الكشف عن مبلغ الوديعة السعودية الجديدة للبنك المركزي اليمني في عدن    عداء "ياسين نعمان" لشعب الجنوب...    عيد الأضحى يأتي بفرحة مزدوجة: تحرير 62 صياد يمني من السجون الإريترية    الحوثيون يفرضون جمارك جديدة على طريق مأرب - البيضاء لابتزاز المواطنين    في اليوم 215 لحرب الإبادة على غزة.. 37232 شهيدا و 85037 جريحا والمجاعة تفتك بالأطفال    "عبدالملك الحوثي" يكشف هدف اعلان خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية في هذا التوقيت    شاهد: إقبال فتيات أوكرانيات حسناوات على الانضمام للجيش الأوكراني.. والكشف عن عددهن ضمن القوات العسكرية    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    النائب العليمي: سيظل صمود تعز درساً لكل الأجيال وحصارها وصمة عار في جبين مليشيا الحوثي    المعارض السعودي في مأزق: كاتب صحفي يحذر علي هاشم من البقاء في اليمن    إصابات خطيرة لثلاثة ضباط إماراتيين في اليمن.. وإجراءات أمنية مشددة في هذه المحافظة    كاتب كويتي يشن هجوماً حاداً على المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع    إصابة ثلاثة مدنيين بانفجار لغم حوثي في جولة القصر شرقي تعز    تهامة المنسية: مفتاح استقرار اليمن ومستقبله السياسي    فتح الطرقات.. تبادل أوراق خلف الغرف المغلقة    القرعة تضع منتخب الشباب الوطني في مواجهة إندونيسيا والمالديف وتيمور    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    الحجاج يتوجهون إلى منى استعدادًا ليوم عرفة ووزير الأوقاف يدعو لتظافر الجهود    مودريتش يعيق طموحات مبابي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 37,232 شهيدا و 85,037 مصابا    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختتام دورة تقييم الأداء الوظيفي لمدراء الإدارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    أبطال "مصر" جاهزون للتحدي في صالات "الرياض" الخضراء    أزمة المياه مدينة عتق يتحملها من اوصل مؤسسة المياه إلى الإفلاس وعدم صرف مرتبات الموظفين    تقرير ميداني عن الإنهيارات الصخرية الخطيرة في وادي دوعن بحضرموت    واشنطن:اعتقال المليشيا لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات استخفاف صارخ بكرامة الشعب اليمني    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    رأى الموت بعينيه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا بطريقة مروعة .. وكاميرا المراقبة توثق المشهد    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غضب شعبي في ذمار بعد منع الحوثيين حفلات التخرج!    لا ابن الوزير ولا بن عديو أوجد دفاع مدني لمحافظة النفط والغاز شبوة    قاتلوا سوريا والعراق وليبيا... السلفيين يمتنعون عن قتال اسرائيل    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    سانشيز قد يعود لفريقه السابق    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    أعينوا الهنود الحمر في عتق.. أعينوهم بقوة.. يعينوكم بإخلاص    احتضنها على المسرح وقبّلها.. موقف محرج ل''عمرو دياب'' وفنانة شهيرة.. وليلى علوي تخرج عن صمتها (فيديو)    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    مستشار الرئيس الزُبيدي يكشف عن تحركات لانتشال عدن والجنوب من الأزمات المتراكمة    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هو المطلوب لليمن؟

تقف اليمن اليوم على مفرق طريقين هامين أحدهما يقودها نحو التجزأة والتفتيت والحرب الأهلية، والآخر يقودها نحو المحافظة على مكتسبات اليمن الإستراتيجية (الثورة – الوحدة – الديمقراطية الشوروية – التنمية – الأمن والإستقرار).

وإن وضعاً بهذه الدقة والخطورة يحتاج إلى حسن تخطيط وإلى عدم الإندفاع الأعمى وراء شعارات وأطروحات دون تمحيصها لا سيما إذا كانت صادرة من قوى معادية لخط الثورة والوحدة وإلى حوار ونقاش موضوعي حتى لا نقدم على خطوات تدفع البلاد إلى الحرب الأهلية وإلى مفسدة أعظم من مفسدة الأزمة الاقتصادية الحالية في اليمن فننتقل إلى مرحلة الجوع والخوف معاً بدلاً من الجوع الذي يعاني منه الشعب اليمني ويشكل أرضية خصبة للقوى المعادية لليمن لدفع البلاد باتجاه حلول سياسية لا تعبر عن معاناة الشعب الاقتصادية الحالية وإنما عن طموحات حزبية أنانية لا تبالي إلا بمصالحها ولو كانت على حساب الوطن والشعب وثوابته ووحدته.
وفي هذا الصدد أقول أن الطريق الأول الذي يقود إلى تجزأة البلاد وإلغاء الوحدة اليمنية وإشعال الحرب الأهلية هو طريق من يرفعون شعار الإصلاحات السياسية معتبرين أن مشكلة اليمن الحالية ليست في الفساد المالي والإداري ولا في الأزمة الاقتصادية ولا في السياسات التنفيذية للحكومات المتعاقبة من بعد قيام الوحدة وإنما في طبيعة النظام الدستوري والقانوني لدولة الوحدة أي أن المشكلة في الوحدة نفسها، ولإشكالية الوحدة يطرحون مشروع سياسي فيدرالي لامركزي لتفتيت اليمن وتجزأتها، وهذا المشروع لن يحل أزمة الاقتصاد ولا علاقة له بهموم الشعب بل سيؤدي إلى إشعال الحرب الأهلية والمعاناة من الأزمة الاقتصادية (الجوع) والأزمة السياسية (الحرب الأهلية والخوف).
والطريق الأخرى المؤدي إلى المحافظة على مكتسبات اليمن الإستراتيجية هو الطريق الذي يعتبر أن الأوضاع بشكل عام سيئة ولم يتبق شيء إيجابي وحيد سوى الوحدة اليمنية وإننا إذا قمنا بالإجهاز على الوحدة اليمنية نحو التجزأة والتفتيت نكون قد أجهزنا على الجانب الإيجابي المتبقي وتركنا السلبيات ودفعنا البلاد إلى مفسدة أعظم وهي الحرب الأهلية.
وبالتالي يجب المحافظة على الوحدة اليمنية كما حافظنا على الثورة اليمنية رغم المعاناة التي أعقبتها والحرب الأهلية التي عانت منها اليمن بعد الثورة من عناصر التنظيم الشيعي الإمامي.
والمعالجات والحلول يجب أن تنصب على جذور الأزمة الحالية التي يمكن إيجازها في:
أ‌- الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الفساد المالي والإداري والسياسات والبرامج للحكومات المتعاقبة من بعد الوحدة وعن الصراع السياسي الحزبي الذي جعل من الاقتصاد أيضاً أداة من أدوات الصراع السياسي.
ب‌- الصراع السياسي الحزبي بين القوى الجمهورية في الإنتخابات على مراكز النفوذ والسلطة الذي تغذيه عناصر التنظيم الشيعي الإمامي وتمرر من خلاله مخططاتها التآمرية على يمن الثورة والوحدة.
وفي هذا السياق أود تذكير القوى السياسية الجمهورية برصيد العبرة من التجارب الإنسانية المعاصرة والقريبة، فأمامنا تجربتان يمكن القياس عليهما قياساً جلياً.
فتجربة الإتحاد السوفيتي وعوامل إنهياره وسقوطه ماثلة للعيان حيث كان قطباً دولياً عالمياً إلى جوار الولايات المتحدة طوال مرحلة الحرب الباردة وكانت أهم أسباب سقوطه وتفككه وإنهياره متمثلة في الخطوات التي أقدم عليها رئيسه ميخائيل قورباتشوف عندما رفع شعار الإصلاح السياسي والعديد من الشعارات البراقة (البروستريكا) (إعادة البناء) (الغلاسنوست) مع أن عمق الأزمة السوفيتية كان اقتصادياً بسبب سباق التسلح وحرب النجوم مع الولايات المتحدة وبسبب الإنفاقات الاقتصادية أيضاً على السياسة الخارجية السوفيتية وإغفال حاجيات الشعوب السوفيتية الاقتصادية الضرورية.
ولما جاء قورباتشوف ورفع شعار الإصلاحات السياسية عبر حملة دعائية ضخمة هللت شعوب الإتحاد السوفيتي لهذه الشعارات لأن الناس في أوقات الأزمات يتفاعلون لأي شعارات تطرح لحل أزماتهم دون تمحيص لمضامينها.
فكانت نتيجة تلك الشعارات البراقة وزخرف القول التي رفعها الرئيس قورباتشوف (البروستريكا) (الغلاسنوست) والتي ركزت على الإصلاحات السياسية أكثر من الاقتصادية هو إنهيار الإتحاد السوفيتي وتفككه وأصبحت معظم دوله كدول العالم الثالث.
وبالمقابل نجد التجربة الصينية تجربة إتسمت بالحكمة بخلاف بقية دول المنظومة الإشتراكية التي تهاوت الواحدة بعد الأخرى حيث حافظت القيادة الصينية على وحدة البلاد السياسية ولم تستجب لأي ضغوط باتجاه الإصلاح السياسي على الطريقة السوفيتية ورفعت شعار الإصلاحات الاقتصادية.
فعندما توفي الرئيس ماوتسي تونج عام 1967م وصعد إلى رئاسة الدولة الرئيس دينج شياو أعلن هذا الرئيس رؤية جديدة للإصلاحات في الصين بخلاف الرؤى السابقة حيث دعا إلى رؤية للإصلاحات الاقتصادية لتحقيق مستوى من العيش أفضل للمواطن الصيني وصولاً إلى رفاهيته، وبدأت هذه التجربة بقيادة هذا الرئيس منذ عام 1978م واستمر على نهجه من جاء بعده حتى حققت الصين نجاحاً اقتصادياً منقطع النظير بل اعتبرت هذه التجربة على المستوى العالمي تجربة فريدة وأصبحت محل إهتمام ودراسة من قبل العديد من الدول وليس من المبالغة في شيء إذا قلنا أن تجربة الإصلاحات الاقتصادية الصينية تعد أهم حدث في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين حيث تحولت الصين إلى قطب اقتصادي دولي يحسب له ألف حساب.
وحتى في إنفتاح الصين الاقتصادي على العالم إمتازت تجربتها بالخصوصية الصينية المستمدة حكمتها من تراثها الحضاري العميق فلم تنتقل إلى اقتصاد السوق الرأسمالي بل زاوجت بين اقتصاد السوق والاقتصاد الإشتراكي بطريقة تمكنت من خلالها من الإستفادة من مزايا اقتصاد السوق مع بقاء سيطرة الدولة على الاقتصاد في تجربة اقتصادية جديدة يمكن تسميتها (اقتصاد السوق الإشتراكي).
- وهكذا إستطاعت الصين الحفاظ على وحدة البلاد السياسية من المصير الذي حل بالإتحاد السوفيتي ولم تعمل على هذا فحسب بل قفزت اقتصادياً بحيث تحولت إلى قطب اقتصادي دولي، في حين عانت الصين طوال المرحلة من 1949 – 1978 من الفقر حيث كان دخل الفرد متدنياً وكذلك مجمل ناتجها القومي ومعدل نموها الاقتصادي.
وما أود قوله في هذا الصدد أن هاتين التجربتين فيهما عبرة لليمن وغيرها رغم الفارق من زاوية حجم هاتين الدولتين السياسي والاقتصادي لأن مغزى هذه التجربة لا علاقة له بشكل الدولة وقوتها وإنما بجوهر القرارات السياسية الهامة التي أتخذت في لحظات تاريخية هامة تعلّق بهذه القرارات مستقبل هاتين الدولتين الكبيرتين – الإتحاد السوفيتي والصين -.
ومن هذا المنطلق أقول إن مشروع الإصلاحات السياسية الذي تتبناه أحزاب المشترك لن يحل مشكلة البلاد الاقتصادية ولا السياسية بل هو في حقيقة الأمر مؤامرة تستهدف وحدة البلاد السياسية والوطنية لأن المخططين لهذا المشروع هم العناصر القيادية في التنظيم الإمامي الشيعي (إتحاد القوى الشعبية) وبقية الأحزاب المنضوية في المشترك (الإصلاح – الإشتراكي – الناصري – البعث) ليسوا أكثر من حاملين لهذا المشروع الإمامي ومنفذين له بسبب براعة الإماميين في إقناع قيادات هذه الأحزاب بمشروعهم وقيام قيادات هذه الأحزاب بفرض هذا المشروع على قواعدهم دون مناقشته نقاشاً كافياً لسبر أغواره.
وهذا المشروع الإمامي الشيعي التآمري قد طرحه القيادي في إتحاد القوى الشعبية زيد بن علي الوزير في كتاب (نحو وحدة يمنية لامركزية) طرح فيه فكرة (اللامركزية والفيدرالية) وفكرة (القائمة النسبية) بهدف إلغاء الوحدة اليمنية وتجزأة البلاد إلى دويلات وولايات وسلطنات بإعتبار أن القيادات الإمامية لم تحكم اليمن عبر التاريخ إلا عبر سياسة فرق تسد وعبر إلغاء دولة اليمنيين المركزية وتفتيتها وإشعال الحرب الأهلية فيها والدليل على صحة كلامي هي شهادة زيد الوزير في كتابه نفسه بأن هدفه من المشروع اللامركزي الفيدرالي هو تجزأة البلاد وتقسيمها حيث يقول في (ص14) من مقدمة الطبعة الثانية للكتاب: (وقد حظي الكتاب بترحيب فاق تصوري له حتى يمكن القول بأنني لم أجد اعتراضاً على مطلبه على أن البعض قد أشفق على هذه اللامركزية من جهة التطبيق وقدم حججه في أمرين:
الأول: صغر حجم القطر اليمني وعجزه عن استيعاب هذا النظام المتطور.
الثاني: عدم التأهل اليمني المتخلف لهذا الدور الحضاري المتطور لأنه سابق لأوانه.
وكلا الرأيين لا يرفضان اللامركزية من حيث المبدأ ولا يعترضان عليها لكنهما يشفقان من عدم القدرة عند تطبيقها..
إلى أن يقول في نفس الصفحة: (لكننا بالعكس من ذلك لا نرى ذلك التخوف والإشفاق يحول دون تطبيقها بل إنهما يدعوان إلى الإسراع في العمل من أجلها، إن حجة صغر القطر تنقضها الحقائق التالية: إن اصغر ولاية في أميركا هي «رودايلاند» وهي أول جمهورية أميركية هذه الجمهورية لا تتجاوز مساحتها «1212» ميلاً مربعاً وعدد سكانها «22364» وعلى هذه الرقعة الصغيرة قامت خمسة كانتونات أي خمس محافظات، معنى ذلك أن كل محافظة قامت على مساحة قدرها «242» ميلاً مربعاً فإذا كانت مساحة الجمهورية اليمنية حوالي «207.286» ميلاً مربعاً ثم قسمناها على «1212» ميلاً وهي مساحة جمهورية «رودايلاند» يكون عندنا «171» ولاية مستقلة أي «171» جمهورية مستقلة. في حجم ولاية «رودايلاند» وعلى أساس أن كل ولاية بها خمس محافظات فسيكون عندنا «855» محافظة لا مركزية مستقلة وبالتالي «855» رئيسا منتخباً وأظن أن في ذلك إشباعا لنهم السياسيين وإذا ما قمنا بعملية توزيع على حسب السكان وقسمنا الثلاث عشرة مليون نفس في اليمن على «855» محافظة، يكون الحاصل «15.204» نفساً لكل محافظة، وأظن أن ذلك الحجم مناسب وكافي، وتوجد إمارات في أوروبا مستقلة اقل من هذا العدد، إن الكم لم يعد ذا أهمية بالنسبة للكيف..
وهنا قد يستهول من لا يعرف هذا النوع من الحكم هذا العدد الهائل من الحكام، وسوف يضعون أيديهم على قلوبهم خشية إشفاق مما سيلاقون من شقاء وعذاب نتيجة تجاربهم المريرة في التعامل مع فرد واحد فكيف بهم مع مئات الأفراد؟!!. إنهم سوف يجعلون من شقائهم بالفرد الواحد مقياساً للتعاسة وسوف يتصورن بفزع ما سيلاقونه من العذاب على أيدي هؤلاء «855» حاكماً إذا كانوا قد نالوا على يد حاكم فرد واحد ما نالوه من العذاب، ولكن علينا أن لا نستهول هذا الرقم ولا نخاف من تلك النتيجة ففي الولايات المتحدة «83» حكومة محلية مستقلة...الخ)
فزيد الوزير هنا يعترف صراحة بأنه يريد بمشروعه الفيدرالي اللامركزي تفتيت البلاد إلى (171) جمهورية مستقلة وإلى (855) ولاية مستقلة ولكل ولاية رئيس منتخب ومع ذلك نجد قيادات الأحزاب الجمهورية في المشترك يدافعون عن هذا المشروع مع أنهم لا ناقة لهم ولا جمل فيه فنقول لهم أليس صاحب الفكرة أدرى بأهداف فكرته وهذه الإشكالية تؤكد أن القيادات الحزبية الجمهورية في المشترك مقصرة في أداء مهامها القيادية إذ يفترض بها أن تضع خطط سياسية نابعة من منطلقات أحزابها الفكرية والسياسية وأدبيات كل هذه الأحزاب (الإصلاح – والإشتراكي – والتيار القومي) وحدوية لا إنفصالية.
فأهم عوامل نجاح العمل السياسي هو وضوح الرؤية السياسية والتخطيط السياسي الإستراتيجي في إتجاهين:
أ‌- تحديد الأهداف السياسية لكل حزب بناء على منطلقاته ورؤاه والعمل على تحقيقها.
ب‌- تحديد أهداف القوى المعادية ليمن الثورة والوحدة والعمل على تفويتها.
ويؤكد علماء السياسة أن قيادات الأحزاب إذا لم تقم بمهامها التخطيطية لا التنفيذية وعانت من عدم وضوح الرؤية فإن هذه القيادات وأحزابها يمكن أن تتحول إلى أدوات لتنفيذ مخططات أعدائها، وهذا ما حصل لقيادات الأحزاب الجمهورية فبدلاً من التصدي لأخطر مؤامرة تستهدف الوحدة اليمنية من قبل التنظيم الشيعي الإمامي عامل الهدم التاريخي للشعب اليمني إذا بالقيادات الجمهورية تحمل هذه المؤامرة كمبادرة وتضغط على الأخ الرئيس باتجاه هذه المؤامرة لتنفيذها ولن يدركوا مغبة ما يفعلون إلا عندما يتم تفتيت الدولة اليمنية المركزية إلى دويلات وتشتعل الحرب الأهلية، وفي الحقيقة أنني حذرت من خطر التنظيم الشيعي الإمامي بعد الوحدة مباشرة وأتهمني البعض بالمبالغة في ذلك ولكن الواقع اليوم يشهد بصحة ما ذهبت إليه، فهانحن نرى إنجازات هذا التنظيم الشيعي الخفي الظاهر في إتجاهين متوازيين:
- إتجاه تعليمي عسكري (حزب الحق) بدأت ثورته المضادة لثورة سبتمبر في صعدة بشكل واضح كما فعلوا عبر التاريخ.
- وإتجاه سياسي في العاصمة (إتحاد القوى الشعبية) المتغلغل في مراكز النفوذ والمال والمعلومات في أجهزة الدولة وداخل الأحزاب الجمهورية وأهم إنجازاته مشروعه السياسي الفيدرالي التآمري على الوحدة اليمنية وأكبر دليل على خطورة تأثيره أن كافة قيادات الأحزاب الجمهورية قد أصبحوا يتبنون مؤامرة هذا التنظيم التخريبية لليمن الجمهوري واليمن الموحد كمبادرات لإصلاح الجمهورية والوحدة.
وإزاء هذا الفراغ في الرؤية السياسية لدى القيادات الجمهورية في أحزاب المشترك أتقدم بهذه المبادرة السياسية الاقتصادية لحل الأزمة الحالية في البلاد التي تركز على الإصلاحات الاقتصادية وهموم الشعب وعلى حل مشكلة الصراع السياسي الحزبي بين الأحزاب الجمهورية أوجزها في نقاط كالتالي:
1- إعمال مبدأ عدم التركيز الإداري الذي هو شكل من أشكال اللامركزية الإدارية وذلك بنقل الصلاحيات الإدارية والمالية التنفيذية من العاصمة إلى مكاتب الدولة في المحافظات والنواحي لتسهيل إنسياب العمل الإداري ولتخفيف معاناة الناس من ربط معاملاتهم البسيطة بالعاصمة بحيث يتفرغ الوزراء والقيادات الإدارية لمهمة التخطيط والتوجيه والرقابة وتوكل للقيادات الوسطية القضايا التنفيذية.
2- على القوى السياسية الجمهورية في السلطة والمعارضة إقامة تكتل جمهوري لمواجهة المخططات الإمامية الشيعية المستهدفة للثورة اليمنية ووحدة اليمن السياسية والوطنية، وعلى الأخوة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج أن يدركوا أنه على الرغم من الخلاف الشكلي في النظام الجمهوري اليمني والنظام الملكي السعودي إلا أن الجامع بين النظامين هو المحتوى والمضمون السنّي، وأن النظام الملكي الشيعي الإمامي الذي حكم اليمن قبل ثورة سبتمبر هو أقرب لجمهورية إيران الشيعية على الرغم من الإختلاف في شكل الأنظمة (ملكي – جمهوري) لأن المضمون الجوهري لكلا النظامين هو المضمون الشيعي بدليل الدعم الجمهوري الإيراني لممثلي النظام الملكي الشيعي اليمني من عناصر التنظيم الشيعي في صعدة (الجناح العسكري) والجناح السياسي في العاصمة صنعاء المتوغل في مراكز المال والنفوذ والمعلومات في الدولة وفي داخل الأحزاب الجمهورية ويحيك أخطر الخطط السياسية والتآمرية على الاقتصاد اليمني لتقويض النظام من داخله، وبالتالي يتوجب على الأخوة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج دعم النظام الجمهوري السنّي ووحدة اليمن اقتصادياً وسياسياً باعتبار اليمن عمق إستراتيجي لهم.
3- يجب حل إشكالية صراع الأحزاب الجمهورية في الإنتخابات والوصول إلى صيغة مرضية لحل هذه المشكلة لتفويت الفرصة على التنظيم الشيعي الذي يستغل عامل الإختلاف هذا ويؤجج الصراع بين الأحزاب الجمهورية ويمرر مخططاته الإستراتيجية من خلال هذا الصراع.
بالوصول إلى صيغة مرضية لحل إشكالية صراع القوى الجمهورية تؤدي إلى رفد التجربة الديمقراطية في اليمن ورعايتها بحيث يتم تمثيل كافة الأحزاب الجمهورية بشكل معقول ومرضي لا سيما الحزب الإشتراكي باعتباره الشريك الرئيسي في تحقيق الوحدة اليمنية.
وهذا يحتم على المؤتمر عدم إستخدام الإنتخابات كسيف مُصلت على بقية الأحزاب عبر فكرة الأغلبية المطلقة، وتفاصيل هذه الفكرة يمكن مناقشتها لاحقاً بعيداً عن الأطروحات الإمامية الشيعية (اللامركزية – القائمة النسبية – التعديلات الدستورية).
4- يتم تشكيل حكومة وفاق وطني من المؤتمر الشعبي العام والإصلاح والإشتراكي والتيار القومي (البعثي والناصري) على قاعدة حماية الثوابت الوطنية (الثورة – الوحدة اليمنية – التنمية – الأمن والإستقرار) ويتم عزل التنظيم الشيعي في المعارضة.
5- تكون مهمة حكومة الوفاق الوطني عبر هذا التكتل الجمهوري مهمة اقتصادية باعتبار أن جوهر الأزمة التي تعاني منها البلاد هي الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الصراعات السياسية الحزبية والعسكرية التي شهدتها اليمن من بعد الوحدة وعن الفساد المالي والإداري وعن التآمر على اقتصاد اليمن بهدف إسقاط الأوضاع عبر الثورة الشعبية والعصيان المدني بعد أن فشلت محاولة إسقاط النظام الجمهوري والوحدة اليمنية في 94م عبر القوة العسكرية من خلال التخطيط الإمامي الشيعي والتنفيذ الإشتراكي الغبي لا سيما بعد نجاح إتحاد القوى الشعبية في إستقطاب علي سالم البيض وحيدر العطاس لصالح المشروع الشيعي بدغدغة أصولهم العرقية الهاشمية .
وعبر الجرعات الاقتصادية التي منعت الضروريات عن الشعب المتمثلة في المواد الغذائية الأساسية وحولت تلك المبالغ إلى نفقات كمالية ليست بأهمية الأمن الغذائي للمواطن.
ولحل الأزمة الاقتصادية تضطلع هذه الحكومة بوضع برنامج اقتصادي يكون هدفه الرئيسي هو تخفيف معاناة الشعب عبر تلبية حاجياتهم الأساسية من المواد الغذائية لا تعديلات دستورية لإلغاء الوحدة اليمنية عبر الفيدرالية لأن الشعب الجائع لن يأكل تعديلات دستورية بل إن التعديلات الدستورية ستصومل اليمن عبر تجزأتها إلى دويلات فتشتعل الحرب الأهلية فينتقل الناس من مرحلة الجوع إلى مرحلة الجوع والخوف كما هو الحاصل الآن في العراق.
{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }النحل112.
وأعظم نعمة في المنظور القرآني هي نعمة الوحدة لأنها توحد الدولة والمجتمع والطاقات البشرية والإمكانات المادية والكفر بها عبر الفيدرالية واللامركزية السياسية سيجعل البلاد على شفا حفرة من نار وينقلها من مرحلة الجوع إلى مرحلة الجوع والخوف {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103، وسأبين مقام الوحدة في المنظور القرآني بالتفصيل في الحلقات القادمة إنشاء الله.
وهذه الخطة الاقتصادية ترتكز على المحاور التالية:
تشخيص الموازنة العامة للدولة وإعادة النظر في أرقامها على قاعدة تقديم الضروريات وتأخير الكماليات.
معايير إعادة النظر في أرقام الموازنة على قاعدة تقديم الضروريات وتأخير الكماليات تتم على النحو التالي:
أ‌- الأولوية للمواد الغذائية وإطعام الناس من جوع .
ب‌- مشاريع البنية التحتية.
ج‌- النفقات الحكومية.
يتم إحلال مبالغ الدعم الخارجي التي أقرت في بريطانيا محل المبالغ المعتمدة في موازنتنا لمشاريع البنية التحتية ويتم سحب المبالغ من الموازنة لدعم المواد الأساسية.
تتولى الدول الشقيقة (دول مجلس التعاون) مساعدة اليمن لحل مشكلة غلاء الأسعار والجوع الذي قد يسبب إنهيار الوضع السياسي في إتجاهين رئيسيين:
أ‌- تزويد اليمن بمساعدة عينية بتغطية حاجة اليمن المحلية من البترول والديزل.
ب‌- إعتماد مبلغ مليار دولار سنوياً لدعم المواد الأساسية.
6- وضع خطة إصلاح إداري لحل مشكلة الفساد يكون هدفها زيادة إيرادات الدولة وحماية النفقات العامة من الإبتزاز والهدر والعبث.
7- تفعيل الرقابة الإدارية على العناصر الفاسدة عبر تفعيل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وإعمال مبدأ الثواب والعقاب لا مبدأ مكافأة المسيء ومعاقبة المحسن.
8- إذا لم تستجب أحزاب المشترك للحوار بمضامين جمهورية وطنية ورفضت التخلي عن الأطروحات السياسية الإمامية الشيعية لاتحاد القوى الشعبية (التعديلات الدستورية – باتجاه الفيدرالية تحت شعار اللامركزية الإدارية بعد الفشل في تمرير الشعار نفسه – النظام البرلماني – القائمة النسبية)، فأنصح الأخ الرئيس بعدم الإلتفات إليهم والمضي في إصلاح الأوضاع الاقتصادية باتجاه تخفيف معاناة الشعب في حاجاته الأساسية من المواد الغذائية في ظل دعم وتعاون إقليمي ودولي.
فحل الأزمة الاقتصادية هو الحل الحقيقي الذي سيفشل كل المؤامرات السياسية لعناصر اللوبي الإمامي الذي يراهنون من بعد فشلهم في إسقاط النظام وإلغاء الوحدة في 94 عبر القوة العسكرية للحزب الإشتراكي على إستراتيجية جديدة وضعت بعد الحرب قوامها الرهان على الثورة الشعبية والعصيان المدني ولا سبيل لذلك إلا عبر تعميق الأزمة الاقتصادية وهذا الهدف تحقق عبر سياسة الجرعات الاقتصادية الذي دعت إليه عناصر داخل المؤتمر الشعبي العام نفسه وعلى إخراج حزب الإصلاح إلى المعارضة واستخدام قواعده الشعبية في تحريك الشارع لتنفيذ السياسات الإمامية.
أما سياسة تقديم التنازلات والإستجابة لضغوط المشترك فستزيد الأوضاع إنهياراً لأن معالجة الأخطاء السابقة لا تكون بارتكاب أخطاء جديدة لأن مطالب المشترك التي هي مطالب التنظيم الشيعي الإمامي تتركز على إلغاء الوحدة اليمنية وتفتيت البلاد إلى أقاليم ودويلات وسلطنات بعدد مدنها ونواحيها بل وقراها.
ولذلك أقول للأخ الرئيس: اليمن اليوم في منعطف تاريخي ومفرق طريقين في غاية الأهمية والخطورة ومصيره مرتبط بالقرارات السياسية الهامة التي ستتخذ في هذه المرحلة فأرجو منك أن لا تسلك إزاء هذه الأزمة سلوك الرئيس الروسي ميخائيل قورباتشوف مهما كان الضجيج الإعلامي وزخرف القول الذي يرفعه المشترك واللقاء التشاوري المتمخض عنه المجسد لنفس الأهداف فتكون النتيجة إلغاء الوحدة اليمنية وتفتيتها كما حصل للإتحاد السوفيتي.
وأن تسلك سلوك الرئيس الصيني الذي حافظ على وحدة الصين السياسية وحل أزمتها الاقتصادية ولم يستجب للضغوط الدولية الهائلة، أما أنت فالقوى الإقليمية والدولية تقف معك فتحقق مكسبين:
الحفاظ على وحدة اليمن أهم مشروع أنجزته في حياتك تفتخر به ونفتخر به معك.
وتخرج الشعب من هذه المعاناة الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.