سعدت كثيراً إذ تسلمت نسخة من كتاب(صفحات من أدب اليمن المعاصر) مهداة لي من كاتبها الأديب والمترجم والشاعر الجميل د. شهاب غانم، والكتاب يقع في نحو 280صفحة من الحجم المتوسط. وفي الغلاف ظهرت صور تسعة من رجالات الأدب والفكر والثقافة في اليمن عامة وفي عدن خاصة، وكان جلياً أن التناولات الانطباعية لكتابات تلك الكوكبة قد انحازت كثيرا لعدن، وماهذا الأمر بمستغرب إذا علمنا أن نصيباً وافراً من الشخصيات المنتقاة لاتمت بصلة قرابة أو صداقة للمؤلف، وليس في هذا مايعيب الكتاب، بل أحسب أنه إنما يمده بخاصية الاقتراب من الشخصية قيد التناول، أكثر من غيره .فأن تكتب عن كاتب ما، لاتعرفه إلا من خلال كتاباته، وأن تفعل الأمر ذاته مع من خبرته وعرفته بل وعايشته ردحا من الزمن ولو قليل، فإن الكفة ترجح ولا شك ، للفعل الثاني . ولهذا تجد في ثنايا الكتاب إضافات، وأعدها، أنا، إضاءات تكشف للقارئ جوانب من حياة هذا أو ذاك من الأدباء الذين تناولتهم تلكم القراءة، صعب بل مستحيل أن تجدها عند غيره . والمؤلف كما ذكر الأستاذ د. عبد العزيز المقالح في مقدمته للكتاب، ذو مواهب متعددة فهو مهندس وشاعر وناقد ومترجم ، وهاجس الإبداع الثقافي لايقتصر عليه وحده، فالدكاترة قيس وعصام ونزار وهم أشقاؤه، هم أيضاً يجلسون تحت مظلة ذلكم الهاجس، إن صح التعبير . تناول الكتاب شخصيات كان لها دورها في الحياة الفكرية والأدبية والثقافية لليمن المعاصر بدءاً بالمحامي محمد علي لقمان وعلي أحمد باكثير ود. محمد عبده غانم، مروراً بالشاعر المبدع علي محمد لقمان وشاعر الرومانسية والجمال لطفي جعفر أمان ، وجميع من أسلفنا ذكره ممن واراهم الثرى ، وانتقلوا إلى رحمة الله، غير أن نتاجاتهم الأدبية والفكرية والثقافية ظلت وستظل خالدة يسطع نورها ليضيء للأجيال دروب المعرفة، وعرج بعد ذلك إلى د. عبدالعزيز المقالح ثم د. قيس غانم وبعده د.محمد علي البار إلى أن وصل إلى د. عصام غانم، ومن بعده د. عزيز ثابت وختم بشعراء ثلاثة أحدهم تحتضن صنعاء إبداعاته هو الشاعر إسماعيل الوريث، والآخر كانت انطلاقته من عدن، وإن أصبح مقيما في الشارقة، وهو سليل عائلة أمان الشاعر البديع رعد أمان .ووقف بينهما الشاعر عبد الفتاح الأسودي، ويبدو لي أنه من الحالمة تعز. وكما جاء في إضاءة سبقت صفحات الكتاب سطرها د. شهاب غانم، فإن المقالات التي ضمتها دفتا الكتاب كانت قد نالت حظها من النشر في عدد من الصحف والمجلات والمواقع على الشبكة العنكبوتية، وجاءت فكرة جمعها في إضمامة واحدة لتحفظها أولاً، ولتيسر على القارئ أمر قراءتها دون عناء البحث عنها هنا وهناك . ولعلي إن ذكرت لك عزيزي القارئ بعضا من عناوين الكتاب أفصح عن مايمكن أن تقرأه وتستمع بقراءته، بل وعن مايمكن أن يحمله لك هذا الكتاب من فائدة ثقافية في أسلوب سلس بعيد عن التعقيد والتقعيد ، فهاك بعضاً من العناوين : - هل كان محمد علي لقمان شاعراً - تناص بين بوشكين الروسي ورزتي الإنجليزية ومحمد عبده غانم اليمني - علي محمد لقمان وشعر التفعيلة - بوشكين والقرآن الكريم وها أنت ترى كيف أن ماذكرت لك من العناوين يفتح عندك شهية القراءة والإطلاع، فكيف إذا وقع الكتاب في يديك بقضه وقضيضه ؟!!!.