الجبن هي حين يستغل الشخص مركزه الوظيفي وأمواله المشبوهة في قطع الألسنة وتجميد العقول ، وأجبن من ذلك حين يجد شخص مثله يوافقه الرأي ويمارس معه نفس المخطط الإجرامي البشع ، الذي عمد إليه بعض الأشرار مؤخرا للنيل من المثقفين وإيقاف قطرات أقلامهم النزيهة ، أعمال بشعة حقا متنافية مع القيم والمبادئ والتعاليم الدينية السمحة ، هذه هي إعمالهم منذ فترات سابقة وهم كما تعودوا لا يريدون إلا أنفسهم وبس ، ومجرد ما يسمعوا كلمة الحق والعدالة والانتقاد الصريح ، يضجون ضجة واحدة من كل مكان ضد أصحاب الأقلام الحرة الشريفة ، يريدون بضجتهم إخافة المثقفين ومشاغلتهم ، بل وخلق المشاكل بدون أي مبررات محاولين الزج بهم في قضايا ليس لها أي ثبوت من الصحة بحجة المحاسبة والمغالطة ، وإيقاظ قضايا منتهية مضت عليها عشرات السنين وعرضها على السلطات القضائية ، في حين أن الجميع يعرفون تمام المعرفة أن هؤلاء الأشرار فقط يستخدمون مثل هذه القضايا كورقة ضغط متى ما يشاءون وكيف ما يريدون وضد من يقول الحق لا غير . في هذه الأيام نلاحظ أن الصمت اصحبح سلاح لكثير من المثقفين ، حتى في موطن العدل والإنصاف نتهرب غالبا عن قول الحقيقة بمصداقية وشجاعة ، بل نعجز أن نتكلم حول قضية ما حين يستوجب ذلك منا ، صحيح أننا تربينا منذ الصغر على مقولة ( إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ) بالطبع لقد أثرت هذه المقولة فينا واستفاد منها البعض وخسر الآخر أيضا وقد لعبت دورا الى حد كبير حيث جعلت بعض الأشخاص يلزمون السكوت الكامل حتى عندما يصبح الخطر يداهم القيم والمشاعر ويهدد المبادئ ، ومن المرجح أن الأمور قد تكون مرهونة بظروف خاصة ، وفي حالة تطبيق هذه المقولة او غيرها بعيدا عن مكانها المناسب وخارج حدودها ، بلا شك ستكون النتائج مختلفة وغير مرضية خصوصا عندما نفاجأ بمقولة أخرى تقول ( الساكت عن الحق شيطان اخرس ) . إذا فالجريمة الكبرى ليست في ظلم الأشرار وفساد المفسدين فقط وإنما هي كذلك في صمت الأخيار وسكوت المثقفين الذين نأمل منهم دائما تبني مواقف ايجابية أو سلبية كانت بغض النظر بالطرق المناسبة الصحيحة والرد بوعي ومنطق ، قد يقول شخص أن الصمت أسهل من الكلام لأنه لايعَرض صاحبه الى الخطر وكثر المشاكل ، لكن هذا على المدى القصير أما على المدى البعيد تكون له عواقب وخيمة على صاحبه وعلى من حوله ، والمعروف أن مما يقودان الحكيم الى الخطأ " البقاء صامتا حينما يكون الكلام مستوجبا ، والتكلم حينما يلزمه الصمت " .