يعتبر برنامج المشاهدات الزراعية في وادي أحور أحد مكونات مشروع تطوير الري في أحور، الذي يعمل أساساً على تأهيل وتطوير المنشآت المائية وصيانتها. ويتمثل برنامج المشاهدات في تخطيط وتنفيذ أنشطة حقلية تتضمن عدداً من أهم وأبرز التقنيات البحثية الزراعية الحديثة التي جرى استنباطها وتوليدها من قبل الباحثين الزراعيين في محطة الأبحاث الزراعية - الكود. حيث يعنى البرنامج بالمزارع أساساً باعتباره محور العمل الزراعي والتعامل معه مباشرة لتحقيق التنمية الزراعية الحقلية المنشودة على مستوى جموع المزارعين سواء كانوا أفراداً أو جماعات أو جمعيات، فكما نعلم أن إنشاء وبناء الحواجز والسدود والقنوات وغيرها لا يمكن أن يحقق أهدافه ما لم يكن هناك مزارع يستطيع التعامل معها بشكل أمثل ويستطيع إدارتها وتحقيق الاستفادة منها بشكل ملائم. ومن هنا تبرز طبيعة برنامج المشاهدات الزراعية في وادي أحور، فالمعروف أن الإنسان محور التنمية كونه أداتها وغايتها في نفس الوقت نفسه. وباختصار يمكن القول إن البرنامج يركز على تخطيط وتنفيذ أنشطة حقلية تتضمن عدداً من أهم وأبرز التقنيات البحثية الزراعية الحديثة. ويتم تنفيذ كل نشاط حقلي بطريقة تجعل من السهل على المزارع مشاهدة التقنية في الحقل وإدراك واستيعاب أثرها من حيث زيادة كمية الإنتاج أو نوعيته أو غيرها من المعايير والخصائص التي من المؤكد أن مشاهدة هذه التقنيات على أرض الواقع سوف تقنع المزارعين في المواسم اللاحقة لتطبيقها في حقولهم بصورة مستديمة لتحقيق الاستفادة القصوى الممكنة من تلك التقنيات في زيادة إنتاجه وتحسين مستوى عائداته ومعيشة أسرته وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها من جوانب الحياة. مع بعض المزارعين المستهدفين ومعلوم لدينا أن غياب النشاط البحثي ومخرجاته عن منطقة أحور لفترة تقارب عشرين عاماً قد أدى إلى تراكم كثير من المشاكل التي يعاني منها الإنتاج الزراعي فيها، ومن هنا نستطيع القول إن الغرض من تنفيذ البرنامج هو اطلاع المزارعين في أحور على بعض التطورات التي توصلت إليها البرامج البحثية من تقنيات زراعية جديدة كالأصناف المحسنة عالية الإنتاجية وغيرها من الأساليب والممارسات الزراعية الحديثة التي حققت نجاحاً لافتاً للانتباه عند اختبارها حقلياً تحت ظروف دلتا أبين، وسيؤدي تطبيقها في أحور إلى معالجة المشكلات والصعوبات التي يواجهها المزارعون كانخفاض إنتاجية المحاصيل وإصابتها بالآفات الزراعية وغيرها من المعوقات. حيث سعى البرنامج من خلال 100 هكتار زرعت تحت إشرافه إلى تعريف أكبر قدر ممكن من المزارعين في مختلف مناطق أحور بأفضل وأحدث التقنيات الزراعية الملائمة، ونشرها في أوساطهم وإقناعهم بتبنيها واستخدامها والاستفادة من كل مزاياها الايجابية التي لا تتوفر في الأصناف والطرق الزراعية التقليدية السائدة. لذلك نستطيع تلخيص أهداف البرنامج في الآتي : بعض أعضاء الفريق الاستشاري مع مجموعة مستهدفة من المزارعين في أحد اللقاءات التدريبية - نشر الأصناف الجديدة ذات الإنتاجية العالية للمحاصيل السائدة في أحور، وتوفير البذور المحسنة لهذه الأصناف. - إيضاح العمليات الزراعية المحسنة الخاصة بإدارة المحاصيل الزراعية السائدة في المنطقة. - تشجيع المزارعين على استخدام المدخلات الزراعية التي يمكن من خلالها رفع الإنتاجية وتحسين جودتها. - التقليل من الضغوط البيئية المسببة لنقص الإنتاجية والمتمثلة بالآفات الزراعية وتدني خصوبة التربة. - رفع كفاءة استخدام المياه لزيادة إنتاجية وحدة المساحة. في إحدى الحلقات التدريبية - زيادة الوعي الزراعي عند مزارعي المنطقة بأهمية إدخال تقنيات الحفاظ على المياه. وللوصول إلى النتائج المرجوة من البرنامج أتبعت منهاجية الأثر السريع وهي واحدة من الطرق المتبعة لنقل التقنيات التي اعتمدتها الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي منذ عام 1996. وقد تأكد بها نجاح الهيئة نجاحاً كبيراً في نشر واختبار تقنيات البحوث الزراعية ميدانياً، وبها تم التطبيق الفعلي والسريع للتقنيات الزراعية من قبل المزارعين وغيرهم من فئات المستخدمين والمستفيدين وإشراكهم في التخطيط والتنفيذ والتقييم. كما ان هذه المنهاجية تساعد في توفير معلومات مرجعية للبحوث الزراعية لتحسين التقنيات في المواسم اللاحقة. وكما أسلفنا، فقد تركز عمل البرنامج على إدخال ونشر وتعميم وتشجيع تبني عدد من التقنيات البحثية الزراعية التي سبق استنباطها وتطويرها من قبل البحوث الزراعية، وجرى اختبارها من خلال التطبيق الحقلي تحت ظروف مناطق دلتا أبين. وانطلاقا من ذلك تم تنفيذ ما يقرب من 100 حقل إرشادي إيضاحي تم من خلالها نشر التقنيات الحديثة لثمانية محاصيل زراعية هي القطن والسمسم والذرة الرفيعة والدخن والطماطم والبصل والبطيخ والباميا، وتتوزع هذه الحقول على مختلف مجالات إدارة المحصول بناء على التقنيات الجديدة التي تم نشرها وتعميمها. مع التركيز على مسألة استخدام المياه لرفع مستوى كفاءة وإنتاجية مياه الري تحقيقاً لشعار البرنامج الوطني للري ( إنتاجية أعلى من كل قطرة ماء ) وذلك بهدف ترشيد استهلاك المياه المستخدمة من قبل المزارع الذي يميل غالباً لإعطاء مياه أكثر من الحاجة الفعلية للمحصول. وعلى مستوى الأصناف المحسنة تم نشر صنف القطن (المعلم 2000) وصنف الذرة الرفيعة (بيني محسن) وصنف الدخن (أبين 1) وصنف السمسم (كود 94) وهذه أصناف تم استنباطها وانتخابها في محطة الأبحاث الزراعية - الكود وأثبتت تفوقها على الأصناف الأخرى. كما شمل البرنامج بذوراً محسنة لمحاصيل الطماطم والبطيخ والبصل والباميا. ولضمان اطلاع أكبر عدد ممكن من المزارعين توزعت الحقول الإيضاحية على مناطق أعلى ووسط وأسفل الوادي. وبالطبع لم يقتصر نشاط البرنامج على الحقول الإيضاحية، فقد رافقتها العديد من الفعاليات التدريبية والجلسات المسائية والأيام الحقلية والفعاليات العامة وكذا إعداد وتوزيع عدد من المطويات لتتكامل مع بعضها في أداء الرسالة التدريبية والتوعوية. ففي التدريب عقدت العديد من الحلقات التدريبية للتعريف ببرنامج المشاهدات الزراعية والتقنيات الداخلة فيه وخلفيات هذا البرنامج والأهداف التي يتوخاها مع التركيز على المحور الأساسي للبرنامج المتمثل في المياه وترشيدها ورفع كفاءة الري، بالإضافة إلى تزويد المرشدين بالمعارف الأساسية للاتصال الجيد من أجل رفع مهارات الاتصال لديهم لما لذلك من أهمية قصوى في نجاح عملهم. كما نفذت جملة من اللقاءات والمناقشات الجماعية بين فريق البرنامج من الباحثين والمرشدين الزراعيين حول آليات تنفيذ فعاليات التدريب والتوعية ودور كل طرف في هذه الفعاليات. كما نفذ فريق البرنامج فعاليات تتعلق بالتوعية في أوساط المزارعين بغية الترويج لأثر التقنيات الجديدة تمثلت في اللقاءات المسائية وأيام العمل الحقلي وتوزيع المواد الإرشادية على المزارعين. بقي لنا الإشارة إلى أن برنامج المشاهدات الزراعية في وادي أحور ينفذ بواسطة فريق فني من الاستشاريين من محطة الأبحاث الزراعية - الكود من مختلف التخصصات، وفقاً للاتفاقية الموقعة بين الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي والمشروع الوطني لتطوير الري في وزارة الزراعة والري.