سحق المنتخب السعودي المشارك في بطولة كاس الخليج العشرين التي دشنت اليوم في عدن نظيره اليمني ربما للمرة العشرون في تاريخ المواجهات بين المنتخبين فالتاريخ الكروي حد علمي لم يسجل فوزا يمنيا على المنتخب الجار الشقيق. الهزيمة القاسية التي تلقاها المنتخب اليمني اليوم تثير أسئلة ودهشة وحسرة وألم وغصة في النفوس.. ليس ذلك مرده الأربعة الأهداف التي تلقاها مرمى منتخب النونو فهذا أمر تعودنا عليه حتى أضحت الهزيمة قاعدة وثقافة في قاموس حياتنا فيما النصر استثناء وهذه الثقافة سحبت نفسها في كل مفاصل حياتنا حتى كدنا نسلم بالهزيمة قبل وقوعها في كل المجالات وهي لعمري هزيمة نفسية وعقلية بالأساس . أقول ليست المشكلة في النتيجة القاسية بل في استمرار الفشل الكروي على مدى ثلاثون عاما دون ان يحرك ذلك في نفوسنا مرارة وفي وجوهنا حياء. ثلاثون مباراة ودية ومدرب دولي وإمكانات هائلة تصرف على المنتخب الكروي لكن ما باليد حيلة فالعقل الذي يتصرف بالكرة يمني والقدم التي تركل الكره يمنية وفي كل الحالات هي محصلة لبنية جسمية هزيلة شاحبة مصفرة منهكة أفرزتها بيئة القات وكرس من ديمومتها عتاولة الفساد. تتوالى هزائم المنتخب اليمني الأول لكرة القدم بالخمسة وبالستة والسبعة منذ الثمانينات ولا شيء جديد يستحق الذكر, لا شيء جديد , رغم تغير الوجود وتبدل الأسماء والمدربين وتعاقب الأجهزة الفنية والإدارية, لا شيء جديد , غير أرقام الهزائم التي تطيح بسمعة اليمن دون أن يملك احدهم ذرة مشاعر وطنية. هزائم تتوالي بالمنتخب (النونو) بالستة والأربعة خارج أو في عقر داره فيما الدموع يتم سكبها حزنا في الداخل والخارج على هزيمة الوطن كرويا ولا أحدا يسال لماذا؟ انتكاسات كروية تلمسها في وجوه نحو 30 مليون إنسان منهم خمسة مليون في أنحاء العالم يموتون حسرة وكمدا منذ ثلاثين سنة وأول هزيمة ساحقة لمنتخب اليمن لكرة القدم. هؤلاء القائمون على شئوننا الكروية الذين يعشموننا بالمشاركة الفاعلة حينما يصاب المنتخب ومعه الوطن والجماهير بانتكاسة يعودون فيقولون لنا: "كانت مشاركتنا من اجل الاحتكاك", يا ليتهم أقنعونا ولو مرة واحده بفائدة مشاركتهم, ويا ليتنا فهمنا أن الاحتكاك في عالم كرة القدم لا يستمر 30 عاما, يا ليتهم حققوا لنا فوزا واحدا يستحق الذكر منذ ثلاثون عاما, ويا ليتنا أدركنا نواياهم من المشاركات فحاسبناهم. الوجوه تغيرت والأسماء تبدلت والهزائم نفسها تتكرر مع كل مشاركة او بطولة داخلية او خارجية, والكرة في قدم اللاعب اليمني ما تزال كما لو انها عبوة من اسمنت وليست من الهواء, الوجوه تغيرت والكروش انتفخت على اثر المشاركات والكرة في قدم اللاعب اليمني (هي هي هي) مهزومة قبل أن يتم ركلها, هزائم تتكرر وتمضي بنا باتجاه الفشل المريع والحزن المزمن فيما ما يزال اليمني يمني نفسه بانتزاع فرحة تعيد له ابتسامة غابت طويلا ولو من باب كرة القدم.. فمن يعيد الابتسامة لليمن السعيد؟؟