استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    لجنة الدمج برئاسة الرهوي تستعرض نتائج أعمال اللجان الفنية القطاعية    إصلاح المهرة يدعو لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة أزمة الكهرباء بالمحافظة    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الجَزْمة لا تَزال في رِجْلِي ".. ومَذهب ' الطَّبَنجَة ' !
نشر في نشوان نيوز يوم 22 - 02 - 2012

1 .. لستُ مع مذهبِ الطَّبَنجَة ، لأنَّ الجَزمةَ لا تزال في رِجْلِي ، ولكن ... سيضطرُ الجميعُ - إضطراراً - الإمريكيون ، والأوروبيون ، والقوى في الإقليم ، وكافةُ القوى السياسية الثورية - بمفهوم ثورة فبراير 2011 - لتحميلِ حزبِ الإصلاح - صاحبِ الإمتدادَين الرأسي والأفقي - برنامجَ الدولةِ الفدراليةِ الجديدة .

القناعةُ شيء ، والأمرُ الواقعُ شيءٌ آخر تماماً. وواقعُ حزب الإصلاح يقول ذلك ، وواقعُ تفاضلات ، وتكاملات الحساباتِ السياسية تقولُ ذلك ، وحزبُ الإصلاح - نتيجةً لذلك - يقررُ ذلك ، بعدَ أنْ قَبِلَه . فهو المرشحُ الأقوى لخوضِ الإنتخابات في المستقبل وحِيازة النصيب الأكبر ؛ وربما تدفعهُ نرجسيةُ الغد إلى التَّخلِّي عن تحالفاتِ اليوم ، الذي هو الأقوى والأكثر أثراً فيها . وكل ذلك التصرُّف في بَسْطِ تصوُّرِي ، وإحتمالي لرسمِ هذه الصورة لهُ ، يعتمدُ على ما سيتمخضُ عنهُ مؤتمرُ الحوارِ الوطني في ملفين من أهمِ ملفاتِ القضيةِ اليمنية : ملف القضية الجنوبية ؛ وملف القضية الحوثية - إنِ صحَّ التوصيف .
وأتمنى إلا نلجأَ إلى ما يُعرفُ ب ( مَذْهبِ الطَّبَنجَة ) - وهو غير المذهبِ الشَّافعي ، والمذهبِ الزَّيدي ، والمذهب الوهابي بالطَّبع ! .
وَمَنْ أطالَ عُمْرَ صالح غيرُ تسَرُّع البِيْض ، وإبتراعِ الإصلاح . وقد حانَ الوقتُ لجَبْرِ الخاطرِ ، والعظم ، وردِّ جميلِ الصَّبْرِ للنَّاس ! فلا تكونوا من المُقِصَّرين . وليسَ قانون ( مع أو ضد ) من قوانينِ اليمنِ القادم .. فاعقلوا ذلك ؛ واعقلوها وتوكلوا !
ب :
.. لستُ إصلاحيا
- ولا حراكياً - بالمعنى الأبعد للحركة
- ولا مشتركياً
- ولا حوثياً
- ولا مؤتمرياً
- ولا بعثياً
- ولا ناصرياً
- ولا أياً كان .
فحزبُ الإصلاح هو الأكثرُ تنظيماً ، أفقياً ورأسياً ، وولاءً تراتبياً هرمياً ، ومالياً ، ونستطيعُ أنْ نقولَ أنَّ لديهِ رؤية محددة يؤمنُ بها ، وعلى رأسها تأتي فكرةُ سيادةِ القانون في ظلِّ حكومةٍ راشدةٍ ، أو ما يُطلَقُ عليه ( Nomocracy ) بالإنجليزية ، وفكرةُ الديمقراطية ( Democracy ) ، والتعددية ( Plurality - pluralism )، والعدالة الإجتماعية ( Social Justice ) - إلى الآن قُلْ على الأقل إذا لم تكن هناكَ مفاجآت يبطحنا فيها . وهي مفاهيم عالمية ، وإسلامية ، على أيةِ الأحوال ، وليستْ من إبداعاته ، وإنْ كانَ إيمانهُ بها ، بحدِّ ذاته إبداع ، وسيبقيهِ لاعباً لفترةٍ ليستْ بالقصيرة ؛ إذا إبتعدَ عن المفاهيم التي تقصي الآخرين ، وتجعلُ مِنَ المنصةِ قضيةً فوقيةً هو وحدهُ الحقُّ فيها ، وثورةً له وحدهُ فواتيرها ، وصميلاً يُلْبَجُ بهِ مَنْ يخالفه ! .. وإذا ساقونا، كما ساقنا الموَاطِن الجِعْنَانُ الأكبر على مَذْهبِ ' الطَّبَنجَة ' ، فإنَّ الجزمةَ لا تزالُ في رِجْلِي !
ج :
ملفاتُ القضيةِ اليمنية الخمسة :
هناكَ عدةُ ملفاتٍ يجبُ التعامل مباشرةً معها ، في مؤتمرِ الحوارِ الوطني المزمعِ الشروع بإدارةِ حفلةِ خِتانِه . لعلَّ مِنْ أهم تلك الملفات :
* ملفِ القضيةِ الجنوبية .
* ملفِ الحوثيين.
* الدستور ، والشكل السياسي للدولة.
* الحريات.
* المصالحة الوطنية ، والعدالة الإنتقالية .
وأزعمُ أنَّ مِنْ أهم هذه الملفات : ملف القضيةِ الجنوبية ؛ وملف الحوثيين ؛ وملف المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية . متزامناً مع الملفين السابقين . بقيةُ الملفات لا يترتبُ الحديثُ فيها ، إلا بعد البتِّ في هذهِ الملفَّات الثلاثة .
2
.. وهو ضرورةٌ تكتيكيةٌ ، بالنسبةِ للأمريكيين ، وليسَ خياراً إستراتيجياً. وأعتقدُ أنَّ الإصلاحيين يفهمونَ ذلك تماماً ، وجيِّداً. وقد قبلوا بقواعد اللعبة . وهو مِنَ الذكاءِ بمكان ، وهم متمرسون في تجاربِ العملِ الحزبي ، والسياسي ، والحربي ؛ خاصةً إذا أخذنا في الإعتبار القناعات المصرية ، عندَ الإخوان الأصل ، في فهمِ السياسةِ ، والتفريقِ بين العملِ الدَّعَوِي ، والعملِ الحزبي الذي يعبِّرُ عن الذراعِ اللاعبِ في العمليةِ السياسيةِ في مصرَ ، ومثلها في اليمن ، إذا نجحوا في التفريق بين الدَّعَوِي والحزبي .
ب:
حزبُ الإصلاح أمامهُ فرصةٌ لا تُعَوَّض إذا استخدمها جيداً ؛ وهو حِمْلٌ تاريخي - لا شَكَّ ثقيل - يجبُ أنْ يُحسِنَ الإصلاحُ تقديرَهُ ، لِيرتفعَ قَدْرُهُ ، ولِيَحْسُنَ قَدَرُه . وخِبرةُ الخُبرةِ الإخوانِ في مصرَ قد تعينهُ ، إذا إحتاجَ الأمرُ للنصحِ ، والمشاورةِ ، والرَّأي . ولستُ أًدري ، ولا أقرأُ الغيبَ ، لأرى هل سينجحُ الإصلاحُ في ذلك ، أم سيخفق ؟
.. ولسنا مع مذهبِ الطَّبَنجَة في كلَّ الأحوال !
ج :
والإصلاحُ ، أمامَ السلفيين ، بعينِ الإمريكان ، يُعتَبَرُ حلاً مقبولاً ، على المستوى التكتيكي ، وإنْ كانَ غير معقولٍ على المستوى الإستراتيجي . والإصلاحُ يفهمُ ذلك تماماً . وقد طرحَ الكاتبُ ، والمحللُ المتخصص ، عبدالرزاق الجمل ، في أحدِ مواضيعه أنَّ الإصلاحَ ، وُضعَ قصداً أمامَ السلفيين لتسميرهم ، باعتبارهِ يمثلُ ثِقَلاً معتدلاً ، مقارنةً بالسلفيين ، من وجهةِ النظرِ الأمريكية . قد أتفقُ معه إلى حد !.. إلا أنَّ ذلك فيهِ مجافاة للواقع . فأمريكا لم تكنْ يوماً في حالةِ رِضَى مع أيَّ حزبٍ ذي توجهٍ إسلامي ، ناهيك عن أنهم ، أصلاً ، لا يؤمنون بالأحزاب على أساسٍ ديني بالمعنى العام . ولكن الحالةَ - في اليمن ومصر - كانتْ ضرورة ، وليستْ خياراً .. مرةً أخرى ، أمام الإمريكان ! .. والإصلاحُ يفهمُ ذلك .
.. أنْ تكونَ عدواً لأمريكا ، فتلكَ مشكلة ؛ وأنْ تكونَ صديقاً لها ، فتلكَ ألفُ مشكلةٍ ومشكلة - على وزن ' ألف ليلة وليلة ' !
3
... لستُ مع قانون الطَّبَنجَة..
و لستُ مدفوعاًً من أحد.
- لا من حميد
- ولا من علي محسن
- ولا من الرئيس
- ولا علي سالم
- ولا من الحوثيين
- ولا من الحراك
- ولا من علي ناصر
- ولا من حيدرة مسدوس
- ولا من غيرهم
.. كما يفعلُ بعضٰ الكُتَّاب .
وما صذيقي إلا حبيبي ' محسن أبو لحوم ' ، الذي ألتقيهِ ، غالباً ، حينَ نمارسُ رياضةَ المشي ، ونتبادلُ الدَّسائسَ ، والنُكاتِ بيننا ، كلما ضاقتْ بنا الأرضُ كخاتمِ الخنصَر ؛ فكلانا مرضى قَلْبٍ ، وكلانا مُسَكَّرين ؛ فوافقَ الطَّيرُ الطَّيرَ . ولهذا فإني حينَ أكتبُ ؛ أكتبُ الأشياءَ كما أراها ، وكما هي ، لا كما يريدها أؤلئك ، أو هؤلآء . إذا أمتلكتَ حِرْفَةَ أخلاق الإستغناء ؛ أمتلكتَ القدرةَ على الإختيار ، ومن ثمَّتَّ ، تمتلكُ الإستطاعةَ في اتخاذِ القرارِ ، والموقفِ ، اللَّذَينِ لا يتعارضان مع إيمانك بمبدأٍ ، أو قضيةٍ بعينها . لا مع ما يتعارضُ مع مَنْ يدفع !
وكلُّ واحدٍ.. ولهُ وقته .
ولكلِّ مقامٍ مقال .
ولكلِّ حمارٍ خُرْج !
وله أيضاً بِسْبِاسُهُ ، إذا إستوجبَ الظرفُ ، وتتطلبَ الأمرُ ، واستحكمتِ الضَّرورةُ ، ومستْ الحاجةُ لذلك . وما نحنُ من الساكتين !.. وما تزالُ الجزمةُ في رِجْلِي مع أنِّي ضد مذَهَبِ الطَّبَنجَة !
4
الأطرافُ الثمانية ؛
... والأطرافُ المعنيةُ الثمانية في الحدثِ الثوري - وملفات الحدثِ الثَّوري الخمسة - سواءًً كانَ أصحابها الحقيقيون - الثُّوَّار - الذين حققوا ما غيرهم فيه الآن ؛ وهم مستثنون منه ؛ وسواءًً مِنَ الذين دخلوا للمُدَاحَشَةِ ، والمُحاصصةِ ، أو إستلامِ قيمةِ فواتيرهم الثَّورية بالمُدَاجَفَة ؛ أو أؤلئك الذين يلعبون بأوراقهم بالحَرْبَشَة ؛ لتحقيقِ أهدافهم ومآربهم ، أياً كانت بغيرِ مقايسةٍ ( مشروعةٍ أو غيرِ مشروعة ) - فقد أصبحوا جميعهم حقيقةً ، وواقعاً لا يمكن التجافي منهُ ، أو التغاضي عنه ، أو الإلتفاف حوله . والحقيقةُ - دوماً - يصعبُ على الإنسانِ أنْ يتقبلها ؛ وإنْ تقبلها في الأخير على مضضٍ ، وغضاضةٍ ، وخجلٍ ، فيبتلعها عصيداً مُفَرْعَصَةً مع قصعة ' ببسي ' من حق شاهر عبدالحق ! ..
وهذهِ الإطرافُ - بدون تخوينٍ أو نظرياتٍ تآمريةٍ أو تفسيراتٍ تبريريةٍ لأيٍّ منها - هي؛
1- الإصلاح ، وإن كان تحتَ مظلةِ المشترك ؛ والمشترك كتحالف سياسي ؛
2- والثُّوَّار ؛
3- والحِراك ؛
4- والحَوثيون ؛
5- وبقايا النظام ؛
6- والحكومةُ ، وإنْ كانتْ حُكومة ( نُصْ كُمْ ) بشخصيتها الإعتبارية ؛ بنصفها الأول الذي يمثلُ المشتركَ بمن فيهم الإصلاح ، ونصفها الثاني الذي يمثلُ بقايا النظام ؛
7- ودولُ الخليج ؛ والسعودية على رأسها ؛ بحكمِ نظرتها التاريخية لليمن ، وراعية المبادرة ، والعَرَّاب الإقليمي لها - ولليمن عامةً ؛ وبحكم علاقتها التاريخية باليمنِ وبالأنظمةِ التي توالتْ على اليمن ؛
8- والعالم ؛ ممثلا بالولايات المتحدة الأمريكية ؛ باعتبارها اللاعبُ الأول ، في المجتمعِ الدولي ، والعرَّابُ الدولي الأولُ للمبادرة ، وقاعدةُ العالمِ في التحريكِ السياسي للألعابِ الأولمبية ؛ واللعبة كلها - بكاملِ خيوطها - بجعبتها ، وسفيرها هو المشرفُ الأولُ ، والعينُ المراقبةُ لتنفيذِ المبادرة وآلياتِ المبادرة . ومَنْ قالَ بغيرِ ذلك فهو إما مغالطٌ ، أو جاهلٌ ، أو حمارٌ أصيل !
وَاْذِيْكْ عصيدكمْ وأنتمْ مَتِّنُوها !
5
... ومَنْ يريدُ أنْ يتحدثَ في قضيةِ اليمن اليوم ؛ فيجبُ عليه توخي الصِّدقَ في المُصارحة ، والحرصَ في النقاشِ ، والدِّقَّةَ في الحديثِ ، والسَّعَةَ في الحوارِ ، والرَّحَابةَ في العقل والصَّدر ، والأمانةَ في التحليلِ ، والرضى بالنتائج التي يتفقُ عليها النَّاسُ ؛ إنْ شاء . والقضيةُ اليمنيةُ إنْ لم يُنظرُ لها نظرةً شاملةً ، عميقةً ، تاريخيةً ، بعيدة ؛ ستبقى القضيةُ مشكلةً ؛ وستظلُّ المشكلةُ قضيةً !..
ب :
والقضيةُ اليمنيةُ قديمة ..
والكبريتُ الأصفرُ هو كُحْلها
والجنبيةُ مِرْوَدُها !
وما نحنُ فيه الآن ما هو إلا نتاجُ تراكماتٍ تاريخيةً للقضيةِ الأصلية . وهي قضيةٌ عمرها يزيدُ على ألفٍ ومأةِ عام . وحينَ أقولُ ذلك فإني أُقصِي عن ذهنِ القارئِ ، وذهني ، التحليلَ المذهبي الضَّيِّق . فلا ترتعدُ فرائصُهُ قبلَ أنْ يقرأَ كلَّ الرِّسالة . ولا يوجدُ أساساً خلافٌ مذهبيٌّ بين الشافعي ، والزيدي عندنا . وإنما هو الحاكمُ السياسي يبررُ به قُصُورَه . والإمامان ليسا في آباطِنَا محبوسين ، ولا في مَشَدَّاتِنَا مكشوحين ، ولا في جيوبنا مخبؤين ، ولا خلف جنبياتنا مَسَاوِيكَ نمضغها متى أردنا ذلك ؛ حتى ينتظرونا لندافعَ عنهم ؛ ويشهدُ بذلك حالةُ التلاطفِ التاريخيةِ بينهما . وإنما أقصدُ حينَ أقولُ ذلك .. ' الحالةَ ' . وحينَ أقولُ في حديثي ' الحالةَ ' ؛ فإني أعني الواقعَ السياسي الحاكم ؛ أما الناسُ هناك في اليمن الجغرافي الأعلى ، فهم مثلنا يمناً جغرافياً أسفل ، وإن كانوا في صعدة ؛ ' بَرَاغلةً ' مثلنا . والبُرغُلي ، هو المظلومُ أيا كانَ في عدن ، أو زبيد ، أو عمران ، أو صعدة ، أو صنعاء ، أو تعز ، أو حجة ، أو مأرب ، أو أي بقعةٍ في اليمن الجغرافي الطبيعي .
.. ولن تفلحَ اليمنُ حتى يعترفَ اليمنُ السياسي الأعلى ، أنَّ هناكَ يمن سياسي أسفل ، قادر على تحقيقِ مشروعِ الدولة ، الذي أخفقَ فيه اليمنُ الأعلى في تجاربِ الدولةِ فيه ، ولمَّا تُتَحِ الفرصةُ لهُ للقيامِ بذلك ؛ إعترافاً أمامَ مرءآةِ نفسهِ ، أولاً وأخيراً، وعن قناعةٍ ، وخيارٍ ، وحرية ( volition ) ؛ وليسَ تعبيراً مُستجيباً لِضرورةٍ (necessity ) ، محليةٍ ، وأقليميةٍ ، ودولية ، أو تحالفاً لزعماء القبائل ، وكبار العسكر ، وبينَ بقايا بياداتِ الجَنْدَرْمَة وتهافتِ بلاطجتهم ..! وإلا نكونُ ، حينَ نمضي فيما نحنُ ماضُونَ فيه ، كَمَنْ يضعُ العربةَ أمامَ الحصان ؛ ولنْ نُكْفَ شَرَّنَا ، حتى ينتهي اليمنُ مِنْ أيدينا ، ونتلاشى ، كما تلاشينا منذُ ثلاثةِ ألفِ عام ! .. وكان أنْ خَتَمَهُ كبيرُ جَنْدَرْمَةِ الجناحين ، بشكلٍ جمهوري ، مُدِسترٍ ، ومُبَرْمَلٍ - من برلمان ، وليس من برميل - التي أخشاها أنْ عادتْ إلى مواقعها ليس في الشُّرِيجَة فحسب .. بل بينَ القرى ، والمدن ، والمحافظات في كل اليمن . والحلُّ هو دولةٌ فدراليةٌ من 22 ولاية !..
6
وحينَ أصنِّفُ يمناً أعلى ، ويمناً أسفل ؛ فإني لا أصنِّفُهُ على أساسٍ مذهبي ، أو أثنيني ؛ وإنما على أساسٍ سياسيٍّ حاكم ، لا ثقافي ، أو إقتصادي ، أو جغرافي ؛ فالظلمُ لا يعرفُ جغرافيا ، ولا إقتصاد، ولا ثقاف؛ ولكن السياسيَّ الحاكم هو الذي يتمترسُ بالظلم . وحينَ أقصدُ اليمنَ الأسفلَ والأعلى ، فإني أقصدُ حُكمَ ، وتاريخَ ألفِ عامٍ كمطاعمَ ، ومطامع . ولا خلافَ في المذاهب ألبتة ، إذا ظلَّتْ بغيرِ تسييسٍ فاسقٍ ، أو تأسيسٍ مارقٍ ، أو تبريرٍ مُنافِق . وهو واقعٌ جَذَّرتهُ ألفٌ من الأعوامِ من توالي الأئمةِ تحقيقاً لسياسة ( فَرَّقْ تَسُدْ ) - مِنْ سَادَ يَسُودُ - العالمية ، التي تأتي تماماً على قياسِ النظريةِ المحليةِ ( فوقْ جيشْ وتحتْ عَيشْ ) ، ليبقَ الحاكم بأمرِ الله ، ويتقاتلُ ( العُكْفِي ) و ( الرَّعْوِي ) ، وتزيدُ بينهم الأضغان ، وهم أبناء اليمن الكبير .
ب :
.. وبغيرِ الأعترافِ بذلك ؛ ستظلُّ اليمنُ كما هيَ عليه ؛ وسيطالبُ الجنوبُ بانفصاله ، وسيصبح نضالاً لا يتوقف ، حتى يصلَ القطارُ إلى محطته ؛ والهديُ إلى محله ؛ وتصبح اليمنُ مجرد إماراتٍ ، ومشيخاتٍ ، ولورداتِ حروبٍ ، تتقاتلُ فيما بينها على براميلِ الحدود وبراميلِ النفط ، وعلى الأراضي ؛ أطرافاً لمن غلبَ ، ومعَ مَنْ سلب !
وليسَ ذلك فحسب .. بلْ ستتجهُ مناطقُ أخرى لتكوينِ زواياها المنفرجةِ والحادة ، في موكبِ الجنون ، وحفلِ الختان ، وصولةِ الدَّرَاويش . الحلُّ هو الولاياتُ المتحدةُ اليمنية ، بنفسِ عددِ المحافظاتِ الآن ؛ كيلا نجهدَ أنفسنا بما لا داعيَ له . الولاياتُ المتحدة اليمنية من 22 ولاية .. وكل واحد يَبْتَرِعْ فوق كِهْمَتُهْ !
ج :
وسيظلُ الحوثيون هناكَ ، في طرحِ فكرةِ ( الحكم الذاتي ) . إنَّ مجردَ التفكير في إمكانيةِ قيامِ دولةٍ في شمالِ الشمال ، هو ضربٌ في الوَدَعِ ، شاطحاً صاحبه في هوسٍ مُدَرْوَش ؛ وصوتٌ في دَسْتٍ لا يسمعهُ إلا مَنْ يصيحُ بداخله ورأسُهُ حانبٌ فيه ؛ وشيءٌ من الإستحالة ، تضربُ بصاحبه بخيالٍ واهمٍ يُريدُ براقاً ليسري به . وهم يدركون ذلك .
وهو عكسُ دولةِ جنوبِ الجنوب ، التي تتوافرُ شروطُ الدولةِ لها ، ضِمْنَ ظروفٍ معينَّنَةٍ ، لاستردادها - قد لا تكونُ متوفرةً الآن ! .. والجنوبيونَ يدركون ذلك . وربما تحققَ لهم أكثرُ مما يمكنُ أنْ يتحققَ للحوثيين ؛ إذا - وإذا فقط - تحققَ ذلك . وإلا فليسعوا إلى الفَدْرَلَةِ كاملةِ الصَّلاحيات ، فذلك أدنى للواقع ، وأقربُ للمارسة ، وأرفقُ في القُبُول ، وأرضى للعقل ، وفي متناولِ اليد . وهذا ما يجبُ أنْ يعملَ لتحقيقهِ كلاهما - الحَوثيون ، والحِراكيون .
نصيحة !..
.. ويبقى نمطَ الفَدْرَلَةِ ، في التجربةِ الإمريكيةِ ، هو النمطُ المكافئُ لحالتنا في اليمن ، وللمشكلة ، والقضية ؛ وهي الحل : دولةُ الولاياتِ المتحدةِ اليمنية .. على هيئةِ الممالك اليمنيةِ القديمةِ ، التي تكافئتْ قبائلها المتفرقةُ المصالح والمطامع ، في قمةِ صورها السياسيةِ الراقيةِ ، في برلمانٍ طرحَ الجميعَ في موازينِ المواطنةِ المتكافئةِ ، في الدولةِ الفدراليةِ اليمنيةُ القديمة ، في شورى وازنتْ للجميع واجباتهم وحقوقهم ، على نظامِ جِبَايةٍ وافقَ النمطُ فيه الزَّمَنَ ، والمكانَ .
تاريخنا غنيٌّ
.. وذكيٌّ
ونحنُ فقراء ، وأغبياء !
د :
.. الحراكيونَ اليومَ في دعوتهم ، باستعادةِ دولتهم ، هم في حقيقةِ الامرِ لا يقومون بشيءٍ ، يمكنُ أنْ نعيبهُ فيهم أو نلومهم عليه ، سوى أنهم يرفضون إعادةَ طبعِ نسخةِ نظريةِ " قَاتْ " للملكة أروى ( QAT- Queen Arwa Theory ) في مبدأِ استخراجِ النِّفْطِ ، ونظريةِ ' الرَّعْوِي والعُكْفِي ' ، التي سادَتْ بها الأئمِةُ ، فارضةً النَّصَّ المُحَكْوِل للرَّعوِي والعُكْفِي على حدٍّ سواء : ( فوق جيش ، وتحت عيشْ ) ؛ والتي فُرِضتْ على 'وسطُ الشمالِ' ، و'جنوبِ الشمال' كَ ( رَعْوِي ) ، وعلى 'شمالِ الشِّمال' كَ ( جناحي عُكْفَة ) .. في حين أنقذَ اللهُ 'جنوبَ جنوبِ الشِّمال' بالكابتن هينز ، وعمتي ورد !
ه :
فَمَنْ سيقنعهم - أقصدُ الحِراكيين - بغيرِ ذلك ؛ يَكُنْ بطلاً تاريخياً ، وأسطورةً سيخلدها التاريخُ اليمني ، وأغنيةً فلكلوريةً يتغناها اليمنيون في الطريق . الخوفُ مِنَ المجهول يدفعكَ - غالباً - لخوضِ حياضِه مهما تكنِ النتائج ؛ لإنكَ ربما تدركُ أنَّ النتائجَ لن تكونَ أسوأ مما كنتَ عليه ؛ لإنَّ الإحساسَ بالخطرِ - غالباً - ما يمنحكَ الإدرينالين الكافي للمخاطرةِ نفسها ، كي تستبقَ الخطرَ نفسَه !
أزعمُ ذلك.
ولقد إستحييتُ أنْ ألومهم ؛ وهُمْ يملكونَ مظالمهم ، برهانَهم فوقَ ظهورهم - أمامنا - منذ 2006 ولم نفعل شيئا . مِنَ الكياسةِ أنْ يسكتَ المرءُ ؛ عِوَضَ أنْ يدهورَ الأُمورَ كلها .. أو أنْ يقبلَ بنصفِ الخبزةِ عِوَضَ أنْ تَيّبَس كلها ؛ فلا تُؤكَل !
7
وإذا أدركَ الحوثيونَ إستحالةَ تكوينِ دولةٍ مستقلة ؛ ناهيكَ عن جيبٍ ذاتي الحكم ( conclave ) ، أو على أدناه ، عن تمريرِ ، وتطبيقِ التجربةِ اللبنانيةِ في اليمن ، على نظريةِ حزبِ الله ، في المشاركةِ في العمليةِ السياسية ، أو خارجها ... إذا أدركوا إستحالةَ ذلك ؛ يكونوا في طريقهم النضالي الصحيح ، قد حققوا لليمنِ ، واليمنيين ، نصراً حقيقياً ، معقولاً على الأرض ، كقوةٍ سياسيةٍ يستفيدُ من نضالاتهم جميعنا ، لا كقوةٍ مذهبيةٍ ، ضيقةٍ ، مغلقةٍ على نفسها بمتاريس، ومتقوقعةٍ على ذاتها بتضاريس ، تجرُّ معاركَ غابرةٍ ، وتجلدُ مَنْ تشاء ، على أساسٍ من طائفةٍ تقتلُ في طريقها نفسها فقط .
فلا علياًً ولا معاويةَ إنتصر !..
ونحنُ أنصارُ النبي ، ونؤمنُ بالله .. بغيرِ حزبِ الله ؛ وُمَحْناشْ ناقصينْ جُنَانْ ؛ ويكفينا ما عندنا من جُنُونٍ صناعة يمنية !.. والحلُّ هو الولايات المتحدة اليمنية !
ولم نَعُدْ نؤمِنُ بمذهبِ الطَّبَنجَة .
ب :
أنْ تجعلَ خلافَك مع الآخرين ، هو التبريرُ ، الذي تعتقدهُ منطقياً ، لبقائِك على الأرض ؛ فتلك كذبةٌ كبيرةٌ ، لا يحتملها المناخُ الذي يجلس فيه صاحبها ، وأحبالها قصيرة لا تربطُ قارباً على مرفأٍ ؛ وإنْ طالتْ فستلتفُ حولَ صاحبها . وكلُّ ذلك يحدثُ نتيجةً لوجودِ براميلِ النِّفْطِ ، على مرمى حجرٍ باليد ؛ وهو ما لا يرضي الإمريكان - ويغضبهم كثيراً - حين يبلغُ الأمرُ الزُّبَى في تهديدِ مصادرِ طاقتهم ، ووسائلِ رزقِهم ، وطريقةِ معيشتهم ، وأسلوبِ حياتهم ، في أيِّ مكانٍ في العالم . ذلك ما يؤمنون به ، ويرونهُ صائباً - على الأقل - بغضِّ النظر عما نراهُ نحن . وهوَ التاريخُ حينَ يمليهِ المنتصرون ، كما كتبناهُ نحنُ ذاتَ يومٍ ، يومَ كُنَّا كِبَارَاً !
ج :
.. قرارُ إستخراجِ النِّفْطِ في العالم ، وفي أقصى بقعةٍ في الأرض ، هو قرارٌ إمريكي صِرْف - رضينا أم أبينا . وقرارُ تحديدِ مَدِّ أنابيبه ، هو قرارٌ أمريكي صِرْفٌ أيضاً - رضينا أم أبينا ! .. فقرارُ غزوِ العراق كان قراراً إمريكياً ، صمَّمَهُ كارتل النفط Oil Cartle ؛ وقرارُ غزوِ أفغانستان كانَ قراراً إمريكياً ، صممهُ كارتل الحشيش والمخدرات Drug Cartle .
8
في كلِّ بلادِ العالم رأسُ المالِ هو الذي يحركُ السياسةَ والسَّاسة ؛ إلا في بلادنا فإنَّ السياسةَ هي التي تحركُ رأسَ المال . وإلا ما اشتكى بيت هائل سعيد ؛ حينَ طلبَ الرئيسُ منهم ثلاثين مليون دولار ، لإتمامِ مسجدِ السبعين . وَمَنْ قتل چون فرانك كنيدي سوى رأسماله ؛ حينَ حاولَ المساسَ باستراتيجيات تلك الكارتلات !
ب :
وربما كانَ حميد الأحمر - ولو متأخراً نتيجةً لترابطِ المصالحِ مع النظام السَّابق ولظروفٍ سياسيةٍ أخرى ليس مقامُها هنا - مِنْ أوائل مَنْ فَهِمَ ذلكَ ، وعرفَ سحرَ المُسَالِ ، وسِرَّ المال . وربَّما كانَ علي مُحِقَّاً حين اتهمهُ بتمويل الثورة . ًوإنْ كانَ فيهِ شيءٌ من الصدق ؛ فإنَّ في ذلك - أيضاً - إجحافاً في حقِّ مَنْ خرجَ لإخراجه طواعيةً ، تعبيراً عن إرادةٍ تريدُ إسقاطَ نظامٍ ظلمَ في الأرضِ ، وعاثَ فيها فساداً .
وحينَ عرفتُ قناةَ سهيل ، وعرفتُ صاحبها ، عرفتُ أنَّ حميداً قد فهمَ مبكراً لعبةَ المالِ ، والسياسةِ ، والإعلامِ ، ودورها في التغيير ، وعلاقتها بالمال ، وبالإعلامِ ، وبالصورة - ( Media Outlets ) !..
9
.. وربما ظَنَّ الحوثيون أنْ يتركَ الأمريكيون لهم ، مجالاً ضيقاً للتنفس ، في تلكَ الزاوية في محاولةٍ لتطبيقِ نظرية ( الزَّنْقَلَةْ ) - وهو ما يسميه المتخصص ( Nuisance Value Theory ) ، ضرورةَ الإستحلاب ، المُتَسَبَّب من ضرورةِ الإحساسِ بالخوفِ في الحدود الجنوبية للملكة ، لحاجةِ الحمايةِ لمصافي النفط ، وبراميلِ تصديره في الموانئ ، وضمانِ تدفق الخوف ! .. وهذه الطَّامةُ الكبرى ، والمعادلةُ الصعبةُ ، التي ستحل - لو كانت !
إلا أنني أستبعدُ ذلك الإحتمال الواهي . فعليهم أنْ يستبعدوه من أچندتهم ؛ فسهمُ إيران في العراق قد كفى الإمريكيين ذلك ، وحقق لها حتى معادلاتهم في لبنان ، وسوريا !
.. ويبدو لي أنَّ الإمريكيين ، غالباً ، ما ينفذون سياسياتهم بدرجةٍ فائقةٍ مِنَ البساطة ، ونحللها نحنُ بدرجةٍ بالغةٍ مِنَ التعقيد ؛ فينجحوا ، ونفشل !
10
يا صديقي ..
التاريخُ واضح !
ولا يحتاجُ أنْ يرهقَ المرءُ نفسَه ، ويجهدَ روحه ، ليعرفَ هذه الامور . ولا يتجرأُ كاتبٌ ما - ولن يتجرأَ - أنْ يناقشَ قضيةَ الحراك ، من تلك الزاوية - التي ذكرتها - ألبتة . الحراكُ في الحقيقة هو من حركَ هذه الثورة برمتها ، منذ كان في 2006 . ولأنَّ كاتباً ما .. يدركُ هذه الحقيقةَ القاتلة ، فلن يتوقفَ عن دعواهُ ، وزيادةِ الأذى ؛ لأنَّهُ إذا توقف ؛ فإنَّ الصُّنبورَ يتوقف - ناهيكَ أنَّهُ لنْ يتجرأَ أنْ يناقشَ أيَّ قضيةٍ أخرى !
ولكنْ على الحراك أنْ يرَ قضيته ضِمْنَ - وليسَ بمعزلٍ عن - الإمكان المحلي ، والدورين الإقليمي والدولي ؛ وقوتهما ، من ضعفهما ، باتجاه مبتغاه ؛ وأنْ يطلبَ ما يُسْتَطَاع ، إذا أرادَ أنْ يُطَاع !
ب :
تلك هي مأساةُ اليمن !
.. فإذا قبلَ اليمنُ السياسي الأعلى الحاكم ، عن قناعةٍ تامةٍ أنَّ اليمنَ السياسي الأسفل - بالتوصيف الذي ذكرتُه - يجبُ أنْ يأخذَ حقَّهُ في الدورِ في الحكم ، وإدارةِ الدولةِ ، التي أخفقَ فيها اليمنُ السياسي الأعلى ، على إمتدادِ فترتهِ التاريخية ، بالتوصيف الذي ذكرته ؛ فصدقني أنَّ الأمورَ ستتغير . ولكنْ يجبُ أنْ تكونَ صادرةٍ عن قناعةٍ ، وخيارٍ هو راضٍ فيهِ عن ذلك ، وليسَ مناورةً وقتيةً ؛ وليسَ عن ضرورةٍ ؛ لأنَّ قرارَ الضرورةِ ؛ يُزالُ حينَ يزولُ الضَّرر !
وذلك ما أدركهُ ذلك الرجل .
وذلك أيضاً كانَ السَّببَ الأوَّلَ عنده - إبراهيم الحمدي - والأساسَ في الرَّصاصةِ التي اغتالتْه ؛ لأنَّهُ أدركَ ذلك ؛ وآمنَ أَنَّ مشروعَ الدولة ، لن يقومَ إلا إذا إِستُنْهِضَ اليمنُ السياسي الأسفلُ ، ورُفِعَتْ مظالمه ، واكتملتْ مواطنته ، لتتفجرَ طاقاتُه ؛ فلم يُمهَلْ لتسليم الدَّور ، ونقلِ الأمانة .. فقتلتهُ القبيلةُ ، والتحالفُ المقيت ، وحقدُ القاصرينَ على المتفوقين ، وعقدةُ الخصيانِ في المخصيين !
11
... ومؤتمرُ الحوارِ الوطني ، الذي يتحدثُ عنه الناس ، إذا لم يجعل تلك المحَاوِرَ ، محاوِرَ أساسيةً لحلِّ القضيةِ اليمنية - تاريخياً منذ سقوط السد حتى سقوط هذا النظام في 21 فبراير - فهو مؤتمرٌ واهمٌ وَهْمَ كَمَنْ يُطفئُ بإصبعه ناراً ، أو يحرثُ بحراً ، أو يحلبُ ثوراً ؛ ولن ينجحَ إلا في مضاعفةِ القضيةِ تعقيداً ، على المدىين القصير ، والطويل .
ب :
على أني أختلفُ مع الجميع في قضيةِ الفدرالية ، فيما يخص مسألةَ عددِ الأقاليم ، والهيكلية العامة .فهي - أولاً - ليست أقاليم ، وأنما أسميها ولايات ؛ الولايات المتحدة اليمنية ؛ أو ما شئتَ قُلْ . وأرى أنْ تكونَ بعددِ المحافظات 22 ولاية ؛ مع الأخذِ بعينِ الأعتبار أنَّ المدنَ التاريخيةَ ، والمدنَ الكبيرةَ ، وعواصمَ الولايات ؛ يجبُ أنْ تكونَ تحتَ إدارةِ حكومةٍ مستقلةٍ ( independent city ) ؛ لها برلمانها ، ولها كلُّ الهياكل التي ستكون لكلِّ ولايةٍ من الولاياتِ الكاملةِ الصلاحيات . والحكومةُ الفدرالية هي الدولةُ التي ينضوي تحتَها كلُّ تلكَ الولاياتِ كاملةِ الصلاحيات ، تحتَ العلمِ الفدرالي . كما أنَّ كلَّ ولايةٍ لها علمها أيضاً ؛ على أنْ تبقَ الجُزُرُ جميعاً تحت إدارةٍ فدراليةٍ - تتألفُ مُنْ كنتُوناتٍ شبهَ الكنتونات السويسرية - مستقلةً ، تُعّنَى بها . بمعنى آخر .. نظام الولايات المتحدة الأمريكية ، مع إدخالِ التوفيقاتِ اللازمةِ لليمن ، كحالةٍ خاصة . ولو سعى الحراكُ ، والحوثيون ، في هذا الإتجاه لتحققَ ما كانَ في الإستطاعة ، والإمكان ، ما لا تحققهُ البندقيةُ ، ولا الإبحارُ في قاربٍ مخزوق ، ولا مَذهَبُ الطَّبَنجَة !
12
وما زالَ لي إصرارٌ عَصِيٌّ ، فيما أطلقتُ عليه 'مجلسَ الخمسةِ ألف' ؛ وهو الوحدةُ الأساسيةُ في كل تلك المعادلةِ الفدرالية . ومجلسُ الخمسةِ ألف ، هو الوحدةُ الإتحاديةُ لعددٍ من القرى ، يكونُ تعدادها ما بينَ الخمسةِ ، والعشرةِ ألف . وهو العددُ العلمي الإحصائي ، الذي حَدَّدَتْهُ كثيرٌ من الدراساتِ الإجتماعيةِ والتي يمكنها أنْ تكوِّنَ ديناميكيةً حثيثةً ، يتواصلُ فيها الناسُ مع الحاكمِ في مكتبهِ دونَ وساطة . وهذا المجلسُ الإتحادي لهذه القرى ، هو وحدةٌ سياسيةٌ شبه كاملة الصلاحيات ، وإداريةٌ شبه كاملةُ الصلاحيات ، ولها مجلسها البرلماني الصغير ، في ساحةٍ واسعةٍ مَنْ ساحات القُرى ، الذي يركز على تطويرِ تلك الوحدة الإدارية ، وحلَّ مشاكلها ، وإيصالِ صوتها ، وقراراتها إلى المجلس الإتحادي للقضاء ( County ) ، ومن ثم لبرلمانِ الولايةِ الذي بدوره ينظرُ في ذلك ، ويبتُّ فيه .
ب :
ذلك سيتيحُ لهذه النظرية ، التي أزعُمُها ، والتي تدورُ حولَ فكرةِ ( التطوير يبدأ من القرية ) ، أنْ يبدأَ مِنَ القرى - التي هي اللَّبنةُ الأولى في التكوينِ البشري لأي إجتماعٍ إنساني - سيتيحُ ذلكَ تحقيقَ التسارعِ في تطويرِ القُرَى التي حُرُمَتْ لمئاتِ السنين ، ثم يتجهُ هذا التطورُ باتجاهِ الدوائرِ المتواليةِ الخارجةِ منه ؛ .. وهكذا دواليك . كما أنَّ ذلك - وهو الأهم - سيعجِّل ببرامج الدولةِ الزراعية في التمددِ الرأسي ، والأفقي ، والتحكم ببدائل زراعةِ القات على مدى خطةٍ ، علميةٍ ، مدروسةٍ ، مُقَدَّمةً للنادي الدولي لأصدقاءِ اليمن ، ودولِ العشرين ، والهيئاتِ الدَّوليةِ الخاصة.
ج :
ويحقُّ لكلِّ ولايةٍ أنْ تسعى للتوحدِ الإقتصادي مع ما تريدُ من الولايات ، حتى وإنْ كانتِ الجغرافيا ، وتضاريس الأرضِ متباعدة . ويحققُ هذا التصورُ العديدَ من المسائل ، لعل من أهمها ؛ إبراز روح التنافس ، والإبداع ، والإنتاج ، والتكامل ، وإثراء الثقافة المحلية ( subculture ) للولايات ،التي تثري بدورها غيرها ، تحتَ مبدأِ الوحدةِ النفسيةِ للشعبِ اليمني .
الوحدةُ حالةٌ إقتصادية ، ترفدها وحدةٌ نفسية . الوحدةُ ليست قضية سياسية ، أو قرار سياسي فوقي ، أو تقسيم نِفطي ! .. ولهذا حينما توحدت إمريكا ، قامتْ بعد الوحدة ، الحواراتُ ، والنقاشاتُ التي كيَّفتْ الوحدة لهذه الولايات إقتصادياً ، ونفسياً . وحواراتُ 'الآباء المؤسسين' للإمريكيين ، كلها تدورُ في هذا الفلك . وما زالتْ هذه الدولةُ إلى الإن تُطَوِّر تصوراتها، وتتطورُ مع مشاكلها . وهي قضيةٌ إنسانيةٌ لن تتوقف . منطقٌ إنسانيٌّ واضحٌ ، ونظيف !
وتبقى الأمورُ السياديةُ للدولةِ الفدرالية . ويقومُ النظام الضرائبي محلَ إناطةٍ لدخلِ الدولةِ الفدرالية التي تقرُّ السياساتِ العامةَ العليا لتوزيعِ الحصص على الولايات بحسبِ الحاجة ، والإجماعِ البرلماني لمجلسي رؤوساءِ الولايات ، وممثلي الأمة على ما يشابهُ النمطَ الأمريكي مع التوفيق قدر الأمكان باتجاهِ يَمْنَنَةِ التجربة الأمريكية ، وشيءٍ من التجربةُ السويسرية . وهو مشروعُ آملٍ ؛ لهذا أطلقتُ عليه في مقالةٍ قديمة ( مشروع أمَل : يَمْنَنَةُِ التَّجربةِ السويسرية ) .
هذا ما يسمحُ به الوقت حين يستحضرُ المرءُ قضيةً كقضيةِ اليمن ؛ والموضوعُ بحاجةٍ إلى المصارحة - قبل المصالحة - والحوارُ والمشاركةُ لإثرائه ، ضرورةٌ مُلِحَّةٌ لا بد منها .
13
دأبتْ عينُ الهَرَم ، ودولُ العالمِ الصناعيةِ الكبرى ، ورأسُ المالِ الذي يسيطر عليها من خلال مدينة 'دافوس' - منذُ القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر - على التركيز في قضيةٍ أساسيةٍ وهي السَّعيُ الحثيثُ لتشكيلِ الحكومةِ العالمية ، التي ستتألفُ مِن ألْف إقليم مستقل ، عِوَضاً عنِ الدُّوَل .
وهذه الأقاليم لن تصِلَ إلى مرحلةِ التوازنِ الديمقراطي - الديمغرافي الصحيح - في تصورهم - حتى يصبحَ كلٌّ منها إقليماً مستقلاً بذاته ؛ ضِمْنَ ثقافتهِ التي ستكونُ المُعْطَى الأصل في تصنيفهِ كأقليمٍ مستقل .
ب :
وهناك أربعةُ محَاوِرَ للجدال ، والنقاش ربما تقودنا إلى الخُلاصةِ التي ذكرتاها آنفاً . وهذهِ المَحَاوِرُ الأربعة هي :
أوَّلاً : طبيعة وحدود أي إجتماعٍ مَدني في حكومةٍ إنسانية ، وشكل هذه الحكومة .
ثانياً : التَّعادلية ، والتوازن بين الأقاليم في العالم .
ثالثاً : إعتبارات التخطيط المدني الأقليمي .
رابعاً : الدَّعم اللازم للكثافة السُّكانية ، وضبطها ، وتطوير تنوع الثقافات الإنسانية .
أوَّلاً :
فيما يخصُّ طبيعة وحدود أي إجتماعٍ مَدَني في حكومةٍ إنسانية ، فإنَّ هناك حدودٌ طبيعية ٌ لحجمِ أيَّةِ مجتمعاتٍ مَدَنية التي مَنْ خلاله تستطيعُ أنْ تحكمَ نفسها بطريقةٍ إنسانية . وفي كتابه ( أنْ نكون حجماً صحيحاً ) - On Being the Right Size - يؤكد عالم البيولوچيا ' هالدن ' - J.B.S. Haldane - يكتب ( .. وكما أنَّ هناكَ حجماً أفضل لكلِّ حيوان ، فإنَّ هناكَ ، أيضاً ، حجماً أفضل لكل مؤسسة إنسانية . في النَّمَطِ الأغريقي للديمقراطية كانَ طبيعياً أنَّ كلَّ مواطَن بستطيعُ سماعَ كل النَّقاشاتِ والحوارات ، ويُصَوِّتُ مباشرةً في القضايا التشريعية . ولذلك إلتزم فلاسفتهم رأياً يُقَرِّرُ أنَّ ' مدينةً صغيرةً هي الحجم الأكبر المثالي لأية مؤسسة ديمقراطية ' ) !..
ج :
وأزعمُ أنهُ ليسَ مِنَ الصَّعب أنْ يلحظَ الإنسانُ كيف أنَّ حكومةَ أي إقليمٍ ، تصبحُ أقل كفاءة في إدارة شؤونها ، كلما زاد الحجم . تلك قضية منطقية مِنَ السهلِ ملاحظتها . إذا كانَ تعدادُ سكان الأقليم ( س ) ؛ فإنَّ ( س x س ) تمثل حلقة التواصل المباشرة ، وجهاً لوجه ، بين أفراد ذلك التجمع المَدَني التي تؤهلهم لفتح قنواتِ إتصالٍ بكفاءة . فمثلاً إذا كان عددُ السُّكَّان س = 100 فرد ؛ فإنَّ قنوات الإتصال الطبيعية بكفاءةٍ عالية يكون عددها س x س = 100 مضروباً في 100 = 10000 قناة إتصال يجب أنْ تكونَ مفتوحة ، للتواصلِ الطبيعي بين ذلك العدد . وعندما تصلُ ( س ) إلى قيمةٍ معينة . تصبحُ هناك قنواتُ التواصل مزدحمةً ، ومسدودة . وهي القنوات ذات الكفاءة ، التي يحتاجها الأفرادُ لممارسةِ الديمقراطية ، وتطبيقِ العدالة ، ونقلِ المعلومة . ويصبحُ الأمرُ معقداً أكثر ؛ فتظهر البيروقراطية ، التي تعطلُ الحركة الطبيعية الإنسانية . وتظهر إيضاً تراتبية السُّلطة ، بمستوياتٍ هرمية مقلقة ، ومجهدة لقضاءِ إحتياجات التجمع المَدَني الإنساني . وفي الدنمارك يستطيعُ أيُّ مواطنٍ عادي الوصولَ - مثلاً - لوزيرِ التربية ، بدون جهدٍ يُذكَر ، نتيجةَ تقليصِ البيروقراطية ، والتراتُبية الهرمية لمستويات التواصل ، وقنوات الإلتقاء .
د :
أكتفي إلى هنا ، لإنَّ العناصرَ الثلاثة الباقية المذكورة آنفاً ، تدخلُ مباشرةً في إشكاليات تخطيط المدن . ولقد أسهبتُ في العنصرِ الأول ، لأنهُ يدخلُ مباشرةً في صلبِ ما دعوتُ إليه في إشكاليةِ عددِ الأقاليم التي أراها في تكوينِ فدراليةِ الولاياتِ المتحدةِ اليمنية .
14
توم آند جيري
فوقَ الرِّمالِ المتحركة !
المشهدُ متأزم ، ونَفَسُهُ صعب ..
والأطرافُ الثمانية ما زالوا في غرفهم المغلقة ؛ والموقفُ غائمٌ ، وغير واضح الملامح ، ومعقد . هكذا يبدو لي ، وربما للجميع بعدما رأينا عددَ اللاعبين في الحَلَبة . ويبدو لي إننا جميعاً كَمَنْ هُم في حالةِ إسهالٍ شديدٍ ، واقفين أمامَ بابِ الحمام ، في طابورٍ طويل ؛ وبابُ الحمامِ مغلق ، والعمالُ فيه جاهدين ، يفتحون إنسدادَ مرحاضه !
تخيلْ - معي إذنْ - ماذا يمكنُ أنْ يحدثَ إذا لم يمسك كلٌّ مِنَّا مؤخِّرَتَه بيده ! وكيف تكونُ الصورة ، مع كلِّ ذلك ، إذا تخيلتَ أبناءَ صالح ، وإبناءَ أخيهِ ، وأخوتهُ .. مازالت بنادقهم فوقَ رأسك ؛ ونحنُ ممسكون بسراويلنا ، خشيةَ الإسهال !..
ب :
ونحنُ غالباً نستذكرُ الحلقاتِ الكرتونية ل ( توم آند جيري ) - Tom and Jerry . فمهما شاهدتَ حلقاتهما ، وتوقعتَ أنْ تنتهي معاركهما ، فشلتَ .
وإذا فكرتَ - للحظة فقط - أنَّ مشكلتهما ومعاركهما قد تنتهي ؛ لانتهى المسلسل ، وماتَ المخرج مِنَ الجوع ، وماتَ المنتجُ والمصورُ مِنَ الطَّفَر ، وماتَ المشاهدون جميعاً- كما قالَ ' الواد سيد الشَّغَّال ' .
فهل هو قدرنا أنْ نبقَ إلا إذا بقيتْ معاركنا !
وإذا كانَ الأمرُ كذلك ، وبقينا كذلك ؛ فإنَّ الجزمة لا تزال في رِجْلِيْ !
15
يُحكى أنَّ رجلاً شرًبَ خمراً فسكر ؛ وأمسكَ بغلامٍ أمرد ، وذهبَ إلى أحدِ القُضاة ، وقالَ له :
" إعقدْ لي على هذا الولد " !
قالَ القاضِي :
" كيف هذا ؟ لا يجوز " !
فأخرجَ السكرانُ ' طبنجةً ' ، وقالَ للقاضِي :
" إعقدْ لي على هذا الغلام ، وإلا فأنتَ ترى الطبنجةَ ، سأقتله بها ، وأقتلك ، وأقتلُ نفسي ؛ فتكون مسؤولاً عن ثلاثِ أنفس " !
فقالَ القاضي :
" مُد يدك ، بسمِ الله .. "
وأوهمهُ بالعقد .
فخرجَ السكرانُ فرحاً ، وهو يقولُ ؛
" قد عَقَدَ لي القاضي على هذا الولد "
فدخلَ رجلٌ على القاضي ، وقالَ له :
" على أي مذهبٍ عقدتَ له " ؟
فقال القاضي :
" على مذهب ' الطَّبَنجَة ' " !
16
وما على الرَّئيس هادي ، ورئيسِ الوزراء باسندوة ، إلا أنْ يختما حياتهما - بعد عُمرٍ طويل قبلَ أنْ يأتي أحمرُ العين - بمِسْكِ ختامٍ مُطَيَّبٍ ، وجليلٍ ، يمنحهما الدخولَ في التاريخِ من أعظمِ أبوابه ، حينَ يقدمون للشعبِ الصَّابرِ المسكين أقصى ما هو بالإمكان !
وفقهما الله .
وسامحونا .
عبدالكريم عبدالله عبدالوهاب نعمان .
في 20 فبراير 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.