للمشاركين والمشاركات عن بعض المسميات والمصطلحات القانونية والقوانين التي بحاجة إلى تعديل وفقا لنصوص الشريعة الإسلامية، إضافة الى القوانين التي توصلت الفرق اليها بخصوص عدم وجود تمييز ضد المرأة والتي كان عددها 45 فانونا. الرهان النسوي على تعديل عشرات القوانين "التمييزية" ضد المرأة يسير بخطى واثقة، ومدروسة بدقة، وحماس منقطع النظير من قبل اليمنيات الناشطات في اللجنة الوطنية للمرأة، وكذلك من قبل الشركاء المتحالفين، خاصة بعد كسب جولة أولى تم خلالها تعديل عدد من قوانين الأحوال الشخصية.. إلاّ أن الجميع يضعون في رؤوسهم أن المعركة لن تكون سهلة، وتستدعي تتويجاً لنضال المرأة اليمنية بمؤازرة واسعة من كل قوى المجتمع التقدمية..!