يسعى الباحث والفنان طاهر البني من خلال كتابه أطياف في التشكيل السوري الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب إلى استعراض مجموعة من التجارب التشكيلية السورية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين. ويتناول الكتاب الذي يقع في ثلاثمائة وست وسبعين صفحة من القطع الكبير تجارب متنوعة في مساراتها التعبيرية واتجاهاتها الفنية وعلى أهميتها فإن الكاتب يقول:لا يمكن اعتبارها التجارب الوحيدة التي تحظى بموقع الأولوية والأهمية بل تمثل نماذج تصويرية ونحتية وغرافيكية من الحركة التشكيلية السورية. ويلجأ الباحث في كتابه إلى دراسة التجارب المتناولة للتعريف بمبدعيها الستة عشر الذين يؤلفون أطيافا مختلفة في النسيج التشكيلي السوري الآخذ بالتطور عاماً بعد عام وينحو باتجاه التميز بين الفنون التشكيلية العربية والعالمية. ويرى الكاتب أن توالي التجارب متدرجة من الواقعية إلى التجريدية مروراً بملامح الرومانسية والانطباعية والتعبيرية طريقة منهجية في عرض التجارب الفنية التي تشغل حيزاً واسعاً من الحركة التشكيلية السورية لوفرة أدواتها وسعة ميادينها. ويبين الباحث أن واقعية الفنان غسان صباغ في التصوير تتوازى مع واقعية الفنان محمود شاهين في النحت وتقتربان من تخوم الانطباعية بينما تجنح الصورة لدى الفنان يوسف عقيل نحو مرافئ الرومانسية والرؤى الميتافيزيقية. وبحسب الكتاب فإن النزعة التعبيرية واضحة في لوحات الفنانين نذير إسماعيل وعبد القادر عزوز وزهير دباغ وهي تعبيرية مجللة بالمجردات اللونية والإيحاءات المجازية. أما التعبيرية التي تتجلى في محفورات الفنان علي الخالد ولوحات الفنان يعقوب إبراهيم فهي تتوازى مع منحوتات الفنان طلال أبو دان والفنان محمد بعجانو في استظهار القيم التشكيلية والمفاهيم الجمالية الكامنة في الفنون السورية القديمة ولا سيما تلك التي سبقت العصور الإسلامية. ويقول الكاتب: نجد السعي الدؤوب في تجاوز الصيغ التشخيصية المباشرة نحو ضفاف التجريد الإيحائي في تجارب كل من الفنانين عبد الرحمن مهنا- شريف محرم- أنور الرحبي- طاهر البني- ناصر نعسان آغا في الوقت الذي تتفرد فيه تجربة الفنان أحمد برهو في اقتحام ميدان التجريد بإصرار ووضوح منذ معارضه الأولى. وتضمنت دراسة تجربة كل فنان سيرة حياته وأهم المواقف والنقلات في تجربته الفنية مع عرض عدد من الصور لأعماله إلى جانب سيرة ذاتية للفنان في نهاية الدراسة. والفنان والباحث طاهر البني من مواليد حلب عام 1950 ويحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة حلب عام 1977 ودرس فن التصوير في مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية بحلب عام 1967 عمل مدرساً لمادة الفنون في مدراس حلب ونظم العديد من المعارض الفنية وله كتابات في الفن التشكيلي نشرت على شكل كتب ومقالات وبرامج إعلامية وله الكثير من المعارض الفردية والجماعية وحاصل على جائزة الباسل للإبداع الفني عام 2003 والجائزة الأولى في معرض المعلمين المركزي عام 2006.