العقلُ هو الثمارُ الفكرية الصائبة التي تنتجها القوى الجماعية والأفراد خلال الفترات والحقب والتي تستفيد منها الأجيال، وتوظفها للمزيد من التطور والحرية، لكن لابد لهذا أن يتكرسَ في نظامِ الإنتاج المستقر. وقد وقع "العقلُ" في الجزيرة العربية أسير التكوين الطبيعي القاسي وأسير البنية الاجتماعية التي تكونت في قيود هذه الطبيعة، أي الأشكال القرابية الشديدة المحافظة. ولم تستطع الحضاراتُ القديمة فيما قبل الإسلام أن تنتجَ نهضةً جزيرية عربية مترابطة متكاملة، في حين استطاع الإسلام ذلك لقدرة مدنهِ الحجازية على استيعاب العناصر النهضوية للشمال العربي في مبنى تحويلي عربي عالمي فسيطر على حراك القبائل الفوضوي داخل الجزيرة إلى حين وحوله لتغيير كبير. فيما بعد مكةوالمدينة لن تظهر مثل هذه المدن التحويلية النهضوية الشاملة. وعادتْ الجزيرةُ العربيةُ لإمكانياتِها الرعوية والمدنية المحدودة وحراكها الخاص المضطرب. إن العناصرَ الجوهريةَ في العقلانية الإسلامية هي قيام العقل النقدي بقيادة طليعة الجمهور في أعمال نضالية متدرجة وإشراك الجمهور في المنافع الاقتصادية والتطور الثقافي، بالمواد الفكرية والاجتماعية السائدة وقتذاك. الإسلام كثورة أقام سلطة ليس ثمة بينها وبين الناس حواجز، قام بتوزيع أملاك الغزوات لمنع تركيز المُلكية، أي قدم جملة مفاتيح لدولة غير استبدادية، وهذا الوضع تغير بعد الفتوحات والانتقال للشمال العربي. عنصر التجار الأحرار المتحالف مع الفقراء، شكَّلَ تلك النهضة، ولكنها انساحت خارج الجزيرة العربية أكثر مما تكرستْ داخلها. ولهذا فإن التراكميةَ العقلانية لن تكون من نصيب الجزيرة العربية، بل سوف تظهر في المدن الجديدة كالبصرة وبغداد والقاهرة. في الجزيرة العربية فضاء جغرافي واسع، لكن الحرية صعبة، لأن تاريخَ البداوةِ المديد كوّن سيطرات كثيفة: فحتى المركزية التي شكلها الإسلام لم تستمر وظلت العاصمة الدينية للمسلمين رمزاً غير محمي في كثير من الأحيان. إن العقل كأرث فكري وقوانين ومؤسسات سياسية مدنية يحتاج إلى مدنٍ وإلى مدينة مركزية على الأقل، لكن هذا لم يتوافر للجزيرة العربية بعد قرن من الفتوح. فمع تراكم الثروة في بلدان الشمال العربي تفاقم الفقرُ في الجزيرة وخاصة في نجد والبحرين وعمان واليمن. فهل ظهرت إمكانات للحرية؟ كان إنتاجُ الجزيرةِ العربية الفقيرة عبر تلك الأقاليم "اليمنوالبحرين ونجد وعُمان" هو قيام التمردات والثورات المنقطعة عن تشكيل التراكمات الحضارية. لماذا كانت الثورة منقطعة عن العقل؟ لماذا لم تشكل تجارب تراكمية باقية ومفيدة للقرون؟ لقد أدى توقف دولة الخلفاء الراشدين إلى تنطع القبائل النجدية والجزيرية عامة لقيادة عرب المنطقة قافزة نحو المثل الثورية للإسلام بأساليب فوضوية وهو الأمر الذي فتح المجال واسعاً لحروب الردة ثم خدمة الدولة الأموية فالانتفاضة عليها وتشكيل الدويلات المستقلة حقق ذلك مساراً تمردياً في المنطقة أقرب للفوضى وحروب السلب والغزوات. فيما اعتمدت التراكمية النقدية النهضوية في قلب المدن العربية الإسلامية وفي عالم الخلافة على فئات وسطى من التجار والمتعلمين والحرفيين والإنتاج المستقر، وهي القوى التي شكلتْ المدارسَ والتيارات الفقهية والمنطقية والثقافية والفلسفية، وصنعت التوجهات التي وقفتْ وسطاً بين النظام الإقطاعي الحاكم بخلفائهِ وأمرائهِ وبذخه وتمزقاته الكثيرة فيما بعد، وبين القوى الخارجة على القانون الداعية لإنشاء أنظمة خلافة بديلة، وشكلتها في الصحارى، وهي لم تبدلْ نظامَ الخلافةِ الإقطاعي بل جعلتْ من أمرائِها خلفاءَ تفتيتٍ وفقر مدقع. من هنا كانت الصحارى في الجزيرة العربية هي الملاذُ لهذه القوى المتمردة التي لم تؤسسْ أنظمةَ إنتاجٍ مستقرةٍ مستمرة، وهو ما يمكن أن يوفره وجود منتجين ووجود قوى التجار، حيث يتيح ذلك نشوء التبادل والإنتاج المستقرين، ولكن سيطرة القبائل الغازية، لا يتيح ذلك. وهو أمرٌ كرّسَ الوضعَ المتصحر للعقل في هذه المنطقة الخليجية، وأغلب تلك الفرق قامت على النصوصية الشديدة أو على الهذيان السياسي. ومن هنا لن يكون لقبائل التمرد وتياراتها من خوارج وقرامطة وزيدية بناءات عقلية ثرة ومؤسسات اجتماعية متجذرة في الاقتصاد، في حين ستقوم بذلك المذاهب الإسلامية المحافظة من سنة وشيعة، وأباضية وقد تخلت هذه عن تمردية الخوارج وكذلك الزيدية في اليمن وقد هدأتْ اجتماعياً، وكل هذه تمثل التحضر الديني المتدرج خاصة في شرق الجزيرة وغربها. سيطرة قبائل الحراك والغزو لا تنتج تاريخاً مستقراً وسيطرة قبائل الإنتاج ستكرس دولاً ومدنية. في المجتمعات خارج الجزيرة العربية حدثت تطورات خارج القبلية، وحدث تفكك لهذه المباني الاجتماعية، ولكن في الجزيرة العربية بقيت هذه القبلية، ولم تؤدِ تياراتُ التمرد من خوارج وقرامطة وزيدية إلى بلورةٍ مدنية إلا حين انهارتْ هذه الفرق أو تحولت إلى اجتهادات أخرى. إضافة إلى عدم التحول هذا تكرست المحافظة الاجتماعية عبر تهميش النساء وهيمنة القبلية والأبوية، وسيطرة النصوصية الشديدة. إن مجالات الاستقرار كانت أكثر على سواحل الجزيرة العربية الكبرى، حيث أمكن نشوء الحضارات في الحجاز واليمن وعُمان والبحرين، في حين كان الداخل الصحراوي أقرب إلى حراك القبائل، ولهذا مع نشوء المدن والزراعة والملاحة حدثت مواضع مهمة لاستقرار الوعي وتطور العقل. وجاء تطور المذاهب السنية والإمامية متدرجاً عبر قرون في الجزيرة العربية، وبعد فشل الخوارج ثم القرامطة فإن المذاهب السنية والاثناعشرية قامت بالتطور المديد والتغلغل التدريجي في بيئة الفلاحين من جنوبالعراق حتى البحرين وعمان واليمن لكن كان شأنها في الحجاز مختلفاً، حيث بيئة الاستقرار الإسلامية السابقة المهمة. السواحل كانت بيئة الاستقرار والإنتاج، لكن نجد لم تعرف ذلك بشكل كبير، ولهذا فإن مذهب الحنبلية تغلغل فيها، وعبر عن هؤلاء البدو الرحل وطرقهم في العيش والتفكير. وجاءت المذاهب السنية المعتدلة كومضاتٍ في هذه الأثناء وتزايدت منذ القرن الثامن عشر الميلادي وبأشكالٍ قبليةٍ عسكرية قفزتْ نحو السيطرة على المواقع التجارية والمرافئ. وضع المذهبُ الاثناعشري أسسَ نمو الحياة الريفية في بعض المدن الساحلية الشرقية، في حين تحرك المذهبُ الحنبلي بتطوراتهِ ومخاضاته من الشمال العربي عبر السلفية الجهادية وبرز في نجد خاصة أي في الأقاليم الصحراوية وشكل مناخاً دينياً مغايراً، وبهذا حدث تناقض بين مستويين اجتماعيين وفقهيين مختلفين كثيراً. علينا أن نقول إن الاثناعشر تمثل في بعض ما تمثله تقاليد الفلاحين الإحيائية الضاربة بجذروها عبر آلاف السنين، الممتدة من التموزيين مروراً بالمسيحيين حتى المسلمين، وهي إعطاء قيم الأرض والتضحية حالات احتفالية فلاحية قوية، وفي المذاهب السنية الأقرب للبدو والتجار ثمة انفصال عن هذا الموروث، والاعتماد على النصوصية العقلية والقراءة الحرفية مثل الشيعة في هذا المجال كذلك. يمكن أن نرى في قبيلة عبدالقيس المسيحية قبل الإسلام المسلمة بعده، هذا التضفيرَ بين الجذور الإحيائية ومصالح أهل الزراعة واحتفالية الأرض المتخلصة من الوثنية كذلك والمتمايزة عن القبائل البدوية المتكرسة بشكل كبير عبر الرعي والترحال. لكن كان التباين الاجتماعي السياسي هو الأساس ثم تشكلت الوحدة عبر الاختلاف، ومثلت أملاك المزارعين وأهل المدن مطمعاً للبدو وهي حالة عيش ضارية طالما اعتمدتها القبائلُ البدوية المترحلة في معيشتها، ولكنها هنا اتخذت أشكالاً مذهبية. وهذه أدت لمفارقات وصراعات اجتماعية تاريخية للغالبية من المنتجين الشعبيين. وعوضاً عن أن تنتشر في الجزيرة العربية ثمار الشمال النهضوية جاءتها الإشكاليات الفكرية لها، وثمار تراجع التطورات العقلانية الفقهية وغلبة النصوصية الشديدة، وهو أمرٌ يعكس مستوى الناس حينذاك، فهم غير قادرين على أفكار أكثر تطوراً، لكن هذه الأفكار المحافظة من جهة أخرى تمثل وحدتهم واستقلالهم. هذا التحقيب الاجتماعي التاريخي يظهرُ ثلاث حقب مهمة، فثمة فترة الإسلام التأسيسية التي هي ثورة لكنها عقيدة كذلك قامتْ عبر تكوين أبعادٍ غيبيةٍ ميتافيزيقية وتجسيدات تاريخية سياسية وعبادات ومعاملات بناء على ذلك المنظور الغيبي، ومن هنا حين اختفت الثورة ظهرت ظروفُ الجزيرة العربية الحقيقية خاصة خارج الحجاز، وعادت القبائلُ لما كانت عليه، ولكن عبر صورٍ إسلامية مُنتزعة من حياتها الترحالية التمردية، ولكن هذا الفصلَ بين المستويين لم يكن مفهوماً أو متيسراً عبر العصور، ولهذا فإن الحركات التمردية كالخوارج والقرامطة والزيدية كانت محافظة على المستوى الاجتماعي العميق، ولم تقم تمرداتها بشيءٍ يمكثُ في الأرض، بل على العكس أحدثت القلاقل، نظراً لأنها لم تأخذ العناصر النهضوية في الإسلام وتشتغلُ عليها، وهو الأمرُ الذي قامت به الحركاتُ الفكرية في المدن الإسلامية من دون أن تطوره كذلك ليكون حركة تغييرية شعبية. وتلك الحركات التمردية الصحراوية بشكل كبير مثلتْ حراك القبائل الرعوية العائشة على الغزو. أما عمليات الخلخلة التي قامت بها للعناصر المحافظة في الإسلام لم تُحدث نقلات، فحدث فشلٌ كبيرٌ لها، قامت على أثره مذاهب السنة والاثناعشرية والأباضية في شرق الجزيرة العربية، بملءِ الفراغ المترتب على ذلك الزوال لحركات التمرد. هذا لا يعني عدم وجودها من قبل لكن نقصد هنا الانتشار والاكتساح. لماذا انتصرت مذاهب السنة والاثناعشرية والأباضية في شرق الجزيرة بعد عقود من سيطرة المذاهب الحركية التمردية؟ يعود هذا بشكل كبير إلى تصاعد الإنتاج الزراعي والاستقرار الاقتصادي ونمو المدن، وغياب البداوة. اعتمدتْ مذاهبُ السنة والاثناعشرية والأباضية على المبادئ العامة المحافظة عامة، أي لم تطرح مسائل التغيير وتبديل حال العامة بطرق الحركات التمردية السابقة الذكر، وركزتْ في الشعائر والعبادات والفقه الخاص لكلٍ منها. ولكنها أفرزت عبر ذلك تطورات اجتماعية مديدة رغم الغزوات والصراعات والحروب المكلفة. وكانت ظروفُ العالم في تبدلٍ كبير، فمركزُ العالم انتقل من العالم الإسلامي للغرب، وبدأت حضارةٌ جديدةٌ وعلاقاتٌ اقتصادية - اجتماعية جديدة، ولم ينعكس ذلك أول الأمر على مذاهب العرب في الجزيرة العربية، الغارقة في بناها الاجتماعية التقليدية. وبدا ذلك في جمود المذهب الحنفي في تركيا، وتقلقل الاثناعشرية في فارس، الدولتان الكبيرتان وقتذاك، وبهذا فإن تحول المركز العالمي قاد إلى صعودِ العلاقات الرأسمالية والليبرالية معها، وهذا حرك العلاقات الاجتماعية في مدنِ الخليج التي بدأت تقدمُ موادَها الخام للغرب عبر الهند أو مباشرةً. ومن هنا فإن القبائل والجماعات المدنية سوف يتحرك فقهها ببطءٍ شديدٍ لملائمة هذا التطور، فيما سوف يتصاعدُ الوعي السياسي الحديث بصورٍ كبيرة ومفارقة لمستويات التطور الاجتماعي، حيث إنه يعبر عن مستوى النخب الوسطى الصغيرة ومغامراتها الفكرية والسياسية. هذا يعكس المستويات المدنية فالريفية فالبدوية بالتراتبية هذه، حيث ستتشكل تدرجات مذهبية اجتماعية، وتحرك اجتماعي بطيء من السواحل نحو الداخل الصحراوي. العالمُ الإسلامي المنقسم بين مذهبين كبيرين غابت عنه التقسيماتُ القوميةُ المتوارية المهمة جداً، فالقومياتُ التركيةُ والفارسيةُ والعربيةُ، كانت تتجلى وتتصارع وتتداخل مع المذهبيات الاسلامية المختلفة. والعربية كانت الأكثر تهميشاً، وستظهر من بدو الصحراء العربية بأشكال دينية محافظة كثيراً. المذهبُ الحنفي عبرَ الاتراكِ المتغلغلين في عالم العرب لم يرفعْ عقلانيتَهُ الفقهية إلى مركز المذهب، بل تعايش مع الصوفية الخرافية حينذاك، وهذه الغيبية الدينية كانت تجسد عالماً من الدول المفككة والإقطاعيات الفسيفسائية وخمود الخلافة، ومن هنا لم تجد هذه الحنفية أصداء لا في عقلانيتها المفتقدة ولا في هيمنتها، حيث كانت الجزيرةُ العربيةُ تبحثُ عن الوحدة، فوجدتها في حراكِ المذاهبِ السنية البدوية للانتشار والسيطرة والتجارة، فمن الغرب والجنوب تحركتْ المذاهبُ المعتدلة نحو الشرق ومن الشمال انحدرتْ الحنبليةُ كشكلٍ متصلبٍ جهادي واتحدت مع طموح القبائل البدوية الأقوى لفرض السيطرة والتوحيد. ولهذا عملت هذه المذاهب على إلغاء الدروشة والتفكيك وكانت تعبيراً عن توحيد سياسي قسري في أغلب الأحيان. حققت قفزاتُ القبائلِ البدوية ذات الطابع العسكري توحيدات مختلفة، فيما كانت المناطق الريفية ذات استقرار طويل الأمد ونشرت الاقتصاد الزراعي وهيأت الفرص لتصاعد التجارة وقوى العمل والحرف. ولهذا حدثت قفزات القبائل البدوية نحو المناطق الساحلية ذات الثروة الجديدة بسرعة خلال القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر الميلادية. يمكن ضرب المثل بقبائل العتوب، حيث تتعدد طبيعة هذه القبائل المهاجرة ويغلب على بعضها الطابع التجاري المدني أو يغلب عليها الطابع البدوي ومن هنا ستعرف مدن الخليج القادمة تدرجات في المدنية حسب جذور كل شعب ومدى تطور اقتصاده وإنتاجه النفطي. قفزت القبائلُ المهاجرةُ على المرتكزات الريفية ووصلت إلى مناطق الثغور المنفتحة، فكونت مدناً رأسمالية صغيرة كموانئ، وبعدئذ كانت الدول الوطنية الصغيرة والتكونات الاجتماعية المذهبية المتعددة، حيث سيوحدها الوعي الوطني المكون من الفكر الليبرالي النهضوي إلى حين. لكن مهما كانت الظروف فإن المدينة السياسية تولد هيمنة محافظة في البناء الاجتماعي، والعناصر العقلية الديمقراطية تنمو مثل نموها في العصر العباسي في الفئات الوسطى الصغيرة المُحاصرة بين محافظة الحكومات والمناطق الريفية والصحراوية. ونمو هذه العناصر في الريف والبادية الصحراوية يغدو صعباً لأن العلاقات الاجتماعية التقليدية لم تتفكك لكنها تتفكك ببطء طويل. وإذا كانت عناصر التيارات التحديثية كالبعث والقومية والماركسية كانت لحظة مشابهة للتيارات المتمردة في العصر العباسي وان كانت ذات ثمار أكبر ومؤسسة لدول، فإنها كذلك تراجعت وإستعادت مذاهب السنة والشيعة والأباضية المظلة الكبيرة على المناخ السياسي الاجتماعي، بسبب وجود الأفكار التحديثية في الشعارات السياسية وعدم تغلغلها في البُنى الاجتماعية والاقتصادية وظهور تنمية بأدوات العمالة الأجنبية والمؤسسات المالية والاقتصادية الأجنبية. مثلما عرفت الشعارات "الثورية" غربة عن العلاقات الاجتماعية، عن حال القبائل والأسر والأفكار الاجتماعية، في العصر القديم عرفته كذلك في الزمن المعاصر، حيث ان العلاقات الرأسمالية التحديثية لم تصبح علاقات اجتماعية وثقافية شعبية، ولم تُعد إنتاج الأفكار الدينية التقليدية، ولأن الاقتصاد الحديث لم يصل إلى التصنيع الواسع العميق بكل قواه السكانية الوطنية وأفكاره وتعليمه. لنقل إن الفئات الوسطى التي نتجت في المنطقة خاصة في شرق الجزيرة زمن الدولة العباسية كانت شبه متلاشية ولهذا كان حفرها في المؤسسات الدينية وفي البيئة الشعبية وتأسيس الزراعة أهم إنجازاتها، وكذلك كانت العناصر الوسطى في العصر الحديث محدودة، لكنها أسست الأشكال العصرية من الاقتصاد والأحزاب والثقافة الفوقية والعلاقات الاجتماعية النخبوية. ...................................................... * مفكر وروائي بحريني