في أول رد فعل للمتظاهرين الشباب حيال ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من وجود مبادرات متبادلة بين السلطة والمعارضة يقودها العلماء, خرج نحو مليون متظاهر في ساحة الحرية بمدينة تعز في حشد هو الأضخم بعد الحشد الجماهيري (ليوم الوفاء للشهداء), (جمعة الغضب). وقد امتلأت الساحة عن بكرة أبيها بالمتظاهرين وأغرقت الشوارع المحيطة بها وصولا إلى صالة الهريش وشارع مستشفى الثورة العام وفندق سنان وشارع الضبوعة, هاتفين برفض الحوار أيا كان نوعه أو مصدره, ومتمسكين بمبدأ واحد وهو (اعتصام اعتصام حتى رحيل النظام). وجدد المتظاهرون التأكيد على أن الثورة الشعبية المطالبة برحيل النظام هي ثورة الشباب وليس من حق تكتل أو حزب أو جماعة أو فرد التحدث مع السلطة بأسمائهم, فهم أصحاب الثورة وهم المعنيون قبل غيرهم بمصيرها. يقول- احمد- وقد حلق شعر رأسه إلا من قليل خطه على شكل شعار (ارحل): الثورة ثورة شباب ونرفض أي حوار مع السلطة ونطلب منها فقط الرحيل احتراما لإرادة الملايين من الشعب.. ويكمل صديقه- سمير- الذي صبغ وجهه بالعلم بألوان العلم الوطني: أنا مستقل ومن أول يوم أشارك في الثورة ولذلك ارفض أن يتحدث أي حزب باسمي, لن أرضى إلا برحيله.. أما- على- فيعتبر أن التراجع عن مطلب رحيل النظام خيانة للشهداء والشرفاء بل وانتكاسة نفسية لكل حر شريف في هذا الوطن حد تعبيره. التظاهرة التي تقترب من نهاية أسبوعها الثالث رفع فيها المتظاهرون لأول مرة على أكتافهم ضابطا ببزته العسكرية وهو يهتف برحيل النظام في خطوة هي الثانية التي ينضم فيها عسكريون إلى ساحة الحرية بعد انضمام نحو 60 عنصرا امنيا إلى ساحة الحرية في جمعة (البداية).. وعلى هدى الثورة التونسية والمصرية تبادل المتظاهرون معه قبلات كان المغزى منها حسب متظاهرون توثيق الصلة والحب بين الجيش والشعب على اعتبار ان الجميع في الهم واحد وان الشرطة والجيش والشعب يجمعهم رغيف العيش. وكانت تظاهرة اليوم التي أطلق عليها ( يوم التلاحم) قد شهدت عند الساعة الثامنة صباحا ضبط عدد من الأشخاص المسلحين.. وحسب اللجنة المنظمة لدخول المتظاهرين فان أشخاصا كانوا ينوون الدخول الى ساحة التظاهرة مسلحين بهدف إحداث بلبلة وسط المتظاهرين تكون شبيهة بأحداث (جمعة الغضب) حينما أقدم شخص على إلقاء قنبلة في وسط المتظاهرين وأدت الى سقوط شهيد وجرح 87 آخرين. في السياق ذاته أقدم مجهولون عند الساعة السابعة صباحا على إحراق (خيمة) في ساحة الحرية تقع في الجهة الشرقية لساحة الحرية التي جرى توسعتها قبل أسبوع بجرافة تابعة لأحد المواطنين. وقال عصام الشميري- عضو في اللجنة الإعلامية لساحة الحرية ل"نبأ نيوز": ان أشخاصا ممن يوصفون بالبلاطجة التابعين للحزب الحاكم أقدموا على إضرام النار في خيمة تابعة لإحدى المديريات الريفية التي تعتصم منذ بداية التظاهرات في الثالث من فبراير. وأقدمت إحدى السيدات على تمزيق بطاقتها المؤتمرية في ساحة التظاهرة احتجاجا على قمع النظام للتظاهرات السلمية ودعت عضوة الحزب الحاكم (فضلت عدم الكشف عن اسمها) كل حر في هذا البلد أن ينضم إلى ميدان الكرامة على حد تعبيرها. فيما أعلن محمد العودي- مدير عام التعليم الفني بمحافظة الضالع- أمام المتظاهرين استقالته من الحزب الحاكم احتجاجا على فساد الحزب وقمع النظام للمتظاهرين السلميين, وهو الموقف الذي سجله أمين عام التنظيم السبتمبري بمديرية المظفر حينما أعلن أمام الساحة انضمامه إلى جموع المتظاهرين في ساحة الحرية. وطالب خطيب الجمعة- سهل ابن عقيل مفتي محافظة تعز من الشباب في ساحة الحرية البقاء والصمود حتى يتحقق مطلبهم برحيل النظام, وقال: علينا ان نعي ان المجرب بالمجرب خطا فقد جربناه من يتشدق باسم الثورة منذ عام 62م, محذرا الشباب ممن يتقمص دور الثوار على حساب دماء الشهداء منهم. حضرت النساء بشكل لافت وطفن في أنحاء الساحة بالعلم الوطني وبدا مشهد الأطفال والشيوخ والكبار, المتعلمون والغير متعلمين, المستقلون والحزبيون ونشطاء منظمات المجتمع المدني والفلاحون وعمال النظافة والعسكر وأساتذة جامعات ومعلمون وطلاب مدارس يحاكي بقوة مشهدا من مشاهد ثورة الشباب المصرية في فصولها قبل الأخيرة, غابت الشعارات الدينية والحزبية والمناطقية وحلت مكانها الشعارات الوطنية وهتف كل هؤلاء (نعم لليمن الواحد).