دخلت الصومال على خط المطامع الاقليمية والدولية بموقع اليمن الاستراتيجي الفريد. وكشفت ندوة عقدت في صنعاء الاسبوع الماضي، بأن الصومال، والذي يضرب به المثل كنموذج للدول الفاشلة ويعيش حربا أهلية متواصلة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، تقدم الى الامم المتحدة بطلب احتجاج ادعى فيه أحقيته بجزيرة سوقطرى. وقال المدير التنفيذي لمركز سبأ للدراسات الاستراتيجية، الدكتور احمد عبد الكريم سيف، ان الصومال تقدم إلى الأممالمتحدة لتحديد جرفه القاري متضمنا خرائط بأحقيته في الجزيرة. موضحا أن اليمن تقدم بطلب مماثل إلى الامم المتحدة معززا بالخرائط أيضا مما جنب البلدين الدخول في نزاع على ملكية الجزيرة. لكنه اعتبر بأن مطالبة الصومال بوضعها الحالى بحقها فى الجزيرة مؤشرا خطيرا، ولم يستبعد ظهور نزاع مستقبلي بين اليمنوالصومال. كما أكد على أهمية تعزيز التواجد اليمنى فى جزر الارخبيل ورفع مستوى الخدمات المقدمة وإتخاذ كافة الاجراءات التى تؤكد يمنية سقطرى. ويمثل الكشف الجديد عن ادعاء الصومال أحقيته بالجزيرة أكثر من مؤشر خطر خاصة في ظل وضعيته الراهنة والتي لا تسمح له بذلك، فيما يسود الاعتقاد بأن هذا الادعاء ربما تكون ورائه بعض القوى الاقليمية أو الدولية والتي سبق أن عبرت عن رغبتها وتطلعها للتمركز في الجزر اليمنية وفي جزيرة سقطرى الاستراتيجية بالذات. وكان مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية والذي بحث مستقبل الجزيرة في حلقة نقاشية بصنعاء تحت عنوان " سوقطرى.. أمال وتحديات" قد اشار الى أن أرخبيل سقطرى يواجه مجموعة من التحديات والتهديدات المحدقة، سواء من دول الجوار الإقليمي أو تطلعات الدول العظمى ومصالحها الحيوية المرتبطة باستراتيجياتها. مؤكدا أن ذلك " يفرض جملة من الإجراءات الاحترازية التي تساهم في تنمية هذا الأرخبيل وتوظيفه ليكون عاملاً فاعلا في مواجهة هذه التحديات". وقال إن " المصلحة الإستراتيجية والاقتصادية لليمن تحتم عليه التركيز على تأمين وردع المطامع الدولية والإقليمية.. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال الدفع نحو تشكيل إستراتيجية وطنية لتنمية هذا الجزء البعيد في خطوة للسعي نحو تأمينه بشكل عام وبما يضمن إبعاد كل المتسولين الساعين إلى إيجاد موطئ قدم لهم في هذه المنطقة الحيوية من العالم". وزار فريق من المركز جزيرة سقطرى وأعد حولها تقريرا تشخيصيا وتحليليا لمختلف الأوضاع مقرونة برؤية استباقية تهدف إلى تهيئة الأرخبيل للرهانات والأمال الواعدة من جهة ، أو لمواجهة الاحتمالات التي قد تنشأ عن الصراع الدولي والإقليمي في المنطقة وما قد يترتب عليها من ضغوط دولية قد تواجهها اليمن من جهة أخرى. وليست المرة الاولى التي تواجه فيه جزر اليمن بموقعها الاستراتيجي الفريد خطر القرصنة الاقليمية والدولية، حيث تثار بين الفينة والاخرى معلومات عن تعرض اليمن الى ضغوطات من قبل القوى الدولية المتنافسة للحصول على تسهيلات عسكرية في هذه الجزر وبالذات في جزيرة سقطرى. وسبق لارتيريا ان احتلت جزيرة "حنيش" اليمنية في عام 1995م مدعية أحقيتها بالجزيرة، ولم تعد الى اليمن الا عبر التحكيم الدولي. ويوم الخميس الماضي، ذكرت مصادر رسمية عن قيام رئيس الجمهورية بزيارة مفاجئة الى ارتيريا استمرت عدة ساعات. يأتي ذلك في ظل استمرار السلطات الارتيرية وبشكل متكرر خلال الاونة الاخيرة باحتجاز الصيادين اليمنيين ومنعهم من الاصطياد في مناطق تقول أنها داخلة ضمن حدودها المائية. لكن الخبر الرسمي، أشار أيضا الى أن القمة اليمنية الارتيرية بحثت مختلف المجالات بما في ذلك " تطورات الأوضاع في المنطقة وفي مقدمتها الأوضاع في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي والأمن في منطقة جنوب البحر الأحمر" الى جانب "التعاون في المجال التجاري والاستثمار والإصطياد السمكي والأمني". ورغم دخول الصومال للمرة الاولى على خط النزاع مع اليمن بشأن سوقطرى والتي تعد أجمل وأكبر الجزر اليمنية، حيث تبلغ مساحتها، 3650كم مربع. أعاد خبير استراتيجي مصري التذكير بما كانت مصادر صحفية أمريكية قد أثارته بداية العام الحالي عن منح اليمنالولاياتالمتحدة تسهيلات لبناء قاعدة عسكرية في الجزيرة، وهو الطلب الملح والذي تردد منذ سنوات، لكنه أصبح أكثر شيوعا بعد تفشي ظاهرة القرصنة البحرية في مياه خليج عدن. هل تتحول الى قاعدة أمريكية؟ وقال الخبير المصري أن جزيرة سقطرى أصبحت قاعدة عسكرية جوية ضخمة للجيش الأمريكي، رابطا بين التواجد الأمريكي غير المعلن في الجزيرة والمطامع الإسرائيلية منذ السبعينيات للسيطرة على جزر البحر الأحمر في الجنوب بمساعدة أثيوبيا للتحكم في الملاحة البحرية وإمدادات البترول والتأثير على قناة السويس. وأكد اللواء الدكتور عبد الحليم المحجوب- الخبير في الشئون الإستراتيجية العسكرية- على أن الانتشار الأمريكي المتزايد في المنطقة وأطماع تل أبيب المتكررة تهدد الأمن القومي برمته. وفيما أكد على أن اليمن بحكم موقعه الإستراتيجي المطل على الممرات الملاحية بالبحر الأحمر يجعله مطمعا دائما لكل من تل أبيب وواشنطن لفرض نفوذهما على المنطقة، دعا القادة والزعماء العرب إلى أن يضعوا التهديدات المحيطة بأمن البحر الأحمر نصب أعينهم، خاصة الطموح الصهيوني المتزايد للسيطرة عليه ومواجهة القرصنة بشكل عملي. وعدد اللواء المحجوب أزمة اليمن في خمس نقاط، أولها أزمة النظام السياسي نفسه بسبب الفساد الإداري وسوء إدارة الموارد الاقتصادية بصورة عادلة على الشعب، وثانيها الحراك الجنوبي والتهديد بالانفصال، وثالثها حروب الحوثيين، ورابعها انتشار تنظيم القاعدة وتحالفها مع بعض القبائل، وخامسها التواجد العسكري الأجنبي في اليمن، خاصة بجزيرة "سوقطرى". وسبق للاوساط السياسية المحلية ان عبرت عن مخاوفها من توجه حكومي لتحويل جزيرة سقطرى إلى قاعدة عسكرية أميركية بموجب اتفاق بين الجانبين كشفت عنه مجلة "نيوزويك الامريكية" في يناير الماضي. ففي لقاء جمعه في عدن بقائد القوات المركزية الأميركية السابق الجنرال ديفيد بترايوس، دعا الرئيس علي عبد الله صالح لإنشاء مركز إقليمي في اليمن لمواجهة أعمال القرصنة تشارك فيه الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول المطلة على البحر الأحمر. الأمر الذي حذر منه سياسيون يمنيون باعتباره حسب رأيهم سيمثل شرعية مستقبلية لتواجد القوات الدولية داخل المياه الإقليمية، ومدخلا للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية. غير أن مجلة نيوزويك الأميركية كشفت بأن ذلك اللقاء نجم عنه اتفاق بين الجانبين يقضي ببناء مدرج صغير –بإشراف عسكري يمني- في جزيرة سوقطرى ، يوسع لاحقا إلى قاعدة شاملة. وعلقت المجلة بالقول ان "هدف هذه القاعدة التي لن تكون قاعدة جوية فحسب وإنما ميناء حربيا أميركيا، هو دعم برنامج المساعدات الموسع لمكافحة الإرهاب والقراصنة الصوماليين". وكانت واشنطن تتطلع دوما للموقع الاستراتيجي لليمن عموما، وتردد أكثر من مرة عن رغبة أمريكية في إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة "سقطرى" لموقعها في البحر العربي، وطبيعتها المتنوعة، ومساحتها الكبيرة -بحجم مساحة لبنان-، حيث تعد أكبر جزيرة في الوطن العربي. لكن ومع تفشي ظاهرة القرصنة الصومالية في مياه بحر العرب والقريبة من خليج عدن، سمح قرار أممي للاساطيل والبوارج الحربية الدولية بالتواجد في مياه بحر العرب بهدف تأمين السفن التجارية ومواجهة ظاهرة القرصنة، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لعودة النفوذ الاستعماري القديم، ولكن متعدد الاقطاب. احتجاج ايراني فعلى خلفية تهديدات معلنة لتنظيم القاعدة بمهاجمة باب المندب والسيطرة عليه، شككت مصادر ايرانية بتهديدات القاعدة، قائلة أن ذلك ربما يكون أمريكيا للتضليل وأن "يكون مقدمة لعمل ما سينفذ ضد إحدى القطع الايرانية المتواجدة في المضيق". وبررت المصادر الايرانية تواجد سفنها الحربية في المنطقة على اساس اعتبارها منطقة دولية. وأكدت بأن مضيق باب المندب يعج بالسفن الحربية التابعة لأكثر من دولة أوروبية كما الولاياتالمتحدة الأميركية في إطار منظومة حلف شمال الأطلسي وذلك على خلفية حماية التجارة الدولية. ورأت مصادر دبلوماسية ايرانية أن من حق سفنها الحربية "التواجد في مضيق باب المندب إسوة بسفن الدول الأخرى"، موضحة أن ذلك "يعتبر حيويا من الناحيتين التجارية لحماية السفن التجارية الايرانية التي تعبر من ذلك المكان والعسكرية لمراقبة تحركات السفن المعادية". وتساءلت المصادر نفسها عن توقيت الاعلان بشأن تهديدات القاعدة، والذي تزامن مع التحركات الدولية لمعاقبة ايران اقتصاديا وتهديدها عسكريا. وقالت ان البحرية الإيرانية "رصدت تحركات لبوارج وقطع عسكرية إسرائيلية عملت السلطات اليمنية المشرفة على المضيق على منعها من العبور فيه". معتبرة أن "في تلك المحاولة الإسرائيلية إشارات لا توحي بالإطمئنان خصوصا وأنها تحصل في ظل الحماية الدولية بعدما أصبحت البحرية الإسرائيلية جزءا من البحرية التابعة لقوات حلف شمال الأطاسي الذي تجوب سفنه البحار من دون حسيب ولا رقيب". كما هاجمت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية الرئيس علي عبد الله صالح على خلفية ما نشرته مجلة "نيوزويك" الامريكية بشأن سقطرى. وعلقت الوكالة الايرانية ساخرة بالقول ان الرئيس صالح حليف غير محبب جدا للولايات المتحدة بالرغم من أنه منحها قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى. وفي وقت سابق، أطلقت المصادر العسكرية الروسية ما يشبه بالونة اختبار حول ما أسمته نية روسيا لإقامة مواقع ثابتة في جزيرة سقطرى الإستراتيجية إلى جانب موقعين آخرين في سوريا وليبيا، لتدخل بذلك حقبة التنافس المحموم مع الولاياتالمتحدةالأمريكية على مناطق النفوذ في أماكن مختلفة من العالم. الإعلان الروسي الذي نفته مصادر عسكرية يمنية، كان يشير إلى اعتزام روسيا تجهيز مواقع ثابتة لتواجد قطع تابعة لأسطولها البحري الحربي في جزيرة سقطرى وميناء طرطوس السوري وميناء طرابلس الليبي، وهو الأمر الذي لم يخرج عن إطار التحليلات العالمية التي تناولت دور روسيا الأخير ومحاولة استعادة نفوذها القديم. وتقع جزيرة "سقطرى" في البحر العربي على بعد نحو 318كم عن أقرب نقطة من الساحل اليمني، بينما تبعد عن الصومال حوالي 225كم. وتبلغ مساحة الجزيرة 3650كم مربع، ويتبع سقطرى مجموعة من الجزر الصغيرة، وتتشكل تضاريس الجزيرة من جبال وهضاب وسطى وأودية وسواحل. وتلفت عدة دراسات إلى الأهمية الجيوبوليتيكة للجزيرة، حيث موقعها الجغرافي الجزري المفتوح بين خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي ما أعطاها ميزة السيطرة والقرب من أهم المضايق البحرية وخطوط التجارة العالمية ولا سيما تجارة النفط. وقد صنفت عام 2008 كأحد مواقع التراث العالمي، ولقبت بأكثر المناطق غرابة في العالم نظرا للتنوع الحيوي الفريد بها والأهمية البيئية لها.